أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 29

الموضوع: القراءات النقدية لثناء صالح في شعر الشاعر خالد صبر سالم

  1. #1
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي القراءات النقدية لثناء صالح في شعر الشاعر خالد صبر سالم

    القصيدة الأولى :

    الرياضيات الخائبة




    قـَلـَقي مَرْفوعٌ للاُسِّ الألـْفـَيْنْ
    فالمَفـْروضُ عَليكَ بَقاؤُك كـَسْراً عُشـْريْاً
    أنْ تـُحْصَرَ بَيْنَ القـَوْسَيْنْ
    إنَّ مقام الخمْسَةِ أقـْوى مِنْ إثـْنينِ البَسْطِ الخائِبْ
    فالناتجُ حتـْماً بالسالِبْ
    ***
    ضـُرِبَتْ أحْلامُكَ بالمَجْهولْ
    وَوُضِعْت على الطـَرَفِ الأيْمَنْ
    والطـَرَفُ الآخـَرُ أكـْبَرُ منـْكْ
    وبَقيتَ مُعادَلةً دونَ حلولْ
    ***
    وبتـَجْربةٍ اُخـْرى اُرْغِمْتَ على أنْ تـُوضـَعَ تحْتَ الجَذْرِ التـَكـْعيبي
    وخـُطوطـُ بَيانِكَ يُنـْزِلـُها السّالِبُ تحْتَ دَهاليزِ المَخـْروطِ المَحْنيِّ الرأسِ
    الى الأسْفـَلْ
    تـَقـْبَلُ أوْ لا تـَقـْبَلْ
    لا فـَرْقَ
    لأنَّ القسْمَةَ قدْ شاءَتْ ذلكْ
    ***


    وعلى كـلِّ الأحْوالِ فأنـْتَ الرَقـمُ المَضـْروبُ
    بمَجْموعِ القافِ مَعَ الميمِ مَعَ العـَيْنْ
    مَحْصوراً بَيْنَ القـَوْسَيْنْ
    مَرْسوماً بثلاثةِ أضلاعٍ تـَتـَلاقى في نـُقـَطٍ صَمّاءْ
    تـَنـْزِلُ مِنْ زاويَةٍ خـَرْساءْ
    أعْمِدَةً تـَسْقـُطـُ فوْقـَكَ مِثـْلَ هَراوهْ
    ***
    وبـتـَجْربَةٍ اُخـْرى صِرْتَ مَقاماً
    بَسْطـُكَ مَجْموعُ الراءِ مَعَ العَيْنِ مَعَ الباءْ
    مُمْتـَدّاً فـَوْقَ الأجْواءْ
    ***
    الطـَرَفُ الآخـَرُ يَعْمَلُ بالحاسوبْ
    أمّا أنـْتَ فـلـَيْسَ لـَديْكَ سوى أحْجامِ دموعٍ وسطوحِ قلوبْ
    لا زلـْتَ تـَعُدُّ إلى العَشـْرةِ فـَوْقَ أصابعِ كـَفـَّيْنْ
    لا أحَدٌ يَرفـَعُ عنـْكَ القـَوْسيْنْ
    يَقـْتـُلـُك الناتجُ دَوْماً بالسّالِبِ أوْ بالصّفـْرِ
    لا زائدَ في هذا المُقـْدارِ سوى العُهْرِ
    يا لـَلـْحُزْنِ!!
    أتـَبْقى بيْنَ القـَوْسَيْنْ؟!
    وباقي الخـمْسةِ أقوى مِنْ هذيْنِ الاثـنـيْنْ
    قـَلـَقي مَرْفوعٌ للاُسِّ الألـْفـَيْنْ





    السلام عليكم
    هذه تجربة إبداعية للأستاذ الشاعر القدير خالد صبر سالم ..
    لنر كيف يوظّف فيها المفاهيم الرياضية توظيفاً شعرياً !
    مع العلم أن الحد الفاصل بين الشعر والرياضيات هو في الحقيقة حدٌّ رقيقٌ دقيق ، ويمكن تجاوزه واختراقه لمن وهبه الله مَلكَة استقراء الظواهر المعرفية التي قد تمثل كائنات ذهنية مجرّدة يمكن تصورها ذهنياً، أكثر مما يمكن إدراكها بالحواس .فكلاهما ، الشعر والرياضيات ، يشتركان بأنهما إنما يمثلان في عالم التصور الذهني " الخيال " ، وفيما تميل الظاهرة " الذهنية "الشعرية إلى التمثل الجمالي الانفعالي المتسم بحيوية المشاعر ، تميل الظاهرة الذهنية الرياضية أثناء النشاط الذهني الرياضي إلى التمثل الجمالي المجرد الذي يتجلى بالتناسب والتكامل في القياسات وهو في النهاية سيصل إلى قرار التوازن بين طرفي أي معادلة رياضية ليكشف عن المقادير المطلوبة لتحقيق التناسب أو التوازن . وهذا الكشف بحد ذاته يحقق انفعالاً شعورياً أشبه ما يكون بتذوق الشعر عند القبض على أسرار الصورة الشعرية التي تحدد عوامل التناسق والانسجام والتكامل فيها .
    يقول الشاعر:

    قـَلـَقي مَرْفوعٌ للاُسِّ الألـْفـَيْنْ
    فالمَفـْروضُ عَليكَ بَقاؤُك كـَسْراً عُشـْريْاً
    أنْ تـُحْصَرَ بَيْنَ القـَوْسَيْنْ
    إنَّ مقام الخمْسَةِ أقـْوى مِنْ إثـْنينِ البَسْطِ الخائِبْ
    فالناتجُ حتـْماً بالسالِبْ
    ***

    يرتفع مستوى القلق عند الشاعر إلى أسّ كبير القيمة العددية(الألفين) ، و مؤشر القلق الصاعد سببه أنك محكوم " أيها الإنسان العربي" بالبقاء صغيراً ، فالكسر العشري لا يبلغ في قيمته أن يصل إلى قيمة العدد الصحيح .والمقابلة هنا بين الكسر العشري والعدد الصحيح مقابلة بين النقص والاكتمال . فالمفروض عليك أن تقبل بنقصك ولا ترفع عينيك وتطمح لأن تكتمل في تكوينك !*
    لماذا ؟ لكي تتم السيطرة عليك ببقائك ضئيلاً.وعند ذاك يمكن حصرك بين قوسين هما رمز الإحاطة بك . فأنت وأنت حبيس قوسيك تمثل قيمة محدوة ، والقوسان يساعدان على حملك ونقلك وتوزيعك من طرف إلى آخر ، وهكذا يتمكن مستخدموك من توظيفك في المكان المناسب لهم من حيث موقعك في المعادلة التي يعملون على حلّها أو عدم حلّها ..!
    وما دام الأمر كذلك فالقلق أصبح مسوّغاً للشاعر ..خاصة وأنه يدرك تماماً أن
    إنَّ مقام الخمْسَةِ أقـْوى مِنْ إثـْنينِ البَسْطِ الخائِبْ
    فالناتجُ حتـْماً بالسالِبْ
    فكلما ازدادت القيمة العددية للمقام نقصت مقابلها القيمة العددية للبسط . وبالتالي فإن ناتج القسمة سيكون في النتيجة رقماً كسرياً ، وهذا هو أنت .
    ولا أريد أن أمضي في تحليل اختيار الشاعر لرقمي الكسر (البسط إثنان والمقام خمسة ) ومغزاهما الدلالي وعلاقة ذلك بالواقع ، قبل أن أسأل الشاعر إن كان اختياره مقصوداً أو غير مقصود .

    ضـُرِبَتْ أحْلامُكَ بالمَجْهولْ
    وَوُضِعْت على الطـَرَفِ الأيْمَنْ
    والطـَرَفُ الآخـَرُ أكـْبَرُ منـْكْ
    وبَقيتَ مُعادَلةً دونَ حلولْ

    كان الشاعر في المقطع الأول يعمل على عملية التقسيم ، وأما في هذا المقطع فهو يعمل على عملية الضرب . وهنا ، ضـُرِبَتْ أحْلامُكَ بالمَجْهولْ ، فيكون ناتج الضرب مجهولاً أيضاً. ولو كانت أحلامك قد ضُرِبت بقيمة معلومة، فلعلك كنت ستكبر أنت في قيمتك وأنت على الطرف الأيمن لتساوي قيمة ما على الطرف الأيسر ، فبذا كانت معادلتك ستحلّ بالوصول إلى قرار التوازن الذي يحفظ قيمتك ...لكن ويا للأسف ، فأنت ما تزال أصغر مما هو مطلوب لتكافئ قيمة الطرف الأكبر المواجه ..وهكذا ، فليس من المتوقع أن تجد حلاً لمعادلتك ..
    وبتـَجْربةٍ اُخـْرى اُرْغِمْتَ على أنْ تـُوضـَعَ تحْتَ الجَذْرِ التـَكـْعيبي
    وخـُطوطـُ بَيانِكَ يُنـْزِلـُها السّالِبُ تحْتَ دَهاليزِ المَخـْروطِ المَحْنيِّ الرأسِ
    الى الأسْفـَلْ
    تـَقـْبَلُ أوْ لا تـَقـْبَلْ
    لا فـَرْقَ
    لأنَّ القسْمَةَ قدْ شاءَتْ ذلكْ
    ***
    أما تجربة الجذر التكعيبي ، فهي إعادة تحجيمك لتعود إلى أصلك الضئيل .
    وأما الهبوط في خطك البياني فدليل على مسيرة تطورك الآخذة بالتراجع والنكوص نحو الأسفل*
    تقبل أو لا تقبل ..لا فرق ، فقانون القسمة الذي شاء تصغيرك بتقسيمك هو الذي حكم عليك . وما أنت الآن إلا قيمة سالبة صغيرة ولن تحدث فرقاً .
    وعلى كـلِّ الأحْوالِ فأنـْتَ الرَقـمُ المَضـْروبُ
    بمَجْموعِ القافِ مَعَ الميمِ مَعَ العـَيْنْ
    مَحْصوراً بَيْنَ القـَوْسَيْنْ*
    مَرْسوماً بثلاثةِ أضلاعٍ تـَتـَلاقى في نـُقـَطٍ صَمّاءْ*
    تـَنـْزِلُ مِنْ زاويَةٍ خـَرْساءْ*
    أعْمِدَةً تـَسْقـُطـُ فوْقـَكَ مِثـْلَ هَراوهْ*
    ***
    إن الضرب الذي تتلقاه هنا ليس ضرباً رياضياً يمكنه أن يضاعف من قيمتك ..بل هو ضرب " القمع " الذي يوظفه الشاعر توظيفاً ساخراً كاريكاتورياً ، بخلطه بين معطيات الحس الشعوري المستمد من الواقع في الأنظمة العربية ، وبين الظاهرة الرياضية الذهني " عملية الضرب " . وكأن الشاعر يرتجل ارتجالا خروجه عن النص ، ليغمز القارئ فيمضيان معاً في استغلال الموقف الساخر استغلالا ًيساعد القارئ على التقاط طرف آخر لخيط السخرية يلتقطه في صورة الأعمدة التي تسقط فوقه مثل هراوة ..عدا عن الزاوية الخرساء التي يتم منها إسقاط الأضلاع الثلاثة في نقطة صماء . فبين الخرس من جهة والصمم من جهة يكتشف القارئ النقطة العقيمة التي ستمثل حالة الإحباط المطلوبة .*
    وبـتـَجْربَةٍ اُخـْرى صِرْتَ مَقاماً*
    بَسْطـُكَ مَجْموعُ الراءِ مَعَ العَيْنِ مَعَ الباءْ*
    مُمْتـَدّاً فـَوْقَ الأجْواءْ
    وأما تجربة الرعب فالمقام فيها هو أنت لأن البسط سيكون فوقك وهو الرعب الممتد في الأجواء .


    الطـَرَفُ الآخـَرُ يَعْمَلُ بالحاسوبْ*
    أمّا أنـْتَ فـلـَيْسَ لـَديْكَ سوى أحْجامِ دموعٍ وسطوحِ قلوبْ*
    لا زلـْتَ تـَعُدُّ إلى العَشـْرةِ فـَوْقَ أصابعِ كـَفـَّيْنْ*
    لا أحَدٌ يَرفـَعُ عنـْكَ القـَوْسيْنْ*
    يَقـْتـُلـُك الناتجُ دَوْماً بالسّالِبِ أوْ بالصّفـْرِ*
    لا زائدَ في هذا المُقـْدارِ سوى العُهْرِ*
    يا لـَلـْحُزْنِ!!*
    أتـَبْقى بيْنَ القـَوْسَيْنْ؟!*
    وباقي الخـمْسةِ أقوى مِنْ هذيْنِ الاثـنـيْنْ*
    قـَلـَقي مَرْفوعٌ للاُسِّ الألـْفـَيْنْ
    بهذه الخاتمة التي تفرض الأمر الواقع المحبط سيبقى كل شي على حاله ، وما من أمل يلوح في الأفق سوى المزيد من " العهر " الذي هو تنازل عن الحقوق وتنازل عن القيَم دون مقابل سوى المزيد من الاستلاب ، فالباقي سالب أو صفر .وفيما الطرف الآخر يتعامل معك عن طريق الحاسوب، مازلت تستخدم بدائيتك في عد الأصابع ، فكيف ستتوازن معه ؟
    معادلتك لن تحل .وستبقى محصوراً بين قوسيك ، وسيبقى الفارق بين الإثنين والخمسة قائماً فوق خط الكسر وتحته .
    لقد أوصل الشاعر - فيما أظن - ما أراد قوله من هذه القصيدة إلى قارئه ، لكنه فعل ذلك باتفاق ضمني بينهما على تلغيز المفهوم الرياضي لتوظيفه بطريقة ساخرة ، لا هدف منها سوى استجرار التفكير بالأسلوب الرياضي تمعناً في السخرية من هكذا واقع !

  2. #2

  3. #3

  4. #4
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    القصيدة الثانية :

    ملابسُ الإمبراطور الجديدة



    سيناريو للحكاية الشهيرة بهذا العنوان




    وأفـْلسَتْ خزينة ُالمدينهْ
    فالإمْبراطورُ الأنيقُ أصدرَ الأمرَ لكيْ يُصْرَفَ كلُّ المال
    في حياكةِ الملابس ِالثمينهْ
    واُعْلِنَ التـقشـّفُ الشديدُ في الخزينهْ
    واُصْدِرَتْ ضرائبٌ مجنونهْ
    فالطفلُ لا يَرضعُ ثـَدْيَ اُمِّهِ الا على ضريبهْ
    والزوجُ لا يَلـْثمُ ثغـْرَ زوجهِ الا على ضريبهْ
    والجارُ لا يَسألُ عن جيرانهِ إلآ على ضريبهْ
    واُطـْلِقَ الشرطة ُوالكلابُ والجنودْ
    ليَحْسبوا الأشجارَ والأثمارَ والزهَرْ
    ويَحْسبوا كمْ قطرةً جادَ بها المًطرْ
    كمْ سَعْلةً مَنـْهوكةً ، كمْ صرخةً مَكـْلومةً ،
    كمْ حسْرةً يُطـْلقـُها المحْرومُ في متاهاتِ الضجَرْ
    كمْ نـَغـْمَة ٍيَعْزفـُها الفنـّانُ عندَ شرفةِ القمَرْ
    كمْ لهْفةً باكيةً دفينهْ
    في قلبِ كلِّ عاشقٍ تـَسْهرُ في ليلتهِ الحزينهْ
    ليفرضوا عليهم ضرائبَ الملابسِ الثمينهْ
    ويفرضوا عليهمُ ضريبة َالهدوء ِ والسكينهْ

    ***


    وسارَتِ الدولة ُ في خطـّتِها
    فالإمبراطورُ الأنيقُ صاحبُ الدولةِ والسلطانْ
    أذاعَ في بيانْ
    بأنـّهُ قدْ قرَّرَ اسْتيرادَ حائكينْ
    ليَصْنعوا ملابسا ً لشخصهِ عجيبة ً
    تكونُ مِنْ أعْظم مُنجزاتهِ
    في حُكـْمهِ المُزمن ِ والمكينْ
    ملابسا ًمُعجزةً لا يقـْدرُ المجنونُ أنْ يراها
    ***


    ومرَّتِ السنينْ
    واُنـْجـِزَتْ حياكة ُالملابس الثمينهْ
    وقرّرّتْ حكومة ُالمدينهْ
    بأنْ يكونَ ذاكَ اليومُ عيدْ
    فشارَكَ المذياعُ والتلفازُ بالنشيدْ
    واُخـْرجَتْ برامجٌ تـُمَجّدُ المُكتسَبَ الجديدْ
    ودَبّجَتْ جرائدُ الصباح والمساءْ
    صفحاتِها مُشيدة ًبالحَدَثِ المَجيدْ
    والشعراءُ كانَ مهرجانـُهم مُباركا ً
    للمُنـْجَز السعيدْ
    وسارَتِ المواكبُ الطويلهْ
    يقودُها هتافُ أغبياءْ
    تـُجدِّدُ الولاءْ
    للإمبراطور الأنيقِ دونـَما حَياءْ
    واتـّجَهَتْ لقصْرهِ ذي الشرْفةِ البَهيّهْ
    تـُريدُ أنْ يَجْلدَها بخطـْبةِ ثوريّهْ
    حتـّى إذا أطلَّ مِنْ شرفتهِ جُنـَّتْوضجّتْ صاخبهْ
    هاتفة ً:
    عاشتْ ثيابُ العاهل الثمينهْ
    وأطـْلـَقـَتْ صرخاتِ إعْجابٍ بها مفـْتونهْ
    لكنّ طفلا ً كانَ يرْنو مِنْ بعيدْ
    مُسْتغـْربا ًمِنْ أمْر ثوبِ العاهل ِالجديدْ
    مُتمتِما :ــً
    أينَ هيَ الثيابُ؟!
    الامْبراطورُ الأنيقُ عار ٍ
    وهذهِ عَوْرتـُهُ ليسَ لها حجابُ




    ............


    يتخذ الشاعر قراراً بأن يحوّل حكاية شعبية رمزية إلى قصيدة ، فيرسم حدوداً لخياله قبل أن يمسك بقلمه .
    ليس من السهل التحرر من الأفكار مسبقة الصنع عندما تفرض نفسها على الشاعر ليحولها إلى صور شعرية مبتكرة . ويا لها من معادلة صعبة الحل يشعر معها الشاعر بالضيق من قيد الحجم المحدد والمساحة المحددة للعالم الداخلي في القصيدة ، فبعد التورط بكتابة بعض الجمل الشعرية لا يصبح فقط التراجع عن الكتابة صعباً، وإنما يأخذ الشاعر إنجاز عمله الفني بإتقان على محمل التحدي والإصرار .وهكذا يضع الشاعر قصيدته بين فك الأفكار الجاهزة مسبقة الصنع ، وفك الثقة بأدوات الصنعة الشعرية .ولنراقب الآن كيف سيتمكن الشاعر من الإفلات من بين هذين الفكين


    وأفـْلسَتْ خزينة ُالمدينهْ
    فالإمْبراطورُ الأنيقُ أصدرَ الأمرَ لكيْ يُصْرَفَ كلُّ المال
    في حياكةِ الملابس ِالثمينهْ
    واُعْلِنَ التـقشـّفُ الشديدُ في الخزينهْ
    واُصْدِرَتْ ضرائبٌ مجنونهْ
    فالطفلُ لا يَرضعُ ثـَدْيَ اُمِّهِ الا على ضريبهْ
    والزوجُ لا يَلـْثمُ ثغـْرَ زوجهِ الا على ضريبهْ
    والجارُ لا يَسألُ عن جيرانهِ إلآ على ضريبهْ

    ***
    في المقطع الأول لاحظنا السرد الذي حمل أحداث القصة بنَفَس منهك حاكى فيه الشاعر الحالة النفسية المتضجرة لمدينةٍ أرهقها الإمبراطور بالضرائب التي كانت تجبى لمتطلبات حياكة الثياب الثمينة النفيسة التي سنرى بعد قليل أنها ثياب عجيبة لا يراها إلا العاقل.
    ومع جدران الأفكار التي أحاطت بخيال الشاعر كجدران السجن استطاع الشاعر أن يفتح ثغرات في تلك الجدران مكنته من إبصار آفاق خارجية جديدة . فمع حساب عدد الأشجار والأثمار الأزهار وكمية المطر تلك الحسابات التي تصور الواقع تصويرا فوتوغرافيا ستأتي الصور الشعرية عبر تلك الثقوب الشعرية التي نفذ منها الخيال الشعري خارج الحدود المرسومة له ، وسنرى حسابات شعرية جديدة للسعلات المنهوكة والصرخات المكلومة ولحسرات المحرومين في متاهات الضجر ، ولنغمات الفنان عند شرفة القمر وللهفات العاشق السهران .فمن ذا الذي كان ليتصور إحصاء نغمات الفنان عند شرفة القمر لتجبى عليها ضرائب الهدوء والسكينة ؟*لولا تلك النوافذ الدقيقة التي فتحها الشاعر بقوة إبداعه الثاقبة .
    واُطـْلِقَ الشرطة ُوالكلابُ والجنودْ
    ليَحْسبوا الأشجارَ والأثمارَ والزهَرْ
    ويَحْسبوا كمْ قطرةً جادَ بها المًطرْ
    كمْ سَعْلةً مَنـْهوكةً ، كمْ صرخةً مَكـْلومةً ،
    كمْ حسْرةً يُطـْلقـُها المحْرومُ في متاهاتِ الضجَرْ
    كمْ نـَغـْمَة ٍيَعْزفـُها الفنـّانُ عندَ شرفةِ القمَرْ*
    كمْ لهْفةً باكيةً دفينهْ*
    في قلبِ كلِّ عاشقٍ تـَسْهرُ في ليلتهِ الحزينهْ*
    ليفرضوا عليهم ضرائبَ الملابسِ الثمينهْ*
    ويفرضوا عليهمُ ضريبة َالهدوء ِ والسكينهْ

    وسارَتِ الدولة ُ في خطـّتِها*
    فالإمبراطورُ الأنيقُ صاحبُ الدولةِ والسلطانْ*
    أذاعَ في بيانْ
    بأنـّهُ قدْ قرَّرَ اسْتيرادَ حائكينْ*
    ليَصْنعوا ملابسا ً لشخصهِ عجيبة ً*
    تكونُ مِنْ أعْظم مُنجزاتهِ*
    في حُكـْمهِ المُزمن ِ والمكينْ*
    ملابسا ًمُعجزةً لا يقـْدرُ المجنونُ أنْ يراها .

    ***
    وأما المقطع الثاني فيبدو أن جدران الأفكار كانت أكثر عرضة للرقابة فلذلك دار الشاعر حولها ولم يستطع لا تجاوزها ولا ثقبها نحو أفق شعري لا بد وأنه طمح إليه وفكر فيه .

    ومرَّتِ السنينْ
    واُنـْجـِزَتْ حياكة ُالملابس الثمينهْ*
    وقرّرّتْ حكومة ُالمدينهْ*
    بأنْ يكونَ ذاكَ اليومُ عيدْ
    فشارَكَ المذياعُ والتلفازُ بالنشيدْ*
    واُخـْرجَتْ برامجٌ تـُمَجّدُ المُكتسَبَ الجديدْ*
    ودَبّجَتْ جرائدُ الصباح والمساءْ*
    صفحاتِها مُشيدة ًبالحَدَثِ المَجيدْ*
    والشعراءُ كانَ مهرجانـُهم مُباركا ً
    للمُنـْجَز السعيدْ
    وسارَتِ المواكبُ الطويلهْ*
    يقودُها هتافُ أغبياءْ*
    تـُجدِّدُ الولاءْ*
    للإمبراطور الأنيقِ دونـَما حَياءْ
    واتـّجَهَتْ لقصْرهِ ذي الشرْفةِ البَهيّهْ*
    تـُريدُ أنْ يَجْلدَها بخطـْبةِ ثوريّهْ*
    حتـّى إذا أطلَّ مِنْ شرفتهِ جُنـَّتْ*
    وضجّتْ صاخبهْ
    هاتفة ً:
    عاشتْ ثيابُ العاهل الثمينهْ*
    وأطـْلـَقـَتْ صرخاتِ إعْجابٍ بها مفـْتونهْ*
    لكنّ طفلا ً كانَ يرْنو مِنْ بعيدْ
    مُسْتغـْربا ًمِنْ أمْر ثوبِ العاهل ِالجديدْ*
    مُتمتِما :ــً*
    أينَ هيَ الثيابُ؟!
    الامْبراطورُ الأنيقُ عار ٍ*
    وهذهِ عَوْرتـُهُ ليسَ لها حجابُ
    وأخيرا يختم الشاعر قصيدته ويستعجل المغادرة قبل أن يقول كلمته الخاصة ، فنرى أن القصيدة بترت بتراً باختتامها بالحدث الذي أنهاها حكائيا وأنهاها فنيا ، وربما كنا نتوقع أن يقف الشاعر قليلا لينظر في الحدث أكثر ويستخرج منه عبرته التي حيكت من أجلها القصيدة ، لكن نزق الشاعر من جدران الأفكار الجاهزة كان قد وصل إلى أشده ، فطلبناه فلم نجده في لحظات الخاتمة .

  5. #5
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    تفرض علي الأمانة الأدبية أن أعرض تعقيب الشاعر على ما جاء في نقدي لنصه.
    وقد عقب الأستاذ خالد صبر سالم قائلا :
    ((سيدتي الشاعرة الاستاذة ثناء
    .....
    كانت قراءتك للقصيدة قراءة عميقة نثرت بين جوانبها قناديل كاشفة اضاءت صورها وافكارها ورمزيتها.
    ولكنني اختلف معك في بعض افكارك وخاصة في الخاتمة فانا اعتقد انّ نهاية القصيدة ختمت بشكل بارع فبعد كل خداع انجازات الامبراطور الباهظة الثمن وخداعه للجماهير الغفيرة التي لا ترى في الانجازات غير مظاهرها الكاذبة ، اقول بعد كل ذلك جاءت التلقائية الواضحة(لسان الطفولة) لتفضح الامبراطور الذي لم يكن الا عاريا من كل انجاز مفتعل.
    انّ ايّ زيادة بعد ذلك تحيل القصيدة الى نثر ممجوج لآن الشعر يشير اشارات للقارئ ويرمز وعلى القارئ ان يستمتع بذلك.))

  6. #6
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    القصيدة الثالثة :
    كـَوابيسُ سنواتِ السنابلِ الفارغةِ
    والبقراتِ العجاف


    أيُّها الصِّدِّيقُ:
    ما قـَوْلـُكَ في هَذي الكـَوابيسِ التي تـَأتي إلـيْنا مُرْعِباتْ؟
    أفـْتِنا
    إنـّا نـَرى جَمْعَ سَنابـِلْ
    فارغاتٍ يابساتْ
    واقفاتٍ كـَهَرَاواتٍ ، كـَصُلـْبانٍ ، كـَقـُضـْبانِ حَديدٍ
    كـَسِياطٍ ، كـَأفاعٍ ، كـَمُدًى
    كـَحِبالِ المِشـْنـَقهْ
    أفـْتِنا في بقـَراتْ
    أوْجُهٍ غادَرَها لـَوْنُ الحَياهْ
    أعْيُنٍ غارَتْ بَعيداً في المَحاجـِرْ
    كـَكـُهوفٍ مُظـْلماتْ
    واُنوفٍ رَشـَحَتْ سَيْلَ صَديدٍ فوقَ أشـْداقٍ تـَرَهَّلـْنَ على أحْناكِها
    شائِهاتٍ وسِخاتْ
    وبَدَتْ آذانـُها واقِفـةً كالمُرْسِلاتْ
    تـَلـْقـُطـُ الأصواتَ والآهاتِ في ثانيةٍ
    ومُناجاةَ الضمائِرْ
    والأغاني النازفاتْ
    وبَدَتْ سِيقانـُها مِثـْلَ رماحٍ وحِرابْ
    وضـُروعٌ ليسَ إلّا الجـِلـْدُ فيها
    وذيولٌ ألـِفـَتْ لـِعْبَ الذبابْ
    فهْيَ كـَسْلى لمْ تـَعُدْ تـَحْفـَظـُ فـَرْجاً فالقـَذاراتُ اسْتلابْ
    ***
    أيُّها الصّدّيقُ:
    إنـّا قدْ خـَرَجْنا نـَسْتـَبـِقْ
    فإذا إخـْوانـُنا قدْ مَنـَعُونا الإسْتباقْ
    إنـَّهمْ قدْ صاحَبوا الذئبَ وأعْطـَوهُ المَتاعْ
    أشـْبَعُوهُ ، اتـّخـَذوهُ كنـَديمٍ ، شارَكوهُ الإغـْتباقْ
    ثـُمُّ لـَمّا سَكِروا حتـّى انـْبلاجِ الشمسِ عندَ الانـْبثاقْ
    هَيَّئـُوا الساحةَ كيْ يُجْرُوا السباقْ
    اتـَّفـَقـُوا إنَّ مَنْ حازَ على السَبْقِ لهُ أغـْلى وسامْ
    هوَ أنْ يَمْنـَحَ للذئبِ حقوقاً باللـُّواطـْ
    كـُلـُّهمْ كانوا حَريصينَ على نـَيْلِ الوسامْ
    ثـُمّ لـمّا اخـْتـَـتـَمُوا اللعْبةَ جاؤوا
    مَزّقوا قـمْصانـَنا ، صَبَغوها بدَمٍ كِذْبٍ
    وألـْقـَوْنا عَرايا في الغـَيابَهْ
    كثـْرَةُ الخـَمْرَةِ في أجْوافِهمْ قدْ جَعَلـَتـْهمْ يُغـْرقونَ الجُبَّ بالبَوْلِ
    وكانوا يَضـْحَكونْ
    ومَضـَوا نـَحْوَ أبيهمْ يَصْرَخونْ:
    إنـَّهُ الذئبُ وهذا الدَمُ شاهِدْ
    هكذا كانوا بحُزْنٍ يصرخونْ
    ***
    حينَ اُدْخِلـْنا على صاحبةِ القـَصْرِ العَفيفهْ
    أصْدَرَتْ أمْراً بأنْ تـُخـْصِيَنا
    فـَخـُصِينا
    ثـُمَّ لـَمّا انـْفـَرَدَتْ في غـرْفةِ النوْمِ بنا أغـْلـَقـَتْ أبْوابَها
    خـَلـَعَتْ أثـْوابَها
    َأمَرَتْ أنْ نـَفـْعَلَ الفـُحْشَ بها
    إنـّها هَمَّتْ بنا....................
    لـَحْظـَةً ــ سَيَّدَتي ــ أنـَسِيت أنـَّنا .........؟!
    فاسْتـَشاطـَتْ غـَضَـباً صارخةً:
    نـَفـِّذوا أمْري وأنتمْ صاغِرونْ
    نـَفـِّذوا أمْري وإلّا فالسّجونْ
    ***
    أيُّها الصِّدِّيقُ:
    ما قـوْلـُك في رُؤْيا سَجينٍ؟ إنـّهُ يعْصِرُ جـِلـْداً لا عِنـَبْ
    وسَجينٍ
    حامِلٌ آنِيةً فارغةً
    يَذْرُقُ الطيرُ عليها؟
    ***

    أيُّها الصِّدِّيقُ:
    إنـّا ما سَرَقـْنا إنـَّما الحرّاسُ قدْ كادُوا لنا
    فلـَقـدْ دَسُّوا صُواعاً بينَ أحْمالٍ لنا
    لـَفـَّقوا التـّهمةَ حتـّى يَأخذوا الأجْمَلَ فينا كـَرَهينَهْ
    إنـَّهمْ كانوا يُجيدون اللـُواطـْ





    كـَوابيسُ سنواتِ السنابلِ الفارغةِ
    والبقراتِ العجاف

    سلام عليك أيها الشاعر
    المغامر بالسفر ليلا إلى خارج رواية التاريخ وأنت تتلمس بعصاك الشعرية طريقك المسكون بأكوام من العتمة التي تتخللها أصوات غامضة لم تنبعث إلا من عقلك الباطن .
    أستاذي الكريم خالد صبر سالم !
    لولا أنك استبقت نقدي هذا واحتميت بكلمة ( كوابيس ) في عنوان قصيدتك لعرفت كيف ألومك على تغييرك هوامش قصة قرآنية كان من الأجدر التماس الحذر من الخوض في خيالها الكابوسي خشية امتداد هذا الخيال إلى معالم الحقيقة فيها . لكنك تقول :( كوابيس ) فأين أنا من مؤاخذتك بما مضيت َفيه ؟

    لقد أبدعت بتضخيمك للتفاصيل الكابوسية فجعلت ضغطها النفسي المؤلم يتركز في بشاعة صورها وفي تعدد هذه الصور التي عرضتها بإلحاح يصل إلى درجة اللامهرب منها ..كما هو الحال في السياق الكابوسي بحق ..إن مجرد مواجهة هذه الألفاظ دون الربط بينها يثقل كاهلنا (هراوات ..صلبان .. قضبان حديد ..سياط ..أفاعِ...حبال مشنقة .. سكاكين ..صديد.. أعين غائرة في المحاجر ..وجوه غادرها لون الحياة ..ضروع يابسة ..ذباب ...قذارات ..) فيا لك من فنان تشخص حالة الكابوس وتراقبها بحدس طبيب نفسي بارع ..
    فلنقرأها للمرة الثانية


    أيُّها الصِّدِّيقُ:
    ما قـَوْلـُكَ في هَذي الكـَوابيسِ التي تـَأتي إلـيْنا مُرْعِباتْ؟
    أفـْتِنا
    إنـّا نـَرى جَمْعَ سَنابـِلْ
    فارغاتٍ يابساتْ
    واقفاتٍ كـَهَرَاواتٍ ، كـَصُلـْبانٍ ، كـَقـُضـْبانِ حَديدٍ
    كـَسِياطٍ ، كـَأفاعٍ ، كـَمُدًى
    كـَحِبالِ المِشـْنـَقهْ
    أفـْتِنا في بقـَراتْ
    أوْجُهٍ غادَرَها لـَوْنُ الحَياهْ
    أعْيُنٍ غارَتْ بَعيداً في المَحاجـِرْ
    كـَكـُهوفٍ مُظـْلماتْ
    واُنوفٍ رَشـَحَتْ سَيْلَ صَديدٍ فوقَ أشـْداقٍ تـَرَهَّلـْنَ على أحْناكِها
    شائِهاتٍ وسِخاتْ
    وبَدَتْ آذانـُها واقِفـةً كالمُرْسِلاتْ
    تـَلـْقـُطـُ الأصواتَ والآهاتِ في ثانيةٍ
    ومُناجاةَ الضمائِرْ
    والأغاني النازفاتْ
    وبَدَتْ سِيقانـُها مِثـْلَ رماحٍ وحِرابْ
    وضـُروعٌ ليسَ إلّا الجـِلـْدُ فيها
    وذيولٌ ألـِفـَتْ لـِعْبَ الذبابْ
    فهْيَ كـَسْلى لمْ تـَعُدْ تـَحْفـَظـُ فـَرْجاً فالقـَذاراتُ اسْتلابْ
    ***
    ثم دوران حول حبكة القصة لاستلهام ما قد يثار في الذهن ثم يختفي فيه عند تقمص الشعور بالغدر فيها ..
    أيُّها الصّدّيقُ:
    إنـّا قدْ خـَرَجْنا نـَسْتـَبـِقْ
    فإذا إخـْوانـُنا قدْ مَنـَعُونا الإسْتباقْ
    إنـَّهمْ قدْ صاحَبوا الذئبَ وأعْطـَوهُ المَتاعْ
    أشـْبَعُوهُ ، اتـّخـَذوهُ كنـَديمٍ ، شارَكوهُ الإغـْتباقْ
    ثـُمُّ لـَمّا سَكِروا حتـّى انـْبلاجِ الشمسِ عندَ الانـْبثاقْ
    هَيَّئـُوا الساحةَ كيْ يُجْرُوا السباقْ

    لكنني عند هذا الحد أتهم الشاعر بتجاوز الخط الأحمر في واقع تاريخ القصة كما يوحي به القرآن ..

    اتـَّفـَقـُوا إنَّ مَنْ حازَ على السَبْقِ لهُ أغـْلى وسامْ
    هوَ أنْ يَمْنـَحَ للذئبِ حقوقاً باللـُّواطـْ
    كـُلـُّهمْ كانوا حَريصينَ على نـَيْلِ الوسامْ
    ثـُمّ لـمّا اخـْتـَـتـَمُوا اللعْبةَ جاؤوا
    مَزّقوا قـمْصانـَنا ، صَبَغوها بدَمٍ كِذْبٍ
    وألـْقـَوْنا عَرايا في الغـَيابَهْ
    كثـْرَةُ الخـَمْرَةِ في أجْوافِهمْ قدْ جَعَلـَتـْهمْ يُغـْرقونَ الجُبَّ بالبَوْلِ
    وكانوا يَضـْحَكونْ
    ومَضـَوا نـَحْوَ أبيهمْ يَصْرَخونْ:
    إنـَّهُ الذئبُ وهذا الدَمُ شاهِدْ
    هكذا كانوا بحُزْنٍ يصرخونْ
    ***
    إن واقع السرد الإلهي يوحي بأن أخوة يوسف كانوا متفاضلين من حيث شدة الحقد على يوسف فأحدهم رفض قتله واختار ما هو أرحم ليوسف عندما اقترح إلقاءه في الجب بدلا من قتله ..وما كان ذلك إلا ليلتقطه بعض السيارة كما هو متوقع من أخوته ..فلعل هذا الجزء البسيط من الرحمة كان سببا لاستغفار النبي الأب يعقوب لأولاده ...فإخوة يوسف لم يكونوا بتلك البشاعة المطلقة بل كان فيهم بعض الخير ..وتلك هي طبيعة الإنسان..
    فهل يحق للشاعر استدرار الغضب على شخصيات قرآنية من المحتمل أن الله عفا عنها
    ؟؟؟
    حينَ اُدْخِلـْنا على صاحبةِ القـَصْرِ العَفيفهْ
    أصْدَرَتْ أمْراً بأنْ تـُخـْصِيَنا
    فـَخـُصِينا
    ثـُمَّ لـَمّا انـْفـَرَدَتْ في غـرْفةِ النوْمِ بنا أغـْلـَقـَتْ أبْوابَها
    خـَلـَعَتْ أثـْوابَها
    َأمَرَتْ أنْ نـَفـْعَلَ الفـُحْشَ بها
    إنـّها هَمَّتْ بنا....................
    لـَحْظـَةً ــ سَيَّدَتي ــ أنـَسِيت أنـَّنا .........؟!
    فاسْتـَشاطـَتْ غـَضَـباً صارخةً:
    نـَفـِّذوا أمْري وأنتمْ صاغِرونْ
    نـَفـِّذوا أمْري وإلّا فالسّجونْ
    ***
    وهنا أعيد ما قلته أعلاه ..فزليخا لم تكن شرا مطلقا ..لقد أمرت بسجن يوسف عليه السلام لدفع عقوبة الإعدام عنه ...كما يذكر بعض رواة التفاسير ثم إن زليخا لم تأمر بإخصاء من ربته هي في بيتها وتعهدته بكل عناية ورعاية ..ولن ننسى لها أنها في النهاية قد اعترفت بذنبها وتابت إلى الله كما هو حال إخوة يوسف
    وإن كنا سنعذر امرأة على خيانتها فلتكن زليخا التي شهدت جمال يوسف الذي أذهل غيرها من النساء عن قطع أصابعهن فلم يشعرن بالألم لما أُخذن به من لذة النظر إلى جماله عليه السلام .
    أيُّها الصِّدِّيقُ:
    ما قـوْلـُك في رُؤْيا سَجينٍ؟ إنـّهُ يعْصِرُ جـِلـْداً لا عِنـَبْ
    وسَجينٍ
    حامِلٌ آنِيةً فارغةً
    يَذْرُقُ الطيرُ عليها؟
    ***

    أيُّها الصِّدِّيقُ:
    إنـّا ما سَرَقـْنا إنـَّما الحرّاسُ قدْ كادُوا لنا
    فلـَقـدْ دَسُّوا صُواعاً بينَ أحْمالٍ لنا
    لـَفـَّقوا التـّهمةَ حتـّى يَأخذوا الأجْمَلَ فينا كـَرَهينَهْ
    إنـَّهمْ كانوا يُجيدون اللـُواطـْ


    وحتى هذه يا أستاذي الكبير خالد لم يهدك خيالك الشعري إلى كنهها ..إذا أن الفتية لم يرغبوا بأخذ أخي يوسف لأنه جميل بل لأن يوسف هو من قد أمرهم بذلك ..فكيف تلفق لهم حضرتك تهمة تقشعر منها الأبدان هداك الله ..

    لعلي أغضبتك شاعرنا ..
    لك التحية


  7. #7
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    وعقب الأستاذ الشاعر خالد صبر سالم قائلا :
    ((*سيدتي الشاعرة
    مقدما أقول لك أنا سعيد جدا بمداخلاتك النقدية حتى عندما أكون مختلفا معك في بعض وجهات نظرك.
    أريد أن أناقش معك قضية الرموز الشعرية التي اختلف بها معك كما اختلفت معك في تناول الرموز في قصيدتي السابقة (ثوبك منديل) ويحزنني هنا أن اضطر لتفسير القصيدة لأنني اؤمن أن التفسير من حق القارئ حتى يتم استمتاعه بالنص.
    سيدتي
    ان الرمز في الشعر يخرج عن زمانه وواقع شخصياته ومكانه ومضمونه العام وحتى من قدسيته فعنترة الرجل المناضل من اجل الحرية والعاشق العفيف المقاتل من اجل الفوز بالحبيبة يتحول عند بعض الشعراء الى رمز للقوة الهوجاء وهارون الرشيد الخليفة الذي نعت عصره بالعصر الذهبي يتحول عند البعض الآخر الى رمز لعبودية النساء وامتلاء قصوره بالجواري وقد جرّنا التعسف في فهم الرموز الى تقييد الحريات ومصادرة الابداع الفني واقرب مثال في ذلك هو ما فعلته سلطاتنا الحاكمة في التعامل مع الفلم الاجنبي(نوح) لأنها لا تدرك ان الفن يتعامل مع الرمز بشكل آخر وإلّا ما الفرق بين الفن والتاريخ او الدين؟
    وبالعودة الى قصيدتي الكوابيس اقول لك انني هشـّمت الرموز الموجودة فيها لمحاكمة الواقع المرير الذي نعانيه وكما يلي:
    1ــ ان السنابل والبقرات هي من مصادر الثروة الغذائية المهمة ولكن السنابل فارغات والبقرات عجاف فإذن الشعب يعاني من الجوع ولكن رغم ذلك فالقمع موجود ومستفحل فالقرون قوية تنطح الجياع والآذان طويلة كالمرسلات تتجسس على الناس وتبطش بهم رغم قذارتها المستفحلة.
    2ــ انّ اخوة يوسف في القصيدة رمز للاخوة العرب الذين يتآمرون مع الذئب(امريكا مثلا) من اجل الفتك باخوتهم في فلسطين وليبيا وسوريا وغيرها وهنا لا ادافع عن الحكام وإنما عن الدول التي تحطمت تماما ورجعت سنوات طويلة الى الوراء بفضل هذا التآمر من الاخوة متعاونين مع امريكا التي هددت باستخدام الفيتو لمجرد محاولة انضمام السلطة الفلسطينية لليونسكو.
    اليست هذه عملية قذرة ابشع من عملية اللواط؟*
    3ــ امّا في قضية صاحبة القصر فهي رمز للسلطة الحاكمة التي تخصي الرجال وتعامل رجولتهم بقسوة تعذيبا وسجنا وإذلالا ثم تطلب منهم ان يفعلوا كما يفعل الرجال وزليخا يا سيدتي هي التي قالت(لئنْ لم يفعلْ ما آمره ليسجننّ وليكوننْ من الصاغرين) ولاحظي انها قالت(آمره)وليس ما ارجوه او اطلبه او اتمناه ومقابل ذلك السجن والإذلال.
    اليس ذلك هو ما تفعله سلطاتنا الحاكمة فهي تأمرنا بالطاعة والذل وتطلب منا ان نستبسل بالحروب.*
    4ــ الجمال ليس بالشكل فقط . اليست المقاومة جميلة؟
    ان السلطات تدبر للمناضلين والمقاومين التهم الباطلة حتى تلقيهم في سجونها الباغية او تقتلهم أي انها تقتل الجمال في هذه الامة جمال المقاومة.
    سيدتي الرائعة
    والله لم تغضبيني بل انني سأحزن لو انك لم تمرّي على نص من نصوصي حتى بقسوتك احيانا بل انني اطمح ان تمري على قصائدي القديمة وتتحفيها بدراساتك النقدية الرائعة وحتى عندما اختلف معك اجد لذة نفسية تثير الحوار الادبي مع امرأة اقف امامها اجلالا واحتراما وإعجابا.
    معذرة ان قد اكون قد اغضبتك في ردي
    شكرا لك كل الشكر
    مع خالص احترامي وعبق مودتي
    )).

  8. #8
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    وعقبت قائلة :
    (( ...
    سيدتي الشاعرة
    مقدما اقول لك انا سعيد جدا بمداخلاتك النقدية حتى عندما أكون مختلفا معك في بعض وجهات نظرك.

    وأنا يسعدني أن أجدك شاعرا واسع الأفق رحب النفس ..وما يمكنني قوله إنك بقدر ما تثير النقد بشعرك فشعرك ينبض بالحيوية والجمال وإثارة متعة التذوق ..وفي كل الأحوال ..لست أنا إلا شخصا يتذوق جماليات ما لديك من إبداع فني .

    اريد ان اناقش معك قضية الرموز الشعرية التي اختلف بها معك كما اختلفت معك في تناول الرموز في قصيدتي السابقة (ثوبك منديل) ويحزنني هنا ان اضطر لتفسير القصيدة لأنني اؤمن ان التفسير من حق القارئ حتى يتم استمتاعه بالنص.
    سيدتي
    ان الرمز في الشعر يخرج عن زمانه وواقع شخصياته ومكانه ومضمونه العام وحتى من قدسيته فعنترة الرجل المناضل من اجل الحرية والعاشق العفيف المقاتل من اجل الفوز بالحبيبة يتحول عند بعض الشعراء الى رمز للقوة الهوجاء وهارون الرشيد الخليفة الذي نعت عصره بالعصر الذهبي يتحول عند البعض الآخر الى رمز لعبودية النساء وامتلاء قصوره بالجواري وقد جرّنا التعسف في فهم الرموز الى تقييد الحريات ومصادرة الابداع الفني واقرب مثال في ذلك هو ما فعلته سلطاتنا الحاكمة في التعامل مع الفلم الاجنبي(نوح) لأنها لا تدرك ان الفن يتعامل مع الرمز بشكل آخر وإلّا ما الفرق بين الفن والتاريخ او الدين؟

    أستاذي الكريم لا أختلف معك بشأن مناعة الرمز الفني عن المحاكمة الأخلاقية أو التاريخية . ولكنني بالتأكيد سأظل مختلفة معك حول نقطتين أساسيتين اثنتين :
    أولاهما تحديد خصائص الموضوع الذي يصلح لأن يستخدم ويقدم كرمز فني*وثانيتهما : حول مدى أو تحديد مجال صلاحيات الفنان في تعامله مع تلك الخصائص في عملية الترميز ..فكما تعلم أستاذي الكريم فإن الفنان يجب أن يراعي خصائص عملية تذوق العمل الفني عند المتلقي الذي يتوجه إليه .لأن تذوق العمل الفني ليس إلا فعلا إنسانيا نفسيا ثقافيا متكاملا والتذوق الفني لا ينفصل في نفس المتلقي عن ثقافته وقيمه الأخلاقية والدينية وعندما يقوم فنان أوشاعر باختيار رمز فني ما فلا ينبغي له أن يفرض الرمز فرضا على المتلقي ، بمعنى أن رؤيته لخصائص الرمز يجب أن تكون متفقة مع رؤية المتلقي الذي يخاطبه بعمله الفني . وعلى سبيل المثال : لا يمكن لشاعر مثلا أن يدعي أنه يقدم للمتلقي العربي (إبليس ) كرمز فني للطيبة ، أو يقدم الخيمة العربية كرمز فني للتحديث والتجديد*لأن ذاكرة المتلقي وثقافته مشحونة بكون إبليس رمزا للشر المطلق وبكون الخيمة العربية رمزا للأصالة والتراث ..فهذا الموروث النفسي والذهني يتناقض مع الطرح الذي يدعو إليه الفنان وبالتالي فإن الرمز سيكون مرفوضا ولن يتمكن من أداء الوظيفة التي أنيطت به كرمز .*
    ومن هنا فإنني ألّح على دور المتلقي الأساسي في تشكيل جزء من الرؤية الفنية التي يدعوه إليها الفنان بعمله الفني بما يتضمنه من الرمز .*


    وبالعودة الى قصيدتي الكوابيس اقول لك انني هشـّمت الرموز الموجودة فيها لمحاكمة الواقع المرير الذي نعانيه وكما يلي:
    1ــ ان السنابل والبقرات هي من مصادر الثروة الغذائية المهمة ولكن السنابل فارغات والبقرات عجاف فإذن الشعب يعاني من الجوع ولكن رغم ذلك فالقمع موجود ومستفحل فالقرون قوية تنطح الجياع والآذان طويلة كالمرسلات تتجسس على الناس وتبطش بهم رغم قذارتها المستفحلة.
    حسنا ..إن السنابل والبقرات في الموروث الذهني والنفسي للمتلقي العربي عموما والمسلم خصوصا ( وهو الممثل لأغلبية المتلقين )تتفق معك في هذا الترميز ..وبالتالي فقد نجحت في إيجاد لغة فنية مشتركة بينك وبين المتلقي لتبني رؤيتك الفنية .
    2ــ انّ اخوة يوسف في القصيدة رمز للاخوة العرب الذين يتآمرون مع الذئب(امريكا مثلا) من اجل الفتك باخوتهم في فلسطين وليبيا وسوريا وغيرها وهنا لا ادافع عن الحكام وإنما عن الدول التي تحطمت تماما ورجعت سنوات طويلة الى الوراء بفضل هذا التآمر من الاخوة متعاونين مع امريكا التي هددت باستخدام الفيتو لمجرد محاولة انضمام السلطة الفلسطينية لليونسكو.
    اليست هذه عملية قذرة ابشع من عملية اللواط.
    يمكنني كمتلقية عربية ومسلمة أن أتفق معك إلى حد ما على أصل الرمزدون تبعاته مما أشرت إليه من اللواط ..لأنني أشعر بالإثم من إلحاق ما لم يكن أصلا من خصائص الرمز التي أعرفها جيدا ..فهنا أنت اصطدمت معي في تحديد مجال الرمز ..فأخوة يوسف كانوا خاطئين وأقبلهم رمزا للغدر أو الخيانة أو الأنانية حال كونهم مخطئين، لكن ما في ذاكرتي من خصائص خطئهم يمنعني من تضخيم خطئهم إلى درجة الشر المطلق وهذا مرتبط عندي بما كانوا يثيرونه في نفسي عند التفكير..فقد كانوا بخطئهم يوجهون تفكيري نحو تردد الإنسان بين ضعف النفس وانسياقها في الخطأ وميولها للرحمة ..وهذا الذي يثيرونه بحد ذاته مفهوم شبيه بالرمز لطبيعة الإنسان ..كان هذا في ذهني - وأنا أمثل شريحة لأمثالي - قبل أن أتلقى ترميزك لهم ..فاصطدم موروثي الذهني والنفسي بما هو خارج عن خصائص الرمز فأحسست بأنك إنما تصطنع رمزك اصطناعا ..وبهذا فإنني لن أتمكن من مجاراتك في تقمص رؤيتك الفنية وتذوق عملية الترميز لوجود هذه الثغرة في تحديد خصائص الرمز بينك وبيني كشاعر ومتلقي .
    ــ امّا في قضية صاحبة القصر فهي رمز للسلطة الحاكمة التي تخصي الرجال وتعامل رجولتهم بقسوة تعذيبا وسجنا وإذلالا ثم تطلب منهم ان يفعلوا كما يفعل الرجال وزليخا يا سيدتي هي التي قالت(لئنْ لم يفعلْ ما آمره ليسجننّ وليكوننْ من الصاغرين) ولاحظي انها قالت(آمره)وليس ما ارجوه او اطلبه او اتمناه ومقابل ذلك السجن والإذلال.
    اليس ذلك هو ما تفعله سلطاتنا الحاكمة فهي تأمرنا بالطاعة والذل وتطلب منا ان نستبسل بالحروب.*
    4ــ الجمال ليس بالشكل فقط . اليست المقاومة جميلة؟
    ان السلطات تدبر للمناضلين والمقاومين التهم الباطلة حتى تلقيهم في سجونها الباغية او تقتلهم أي انها تقتل الجمال في هذه الامة جمال المقاومة
    ..تقبل الرمز لا يكون مزاجيا أو كيفيا عند المتلقي ..أليست زليخا زوجة العزيز الممثل الأعلى للسلطة وهو الذي استخلص النبي يوسف عليه السلام لنفسه ؟ طيب كيف ألقي بهذه المعلومة وما أثارته في نفسي عبر تاريخ ثقافي طويل خارج ذاكرتي لأجاملك في أن تكون زليخا هي رمز السلطة لا زوجها العزيز ..إذا كنت أنت تحتاج زليخا كرمز للسلطة فهذه مشكلتك كفنان وليست مشكلتي كمتلقي ..أنا أرى في زليخا رمزا لأثر الجمال القاهر في نفس الإنسان عموما والمرأة العاشقة خصوصا ..وزليخا التي أمرت يوسف أمرا..بدأت أولا بمحاولة جذبه وإغوائه واستدراجه وقالت هيت لك وقد فعلت ذلك بوصفها امرأة أنثى ..لكنه هو من استعصم وأبى فلما فشلت لجأت إلى استخدام أسلوب الأمر..وليس ثمة عند البشركأفراد وكجماعات إلا طريقتين اثنتين لا ثالث لهما ( الترغيب والترهيب )..وهل ستشذ زليخا بهذا عن كافة البشر ؟**
    سيدتي الرائعة
    والله لم تغضبيني بل انني سأحزن لو انك لم تمرّي على نص من نصوصي حتى بقسوتك احيانا بل انني اطمح ان تمري على قصائدي القديمة وتتحفيها بدراساتك النقدية الرائعة وحتى عندما اختلف معك اجد لذة نفسية تثير الحوار الادبي مع امرأة اقف امامها اجلالا واحتراما وإعجابا.
    معذرة ان قد اكون قد اغضبتك في ردي
    شكرا لك كل الشكر
    مع خالص احترامي وعبق مودتي
    شكرا لك أستاذي الكريم*
    سعيدة بالحوار معكم *))

  9. #9
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    القصيدة الرابعة :
    ثوبـُكِ منديلٌ


    وتعالي
    لا أحتاجُ اللحظة َإلآ أنْ تقفي مثلَ الألفِ المَمْدودةِ
    وأمامَكِ أجثو مثلَ الدالْ
    أقدَسُ ما في كلِّ مَواقفِ عشقي أنْ تجثو الدالْ
    وتـُصلـّي لتـُكوِّنَ والألـفَ الممْدودة أروع تمثالْ
    وأنا عندي للقبلةِ عاداتٌ وطقوسٌ أعظمُها أنْ أضعَ الشـفتينْ
    في أيِّ مكان ٍفوقَ الألفِ المَمشوقةِ يُمكنُ أن يَهويَ رأسُ الدال ِعليهِ
    لا اُخفيكِ السرَّ أنا مشلولُ القدمينْ
    ومَساماتُ الانثى تـَتساوى في قانون نيوتنَ للجَذبِ
    فالألـَقُ المُبحرُ في العينينْ
    يتساوى والعسلَ الممزوجَ معَ الخمرةِ في الشفتينْ
    يتساوى وهجومَ الرمّان ِالمتوَحِّش ِفي النهدينْ
    يتساوى والترفَ المصقولَ على القدمينْ
    * * *
    عفوا ً، لا تنسَي عندَ مَجيئكِ في الموعدِ لو خـَضـَّبْتِ الشـَعْرَ بحنـّاءْ
    كانتْ اُمّي في ِليل هلال العيدْ
    تـَصْبغُ كـَفـَّيَ حينَ أنامُ بها ،
    تـُمْطرُني قـُبَلا ًودُعاءْ
    تـُسْمِعُني بالصوتِ العَذبِ غِناءْ
    (يا الأولادْ يا الأولادْ
    راحَوا تجّار لبغدادْ
    جابَوا رمّان مكسَّرْ
    خلـّي العدو يتحسَّرْ)*
    وأنا مُذ كنـْتُ صغيرا ًاعْشقـُها
    كنـْتُ اُقبِّلُ كفَّ الحنـّاء المطبوع ِعلى بابِ الِمسجدِ في حارتِنا
    وأرى في ذلكَ دفعَ بَلاءْ
    واُحسُّ بأنَّ بها رائحة َاللهِ وألمسُ فيها جدرانَ سماءْ
    لا تـَنسَي رائحة َالحنـّاءْ
    أشواقي تـَتـَناسَخُ فيها ،
    يَتجَلـّى العقلُ الباطنُ في أسمى لحظاتِ حلولْ
    وأنا لسْتُ اُفرِّقُ بينَ رشاقةِ مِئـْذنةٍ ورشاقةِ اُنثى هيفاءْ
    فمَناسِكُ روحي دائخة ٌبينـَهما وتراتيلي صَمتٌ وذهولْ
    وصلاتي رقصٌ وبكاءْ
    ودعائي عَزفٌ في ناي ٍ مقتولْ
    وتعالي فمنارة ُشوقي مُنـْتصبهْ
    وأنا عودٌ مِنْ كبريتٍ قدْ اُشـْعِلُ أو اُشـْعَلُ ،
    لا فرْقَ فكلُّ مَساماتي مًلتهبهْ
    وتعالي ساًقدّمً لكِ أطيبَ حلوى ،
    مَنـَّا ًمِمّا خـَلـَقَ اللهً وسَلوى
    ملعونٌ مَنْ قـَسَّمَ عشـْقَ الإنسانِ إلى قسمينْ :
    عذريٍّ وإباحيٍّ
    إنَّ الأحلى حينَ نكونُ مَعا ًأنْ نـُلـْغيَ هذين ِالاثنينْ
    * * *
    شـَعْري أبيضُ؟!
    لا أقدرُ أنْ اُخفيَهُ عنكِ كما تبغـَينْ
    لكنْ اُقسِمُ قدْ كانَ ومُذ ْ سنواتٍ عشرينْ
    أسودَ أسودَ يُشـْبهُ لافتة َالنـَعـْي اللابُدَّ ستـُنشـَرُ في يوم ٍما
    في إحدى ساحاتِ مَحلـَّتِنا تـَنعى فيَّ العمرَ المِسكينْ
    أسناني ناقصة ٌ؟!
    لا حولَ ولا قوّة َإلآ!!........
    هلْ عَيْبٌ في ذلكَ ؟!
    فلـْتثقي اثنين ِ لقدْ كانتْ وثلاثينْ
    اثنين ِلقدْ كانتْ وثلاثينْ
    وتعالي نـَسمعُ فيروزَ مَعا ًونطيرْ
    نـَبْحثُ معَها عنْ (شادي)
    مُذ ْ سنواتٍ خمسينَ لقدْ ضاعَ وما زالَ صغيرْ
    نبْحثُ عنه فرُبَّتـَما نلقاهُ يُسابقُ فرّاراتِ وَرَقْ
    ويُغنـّي فـَرَحا ً وألـَقْ
    ويصادقُ وردا ًوعصافيرْ
    لكنْ أخشى أنْ تـَغتالَ الصوتَ الفبروزيَّ القادمَ مِنْ مَلكوتٍ طائرة ٌ
    أو عبوة ُتفجيرْ
    * * *
    عَفـْواً أخشى أنْ يَتزامَنَ مَوعدُنا معْ تـَيّار ِالكهْربةِ المقطوع ْ
    وأنا أعشقُ في الانثى عَسَلا ًيُرشـَفُ والعطرُ يَضوع ْ
    وأنا مُرتفعٌ عندي الضغطـُ
    فكيفَ يُسَوَّغُ أنْ أشربَ مِنْ خدّيكِ المطرَ المالحَ
    واشمَّ بجيدكِ رائحة ًتـَجعلُ مِنْ غزلي فيكِ أكاذيبْ
    إنـّي أبحثُ في المرأةِ عن اِضمامةِ وردٍ ، عن قارورةِ طيبْ
    أبحثُ فيها عن أنفاسِ التفـّاح ِوعن موسم تين ٍوزبيبْ
    لـُطـْفاً ، أعرفُ انـّكِ قدْ أدْمنـْتِ قراءاتٍ في كتبِ الدين ِ
    فأجيبيني :
    في الجنـّةِ أديسونْ أمْ في النارْ ؟؟
    إنْ كانَ سيُحْشـَرُ في نار فلـَرُبَّتـَما يُنـْشِىءُ فيها أحْدثَ أجهزةِ التكييفْ
    وتعالي فالعُمْرُ خريفْ
    والمجهولُ القادمُ يُرعبُني والجوُّ مُخيفْ
    والعقلُ الباطنُ يَصرخُ في رأسي:
    يا اُمّي:
    (الطنطلُ)* في هذي الظلمةِ
    مَنْ يقتلُ هذا الطنطلْ؟
    والكابوسُ المُزمنُ يُرعبُني يَخنقُ صوتي ،
    يَجْثمُ فوقَ الصدر ولا يَرحلْ
    وتعالي زخـّي فوقي أمطارَ الدهشةِ فسنينُ العُمْر ِصحارى وصَدى
    والاُفقُ تـَقـَلـَّصَ فيه مَدى
    وتعالي
    وقِفي كالألِفِ المَمشوقةِ إنـّي مثلَ الدال ِسأجثو
    يا أجملَ قنديلْ
    وطقوسُ الأحزانِ تـُطالبُني أنْ أجعلَ منْ ثوبك منديلْ
    إنـّي وطنٌ تسكنـُني ملياراتُ النـَسماتِ مِنَ الدمع ِ
    وهيَ تـُطالِبُ مَجلسَ أمن ِالامم ِالمُتـّحدَهْ
    أنْ يَمْنحَني حَقـّي في تقرير ِ مصير ِالأحزانِ لأبكي
    وأنا لسْتُ اُؤرخ عُمري بالتقويم ِالميلاديِّ ولا الهجْريِّ
    ولكنْ بالتقويم ِالمُحْزن ِوالمُبْكي
    سَنـَة ُالأحزانِ مُكـَوَّنـَة ٌعندي مِنْ آلافِ الأشهرِ والليلُ بها مُرٌّ وطويلْ
    فيها للحجِّ مواسمُ تسعى عينايَ بها ما بينَ تضاريس ِالشـَفـَةِ المعْسولةِ
    والشعرِ الحائر ِ
    والنهْدِ الثائر ِيُوشكُ تمزيقَ الثوبِ النافر ِ
    فافيضُ ذهولا ًوعويلْ
    واُهرْولُ والجسمُ نحيلْ
    واُردِّدُ لغـْوا ًوتراتيلْ
    فتعالي كيْ أجعلَ مِنْ ثوبكِ مِنديلْ
    واُمارسُ حقـّي في أنْ أبكي
    إنَّ الحزنَ ثقيلْ
    وتعالي يا مثلَ الألِفِ المَمْشوقةِ إنـّي مثلَ الدال ِسأجثو واُطيلْ
    فتعالي أفديكِ تعالي
    فالعُمْرُ تـَنادى لرحيلْ

    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ

    * هذه ترقيصة تؤديها الامهات العراقيات لصغارهنّ .
    * الطنطل: كائن خرافي في الميثولوجيا الشعبية العراقية يسكن في الظلام يخيف الاطفال.



    أقف حائرة أمام هذه القصيدة ...
    كيف يمزج الشاعر رؤاه ذات الألوان المختلفة في الطيف الضوئي ( السياسة ...الدين ...الواقع ...الرجل المضمون ....الطفولة ...الكهولة ...) ليكون لوناً واحداً متماوجاً صريحاً ...يغمس فيه ريشة الوصف لتتشرب حتى الثمالة ؟ ثم إذا وصل إلى تشكيل المرأة يختصر اللوحة بالمرأة الجسد .. شكلاً بغير مضمون .. فيخط المرأة حرفاً وإن كان ممشوقاً ( الألف ) ويخط علاقة الرجل بها حرفاً منحنياً كأنه يتهيّأ للسجود ( الدال )....السجود للجسد ليس إلا ...
    من هي المرأة عندك أيها الشاعر الذي أوقعت نفسك في مأزق الجسد الذي يطفو على السطح وما له من ثقل داخلي يشير إلى قرار عميق فيه ..ثم حاولت نفي التهمة عنك بنداء استغاثة أطلقته للمآذن... وللحناء على باب المسجد وللصلاة رقصاً وبكاء ..لا ينجيك هذا أبداً من التهمة الموجهة إليك ...
    لو كان الرجل عاشقاً في نصك ...لعرّفنا على تلك المرأة كشخص يمتلك قدرة التأثر والتأثير والانفعال والتفاعل ...ولكنها لم تبدُ إلا كصنم مرمري أملس وكلاهما معا ( الرجل والمرأة في نصك ) بدوا تمثالاً حقيقياً مكوناً من جزأين متلاصقين وعلى الرغم من فرادة هذا التصميم ..إلا أنه لم ينل حقه من الإشعاع الداخلي في روح الجزء الممثل للمرأة فيه ..فقد حرمت نفسك وحرمت القارئ من متعة اكتشافه ....ذلك لأن ما بداخل الرجل في قصيدتك ...كان يخصه وحده ..كان عالمه منفصلاً عن عالمها في تصويرك للحظة اللقاء..فهو الرجل الإنسان الممتلئ بأسباب البكاء ( وطن )
    إنـّي وطنٌ تسكنـُني ملياراتُ النـَسماتِ مِنَ الدمع ِ
    أما هي فليست ذات ملامح واضحة ...هي أنثى وحسب ...جسد وحسب...ليس عليها أن تتفاعل حتى أن قدرتها على الانفعال مشكوك فيها بعد أن حجّرها التمثال الممشوق..هكذا يراها الشاعر إذن ...ويحرِّم عليها الانفعال والتعبير عن معاناتها عندما يرفض تقبل الماء المالح على خديها بتأثرها بحال الوطن
    فكيفَ يُسَوَّغُ أنْ أشربَ مِنْ خدّيكِ المطرَ المالحَ..
    امرأة بغير وجع مطلوبة له..امرأة بغير شخصية ..
    حتى أن ملامحها متداخلة عنده ..وكلها سيان في لحظة تمثله لذكورته

    ومَساماتُ الانثى تـَتساوى في قانون نيوتنَ للجَذبِ
    فالألـَقُ المُبحرُ في العينينْ
    يتساوى والعسلَ الممزوجَ معَ الخمرةِ في الشفتينْ
    يتساوى وهجومَ الرمّان ِالمتوَحِّش ِفي النهدينْ
    يتساوى والترفَ المصقولَ على القدمينْ
    صحيح أن الصور الشعرية الحارة تسوغ متابعة القراءة بشغف..لكن هذا لا يمنع من البحث عن شخصية تلك المرأة الإنسان حتى وإن كانت أنثى..
    أفلا تكون أنثى ذات مشاعر ...وردود أفعال ؟

    ثوبك منديل ..لمسح الدموع ؟؟ ...
    فأنتِ كجسد ..أنت ِمؤاساة للرجل الذي يعترف بمعاناته هو كإنسان

    شـَعْري أبيضُ؟!
    لا أقدرُ أنْ اُخفيَهُ عنكِ كما تبغـَينْ

    ...
    أسناني ناقصة ٌ؟!
    لا حولَ ولا قوّة َإلآ!!........
    .....
    وأنا مُرتفعٌ عندي الضغطـُ
    .....

    وتعالي زخـّي فوقي أمطارَ الدهشةِ فسنينُ العُمْر ِصحارى وصَدى
    ....
    ثم إطلالة على العقل الباطن ..
    لا تـَنسَي رائحة َالحنـّاءْ
    أشواقي تـَتـَناسَخُ فيها ،
    يَتجَلـّى العقلُ الباطنُ في أسمى لحظاتِ حلولْ
    لكن أنت أيتها المرأة لست سوى جسد ....ولا نلمح من ملامحك لا عقلاً باطناً ولا ظاهراً ...لذا فالشاعر يعاملك معاملة الأطفال فيقدم لك الحلوى ليغريك بالحضور فإن كانت الحلوى مطلبك فستلبين النداء
    وتعالي ساًقدّمً لكِ أطيبَ حلوى ،
    مَنـَّا ًمِمّا خـَلـَقَ اللهً وسَلوى
    ملعونٌ مَنْ قـَسَّمَ عشـْقَ الإنسانِ إلى قسمينْ :
    عذريٍّ وإباحيٍّ
    إنَّ الأحلى حينَ نكونُ مَعا ًأنْ نـُلـْغيَ هذين ِالاثنينْ
    * * *
    ستأتين.. الشاعر لا يخشى عدم مجيئك... لكنه يخشى ما يحدث في الواقع ..هنا تتدخل السياسة كجانب آخر ينعكس على المرأة جسداً وليس روحاً فرائحة جيدها لن تكون كما يرغب الشاعر الرجل
    لكنْ أخشى أنْ تـَغتالَ الصوتَ الفيروزيَّ القادمَ مِنْ مَلكوتٍ طائرة ٌ
    أو عبوة ُتفجيرْ
    عَفـْواً أخشى أنْ يَتزامَنَ مَوعدُنا معْ تـَيّار ِالكهْربةِ المقطوع ْ
    وأنا أعشقُ في الانثى عَسَلا ًيُرشـَفُ والعطرُ يَضوع ْ
    فكيفَ يُسَوَّغُ أنْ أشربَ مِنْ خدّيكِ المطرَ المالحَ
    واشمَّ بجيدكِ رائحة ًتـَجعلُ مِنْ غزلي فيكِ أكاذيبْ


    ..شعر جميل.. .مدهش ....مثير للجدل جداً ..جداً ....
    كنت أبحث فيه عن صورة المرأة التي أحبها فعثرت فيه على صورة الرجل الذي أكرهه ...
    أحيي الشاعر..

  10. #10
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    وعقب الأستاذ خالد صبر سالم قائلا:*
    ((
    ..........
    أعتذر جدا لتأخري على الرد على قراءتك النقدية العميقة لهذا النص الذي احبّه كثيرا والذي اخترته قبل ايام لالقيه في مهرجان الجواهري التاسع في بغداد وقد لاقى استحسانا أفرحني جدا.
    أرجو قبول العذر وذلك بسبب تسلسل الردود وقلة الفراغ في وقتي ولأن تعليقك ليس كغيره من حيث عمقه وطوله والمواضيع التي طرحتها والتي هي بحاجة إلى أن يكون ردي عليها بمستوى الغنى الذي جاء به.
    في البدء أتمنى أن تكون التعليقات في هذا المنتدى الذي نحبّه بمستوى هذا الثراء.*
    سيّدتي
    التعليق كلـّه امتزجت معه امتزاجا وجدانيا الى حد التوحّد وأحني قامتي امام صاحبته احتراما وإجلالا واعتزازا.
    أمّا بخصوص صورة المرأة المرسومة في النص والتي أثارت في نفسك الأسى والغضب على تمركزها حول الجسد فحسب فدعيني أقول لك يا سيدتي الباهرة:
    المرأة هنا ليست امرأة حقيقية بل انها رمز يجمع كل معاني الجمال فهي قد تكون الآلهة الواقفة مثل تمثال جميل وقد تكون الوطن لا يجيء إلا خائفا وقد تكون الام المخزونة في اللاشعور وقد تكون الحبيبة وقد تكون المنديل الذي تكبر مساحته لتصل الى فستان طويل يستوعب الدموع الغزيرة بلا انقطاع.
    ولا أدري كيف فاتتك الاشارات الكثيرة على انها ليست امرأة جامدة بل هي اولا مقدسة كقداسة مئذنة او كقداسة إيحاءات طفولية لقبل على ابواب مسجد تجعله يبني جدرانا يجاورالسماء مع الأرض:


    وأنا مُذ كنـْتُ صغيرا ًاعْشقـُها*
    كنـْتُ اُقبِّلُ كفَّ الحنـّاء المطبوع ِعلى بابِ الِمسجدِ في حارتِنا*
    وأرى في ذلكَ دفعَ بَلاءْ
    واُحسُّ بأنَّ بها رائحة َاللهِ وألمسُ فيها جدرانَ سماءْ




    أمّا الحلوى التي استصغرت دورها هنا فهي الحلوى المقدسة التي أنزلها الله من السماء (المن والسلوى) وليست الحلوى المبتذلة:

    وتعالي ساًقدّمً لكِ أطيبَ حلوى ،
    مَنـَّا ًمِمّا خـَلـَقَ اللهً وسَلوى



    المرأة هنا هي عميقة التأثير لأنها جمعت بين كل ما في طفولة الشاعر من خزينة الجمال وشيخوخته وإذن فهي تعيش معه منذ الطفولة الى الزمن الذي يجد فيه الشاعر نفسه والشيب وقلة الاسنان ترافقانه مع انتظار الموت فهي إذن قد اختصرت حياته كلها وهي تعيش معه ليس كجسد فقط وإنـّما كروح تتعمق في خياله الباطن هي تراتيله وذهوله وصلاته ورقصه وبكاؤه ومناسك روحه وصمته ودعاؤه:

    وأنا لسْتُ اُفرِّقُ بينَ رشاقةِ مِئـْذنةٍ ورشاقةِ اُنثى هيفاءْ*
    فمَناسِكُ روحي دائخة ٌبينـَهما وتراتيلي صَمتٌ وذهولْ*
    وصلاتي رقصٌ وبكاءْ*
    ودعائي عَزفٌ في ناي ٍ مقتولْ



    وهو معها يلغي كل انواع العشق المألوف ليبحث عن فن جديد للعشق:


    ملعونٌ مَنْ قـَسَّمَ عشـْقَ الإنسانِ إلى قسمينْ :
    عذريٍّ وإباحيٍّ*
    إنَّ الأحلى حينَ نكونُ مَعا ًأنْ نـُلـْغيَ هذين ِالاثنينْ




    وهو قد يكتفي بالانفراد معها لا ليتطلـّع الى جسدها بل ليبحثا في اغنية فيروزية عن الطفولة الجميلة الضائعة ورمزها الطفل(شادي) في الاغنية الفيروزية وحتى هذه اللحظة القصيرة تكون خائفة من الارهـاب:

    وتعالي نـَسمعُ فيروزَ مَعا ًونطيرْ*
    نـَبْحثُ معَها عنْ (شادي)*
    مُذ ْ سنواتٍ خمسينَ لقدْ ضاعَ وما زالَ صغيرْ*
    نبْحثُ عنه فرُبَّتـَما نلقاهُ يُسابقُ فرّاراتِ وَرَقْ*
    ويُغنـّي فـَرَحا ً وألـَقْ*
    ويصادقُ وردا ًوعصافيرْ*
    لكنْ أخشى أنْ يَغتالَ الصوتَ الفبروزيَّ القادمَ*
    مِنْ مَلكوتٍ اللهِ حزامٌ ناسفْ*
    أو عبوة ُتفجيرْ


    اما علاقتها مع التيار الكهربائي المقطوع فهي سخرية من الحاكمين ومن الذي يحتكرون الجنة للإرهابين والتكفيريين والذين يعيشون في الكهوف المظلمة والصورة الشعرية في هذه الحالة هي صورة تجمع بين متناقضيين شديدين (الجمال والقبح والتخلف يريدان أن يقتلاه ويشوهّانه).
    ان الشاعر هنا جعل المرأة الرمز هي محجّته ليؤدي أمامها طقوسه الروحية ويبكي على جدران فستانها الرمزي. اما عدم تسليط الضوء على شخصيتها فهو تحصيل حاصل على القارئ ان يتفهمه لأنّ امرأة مرسومة بكل هذا الجهد من القداسة والتأثير لابد ان تكون شخصيتها عظيمة في نفس الشاعر
    سيدتي الاديبة الرائعة
    مرة اخرى اقدم اعتذاري وعسى ان يكون ردي مقنعا ..
    لك خالص احترامي مع اسمى مشاعر مودتي))

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. صبر أسايره * شعر أحمد غنيم
    بواسطة أحمد غنيم في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 01-11-2020, 12:07 PM
  2. نقد كتاب د.أحمد سالم (فقه العروض) /ثناء صالح
    بواسطة ثناء صالح في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 66
    آخر مشاركة: 18-11-2016, 07:01 PM
  3. قواعد و إشارات في علم القراءات
    بواسطة عادل عبدالوهاب ابوالمقداد في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-02-2015, 02:50 PM
  4. ***(أولى القراءات )***
    بواسطة رياض شلال المحمدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 21-08-2013, 02:33 AM
  5. أثر القراءات في تفسير سورة يوسف من خلال البحر المحيط
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى مُنتَدَى الشَّهِيدِ عَدْنَان البحَيصٍي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 16-06-2007, 07:09 PM