أصول الحوار

الحوار
************************************************** *****************
......................................

إن ساغ نقاش أو حوار مع أحد فمن الحكمة والعقل والأدب للمرء ألا يدخل فيما ليس فيه كفؤاً .
لأنه إذا كان من الحق ألا يُمنع صاحب الحق عن حقه فمن الحق ألا يُعطى هذا الحق لمن لايستحقه فليس كل أحد مؤهلاً للدخول فى حوار ..
فالسيف لايعطى إلا لضاربه والرمح لايعطى إلا لراميه ..
لابد أن يكون المحاور مؤهّلاً تأهيلاً صحيحاً يملك الحجة والدليل والبرهان مدركاً لمسالك الباطل يعرف الحق ويجيد الدفاع عنه .

ويجب أن يكون الحوار والنقاش باللطف واللين وبالحجة والمحجة بريئاً خالصاً من التعصب خالياً من الإنفعال بعيداً عن المشاحنات ومايفسد القلوب
ويهيّج النفوس ويولد النفرة ويُوغر الصدور حتى لاينتهى إلى العداوة والقطيعة .
وعلى المحاور أن لاينظر إلى المخالف بعين الإزدراء أو الاحتقار وأن لايغلظ له القول أو يسىء المقال معه .
وعليه أن يرى فيمن يحاوره بأنه معينٌ له وليس خصماً . ويدرك أن الباحث عن الحقيقة دائماً ماينشد الحق ويتجنب الباطل شأنه كشأن ناشد الضالّة
لايفرق بين أن تظهر ضالته على يده أو على يد غيره .

أما إذا كان المحاور لايملك دليلاً ولاحجة أو برهان ومصراً على إنكار المسلّمات والثوابت المحسومة والمقطوع بها فاعلم أنه معاند مكابر سوف يكابر
معك مكابرة قبيحة ولايريد إلا الجدل والسفسطة ومناظرته فى هذه الحالة تكون مناظرة ذميمة ومجاراة منحرفة لأنه سيبحث لك عن متاهات وضلالات حتى
وإن سقت له الحجج الدامغة والأدلة الساطعة . فلا تولد عنده حينئذ غيظاً منك أو حقداً وحنقاً عليك نتيجة ضعفه وعجزه بل اجعله شاهداً على نفسه ..

سيدنا إبراهيم عليه السلام فى دعوته ومحاجّته للنمرود قال له : إن الله يحيى ويميت . فقال النمرود : وأنا أحيى وأميت فقتل نفساً وأطلق سراح سجيناً .
لم يقل له خليل الله عليه السلام بأن إحيائك هذا ليس كإحياء الله أو أن موتك ليس كموت الله بل قال له :
إن الله يأتى بالشمس من المشرق فأتى بها من المغرب .. فبُهت الذى كفر ولم ينطق ..
..................................................
************************************************** **************
سعيد شويل

الغاية من الحوار إقامةُ الحجة ، ودفعُ الشبهة والفاسد من القول والرأي . فهو تعاون من المُتناظرين على معرفة الحقيقة والتَّوصُّل إليها
إن إتباع الحق ، والسعي للوصول إليه ، والحرص على الالتزام ؛ وهو الذي يقود الحوار إلى طريق مستقيم لا عوج فيه ولا التواء ، أو هوى الجمهور ، أو الأتْباع .. والعاقل – فضلاً عن المسلم – الصادق طالبٌ حقٍّ ، باحثٌ عن الحقيقة ، ينشد الصواب ويتجنب الخطأ .
ويقول ابن المقفع :
( تَعلَّمْ حُسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام ؛ ومن حسن الاستماع : إمهال المتكلم حتى ينقضي حديثه . وقلة التلفت إلى الجواب . والإقبال بالوجه . والنظر إلى المتكلم . والوعي لما يقول ) .
ومن مقولات الإمام الشافعي المحفوظة : ( ما كلمت أحداً قطّ إلا أحببت أن يُوفّق ويُسدّد ويُعان ، وتكون عليه رعاية الله وحفظه .)
وإن من البلاء ؛ أن يقوم غير مختص ليعترض على مختص ؛ فيُخَطِّئه ويُغَلِّطه .
وإن حق من لا يعلم أن يسأل ويتفهم ، لا أن يعترض ويجادل بغير علم ، وقد قال موسى عليه السلام للعبد الصالح :
{ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً } (الكهف:66) .
سلمت يداك ـ وبارك الله فيك وجزاك كل الخير على موضوعك الهام.

شكرا لكم الأخت الفاضلة نادية على المشاركة وجزاكم الله كل خير