دولةُ الشعر

دولةُ الشِعْـر

للشعر دولةٌ ورجال ومن ينكر تلك الحقيقة يكون العيب فيه وليس فى الشعر , فمنذ أن خلق الله بنى آدم ووهبهم نعمة الكلام والتفكير كان الشعر هو إحدى وسيلتى الانسان فى التخاطب , فالشعر قديمٌ قدم الانسان فى الكون واذا كان النثر يسبق الشعر فى الوجود فالشعر يسبق النثر بكثيرٍ فى الزيوعِ والانتشار لما للشعر من موسيقى تجعله يسيرا فى الحفظ كثيراً فى التداول .
كانت هذه مقدمة لابد منها , وقد تكون مثيرة وقد يرفضها البعض ويقبلها البعضُ الآخر ولكن ( إختلاف الرأى لا يفسدُ للودِ قضية) كما يقول امير الشعراء احمد شوقى وهو للعلم رجل من رجالات دولة الشعر الذين يُشار لهم بالبنان , ورجالُ دولة الشعر ليس هم الشعراء الفطاحل فقط , لا بل إن اهم رجالات الشعر هم المتلقون له الحافظون لأبياته الذين يستعملون ابيات الشعر فى استدلالاتهم وخطبهم واقوالهم , وهم كثيرٌ كثير لا عدد ولا حصر لهم لأنهم الغالبية العظمى من بنى البشر , وكيف لا والقرآن الكريم يقول عن هؤلاء الذين يطربون للشعر ويتلقونه ويرددونه أنهم الغاوون فى قوله تعالى ( والشعراء يتبعهم الغاوون ) واتباع الغاوون هنا للشعراء يأتى بقوة تأثير الشعر ونفوزه فى نفوس من يتلقونه , وقد يقول سائل ولكن الغاوون هنا هى من الغواية أى انهم ضلوا بإتباعهم الشعراء ونجيب هنا بعم وذلك إذا كان الشعر سيئا ومسيئا وكاذبا ويدعو الى الفسق والفجور , هنا يكون كل من يتبعه من الغاوون , أما أن كان الشعر يدعو الى الفضيلة ويحمس الى الجهاد والعمل الصالح وينشر الفضيلة فكل من يتبعه يكون من الناجين ان شاء الله .
وقد طغى الشعر بدولته وسلطانه ورجاله على احوال الناس عامة فما ترقب الاخبار إلا وتجد الشعر حاضرا والشعراء يملأون كل مكان , وقد كتب الكثيرون عن الشعر والمنفى وكان الرأىُ الغالب الى ان النفى الاختيارى وهو مضاد للنفى الاجبارى فالنفى الاجبارى يكون على غير رغبة الشاعر وبقوة السلطة الحاكمة , اما النفى الاختيارى فهو اختيارالشاعر وبرغبته وذلك عندما يجد ان المكان والزمان غير ملائمين لأبداعاته فيقرر ان ينفى انتاجه فى منفى اختيارى وهو تصوبر بديع لحالة الانطواء والانزواء للشعراء التى كثيرا ما تمر بهم فى طريق ابداعاتهم , وقد تكون اما لمرور الزمن او لإنطفاء جزوة الالهام او ليأسال شاعر فى توصيل ابداعه للناس أو لأى سبب آخر .
والشاعر فى تكوينه وبنائه لابد له من ثلاث ركائز وهى اولاً الموهبة الالهية التى يهبها الله له من ادراك لأوزان الشعر وموسيقاه وبدون هذه الموهبة لا يكون هناك شعرا بل قد تكون هناك محاولات شعرية ينقصها اهم اسس الشعر , وثانيا لابد له من تمكن باللغة وقواعدها واساليبها ولابد له من مخزون شعرى كبير يمكنه من حسن استعمال المفردات , وقد جاء من يسأل الشاعر العربى الكبير " المتنبى"و يقول له كيف اصبحُ شاعراً (وطبعا لابد له من موهبة الشعر) فقال له احفظ عشرة آلاف بيت شعر واحضر الى , وعندما جاءه وهو يحفظ العشرة آلاف بيت من الشعر قال له المتنبى انسى ماحفظته وابدا فى كتابة الشعر , أى ان الشاعر لابد له من مخزون كبير من الشعر ولكنه لا يجب ان ينسخ ماحفظه او يقلده , وثالثا لابد للشاعر من رأى وموقف حتى لا يكون " إمعه " والإمعه هو الذى يقول ما يقوله الناس بلا فهم ولا روية .
عموما فمهما كتبنا عن دولة الشعر فلن نعطيها حقها ويكفى هذه الكلمات للشاعر احمد رامى إذ يقول عن الشاعر :

شاعرٌ يطلبُ السمـوُ على أجنحة الشـعرِ فى سماءِ الخيال
و يرى الخُلدَ بما غـنـىَّ و غــنَّـت لـه فـمُ الأجيـال
كيف تفنى أنغامُهُ وهى فى الكون نشيدٌ من رجعِ لحنهِ الميَّال

تحية تقدير لمنصف الشعر نعم : هذه رؤية صائبة ولا أستطيع أضافة لما أبدع مكنوك ، الشعر موهبة ثم دراسة لعلمه ، ثم الحياة التي ترفع سقف الإبداع
فيخط الشاعر طريقاً مغايراً لذاته وحرفه ويستطيع البناء إرتجالاً لأن لديه المكونات الأساسية لذلك وأذكر أن الشعر أتخذ من أهل اللغة كبيان وسند من منذ القدم
فهناك ألفيات للشعراء هي ملهمة التوضيح في الأحكام والآيات القرآنية
بورك القلم وبورك المداد وتقبل تحياتي ومروري

الأستاذ سعيد

مرحبا بك وبما تطرحه من آراء جديرة بالإهتمام

وأرى أن يكون الموضوع في قسم :

قضايا أدبية وثقافية

تحياتي وتقديري