لأنّي غريبة
ومرفوضة
في هذا العالم
المجوسي!
ولأنّي تعبت كثيراً
في عمري
وسهرت كثيراً
وحذفت الإبتسامة عن وجهي
وبكيت مداداً
من أجل وطنٍ
بكت أشلآءه على خارطة اللأزمان
وأحملُ أثقال همومه
على
ظهري
ورمش عيوني
ووسادة نومي
وحقيبة مدرستي
ثم رماني للمنفى
بلا وطنٍ أو مرسى...
لذلك أبحث عن وطنٍ
يعيد أعوام الصبى لعمري
فعمري تخطاني مجروحاً
بلا أثار
وأنا أعزف على قيثارة أحزاني
أبحث عن وطنٍ
يعيد طفولتي الموؤدة
ففيني طيش طفولة لم ينّضج
أريد أن ادغدغ
أزهار الياسمين
وأغصان البستان
ليضحكوا كالأطفال
في وجهي
أبحث عن وطنٍ
لا يسكنه أبداً
ذئاب تأكل أحلامي
وأفاعي تمتص دماء أعوامي
وجراد يلتهم سنابل أزهاري
وكلاب تطارد أوراقي
ولم يصاهر يوماً
مصاص دماء
أبحث عن وطنٍ
آمن
بلا خوف
بلا عساكر
ومباحث
لسلطان طاغي
وسجون ومشانق
أبحث عن وطنٍ
يعلمني أن أحلم
ويساعدني بتحقيق أحلامي
ويعلمني الطيران
فوق أجنحة المجد
أن لا أخاف من المطر
وعندما يهظل
بأخذني لحوش الدّار
ويرقص معي الباليه
تحت أنغام المطر
يشاركنا
أطفال
وحمامات الحيّ
أبحث عن وطنٍ
آمن
تتجمع فيه
قدسية مكه والقدس
وونور وطيبة يثرب
بديعُ الجمال كبغداد
عريقٌ أبديٌ كالنيل
فيه سحر بابل
وغابات الأمزون
سقفه من شمس
وأرضه من ضوء القمر
ونجومه مأذن حجازية
تفوح بمسك التاريخ
أبحث عن وطنٍ
بسيط كالفقراء ينام فوق
العشب الأخضر
كريم كأشجار اللوز
حكيمٌ كشجر الزيتون
قوي كأرزة لبنان
عظيم كجبال تهامة
وديعٌ كحمامات ديمشق
بدوي أصيل كخيام نجد
أبحث عن وطنٍ
بِكْر
لم يطمسه قبلي
أنسٌ أو جآن
ينتظرني على
شرفة القمر
كأنه كوخ راهب
يأخذني لله
تقياً محمودا
أبحث عن وطن
قديس
يأخذني بيعدا
عن هذا العالم المجوسي
الذي يعبد الدينار
ونار النفط
ويعلمني
التوراة
والأنجيل
والفرقان
ويغرق روحى بيقين الإيمان
أبحث عن وطنٍ
ليس له حدود
ولاخارطة جغرافية مقيدة
ليس له عنوان
له أجنحة النورس
يطير في رحاب الله كيف يشاء
يحمل في جيبوبه قمحاً
وفستق حلبي
وبخور العود
أبحث عن وطن ٍ
يطعمني بيديه
ومن عرق جبينه
لا يلوث روحي
بعلب السردين
ومشتقات البترول
يطعمني لحم الحوت
يرويني من ماء الزمزم
ويسقيني حليب
ناقة أبي "سمحى"
ويدهن خبزي
بالسمن البلدي
وبشاي النعناع
أبحث عن وطنٍ
أمارس فيه هواياتي الجميلة
ويعلمني فنون الخيل
ومسابقة الريح
فروحي يسكنها
عشق الفروسية
وظمآنه لها..
ويعلمني صيّد اللؤلؤ
من قاع البحر
لأصنع خواتم فيروزية
لحمامات بطحاء مكة
أبحث عن وطنٍ
يكون لي صديقاً
يشاركني الأفراح
والأحزان
يفتح لي صدرة
ويعانقني بقلبه
كأبٍ رحيم
أبحث عن وطنٍ
أحس فيه بطعم العيد
ويأخذني للخياط
ليشترى ثوب العيد
ليّا وللأيتام الحيّ
ويضع الحنا
على يدايا
وعلى ريش العصافير
ويأخذنا لصلات العيد
ثم نقطع كعك العيد
بأغصان الزيتون
أبحث عن وطنٍ
يطير بي
بعيداً
بعيداً
من هذا العالم المجوسي
ويأخذني للنور
لمدينة حورية
تدعى يوتوبيا
)
(
)
(
*