|
أيقظت جفناً يواري خلفه الحدقا |
ورحت أسكب من وهجِ الرؤى شفقا |
أيقظته وأزلت الستر عن كنفٍ |
به يُجاورُ عليِّينَ مرتفقا |
هناك حيث هوى لا زال منتظراً |
من قبلِ أن نعرفَ الأشواق والقلقا |
من قبل أن نعرف الأسماء فاتنةٌ |
بها استدلَّ قديم العشقِ أو نطقا |
قامت على نهر عليينَ ساقيةً |
والظامآتُ تمد الكفَّ والعنقا |
مازجتها في جنانِ الروحِ نائمةً |
ما مسها قبل إنسيٌّ وما طرقا |
نخفى وإن أظهرتنا كلُّ موشيةٍ |
فليس يدري بنا إلا الذي خلقا |
وأنت يا حلوة من عمره طعمت |
حتى استجدَّ لها بشراً ومؤتلقا |
كم راودتكِ له نفسٌ بك اعتلقت |
وكم تناديكِ في سرٍ لك اعتنقا |
يا لي من الحبّ يا ما جرني لضنى |
فكم شقيتُ وجفني منه قد شرقا |
مفرّقٌ في الدنا والهمُّ متحدٌ |
فليس غروٌ إذا قلبي به اختنقا |
أحاول الصدَّ أحياناً فيخذلني |
أني امرؤٌ في بحار العشقِ قد غرقا |
يا أيها الحب يا شيئا يساروني |
يا نبض شرياني الدافي إذا اندفقا |
إني وربك مما ضمَّ خافقتي |
كأنني كل من قد ذاب أو عشقا |
كأنني منك قد سويتُ يا أملاً |
أبيعُ من أجله الدنيا ومن خلقا |
يا أيها الحب يا أمساً أعللهُ |
ويا ملاذاً إذا ما خفت مفترقا |
يا أيها الصعبُ حتى خلته حجرا |
ويا أرق من الأنسامِ قد عبقا |
يا أيها الحلو ما أندى مجاذبة |
لجانبيكَ إذا ما شئت معتنقا |
تهدي إلى القلبِ من ريحان طيبةٍ |
بين الضلوع من الأزهار ما سحقا |
حتى كأن الدنا مسكية عبقت |
فلا يشم سوى الأطيابِ منتشقا |
تدنو بمرآك أستاف الصبا مرحا |
تنأى قليلاً كأن الموت قد طرقا |
ممزقٌ قبل أن ألقاكَ منطرحٌ |
معفرٌ من ترابِ البؤسِ قد لعقا |
يا أيها الحب يا كأسي ويا ولهي |
ويا فتات حياةٍ خلتها رمقا |
يا أيها الحبُّ يا ذبّاحَ أوردتي |
إن الفؤاد الذي قتَّلته نَفقا |
يا أيها الحب أنى سرت في أثري |
ومن أمامي سددت الأفق والطرقا |
يا أيها الحب ولى العمر منصرما |
من ذا يعيد من الأعمارِ ما سرقا |
ما أمنياتٌ سوى ما فُتَّ في كبدي |
من الغرامِ الذي أصلاه محترقا |
إلى متى أنت تخفيني وتضمرني |
كمنطوٍ بين أحشاء الهوى علقا |
إلى متى ليلك الداجي على شفتي |
وفجر حرفيَ قد شق الفضا فلقا |
وقد أرى كل إنسانٍ يحركه |
كوامنٌ مستلذاتٌ لما اتفقا |
كذلك الحبُّ أحياناً نفسرهُ |
بأن نقبل من نهوى ونعتنقا |
لو لم تكن أنت يا حباً نحاوله |
إذاً تمزّق هذا القلب وانفلقا |
فيك أرقنا سلافاً من مواجعنا |
ثم احتسينا فكنت الكأس والطبقا |
يا أيها الحب والعشاق قد سهروا |
على ضفافكِ تهدي السهد والأرقا |
هل يعذب الوجد إلا حين تمزجه |
مع الدموعِ فنلقى عندها الحرقا |
يا أيها الحب إن كانت مواعدة |
فلم نخط بها حرفاً ولا ورقا |
بل التقينا وما ندري بموعدنا |
كنا كشيئين عن روحٍ قد انبثقا |
ثم انطلقنا إلى الدنيا وقد صهلت |
صوادحُ الحقّ يا طوبى لقد صدقا |