بريـــــقُ نجـمي عنِ الأفــــــلاكِ مُعتَزِلُ
عـن راحتيهِ سبيــلُ الرُّشـدِ مُنفَصِلُ
أغواهُ بالقـاعِ مَن باتـوا على حَسَدٍ
هوى, فأبعدَ في الإخفاقِ ما وَصَلوا
هُــــوَ الغريـبُ, وذاكَ الحـــــالُ دَيْدَنُـهُ
لا يرتَضــي نُزُلًا مِثْـــلَ الَّتــــي نَزَلـــــوا
تَمضــي عليـهِ منَ الأحوالِ أربَعَـةٌ
بِهِـنَّ أمـسُ, وباقِ العُمــرِ يكتَمِـــلُ
فاثنــــانِ في النَّـارِ, في ظَنَّي إلـى أمَـدٍ
تجـــــري البُحـــورُ عَلَيهِمــا, فَتَشتَعِـلُ
واثنـــانِ لا عَــــدَمٌ, ولا رِضًـــــا أَبَـــدا
بالعَيْـشِ دونِهِـما, فمِنهُمـا الأَمَـــلُ
أمّـــا اللــذانِ تثــــــورُ النَّــــارُ فَوقَـهُمــا
هـوىً مُطاعُ , وبُعـدٌ ساقَـهُ الزَّلَـلُ
سُــرَّ الفـؤادُ بِحَبْسِــهِ لدى مَلِــكٍ
كٌــــلُّ الـدَّنايــا علـى كَفّيـهِ تُخْتَـــــزَلُ
يُعطي بِلا سَببٍ, وليسَ يَطلُبٌـهُ
إذا تبــــــــادَرَ للقُلـــــــوبِ, يَـرْتَحِــــــــــلُ
يكفيـهِ مِـنْ سُبُـلِ الولاءِ أَيْسَرُها
ذاكَ الكفيـلُ بِبُعدٍ ليسَ يَنسَدِلُ
إلّا بِسُلطانِ ما غابا, وقد أُسِرا
ذِكرُ الجَليلِ , فلا سَهوٌ ولا مَللُ
وإن تماديْتُ في سَهوي, فذا نَدمٌ
يَصُـدُّ أشـرِعَــةً يمضـــي بها العَجَـلُ
أنـا وأربَعَــــــةٌ , فأيــنَ خامِسُــــــــها ؟
يبقى لردِّ شراعي في الهوى عَمَـلُ
لَعـــــلَّ ألويَتـــــي تميــــــلُ وجْهَتُهـــــــــــــا
إلـى طريــقٍ مضى إليهِ مَن قُبِلوا
أيا حنينًا سرى بالقلبِ, يَسبِقُني
فالعَهــدُ بالصّالحـينَ لي هُـمُ الأُوَلُ
إنّـــــي أسيــــرُ على شفيــــرِ مَقبَـــرَتــــي
وتهمِـسُ الرّوحُ لـي هَمسـًا بهِ خَجَلُ
كالقَـومِ على دَرَجِ النَّعيمِ قد وَقفوا
فلا هُمُ خرجـــوا, ولا هُمُ دَخَلـوا
حَسِبتُ أنَّ الهوى دربٌ سأقطَعُهُ
بَقيتُ فيهِ حبيسًـا, وانقضى الأجَلُ
وكُلّمـــــا بَـرَقَـتْ للقلـــــبِ بارِقَـــــةٌ
وَجَـدتُهـــــــا جَبَلًا, وبعــدَهُ جَبَـــــلُ
أكُلَّمـــــا بَرِءَت جــــروحُ راحِلَتــــــــي
ألزَمتُهـا-أسَفًـا-ما لـيسَ يَندَمِـلُ ؟
أهوى صُعودَ جِبالٍ كُنتُ أسكُنُها
لكِــــنَّ هاجِــرَها, ما عــــــادَ يَحتَمِـــــــلُ
(بحر البسيط)