المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثناء صالح
خيول البوح في حالة فرار! فكأنه تمرد وكأنها ثورة قامت بها الخيول لتنعتق من مسارات (الأوداج ) التي هي طرائق مرسومة لجريان الدم . فإذا انعتقت منها خيول البوح فلا بد أنها ستجري خارج ما هو متوقع ومخطط له مسبقا
فرت خيول البوح من أوداجي
وتدلت الكلمات من أبراجي
أحكمت قيد القافيات ففكه
نور تألق في خيال داجي
الشاعرة تحكم قيود القوافي وتأخذ احتياطها من خروج الشعر عن إسار التعليمات والتوصيات . ولكن النور الذي يأتلق في خيالها المعتم الغامض يفك قيد تلك القوافي ليمنحها فرصة الركض على مضمارها الخاص بها .
ركضت على مضمارها فتمطرت
من يمتطي خيلا بلا إسراج ؟!
وحينما ركضت على مضمارها تمطرت ، أي أصبحت تفعل فعل المطر في تهطاله الغزير ، فحينذاك تحررت من خوف تقييدها وترويضها، وهي الخيول التي انطلقت بغير سروج معدة للركوب. فمن ذا الذي يمتطي خيولا برية لم تسرج كي لا تركب.
شقت فؤاد الريح نقع نزفه
داست سنابكها على منهاجي
شقت خيول البوح فؤاد الريح فجعلته يتمزق وينزف في إثرها لشدة اختراقها لتيار الريح وهي في تحليقها ذات سنابك أيضا تدوس حتى على منهاج الشاعرة التي كانت ترغب بتنفيذ ما يملى عليها من تعليمات ترضي بها مراقبيها . غير أن الخيول التي داست على منهاج الشاعرة نفسها جعلتها تتغلب على نفسها في عدم الاكتراث لا بالتعليمات ولا بمن يراقب تنفيذها (شعريا).
,
فعجبت من طغيانها وجموحها
إذ كان مربطها ببرجي العاجي
والعجب أن الشاعرة كانت حريصة على الالتزام الذي يرضي مكانتها العلية التي اعتزلت بها واجتنبت بها الخوض مع من يخوض. فهي من ربطت خيول قوافيها واحتجزتها بإرادتها التزاما .
أخشى جحور الغدر في مضمارها
تكبو فلا ترقى إلى معراجي
ذاك أن الخوف من تطاول المتطاولين وتسلقهم من حفرهم الدنيئة إلى معراجها السامي بما قد يفعلونه للغدر بها ، هو ما جعلها تعتزلهم وتجتنبهم.
إلى هنا، وتكتمل الوحدة العضوية للقصيدة بما استرسلت به من تصوير خيول البوح.
يامن سكبتم شعركم بمدامعي
رفقا فماء القافيات مزاجي.
وهذا استطراد واستئناف رائع أضاف للقصيدة خلفية معنوية فسر بها تمرد خيول البوح. فالشاعرة ليست رهينة في أيدي من يسكبون شعرهم في مدامعها علها تعيد بكاءه وذرفه. بل هي مبدعة تمزج شعرها بمزاج قوافيها هي . وتلك شخصيتها الشعرية والإنسانية المتفردة والباحثة عن حرية التفرد الإبداعي.
سيظل شعري طاهرا متعففا
مهما مزجتم عذبه بأجاج
وسيظل شعرها نزيها عفيفا كما تريد له. مهما حاولوا حملها على تشويهه بما لا تستسيغه ذائقتها .
تحية إعجاب وانحناءة
لشاعرة متمكنة مبدعة قديرة
الأستاذة ابتهال حماد