منذ طفولتي تولعت بتربية كائن ما .
بدات القصة بشراء بطة في طفولتي من احد حراس سوق مجاور لبيتي وكانت بسعر يناسب دخلي كطفل في الابتدائية.
المشكلة كانت انها تبيض كل يوم بيضة لا اعرف اين اذهب بها . فالعائلة الكريمة لا تاكل بيض البط. كنت اجمعها واعطيها لاحدهم .. حفرت لها بركة في ارض الحديقة ولكنها لم تكن تسبح فيها ..
وذات يوم وجدت اخي الاصغر يشنقها على حبل الغسيل كنوع من الدعابة فضربته ضرب الام المدافعة عن ولدها .. وكانت النتيجة انني طردت من البيت .. والبطة طبعا ..
اذكر ايضا انني احضرت حوض سمك ملاته بانواع كثيرة واشتريت بعضها( حامل )ففقست بانواع صغيرة لا تكاد ترى غير عينها ..
قلت في نفسي السمك محجوب بالماء ولا يمكن لاخوتي اللعب معه ولا نشره مع الغسيل .. ولكنهم تعلموا صيد السمك فيها وانقرضت كل الفصائل , وفشلت الفكرة .
جربت العصافير التي تغني والتي تبكي والتي تحكي .. ولكنها كانت اما تهرب او تموت قلقا على مصيرها المجهول بين يدي عصابة اخوتي, او ان يجرب احدهم تعليمه الطيران والعودة ( وكان لا يعود).
بعد تجارب وخبرة وصلت للحل..
قط شرس يستطيع الدفاع عن نفسها .. وجاء (ابو سمرة) وكان اسمه نسبة للونه.. ولكن كان صغيرا وكبر عندي حتى اصبح يلاحق قطط الحارة ..
شوه سمعتي وصار القط الازعر مشهورا باسم( قط معاذ) وكنت فخورا باعجاب قطة جيراننا به..
عموما نجح اخي في استدراج ابي سمرة وتمكن به فوجدته يدرب عضلاته بساقيه النحيلتين ذات يوم .. وجن جنوني فتدربت باخي ولكن امي رحمها الله دربت عصاها بي وقذفت بالقط الى خارج السور وبي الى خارج البيت ..
طبعا حق العودة كان مشروطا بالتخلص من الاسمر الرشيق فاضطررت الى بيعه لاحد محلات حيوانات الزينة..
ماتت امي رحمها الله ... ورجعت الى القطط .. وهذه المرة قطة بيضاء كانت كل ذكور قطط الحارة تحاول مصادقتي من اجلها .. وكلما خرجت من البيت لحقني موكب منها .. اما اخر الليل فيبدأ الغزل وتبادل المواويل .. ولكن هذه المرة احتج ابي مدعيا انها تتسبب في اتساخ البيت بفروها وعدم اطمئنانه لمكان صلاته .. والبراغيث .. ولم يكن يعلم ان البراغيث جاءت مع زوجته الجديدة واهمالها فاضطررت تحت ضغط القوى العظمى ان اسحب قطتي وبناتها الثلاث الى خارج البيت كالقوات السورية عندما انسحبت الى خارج لبنان..
الان وقد انتقلت لمدينة اخرى وتحقق حلمي بالسكن وحدي رجعت الى ممارسة هوايتي المفضلة ..
فكرت بالعصافير .. ولكنها مزعجة واحب ان انام بهدوء و يتطاير منها الريش وانا كسول في مسائل التنظيف .. وتسبب لي الحساسية وقد نصحني الطبيب بالابتعاد عن ال
خان والعطور والصوف والنساء وكل ما ينثر حوله شيئا..
القطط رائعة وتشبه النساء في كثير من شؤونها وصدها وردها وجر ذيلها .. ولكنها تحتاج لعناية اكثر وشقتي المغلقة لا تسمح بابقاء(دورة مياه) خاصة بها في الداخل.
عدت للاسماك وما ادراك .. ولكن ضيق الحوض كان يسبب النزاعات واختناق البعض .. فتأجل الامر لوقت امكانية تجهيز حوض كبير..
ولكن لا بد من احد هنا ..
وجدت الحل .. انها السلحفاة ..
مخلوق عجيب ..صبور وطيب وهادئ ولا تشعر بوجوده ولا يكلف نفقة .. وهكذا فعلت ..
قالت لي صديقتي الدكتورة باسلوبها - وكانت على علم بكل هذا- : يا ابني ( وهي بالمناسبة اصغر مني): انت تتحايل على الغريزة بالهروب.. والذي في سنك اذا لم يرب طفله يحدث له هذا فتزوج واشتغل على اطفالك ... فالسن له دوره ..
فاجأني كلامها ولم تخطر ببالي الفكرة ابدا.. وجعلت افكر .. هل كانت على حق؟؟
منك لله يا دكتورة .
تحيات عازب.