أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 13

الموضوع: وسام

  1. #1
    الصورة الرمزية عباس العكري مشرف قسم القصة
    أديب

    تاريخ التسجيل : Jul 2016
    الدولة : البحرين
    المشاركات : 588
    المواضيع : 34
    الردود : 588
    المعدل اليومي : 0.21

    Lightbulb وسام



    أحقًا، كنتُ أرتدي الرُّعب، وأحملُ قيدًا، لعلّني أفتحُ أرواحًا، أو أُغلِق فضاءات، حينها ربّما أصفعُ الدّهشةَ، لأرسمُ مصائر، حينها سأختمُ نهايات التدريب، وألبس الزي، دون أن أتأمّلُ.
    -"يا جلف". هذا ما قالهُ، ثمّ تخيّلتُ أنّي أُمسكهُ، ألوي عنقه، أخنقه، أصفعه، ألكمه، أدوسه، أقيّده، أعلِّقُه، أصعقه، أعصر خصيتيه، أقرص ثدييه، ألتذُّ، أخمدتُ سيجارة فيه، "ألم تنطفء روحك!"
    اصطاخ، يصخني نهيز الجرذ، أبحلقُ، أحملُ الهراوة، حدّقتُ، أطلقتُها، تناثر الغبارُ، يزكمني العفن، أسعلُ. أجلسُ فوق الطّاولة، يخترقني مسمار، يغوص، أصرخ، يرتجُّ بطني، يرتطم رأسي.
    أسمعُ همهمة، يخاطبني: "ويحك". أصبحتُ مجنوناً، أركض، ألهث، يتسرب دخان، تنحجب الرؤية، تشتعل النيران، يلحقني، أقترب للمخرج، يقاومني البابُ، "أو يجرؤ أن يقاومني"، صرت ثورًا، أرفسهُ، ينخلع، أركله، يهوي، "أنا الفاتح للمغاليق".
    ألوّح للمروحيّة، تحلّق في فضاء الفاجعة، تصطدم بالسّور، تنشطر، تنفجر، شظايا، أشلاء. تفرُّ روحي، أصبحت عنكبوتًا، أتسلّق سورًا، أصارع الأسلاك، أقفز محلّقًا، أقع. تتقاذفني الحجارة، يمسكني أحدهم، يطعنني الآخر، يدوسني الثّالث، تلعقني سكاكين، ينزف دمي، تنطلق الأعيرة، تتقدّم مدرّعة القنفذ، تدوسهم، تشطر جدارهم، تتراكم الجثث، تتقاذفها زجاجات حارقة، تخرُّ في حفرة.
    أختلس النّظر، أزحفُ، أتصفّحُ وجوهًا، يسكنني الهلع، تتمزّق أحشائي، أتسمّر، يسوّد الغيم، أستنشق اللهاث، يحمرُّ التّراب، يجفُّ دمعي، أتحجّر، تعتريني شهوة، أنتفض، أهجم، أصطدم بهم، أشوّه الوجوه، أوغل فيهم، أحتسي منهم، أشعر ببرودة، أحنُّ للسّلام،"للعلم، للوطن" تتسارع النبضات، أسقط، يصفعني هتاف: "لاتركع إلاّ ..."

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ع ع ع عباس علي العكري
    التعديل الأخير تم بواسطة عباس العكري ; 01-02-2017 الساعة 09:29 PM

  2. #2
    الصورة الرمزية محمد مشعل الكَريشي أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 870
    المواضيع : 89
    الردود : 870
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عباس العكري مشاهدة المشاركة


    أشعر ببرودة، أحنُّ للسّلام،"للعلم، للوطن"

    نصٌ متدفق، هادر، عنيف سوى ما اقتبسته، وفيه وجدت مساحة للإنسان الخائف أولا، المتأمل ثانيا، المبدئي ثالثا، برغم أن تلك المساحة كانت قليلة ولكنك مشكور عليها ؛ عسى أن لايموت الانسان فينا ونحن على قيد الحياة.

    تحياتي.

  3. #3
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    حتى حروفنا أصبحت تعبر عما نعيشه من زمن عنف وصراع وقتل وقسوة
    (تخيّلتُ أنّي أُمسكهُ، ألوي عنقه، أخنقه، أصفعه، ألكمه، أدوسه، أقيّده، أعلِّقُه، أصعقه، أعصر خصيتيه،
    أقرص ثدييه، ألتذُّ، أخمدتُ سيجارة فيه، "ألم تنطفء روحك!" )
    أفعال سريعة متلاحقة تعبر عن نفس انطلقت من عقالها ليصبح صاحبها كاثور الهائج أو كالمجنون.
    يلوح للمروحية لتأخذه ـ تصطدم بالسور وتنفجر، كالعنكبوت يتسلق سور لينجو بنفسه ولكنه
    يقع في صراع جسدي .. أحدهم يمسك والثاني يطعن والثالث يدهس ـ تتقدم مدرعة تدهسهم
    لتتراكم الجثث ولكنهم يقذفونها بالزجاجات الحارقة فتخر واقعة في حفرة
    يتملكه الهلع وتتمزق أحشاؤه ويتشرب التراب بدمه.. وبصحوة الموت يهجم عليهم
    مهتاجا فيشوه وجوههم وينال منهم .. فتهنأ نفسه وتتسارع نبضاته وهو يحلم
    بالسلام والعلم والوطن ـ ويخر ساقطا فيجد من يهتف فيه
    لا تركع إلا لخالقك.


    يتبع....

  4. #4
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    كيف استطعت هذا .. كيف جعلت الحروف تحارب بتلك القوة..
    رسمت معركة جبارة عشنا كل لحظاتها ـ وياأسفي على حقبة نعيشها
    أتمنى أن تنقشع .. لحظاتنا مصبوغة بالدم والحرب والصراع والجهاد
    حتى تختلط الأمور ولا نعرف أين الحق وأين الباطل..
    ألق وإبداع ـ المفردة والصياغة والتركيب في منتهى القوة
    والفكرة رغم دمويتها جميلة ـ والنص صور تصوير بديع زاخر بالمشاعر
    الإنسانية المتناقضة والمتصارعة ـ فظهر الإنسان بقوته وجبروته، وظهر الإنسان
    بضعفه وهو يسكنه الخوف والفزع والهلع .
    دمت مبهرا تحلق بنا في سماء الإبداع عاليا
    ودام نبض قلمك. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 257
    المواضيع : 80
    الردود : 257
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    اخي عباس لقد وصلت متاخرا
    عبارات لوسم حياة الانسان الذي لم يتبقى لديه معنى الحياة
    الانسانية , اهين الى درجة قاسيه
    دام قلمك المبدع

  6. #6
    الصورة الرمزية الفرحان بوعزة أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 2,366
    المواضيع : 199
    الردود : 2366
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عباس العكري مشاهدة المشاركة


    أحقًا، كنتُ أرتدي الرُّعب، وأحملُ قيدًا، لعلّني أفتحُ أرواحًا، أو أُغلِق فضاءات، حينها ربّما أصفعُ الدّهشةَ، لأرسمُ مصائر، حينها سأختمُ نهايات التدريب، وألبس الزي، دون أن أتأمّلُ.
    -"يا جلف". هذا ما قالهُ، ثمّ تخيّلتُ أنّي أُمسكهُ، ألوي عنقه، أخنقه، أصفعه، ألكمه، أدوسه، أقيّده، أعلِّقُه، أصعقه، أعصر خصيتيه، أقرص ثدييه، ألتذُّ، أخمدتُ سيجارة فيه، "ألم تنطفء روحك!"
    اصطاخ، يصخني نهيز الجرذ، أبحلقُ، أحملُ الهراوة، حدّقتُ، أطلقتُها، تناثر الغبارُ، يزكمني العفن، أسعلُ. أجلسُ فوق الطّاولة، يخترقني مسمار، يغوص، أصرخ، يرتجُّ بطني، يرتطم رأسي.
    أسمعُ همهمة، يخاطبني: "ويحك". أصبحتُ مجنوناً، أركض، ألهث، يتسرب دخان، تنحجب الرؤية، تشتعل النيران، يلحقني، أقترب للمخرج، يقاومني البابُ، "أو يجرؤ أن يقاومني"، صرت ثورًا، أرفسهُ، ينخلع، أركله، يهوي، "أنا الفاتح للمغاليق".
    ألوّح للمروحيّة، تحلّق في فضاء الفاجعة، تصطدم بالسّور، تنشطر، تنفجر، شظايا، أشلاء. تفرُّ روحي، أصبحت عنكبوتًا، أتسلّق سورًا، أصارع الأسلاك، أقفز محلّقًا، أقع. تتقاذفني الحجارة، يمسكني أحدهم، يطعنني الآخر، يدوسني الثّالث، تلعقني سكاكين، ينزف دمي، تنطلق الأعيرة، تتقدّم مدرّعة القنفذ، تدوسهم، تشطر جدارهم، تتراكم الجثث، تتقاذفها زجاجات حارقة، تخرُّ في حفرة.
    أختلس النّظر، أزحفُ، أتصفّحُ وجوهًا، يسكنني الهلع، تتمزّق أحشائي، أتسمّر، يسوّد الغيم، أستنشق اللهاث، يحمرُّ التّراب، يجفُّ دمعي، أتحجّر، تعتريني شهوة، أنتفض، أهجم، أصطدم بهم، أشوّه الوجوه، أوغل فيهم، أحتسي منهم، أشعر ببرودة، أحنُّ للسّلام،"للعلم، للوطن" تتسارع النبضات، أسقط، يصفعني هتاف: "لاتركع إلاّ ..."


    أرتدي الرُّعب، أحملُ قيدًا، أفتحُ أرواحًا، أُغلِق فضاءات، أصفعُ الدّهشةَ، أرسمُ مصائر، أختمُ نهايات، أنفّذُ، لا أتأمّلُ.
    -"خذهُ يا جلف".
    هذا ما أمرني بهِ المسؤول.
    نص جميل في بنائه وصياغته التي ارتكزت على استعمال الفعل المضارع من أول بدايته ، مما يدفعنا إلى القول على كون النص هو بنية مستقلة بذاتها سن فيها السارد نظاما داخليا خاصا به، وهذا لا يعني أن ما يقوله النص هو مرتبط بحياة المؤلف، فالكاتب ينظر إلى الواقع ويتعامل معه لا ليفسره وإنما ينظر إلي ما فوق الواقع عن طريق استحداث لغة لها أثر على القارئ ، فالشكل الأدبي الذي كتب به نص "وسام" يتكون من تراكيب وبنى صرفية وأصوات متعددة تأخذ نوعا من التنميط والتخصيص على المستوى النفسي والاجتماعي والفلسفي.. أي لا يمكن أن نتعامل مع النص كظاهرة لغوية دون ربطها بأبطال يتفردون بلغة لا ترتبط بالواقع الذين يعيشون فيه .
    إن الكاتب واع بما يكتب ، فقد مارس على اللغة نوعا من التطويع الذي لا يصل لحد هدم اللغة العادية والوقوف ضدها ، بل حاول أن يستحدث نوعا من السرد المبني على ضمير المتكلم المستتر ، أرتدي ، أحملُ،، أفتحُ ، أُغلِق ، أصفعُ ، أرسمُ ، أختمُ ، أنفّذُ، لا أتأمّلُ..فبداية النص غلفها الكاتب بمعان تحت غطاء جمل فعلية من أجل تسريع وتيرة السلوك المتلاحق المترابط في الزمن مع تغير الحالة النفسية والسلوكية للبطل وهو يقوم بأجرأة الحدث في مكان معين .فالكثافة التعبيرية بفعل المضارع هي نوع من المراوغة التي تبدو للقارئ أنها سريعة مع أن البطل يراوغ في عدم الكشف عن القضية أو الرسالة التي يريد أن يوصلها إلى القارئ. فالسارد يريد أن يمارس اللعب الحر في تشخيص سلوك بطل يعيش رجرجة في النفس واضطراب في السلوك كأنه يجد شهوة لا مقياس لها في فن التعذيب مع ابتكار آلآم لم تخطر على البال .( أُمسكهُ، ألوي عنقه، أخنقه، أصفعه، ألكمه، أدوسه، أقيّده، أعلِّقُه، أصعقه، أعصر خصيتيه، أقرص ثدييه، ألتذُّ، أخمدتُ سيجارة فيه، "ألم تنطفئ روحك!" ) فالقارئ يترقب ما سيأتي في النهاية وما يحدث من خلال تلك اللغة التعبيرية القوية والصادمة في نفس الوقت التي تعمل على تشخيص لوحات مشهدية درامية كأنها مقتطعة من فيلم سينمائي. فرغم تنوع العذاب المتعدد يتبين أن الضحية ما زال صامدا مما جعل البطل يدخل في دوامة التعجب والاستغراب عن طريق التساؤل إنكاري (ألم تنطفئ روحك!" )
    أغرق السارد هذه الفقرة بأفعال مضارعة التي تدل على حدث وقع في زمن يقبل التحول والاستقبال ، (أُمسكهُ، ألوي عنقه، أخنقه، أصفعه، ألكمه، أدوسه، أقيّده، أعلِّقُه، أصعقه، أعصر خصيتيه، أقرص ثدييه، ألتذُّ،) جمل فعلية ساهمت في تحريك الحدث وتسريعه لإيصال المشاهد للقارئ عبر أقصر الطرق التي لا تخرج بالفن الإبداعي عن طبيعته الجمالية رغم صعوبة هضم قبح الفعل والسلوك.
    -"خذهُ يا جلف".
    هذا ما أمرني به المسؤول.
    وضعية هذا البطل تتأرجح بين الضعف المتخفي تحت القوة ، والمسلوب الإرادة تحت الخوف المبعثر وأنانية جوفاء وسلطة مقنعة تحت سلطة أخرى مريضة آمرة وأخرى منفذة . بطل مجرد من كل تصرف إرادي ،خال من كل إنسانية وضمير حي. فهو ينفذ بدون مناقشة ، لذلك فهو يتصرف حسب هواه ومزاجه، يتفنن في توليد وخلق حالات تتعلق بما هو غير إنساني من تعذيب مادي ونفسي .إنه استمتاع شهواني لا حد له، وسادية في أعلى درجاتها.
    النص يحمل رسالة تشير إلى قضية ما تثير الفضول والتساؤل من قبيل : لماذا؟ وما هو سبب كل هذا التعذيب؟ما الفرق بين الإنسان والحيوان؟..... فالسارد استطاع أن يشكلها في صورة تعبيرية مشحونة بأفعال مضارعة التي تدل على المشابهة بين ما يكتب ويسجل، وبين ما يوجد على أرضية الواقع ، ولتأكيد علاقة المشابهة بين فكرة الكاتب التي سوف يعالجها مستقبلا كنوع من التأجيل للمعنى الذي قد يفصح عنه في آخر النص وقد لا يفصح عنه بل يتركه للقارئ أن يتخيل ويؤول ويستنتج استنتاجات تتماشى مع مواقفه .فالسارد يقول بفكره وإحساسه وعاطفته بل وإنسانيته. فخلق لتلك الحالات لغة خاصة وتركيب فني جديد مبني على توظيف الفعل المضارع من بداية النص حتى نهايته .فرغم قساوة موضوع النص فإن الكاتب عمل جاهدا على اختيار قاموس لغوي مواز للحالات والوضعيات دون روابط، حيث وجه عنايته إلى الإبداع اللغوي أكثر من ابتكار الأفكار. فكل كلمة في النص تقص قصة كاملة عن حجم المعاناة والألم فكأن هذا العنف كتب على الضحايا من الولادة إلى الممات . كاتب يملك موهبة في توليد مفردات اللغة مع حسن الطرح. فكل كلمة تدل على أبعاد مختلفة ومتعددة تنم على عدم الاستقرار الفردي والجماعي قد تفرز كراسي حكام مغلفة بالاستبداد والدكتاتورية .
    (اصطاخ، يصخني نهيز الجرذ، أبحلقُ، أحملُ الهراوة، حدّقتُ، أطلقتُها، تناثر الغبارُ، يزكمني العفن، أسعلُ. أجلسُ فوق الطّاولة، يخترقني مسمار، يغوص، أصرخ، يرتجُّ بطني، يرتطم رأسي.)
    من خلال هذا المقطع القصير يتبين أن البطل لم يصل إلى مبتغاه، فأحس بالتعب والعياء مما ساعده على سماع الهمهمة التي كانت محفزة على الإنصات المشوب بالحذر،إنه تحول على مستوى الوضعية ،إنه الهروب من النيران التي فاجأته ،مشهد يفضي إلى مشهد ،من ركض ولهاث وملاحقة ونيران مشتعلة (أسمعُ همهمة، يخاطبني: "ويحك". أصبحتُ مجنوناً، أركض، ألهث، يتسرب دخان، تنحجب الرؤية، تشتعل النيران، يلحقني، أقترب للمخرج، يقاومني البابُ، "أو يجرؤ أن يقاومني"، صرت ثورًا، أرفسهُ، ينخلع، أركله، يهوي، "أنا الفاتح للمغاليق".) حالة تتعلق بالبطل الذي تغيرت وضعيته من مهاجم " بكسر الجيم" إلى مهاجم "بفتح الجيم" فقرة تصور حالة البطل وهو في ذروة ضعفه وخوفه بعد ما كان في ذروة قوته وجبروته خاصة بعد تحطم الطائرة التي ربما كانت سوف تنقذه.
    (ألوّح للمروحيّة، تحلّق في فضاء الفاجعة، تصطدم بالسّور، تنشطر، تنفجر، شظايا، أشلاء. تفرُّ روحي، أصبحت عنكبوتًا، أتسلّق سورًا، أصارع الأسلاك، أقفز محلّقًا، أقع. تتقاذفني الحجارة، يمسكني أحدهم، يطعنني الآخر، يدوسني الثّالث، تلعقني سكاكين، ينزف دمي، تنطلق الأعيرة، تتقدّم مدرّعة القنفذ، تدوسهم، تشطر جدارهم، تتراكم الجثث، تتقاذفها زجاجات حارقة، تخرُّ في حفرة.
    أختلس النّظر، أزحفُ، أتصفّحُ وجوهًا، يسكنني الهلع، تتمزّق أحشائي، أتسمّر، يسوّد الغيم، أستنشق اللهاث، يحمرُّ التّراب، يجفُّ دمعي، أتحجّر، تعتريني شهوة، أنتفض، أهجم، أصطدم بهم، أشوّه الوجوه، أوغل فيهم، أحتسي منهم، أشعر ببرودة، أحنُّ للسّلام،"للعلم، للوطن" تتسارع النبضات، أسقط، يصفعني هتاف: "لاتركع إلاّ ...")
    فالكاتب يصور لنا في نهاية النص مفارقة غريبة تنطوي على صراع غير واضح المعالم ، فالغلبة للأقوى .والشريعة السائدة هو التعذيب والتفنن فيه ،أبطال نجهل هويتهم لا يحملون بين أيديهم قضية وطنية أو إنسانية يدافعون عنها بالحجة والإقناع . فالأحداث تتداخل. والحقائق تختلط ، وتبقي الفوضى والتشرذم والانقسام والاختلاف في المواقف وشهوة التعذيب والانتقام هي سمات معممة على كل الأطراف المتناحرة . فالكل يحارب ويقاتل من غير هدف محدد ولا قضية واضحة. فالسمات الممكنة استجلاء البعض منها: الكر والفر ،القوة والضعف ،الفوز والهزيمة ،التناوب على القتل والتعذيب . كل هذه السمات أصبحت متداولة بين وسائل الإعلام ، فرغم عدم ذكر شعوب بعينيها فإنها أصبحت معروفة في العالم رغم جهل حقيقة ما يقع وماذا سيقع غدا. الكل يعيش في فوضى، فوضى ليست خلاقة من أجل تصحيح الوضع وتكون في خدمة الوطن والمجتمع والإنسان ،إنها فوضى من أجل فوضى مدمرة ومهلكة للفرد والمجتمع بل للبشر والحجر.
    نهاية النص تكشف عن تناقض كبير بين أفراد المجتمع الواحد في تقييم الوضعية ،البعض يحن للسلم والسلام. (أحن للسلام ،للعلم، للوطن) والبعض يحن للفوضى حتى تختلط الأوراق لينتهز الفرصة أن يتألق على حساب قتل وتشريد الآخر. يصفعني هتاف : "لا تركع إلا ...."هتاف قد يكون داخليا فيه نوع من الصدق ،وقد يكون خارجيا فيه نوع من المراوغة والتدليس . لا تركع إلا إذا تحقق السلام ،أو إذا انتصرت لتربح المعركة ،أعتقد أن في ظل هذه الوضعية المبنية عل الفوضى المفتعلة البعيدة عن رغبة الشعب لن يتحقق الأمن والسلام. وأن الأوسمة سوف توزع دون استحقاق.
    نص أدبي جميل اعتمد على فانتازيا السرد المتخيلة التي أظهرت الواقع وهو يترنح تحت الفوضى والانقسام والقتل والتعذيب ، فقضية السارد واضحة ،ورسالته هي أن يدفع بالقارئ أن يتصور حجم معاناة الشعوب .شعوب يأكلون التعذيب ويتنفسون الموت في كل مكان . يموتون مرات عديدة خلال كل حياة .أما قضية البطل فهي ملفوفة بالغموض والمراوغة وإتلاف الحقيقة وضياعها بين سلوكات متناقضة رغم توق البطل إلى السلم والسلام وحب الوطن.
    نص أدبي يمكن أن نخضعه للتجريب وقياس مدى تجاوب القراء معه . نص تجمل بفسيفساء من الجمل الفعلية الخالية تقريبا من أدوات الربط والوصل التي توازن بين الجمل أو الفقرات كأدوات التفسير وتعليل السبب،أدوات الربط ،أدوات الاستدراك،أدوات الاقتران وغيرها ..
    وأخيرا فإن العمل الأدبي الأصيل هو الذي لا ينسجم أفقه مع أفق القارئ ، وعدم الانسجام هذا يسمى بالمسافة الجمالية، فبقدر ما ينزاح العمل الأدبي عن أفق انتظار القارئ تتحقق جودته الفنية . نص مشاغب ومشاكس على مستوى المبنى والمعنى ، فمن الأكيد سوف لا تنتج نفس القراءات حين يتم قراءة هذا النص ويؤوله أشخاص يختلفون لغويا وثقافيا واجتماعيا .... محبتي وتقديري

  7. #7
    الصورة الرمزية عباس العكري مشرف قسم القصة
    أديب

    تاريخ التسجيل : Jul 2016
    الدولة : البحرين
    المشاركات : 588
    المواضيع : 34
    الردود : 588
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد مشعل الكَريشي مشاهدة المشاركة
    نصٌ متدفق، هادر، عنيف سوى ما اقتبسته، وفيه وجدت مساحة للإنسان الخائف أولا، المتأمل ثانيا، المبدئي ثالثا، برغم أن تلك المساحة كانت قليلة ولكنك مشكور عليها ؛ عسى أن لايموت الانسان فينا ونحن على قيد الحياة.

    تحياتي.
    خالص الشكر والتقدير لإثرائك للنص ولمساتك الفنية الناقدة
    أخي القريشي دمت موفقا

  8. #8
    الصورة الرمزية عباس العكري مشرف قسم القصة
    أديب

    تاريخ التسجيل : Jul 2016
    الدولة : البحرين
    المشاركات : 588
    المواضيع : 34
    الردود : 588
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    كيف استطعت هذا .. كيف جعلت الحروف تحارب بتلك القوة..

    ودام نبض قلمك. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الشكر الوافر للمسات الفنية والتحليلية للنص
    أختنا الفاضبة ناديه الجابي
    امتناني العميق لايسعه فضاء لما تبذلونه من اسهامات مضيئة في الواحة الأدبية
    لكم الشكر أجدده لمعينكم النابض بالأدب الراقي
    دمتم

  9. #9
    الصورة الرمزية عباس العكري مشرف قسم القصة
    أديب

    تاريخ التسجيل : Jul 2016
    الدولة : البحرين
    المشاركات : 588
    المواضيع : 34
    الردود : 588
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله سليمان الطليان مشاهدة المشاركة
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    اخي عباس لقد وصلت متاخرا
    عبارات لوسم حياة الانسان الذي لم يتبقى لديه معنى الحياة
    الانسانية , اهين الى درجة قاسيه
    دام قلمك المبدع
    أخي العزيز عبدالله
    الابداع من قلمك ينبض بالمحبة واللهفة تسبقني لمواكبة ابداعك
    بلى أنت دائما لك السبق والصدارة في الاثراء
    حقا سرني حضورك الراقي
    دمت للخيرات

  10. #10
    الصورة الرمزية عباس العكري مشرف قسم القصة
    أديب

    تاريخ التسجيل : Jul 2016
    الدولة : البحرين
    المشاركات : 588
    المواضيع : 34
    الردود : 588
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفرحان بوعزة مشاهدة المشاركة

    وأخيرا فإن العمل الأدبي الأصيل هو الذي لا ينسجم أفقه مع أفق القارئ ، وعدم الانسجام هذا يسمى بالمسافة الجمالية، فبقدر ما ينزاح العمل الأدبي عن أفق انتظار القارئ تتحقق جودته الفنية . نص مشاغب ومشاكس على مستوى المبنى والمعنى ، فمن الأكيد سوف لا تنتج نفس القراءات حين يتم قراءة هذا النص ويؤوله أشخاص يختلفون لغويا وثقافيا واجتماعيا .... محبتي وتقديري
    لايسع المعجم المحيط أن يفيك مفردات الشكر رغم أن الكلمات لاتنضب فما عساي أن أقول
    سوى أنّك النبراس الذي نختط منه منهجا في النقد والسرد فلك مني الدوام على مواكبة نصوصك الرائدة
    خالص الود

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. وسَامُ الخِزْي
    بواسطة عارف عاصي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 23-01-2010, 04:20 PM
  2. فخامة خادم الحرمين الشرفين يضع وسام على صدر الشاعر العربى باسم عبد الحكيم
    بواسطة شاعر الجيل في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-08-2006, 12:37 AM
  3. وسامُ الشَّهادة
    بواسطة فراس القافي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 28-10-2005, 07:22 PM
  4. وسام العز
    بواسطة إسماعيل صباح في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 19-09-2004, 09:46 PM