توجهنا إلى مركز القيادة ومعنا الضباط الفرنسيس الخمسة، وكنت أعرف ما ينطوي عليه قرار اصطحابهم معنا من أخطار واحتمال انكشافنا ، لكني كنت قد أتخذت في باطن الأمر رأيا احتفظت به لنفسي في حينه، أو قل حتى أشفى من الحمى التي أصابتني من الإصابة.
أحسست أن المجموعة بحاجة إلى شيء من الراحة ، وكثير من الترتيب ، خاصة بعد أستشهاد الأمير بو اليسر.
وكنت أحرص في هذه الفترة أن اعكس صورة طيبة عن المجاهدين أمام الضباط الخمسة ، فكنت آمر بتقديم الطعام الذي يقدم للمجاهدين وكنت أجالسهم وأتناقش معهم حول الإحتلال وأثره السيء في حياة الشعوب وأذكر لهم طرفا من الحركات التحررية في فرنسا
وبعد ان تحسنت صحتي وصحة الجرحي من مجموعتي ، وبعد أن رتبت كثيرا من الأمور أجتمعت أنا ومجلس الشورى المكون من خمسة أعضاء وعرضت عليهم فكرتي في إطلاق الأسرى ليعودوا من حيث أتوا ، وطبعا وكما كنت أتوقع قوبل الأمر من بعض أعضاء مجلس الشورى بالرفض بل إن أحدهم اقترح قتلهم
فقلت لهم : سندعهم يغادرون ونحن سنسحب إلى مكان مجاور، ولابد أنهم سيبلغون عن مكاننا ولا شك في أن الفرنسيين سيهاجموننا هنا ، لكننا بالفعل سنكون قد ابتعدنا على شكل شبه دائري وحينها ننقض عليهم .
فقال أحد الأخوة وهو الحاج الراشد لكن اخي لا شك أن عددهم سيكون كبيرا
فقلت له : الخطة تقضي بأن نوزع ألغاما في المكان ، ونبقي بعضا من الخيول في الموقع حتى نوهمهم أننا هناك ولتظل الخيام قائمة هناك ، أظن أنكم فهمت ما أصبو له، سيكون كمينا ليس بالعدد ولكن بالعدة ، نحن نملك الآن ألغاما للأفراد وكذلك كمية من المتفجرات وبإمكاننا أن نتقن الأمر إذا تم توزيع الألغام والمتفجرات بشكل صحيح
فقال الحاج الراشد:لكن يا أخي سيكون موقعا بعد ذلك معروفا ولا بد لنا أن نغير الموقع، وأنت تعلم أن هكذا أمر لا بد له من قرار رئيسي لأن توزيع المجاهدين جغرافيا مهم ولا يحق لنا أن ندخل في نطاق منطقة لمجموعات أخرى.
قلت : حسنا أيها الإخوة ما رأيكم في الإنتقال لمنطقة جبل الوحش فهي منطقة وعرة ولا يسهل مهاجمتها ، كما أن القيادة بعثت لي برسالة تعزية باستشهاد بو اليسر رحمه الله طالبة مني تشكيل مجموعة من المجاهدين لتغطية تلك المنطقة وحيث أنها تطل على قسنطينة كلها فهي بالنسبة لنا أفضل من هذه المنطقة وتصوروا أن أي أحد منا لو نظر من فوق صخرة من على ذلك الجبل سيرى تحركات العدو.
ثم فردت لهم كتاب القيادة المزود بخريطة للمنطقة المذكورة وطرقها
حينئذ قال الحاج الراشد :يبدو لي الأمر محكم الإتقان ، إذا فأنا مواقف
وواقف الإخوة جميعهم ، وبتنا تلك الليلة على أن نبدأ بتنفيذ الخطة صباح الغد
وللحديث بقية