أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: طقوس عشقك الصامت

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    العمر : 49
    المشاركات : 1
    المواضيع : 1
    الردود : 1
    المعدل اليومي : 0.00
    من مواضيعي

    Thumbs up طقوس عشقك الصامت

    طقوس عشقك الصامت
    قصة قصيرة
    بقلم / بيسان سيف



    " - هي حلوة .. ؟
    - انتِ الأحلى ..
    - يعني حلوة .. !
    - قلت انتِ الأحلى .. شو حبيبتي .. زعلنا .. "

    اعتصرت يديها بقوة .. غارسة أظافرها في كفها .. بألم .. وهي تتذكر كلماته لها ، تمنت البكاء الآن .. أحست بثقل دموعها على جفنيها .. لاحظت من خلال مرآة سيارة الأجرة عيني السائق ترقبانها .. ربما أحس بالمها .. حاولت الالتفاف يمنة هرباً من تلصصه .. فعيناها لا تقويان على حبس دموعـها ..
    منذ ليلة البارحة ؛ ولم تنم .. ففكرها سافر معه .. وأعتنق دخان سجائره .. يداه .. لازالت تشعر بملمسهما حتى الآن .. آه .. أريد تصويب طعنة لقلبي الصغير .. علّه يستريح .
    رأتها معه .. تلك الفتاة ! .. لم أر ملامحها جيداً ؛ لكن فستانها .. ومشيتها .. حتى تسريحة شعرها ؛ تعلن جمالها .. كانت في طريق عودتها للبيت .. عندما رأتهما .. صدفة .
    وبمجرد دخلوها للبيت .. اتجهت مباشرة للهاتف .. وأدخلته غرفتها .. وعينا والدتها .. ترقبانها بحيرة .
    ضغطت بأنامل مرتجفة .. على أرقام حفظتها كاسمها .. انتظرت .. عام .. لا بل عامين وأكثر .. حتى سمعت صوته من البعد الآخر .. آه .. صوتك .. صوتك .. لو كنت قاتلي .. فبصوتك .. أعطيك البراءة .
    لم تذكر .. كم كلمة قالت .. أو حتى ماذا قالت له .. كل ما تذكره .. كلمات مجنونة .. مبتورة .. صدرت عنها .. متهمة إياه بخيانتها .. مع تلك الفتاة .. وهو .. بهدوئه الجميل القاتل في آن معاً .. كان يحادثها .. لم تحتمل .. فأغلقت الهاتف في وجهه .. وانتظرت .. انتظرت أن يتصل بها .. لكن عقارب ساعتها .. هزأت من انتظارها .. وكأنها تقول لها .. أتطلبين سماع صوته بعد جلدك له .. بكلمات أدمت روحه .
    - شو .. يا أنسه .. أشغل الراديو عادي .. ولا في إزعاج ؟
    أفاقت من ذكرى ليلتها .. على صوت سائق سيارة الأجرة ..
    - عادي أخي .. براحتك .. ما في إزعاج .
    تنهدت بقوة .. بعد كلماتها للسائق .. وكأنها أرادت طرد ألمها عبر زفراتها .. ورنت بعينيها عبر زجاج نافذة السيارة .. وابتسمت لمرأى فتاة صغيرة ؛ تحمل سلة خبز بكلتي يديها .. متعثرةٌ خطــواتها .. بحذاء أكبر من قدميها .. ربما كان لأمها أو أختها الكبرى .. أظن السلة ثقيلة على أن تحملها يدان صغيرتان كيديها .
    سرحت في القريب .. البعيد .. شعرت بخطوات حبو ابنتهما .. التي ولدت في أحلامهما .. حتى على الاسم .. اتفقا .. حنان .. هكذا أعلنها .. أريدها حنان .. لتحمل دفء عينيك ؛ وتقاسيم وجهك ؛ ونغمة اسمي عبر شفتيها عندما تناديني .. وهي أرادتها .. حنان .. لترسم لها صورته عبر عينيها .. ولتأخذ منه بسمته الشقية الرزينة ؛ وحنان عطفه ..
    رجعت برأسها للوراء .. مسندة إياه على المقعد الخلفي .. وبقيت نظراتها معلقة على ما وراء زجاج السيارة من عالم متحرك .
    .. " قد الحروف .. اللي بأسامي العاشقين .. بحبك " ..
    لامس صوت – أصالة نصري – عبر أغنيتها .. مآذن روحها .. وتمنت لحظتها الارتماء على صدره والبكاء .. أحست بالدموع تغيّب كل الصور عنها .. لم تعد ترى المارة .. ولا الباعة المفترشين بعض الأرصفة .. ولا حتّى استطاعت أن تغمض جفنيها .. خوفَ أن تُطرَد دموعها من مقلتيها .. مالت بوجهها أكثر لليمين .. لاصقت زجاج نافذة السيارة .. أحست بالاختناق .. فتحت جزءاً من النافذة ؛ علّها تطرد ضعفها عبر هواء مدينتها .
    - عفواً .. في شي أنسه .. آسف لو اتدخلت .. بس حسيت إنك مزعوجة .. اقولك .. أطفي هالراديو أحسن .. أصلاً صوتو عالي .. وبيصدع الراس ..
    كلماته المتلاحقة .. المتسابقة .. كتسابق أطفال مدرسة ؛ على من يخرج قبل الآخر .. أعادت لها بعضاً من كلها .
    - شكراً إلك .. أصلاً قربت .. هون .. يمينك .. شكراً إلك مرة تانية ..
    نزلت من السيارة .. لم تعرف لمَ شكرته .. الأنه أحس بها ؟ .. أم .. ؟ لا تدري .. ارتبكت روحــها .. بمجرد فكرة أنها ستدخل الآن .. لمكان عمله .. منذ ليلة البارحة وهي تحاول رصف كلمات لتقولها له .. وتتأسف على ذنب لم تقترفه .. ربما اقترفت خطأً بحقه .. لكن غيرتها .. تكلمت نيابة عنها .. وأخذت دور المدعى العام .. ضده .
    بداخلها .. كانت تود رؤيتها – من قال عنها أنها مجرد زميلة له – من هي .. ؟ كيف تتحدث .. ؟ أهي أجمل منها .. ؟ زميلة ! .. ولمَ يمشيان معاً .. ؟ هل للصحافة مثل هذه الطقوس .. ؟
    استوقفها من في الباب وسألها .. من تريد .. فأجابت ، وبترحاب ودود وبسمة .. قال لها : " تفضلي .. في الدور الثاني " ، ابتسمت له مجاملة .. فهي تعرف أين يوجد حبيبها ؛ فلقد جاءت إلى هنا مرات عدة .
    رأت ثلاثة شبان .. في إحدى المكاتب مجتمعين حول طاولة .. يتناقشون بحماسة .. دخلت واقتربت منهم .. وسألتهم .. أين تجده .. فأشاروا لها بأنه في آخر الممر مباشرة .. اتجهت بخطوات .. مرتبكة .. مترددة .. خائفة من ردة فعله .. رأت إحدى الصحفيات تخرج من مكتب وبيدها رزمة من الأوراق .. فوقفت مكانها تتفحصها .. " ربما هي ؟ " .. خرجت أخرى .. ورأت ثالثة مع زميل لها .. الكل مشغول .. حتى وجودها .. لم يشعر به أحد .
    أين هي .. تلك الفتاة .. حتى لو رأتها الآن لن تعرفها .. ولا تود حتى أن تعرفها .. فكل الوجوه تشابهت وتوحدت .. ووجهه وحده بات مبتغاها .
    تقدمت أكثر .. أكثر .. اقتربت من باب مكتبه .. طرقته .. هناك أصوات تصدر من الداخل .. لأشخاص يتحدثون بحماسة ، رجعت قليلاً للوراء .. أمسكت بحقيبة يدها بقوة .. التفتت للخلف فرأت رجلين يتحدثان .. فلاحظها أحدهما .. فأومأ لها بأن تفتح الباب وتدخل .. استغربت هذا العالم الذي دخلته .. الكل يتعامل بلطف .. والبسمة تعلو شفاههم رغم الأرق الواضح على وجوههم .
    تشجعت .. أمسكت بمقبض الباب .. فتحته .. تقدمت .. رأته .. ماسكاً طرف سيجارته بين إصبعيه .. سابحاً في دخانها .. وأمامه أوراق مبعثرة .. وتقف بجانبه فتاة .. ومعهما رجل آخر .. بينهم موضوع يتحدثون فيه بجدية .. حتى أنهم لم يلحظوا دخولها .. رأته .. آه حبيبي .. أشعر بالرأفـة عليك .. عيناك مرهقتان .. وملامح وجهك قد أتعبها السهر .. شعرت بحنان يجتاحها لمرآه .. كتلة أعصاب تحترق .
    رفع بصره .. فابتسم .. التفتت الفتاة والرجل لها .. نهض من كرسيه متوجها نحوها .. " أهلين .. حبيبتي "
    .. حبيبتي .. بعدما عاقبته بغيرتي البلهاء أمس .. ويقول حبيبتي .
    ابتسمت ببلاهة المذنب .. عندما يوجه له الاتهام ، وخرجت مسرعة .. فلم تستطع حبس دموعها .. ربما استطاعت حبس دموع غيرتها كعنوان لكبرياء امرأة .. لكن دموع عشقها له .. لم تحبسها ..
    ناداها .. توقفت .. ولم تشأ أن تدير وجهها له .. وقف أمامها .. وبسمة جميلة تعلو وجهه ؛ رغم الإرهاق الظاهر عليه .. أراد الحديث .. لكن إصبعها لامس شفتيه .. بأن اصمت ..
    " بعرف إنك بتكره كلمة الأسف .. لكن فعلاً .. أنا آسفة .. لأني تصورت صمتك غرورا .. وبسمتك إلي استهزاء .. وعدم ردك على كلامي الجارح لامبالاة .. لكن هلا بعد ما دخلت عالمك .. ولو دخول عالماشي .. عرفت إني غلطت بحقك .. وطعنتك بغيرتي .. بس والله كل اللي صار .. لأني أنانية بحبك .. حبيبي .. حاولت أهرب منك ، من طقوس عشقك الصامت .. فهربت إلك "

  2. #2
    الصورة الرمزية إسلام شمس الدين عضو
    تاريخ التسجيل : Apr 2003
    الدولة : مصر
    المشاركات : 646
    المواضيع : 50
    الردود : 646
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    المبدعة الرقيقة بيسان سيف
    يسعدني أن أكون أول المرحبين بقدومك إلى واحة الخير والإبداع والجمال
    ونأمل في دوام حضورك العاطر بعطور الإبداع

    استمتعتُ كثيراً بقصتك الرقيقة، رغم كونها قصة أزلية لا يكاد عاشقان إلا واعتصرتهما أحداثها
    وكم نتجنى على الحب عندما ندع الغيرة تعبث بمشاعرنا
    لكنها قدر الحب الذي لا يستطيع منه هروبا

    أهلاً بكِ وفي انتظار المزيد من مداد قلمك
    لكِ تحياتي وتقديري
    إسلام شمس الدين

  3. #3
    الصورة الرمزية معاذ الديري شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : خارج المكان
    العمر : 49
    المشاركات : 3,313
    المواضيع : 133
    الردود : 3313
    المعدل اليومي : 0.43

    افتراضي

    تحية ترحيب من عاقد الحاجبين
    اعترف انني حبست انفاسي لحظة دخولها عالمه رغم كوني لست مولعا بالقصص . فشكرا لك.
    طبعا اعتبر نفسي صفرا على الشمال جوار استاذ القصة اسلام ولذلك فشهادته تكفيك.
    اعتقد لو اقتصرت على الفصحى لارتقيت بقصتك مرتبة اعلى .. ولخرجت من نطاقها الجغرافي.. لاسيما ان البديل موجود.
    احيي تصاوير بسيطة لكنها غارقة في الرومنسية .

    نحتاج رايك كونك في الواحة لاول مرة في موضوع الف وتسعة وعشرون احتجاجا بالمنبر الحر حول الواحة.. ماذا تريدين منها ومالذي تتوقعينه وكيف يمكنك مساعدتنا فيها لنكسب بقاءك فيها حرفا عاطرا. ..
    تحيات عاقد
    عـاقــد الحــاجبــين
    http://m-diri.maktoobblog.com

المواضيع المتشابهه

  1. عشقك ياوطني
    بواسطة هاشم فزع في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 12-01-2016, 11:15 AM
  2. أبجدية عشقك يا عدن
    بواسطة فرحناز فاضل في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 27-05-2012, 08:16 PM
  3. العشقُ عشقُكِ .. يا أحلى العناقيدِ !
    بواسطة علي الحكمي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 27
    آخر مشاركة: 15-09-2008, 05:59 PM
  4. أيُّ جنونٌ عشقك...!!!
    بواسطة منى الخالدي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 30
    آخر مشاركة: 09-11-2006, 01:19 AM
  5. لن اقبل عشقك
    بواسطة جارة القمر في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 10-06-2004, 08:30 PM