يعرّف "د.عبد الله الغذّامي" النّقد الثّقافي بأنّه أداة لكشف عيوب الخطاب..
وعيوب الخطاب هي ما انحرف عن ثقافة الأمّة من مضامين..ليحرّف الذّائقة،ويشوّه الوجدان، وينعكس سلبا على السّلوك..
ويقف "مالك بن نبي"عند داء تخلّف الأمّة في كتابه:"مشكلة الأفكار"،ويراها في اجترار الأفكار الميّتة ،والأفكار المخذولة الّتي تزبد المجتمع تخلفا وتقهقرا ،وتشوّه الذّائقة الثّقافية للأمّة..
لكنّ "د.عبد الله الغذّامي" لم يشر إلى "مالك بن نبي" وكأنّه لم يطّلع على منتوجه..
هذا ما سنفصّله في مقال مستقلّ ـ بإذن الله ـ طال الزّمن أم قصر؟؟وسيتّضح أن "مالك بن نبي "فصّل الحديث عن المضامين التي ينبغي أن يطرقها "النّقد الثّقافي" دون تسمية للمصطلح..مع الاعتراف بأنّه رائد الدّراسات الثّقافية في الأمّة..
ماذا تعني كلمة ثقافة؟وهل شكلت مفهوما؟وما أهمية الدّراسات الثّقافية؟
هل مالك بن نبي هو المؤسس الحقيقي لمفهوم الثقافة العربية الإسلامية؟
بعد الاطلاع عليها لغة ،أدركنا معناها الذي يختص بسلوك الإنسان في مواقف متعددة ،وحالات ثابتة وعارضة،لتشكل في النهاية الواقع الإنساني في جموده وحركاته..
فهي في النهاية القناعة الفكرية ،والممارسة السّلوكية للإنسان ..
ثَقِفَ الشيء ثَقْفا وثِقافا وثُقوفة:حذقه .
ورجل ثَقِفٌ وثَقْفٌ:حاذق فهِمٌ.
قال أبوزياد:رجل ثَقِفٌ لَقِفٌ:رامٍ،راوٍ.
أما ابن السّكيت:رجل ثَقِفٌ لَقِفٌ إذا كان ضابطا لما يحويه قائما به.ويقال ثَقِفَ الشيء وهو سرعة التعلم .
أما ابن دريد :ثَقِفتُ الشيء :حذقته ،إذا ظفرت به.وثقف الرجل ثقافة كحاذقا خفيفا وفطنا ،
وفي حديث الهجرة:وهو غلام لقن ثقف أي ذو فطنة وذكاء ،والمراد أنه ثابت المعرفة بما يحتاج إليه.
وثَقِفنا فلانا في موضوع كذا أي أخذناه،والثِّقاف والثقافة هي العمل بالسيف.والثّقاف هي حديدة تكون مع القوّاس والرّمّاح يُقَوِّم بها الشيء المُعوجّ.،والثقف والثقاف تعني الخصام والجلاد.والثقاف هي خشبة قوية قدر الذراع في طرفها خرق يتسع للقوس وتدخل فيه على شحوبتها ويغمز فيها حيث يبتغى حتى تصير إلى ما يراد منها.والثِّقاف ما تسوى به الرماح.
وفي حديث عائشة تصف أباها رضي الله عنهما ،وأقام أدوه بثِقافِه ،تريد أنه سوّى عوج المسلمين .
"فالثقافة في اللغة كما يقول الإصفهاني هي الحذق في إدراك الشيء وفعله..:"والثقافة /بكسر الثاء/ والثقافة والثقاف تعني العمل بالسيف .والثقاف أداة من خشب أو حديد تثقف بها الرماح لتستوي وتعدل .ثاقفه مثاقفة وثقافا :خاصمه وجالده بالسلاح ولاعبه إظهارا للمهارة والحذق".
وقد تكرر ذكر الكلمة في القرآن الكريم :"قال تعالى:"واقتلوهم حيث ثقفتموهم"."فإما تثقفنهم "،"حيث ثقفتموهم"،"إن يثقفوكم"،"أين ما ثقفوا"."أينما ثقفوا".
قال الفضل بن الحسن الطبرسي في تفسير الآية:"واقتلوهم حيث ثقفتموهم "،ثقفته أثقفته ثقفا أي وجدته ،ومنه قولهم رجل ثقف لقف أي يجد ما يطلبه ،وثقف الرجل ثقـافة فهو ثقف ،وثقف ثقفا بالتحريـك فهو ثقف إذا كـان سـريع التّعلم ،والثّقاف حديدة تقوّم بها الرماح المعوجّة."

نستفيد من كلمة"ثقافة"معاني جامعة تؤسس للمفهوم الثقافي ،منها الحذاقة والخفة والفهم وإدراك الشيء وفعله،والضبط للمحتوى والقيام به ،والظفر بالشيء وسرعة التعلم ،وثبات المعرفة لما يحتاج إليه،والفطنة والذكاء ،والقوامة والتسوية،والموافقة لإرادة الجماعة،والتطويع يتطابق مع المراد،العمل بالسيف والخصام والجلاد.
معجمية"ثقافة "تشير إلى امتلاك مؤهلات النّبوغ،والاستقامة بها وعليها،باجتماع الاستعدادات الفطرية كالذّكاء والفهم وسرعة التّعلم،واستقبال المكتسبات،وتراكمات ملكة البعدية على القبلية.وإذا بها ثمرة نقاء باطن الإنسان النفسي مع ظاهره ليتحقق الاتّساق واستواء الشخصية،وإرادة وانصهار الفرد في بوتقة الجماعة،فهي مبنع الانسجام والوحدة ،ومبعث مقوّمات الشّخصية الجماعية ،حتى صارت مركز التقاء عناصر الهُوية الجامعة ،المميزة للمجتمع.
والحاذق ماهر ،ولا تتأتّى المهارة الحاذقة إلاّ إذا أتقن المرء سلوكاتها. وكأنّ اللّفظ لا يصلح إلاّ بفعله.
ولذلك أشار "ابن خلدون حينما تحدث عن "علم أصول الفقه":"من أعظم الأصول الشرعية ،وأجلها قدرا ،وأكثرها فائدة "..والسرّ أنّ هذا العلم الجليل يهتم بضوابط سلوك الإنسان وتوجيهه وفق مصادر التشريع الإسلامي.
والثقافة هي أداة الشعور الجمعي ،ومنبع المنطلقات الفكرية،ومؤطّر المرجعية الذهنية ،وهي أيضا حارس الأصول ،ودافع التّكيّف،وضابط مستجدّات الأمة:"هناك تلازم وتشابك في النظر والتّحليل بين الظّواهر الثّقافية،والظّواهر الاجتماعية،ولذلك أصبحت الثّقافة من المسائل المهمّة في علم الاجتماع".
ويَعتبر سلامة موسى نفسه أول من استخدم كلمة ثقافة كمفهوم ،بل ويعتبر أن "ابن خلدون" استخدمها بهذا المفهوم :"كنت أول من أفشى لفظة ثقافة في الأدب العربي الحديث،ولم أكن أنا الذي سكّها بنفسه فإني انتحلتها من ابن خلدون،وإذ وجدته يستعملها في معنى شبيه بلفظ cultureالشائعة في الأدب الأوربي".وهذا يدلّنا على أن سلامة موسى استخدمها أيضا لفظة معجمية..
ذلك أن "مالك بن نبي"لا يعترف بوجود كلمة ثقافة في "المقدمة"إلا بمعناها المعجمي :"لم نجد أثرا لتلك الكلمة في لغة ابن خلدون".ثم يُذيّل في هامش الكتاب :"وردت الكلمة مرتين أو ثلاثا في "المقدمة"بصورة أدبية بوصفها مفردة لغوية دون الوقوف عند كلمة/ثقافة/ بوصفها مفهوما وتقديرها ظاهرة اجتماعية ."
ولما كانت المنطلقات ،والمرجعيات الفكرية تختلف من مجتمع إلى أخر،فقد فرضت الخصوصية الثقافية نفسها في الحضرة العالمية،لذا تتعدد الأقطاب الثقافية .من هنا يصعب إذابة كتلة في أخرى ثقافيا .لذا عُنيِّت الثقافة معجميا أيضا إلى العمل بالسيف والخصام والجلاد.وقد تبدو من خلال هذه المعاني اللغوية لمصطلح "ثقافة " مدلول الكلمة أعم وأشمل وأدق وأعمق من كلمة cultureاللاتينية المنزاحة عن الزراعة .ففي العالم الغربي ربطت بالإنتاج المادي ،والعمل البدني ،وما يحققه من رفاه حياة ،فالزراعة تعني توفير الأرضية الخصبة وما يتبعه من جهد تنظيم وتآزر .وندرك ما تحققه كلمة راسخة في الذات من ظلال وارفة تغشى الوجدان ،وتنطلي على السلوك.
أما في اللغة العربية فالمصطلح يوحي بالجانب الروحي كما المادي وما يترتب عنهما من سلوكات ذهنية وعضلية،إلا أن الغرب سبقنا في تداول المشروع الثقافي بتراكماته وتبعاته.
يتراكم الرّصيد التاريخي ،وتتنامى مواريثه ،ويصاحبه التطور الثقافي ،المرافق له والفاعل فيه ،باعتبار التاريخ أحداث يمارسها الإنسان،كما أنها لا تعني ما وقع فعلا ،وصار سجل ذاكرة ،بل التاريخ يخطط له الإنسان وفق استراتيجيته ،ليعيش أحداثه مستقبلا ،وهذه دلالة على أن الأنماط الثّقافية الممارسة تخطط وترسم،أي يمكن تغيير اللبنات الثقافية وتبديلها وتوجيهها.وهذا ما تسعى إليع "العولمة"بعدما استوعبت هذه الخلاصة..الانسلاخ والذّوبان..
والتطور الثقافي هو ثمرة الأفكار الجديدة ،والتنظيم الاجتماعي ،وحيوية الأفراد ،ورقيهم النفسي،وكذا طرق الممارسة الصناعية والحرفية،وما يستجد من نظريات علمية،ويستحدث من اختراعات واكتشاف في السياسة،والاقتصاد،والاجتم اع.أما المؤثرات الخارجية فيمثلها التفاعل الثقافي مع مختلف الأمم.
رغم تواجد المدلول المعجمي لكلمة"ثقافة"منذ القدم في "ديوان العرب"فهي لم تعبر عن خبرة اجتماعية لتعطي مفهوما .ذلك أن المفهوم ينقلها من البيان إلى البرهان،و من السّهل إلى المركّب ،ومن الحسّ إلى الذّهن.التراكمات المعرفية ،واكتساب الخبرات الاجتماعية فتضيف دلالات ثقافية وتربوية تحقق شروط المفهوم:
"وفيما أعلم لا يوجد إلا كتاب واحد يصنف في هذا المجال،وهو كتاب "مشكلة الثقافة"لمالك بن نبي.وباقي الكتابات الأخرى على قلّتها وضعفها وعدم تراكمها،لا تقدم رؤية مستقلّة لفكرة الثّقافة ،وإنمّا تدور في فلك الرّؤية الأوربية للثقافة،ولا تكاد تخرج عن نسقيّتها و مرجعيتها و تاريخها وتراثها."
.وهذه دلالة على أن العلامة"مالك بن نبي"هو المؤسّس الحقيقي للدراسات الثقافية العربية الإسلامية.
وقد سبقنا الغرب إلى تناول المشروع الثقافي بتراكماته،ومن أهم إنجازاته العلمية:
ـ الثقافة والفوضى:ماثيو آرنولد الصادر في 1869.
ـ ملاحظة نحو تعريف الثقافة:توماس إيلويت.1948.
ـ الثقافة والمجتمع:رايموند ويليمز.1956.
ـ الثقافة البدائية:إدوارد تايلور 1871.
ـ الثقافة الفردية والثقافة الجماعية :لويس دوللو1978.
ـ نظرية الثقافة:تيري إيغلتون2000.
ـ نظرية توماس إيليوت في العلاقة بين الدين والثقافة.
لكنّ هذه الأيّام بدأت تتنوّع مؤلّفات حول الثّقافة في الوطن العربي..

ولئن كان مالك بن نبي قد استخلص أن الثقافة لم تكتسب قوة التّحديد في اللغة العربية بسبب نقص شروط بناء المفهوم ،فإن "عارف "يرى أن حركة الترجمة حديثا طمست الدلالات الحقيقية في الوعي العربي واستبدلته بالمفهوم الأجنبي فصارت تابعة مستلبة.
:"أما مصطلح الثقافة فيرتدّ بالعربية إلى المصدر ثقف وهو يحمل معاني التحويل والإصلاح والتّهذيب ،وهذا ما يجعله قريبا من المعنى الأصلي لكلمةculture اللاتينية".
ولمّا كانت الثقافة تمثل أسلوب الحياة في المجتمع ،فإنها تخصّ السّلوك الاجتماعي وآثاره المترتّبة على تصرّفات الفرد المطبوع بطابع الجماعة.وبهذا تنعكس في الثقافة حياة وحركة المجتمع وتنظيمه،وكذا فوضاه وركوده.ولما لها علاقة وظيفية بسياق الأفكار السائدة في المجتمع .والدليل أن تغيّر جميع الخصائص الاجتماعية ينبثق على تغيّر ذلك النّسق الفكري.ويعلن مالك بن نبي أن كلمة :"ثقافة ...لم تكتسب بعد قوة التحديد الضرورية لتصبح علما على مفهوم معين".
ذلك أن مفهوم مصطلح ثقافة المتشعّب ،الواسع ،العميق،المتجذّر في صلب الذّات الإنسانية،المتداخل الرّوافد،المتعدد الجوانب،بصفته الأساس المميز للمجتمعات ،المرسّخ لخصوصيات الأمم،صعُب تعريفه على الباحثين والمفكرين.فهو جامع للمعرفة والعلم،وكل ما يحيط بالإنسان ،لا يعني فقط الأفكار المجردة وتصوّراتها بل يشمل الأشياء المحسوسة أيضا.
وإذا كان الغرب قد أوجد مخرجا لصيغة ثقافته،بعد أن أرسى قواعد نهضته،و ترسّخت مفاهيم حداثته،فإن العرب مازالوا في مرحلة الإرهاص،تسجّل بحوثهم المحتشمة في مجال الثقافة حيرة ،ومزيدا من طرح الأسئلة حول الإشكالية .والبواعث والدواعي متعددة ،متشابكة،معقّدة.وبحث هذه الأسباب وحدها والوقوف على حقائقها يستدعي جهودا مكثّفة،و محاولات تراكمية متتابعة وعديدة.
إن:"فكرة الثقافة حديثة جاءتنا من أوربا .ثم إننا نجد فيما كتب حديثا عن الموضوع في البلاد العربية،أن الكتاب يقرنون دائما كلمة/ثقافة/بكلمةcultureمكتوبة بحروف لاتينية ...فإن معنى هذا أنهم يدركون أن الكلمة لم تكتسب بعد في العربية قوة التّحديد ،التي ينبغي أن تتوافر لكل علم على مفهوم".
وقد خضع المفهوم عند الغرب إلى توجّهاتهم المذهبية ،فالمدرسة الغربية تعتبر الثقافة ثمرة فكر،في حين الماركسية تجعل الثقافة ثمرة مجتمع.
و قد توافقوا أن الذي يحدد نوع العقلية التي تخص النموذج الاجتماعي هي العموميات الممثلة في الدين واللغة والتقليد لأنها شائعة في جميع صور الأفراد.هذه العموميات تطبع الحياة بسلوك اجتماعي معين.هذا السلوك المألوف المترسّب في الكينونة الاجتماعية هو المعيار الذي يكشف عن العيوب والسلبيات من انحراف واضطراب وفساد.
أما تعريف الثقافة :"يذهب رالف لينتون :إلى أن الثقافة /كل/تتداخل أجزاؤه تداخلا وثيقا،ولكن من الممكن أن نتعرف فيه على شكل بنائي معين،أي أن نتعرف فيه على عناصر مختلفة هي التي تكوِّن الكل".

ويقرّ مالك بن نبي أن عالم الأفكار وعالم الأشياء لا يشكلان ثقافة إلا من خلال اهتمام واعٍ:"لقد حدد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه العلاقة في صورة أخّاذة تخلع على الأفكار وعلى الأشياء قيمتها العقلية ،وفاعليتها الاجتماعية حين قال:"مثل ما بعثني الله عز وجل به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير ،أصاب أرضا فكان منها بقعة قبلت الماء،فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ،وكانت بها بقعة أمسكت الماء ،فنفع الله عز وجل بها الناس ،فشربوا منها وسقوا وزرعوا،وكانت منها طائفة قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ".متفق عليه.
فالثقافة أوسع من التعليم،وليس كل متعلم مثقف :"إنما الرّجل المثقّف هو من يتهيّأ طبعه وعقله لقبول المعرفة مهما تختلف فروعها،ومهما تكون مادتها.".
إن دور المثقف كبير ،فعّال في مجتمعه،مطالب بأداء واجباته نحو الأمّة:"فالمثقف الذي يعيش بين النّاس ولا يفهم حياتهم ولا يتعمق نظمهم السياسية والاجتماعية ولا يلاحظ نشاطهم اليومي عاجز كل العجز عن أن ينفع حق النفع،وعن أن يكون لهم معلما وهاديا إلى الخير ،وإنما هو ثرثار إذا تكلم ،وإثر إذا سكت".
لقد ألقيت أعباء كثيرة على المثقف ،وصار مسؤولا ذا تبعات وتكاليف:"فحظّ المثقّف الذي تتّسع ثقافته وتعمق من التبعية لا تقل عن حظّ العالم المتخصّص ،لأنه مكلّف أن ينشر ثقافته بين الناس ،ان يضيء للناس سبل الحياة بما أتيح له من ثقافة.ذلك أن الثقافة تجمع بين هاتين الخصلتين فهي معرفة يجب أن تنشر بين الناس ،وهي في الوقت نفسه تذكي عقل المثقف وتيسّر له فهم الحياة وتعينه على حل بعض المشكلات التي تعترض الناس في حياتهم اليومية".
و الآن يُشرع لنا السؤال:لماذا عجز العرب عن إيجاد صيغة جامعة موحدة تعرف بها الثقافة؟
إنه لما كانت الثقافة تعني ذلك الأسلوب الذي ينهجه مجتمع ما في حياته،ولما كانت تجلياتها تنبجس عن ذلك السلوك الاجتماعي الذي ينطلي على تصرفات أفراده ،فإن للسلوك الممارس في تعاطي نمط الحياة منطلقات فكرية تؤسس القناعات ،وترسي القواعد ،وتنصب الأعمدة.
والمنطلقات الفكرية العربية أرستها مرجعية الحداثة المتجدّدة حينما هبّت رياح القرآن عاصفة تسفّ كل ّالممارسات الجاهلية الفاسدة،وتنقل إلى النّفوس بشائر الخير في كل مجالات الحياة،فكانت الثورة الشّاملة التي أحدثت التغيير الجذري،ووضعت أسس أرضية المنهج القويم الذي تعتمده العقلية العربية والإسلامية في سيرها والرجوع إليها كلّما دعت الدواعي إلى استحداث جديد.هذه دلالة امتلاك مصادر ثقافة سليمة،قوية،قويمة ،عنها ينبثق العمل الذي يعمّر الأرض،وبها نستفيد من خبرات الغير.ولكنّه بفعل الانحراف عن الأصول الثقافية ،تاه العرب عن طريقهم ،فلم ينجحوا لا في الرّجوع إلى استئناف حياتهم ،ولا في اتّباع غيرهم.
ويبقى مالك بن نبي هو مؤسس الدراسات الثقافية في العالم العربي.

معروف محمد آل جلول / ماجستير نقد معاصر