مفاهيم النمط في اللغة والأدب

لعلّ النمط في اللغة والأدب وفي سياق ما ُطرح من أنماط في أساليب الكتابة هو النّمط المتبّع والذي ننسج على منواله، أما ما ُطرح بعيدا عن هذا السّياق فهو النّمطية كسلوك وصفة وعادات، وهي الَّتِي تتعلّق بالتفكير النمطي وهو التفكير الذي يتـّبعه ويتعوّد عليه الشخص أو الأشخاص اعتماداً على الأفكار الجاهزة الَّتِي يمكن إرجاعها إلى عادات وموروثات ثقافية ومفاهيم دينية.
فقد أتى الأدباء وعلماء اللغة بتعريفات ومصطلحات ومفاهيم تقنية حديثة لكلمة النمط، حيث اعتبروها فناً من فنون الأدب واللغة، لذلك نحب أن نوردها هنا كما عرّفها هؤلاء لنرى أن لغتنا الجميلة لديها من الدرر والكنوز ما يعجز عنه الكثير من أهل البلاغة, وصدق حافظ إبراهيم حيث قال:
أنا البحر في أحشائه الدر كامنٌ
فهل سألوا الغواص عن صدفاته.
فقد ُعرف النمط بأنه أسلوب و طريقة و طراز ونوع وصنف واعتبروه المسارالسائد في إعداد النص و إخراجه بغية تحقيق غاية المتلقي . وبينوا لكل فن أدبي نمط يتناسب وما يشمله من معنى وفكر ومصطلحات، ولكل نمط بنية و ترسيم وصفات تتلاءم والنص المطروح. ذلك لأن وظيفة الأنماط هي أن تساعد على إيصال الفكرة عندما يحسن الكاتب توظيفها ، ولا شك أن توظيف الأنماط و إتقان الربط بينهما يتطلب مهارة في الصياغة الفنية وطرائق الكتابة سواء كان في النص الشعري أو النص النثري. وبتداخل الأنماط يستخدم الكاتب عادة عدة أنواع من الأنماط حيث يندر وجود نص أحادي لنمط.
ومن الأنماط النمط السردي وهو تداخل النمط الوصفي أو الحواري أو كليهما . وهذان النمطان، النمط الوصفي والحواري يساعدان على التغلب على النص المهيمن على النمط السردي .ولكل نمط مؤشراته الخاصة الَّتِي ينفرد بها. كما أن النمط الوصفي يعتمد على الرسم بالكلام الذي ينقل مشهداً حقيقياً أو خيالياً للأحياء أو الأشياء أو الأمكنة بتصوير خارجي أو داخلي من خلال رؤية موضوعية أو ذاتية أو تأملية وهي الطريقة التقنية السائدة لأنها تقوم على المهارة في الربط والتعبير ، وكذلك على النظرالثاقب والملاحظة الدقيقة، ومن مؤشراته عناصر الإطار الزماني أو المكاني او الحركي ما يهيئ لخلق مناخ معين ، يتأكد بوجودعبارات لغوية خاصة.
وبعض الأنماط كثيراً ما تعتمد على المجاز ودقة الوصف ووجهة نظر الواصف الذاتية والموضوعية، وحدد الأدباء أنواع الوصف في هذا النمط وهو الوصف من القريب إلى البعيد أي من الخاص إلى العام، ومن الوصف من البعيد إلى القريب، أي من العام إلى الخاص. وخصائصه يكون فيه الإكثار من الخبر، والنعت، والحال. واستعمال المماثلة والمشابهة. و استخدام الفعل الماضي و الفعل المضارع للدلالة على الحيوية و الحركة و الاستمرار بإستعمال الأساليب الإنفعالية وهي التعجب ، التمني ،التأوه ، المبالغة ، التفضيل ، المدح ، الذم.والهدف منه هو إبراز الصفات الخارجية والداخلية، وكذلك الوصف من حيث علاقته بالموصوف، والوصف الخارجي، والوصف الداخلي، والوصف من حيث علاقته بالواصف، والوصف الموضوعي، والوصف الذاتي أي الوصف الوجداني، وهناك الوصف التأملي. وله وظيفتان مرجعية ، وجمالية حيث تكون وظيفة الكلام مرجعية عندما يكون الوصف موضوعياً يتناول حالة الموصوف و مميزاته الخارجية والنفسية، وسلوكه، وأفعاله وحركاته .وتكون جمالية عندما يكون الوصف ذاتياً. وتبرز في الوصف أسماء الذات ، وأفعال الجوارح ، وأفعال الحالة والجمل الاسمية، والنعوت، والظروف المكانية . وفي وصف الطبيعة الحية أو المتحركة تظهر الظروف الزمنية ويبرر أيضاً الحقل المعجمي المتعلق بالحواس الخمس ومكان الموصوف الثابت مثل موقع بيت، والمتحرك مثل طائرة، باخرة قطار، سيارة. و المغلق مثل غرفة، سجن وما شابه ذلك، والمفتوح مثل شارع ، بحر، سماء.
و النمط السردي إصطلاحا هو إخبار من صميم الواقع أو نسخ الخيال أو من كليهما معا في إطار زماني ومكاني بحبكة فنية متقنة. هو الطريقة التقنية المستخدمة في إعداد وإخراج النص القصصي وغيره بغية تحقيق غاية المرسل منه. ويغلب عليه الزمن الماضي وكثرة الروابط الظرفية والأسلوب الخبري وهو من أكثر أنواع الفنون الأدبية جذبا للقارئ وتشويقا له. ومؤشراته ظرف الزمان والمكان. والجمل الخبرية. وأفعال الحركة ، والفعل الماضي لسرد الأحداث وأدوات الربط . والحالة البدائية لشخص او جماعة تعيش في مكان ما بطريقة ما، لكنّ هذا ينطوي على نقطة ضعف أو أكثر. وعنصر التحويل، ونتائج عنصر التحويل . وعنصر التعديل حدث يطرأ على الموقف فينهي حالة الخلل أو القلق . والحالة النهائية بعودة الأوضاع مع بعض التعديل في الحالة النهائية .وخصائصه يغلب عليه الزمن الماضي ويحدد المكان والزمان وغايته وهدفه سرد الأحداث ونقلها. كما أن السرد الشخصي هو لغرس الأفكار والمفاهيم لدى المرسل إليه بطريقة غير مباشرة.
والسرد الخارجي يعطي للمرسل إليه خبرة اجتماعية معرفية كما أن السرد البسيط ينمي الخيال عند المتلقي . والسرد المركب يرتقي بالذوق الجمالي أو الأدبي ، ووظيفة الكلام فيه إخبارية ومرجعية .وخصائصه يغلب عليه الزمن الماضي و يحدد فيه المكان و الزمان ومن أنواعه السرد الشخصي، والخارجي، والبسيط، والمركب.
وغاية هذه الأنواع سرد الأحداث ونقلها لغرس الأفكار والمفاهيم لدى المرسل إليه بطريقة غير مباشرة ويعطي للمرسل إليه خبرة اجتماعية معرفية و ينمي الخيال ويرتقي بالذوق الجمالي أو الأدبي عند المرسل إليه ووظيفة الكلام فيه إخبارية ومرجعية.
والنمط الحواري: الحوار اصطلاحاً هو التواصل الكلامي أو التحادث المباشر أوغير المباشر المتبادل بين اثنين أو أكثر وهو الطريقة التقنية المستخدمة في إعداد وإخراج النص المسرحي بغية تحقيق غاية المرسل منه ومؤشراته الحوار المباشر ، وغير المباشر وغير المباشر الحر.حيث يختلف النمط الحواري باختلاف الأنواع والفنون الأدبية فبنية الرسالة مثلا تختلف عن بنية الخطبة أو المسرحية.
وخصائصه تظهر فيه أفعال القول وتبرز ضمائر المخاطب و الجمل القصيرة.
ويغلب الفعل المضارع في الحديث عن الحاضر و الفعل الماضي للاستفسار عن أحداث ماضية، وأنواعه الحوار مباشر، والحوار الغير مباشر، وهدفه هو
التواصل بين طرفين أو أكثر وتبادل الكلام و الآراء حول موضوع معيّن،
والتعلم والتثقيف، والتوجيه الفكري للمرسل إليه. والإمتاع والتسلية،والتواصل الوجداني العاطفي .والتأثير الفعلي الوجداني.وخدمة النمط السردي. والنمط البرهاني للإقناع . و البرهان اصطلاحا : هو أسلوب تواصلي يرمي إلى إثبات قضية أو الإقناع بفكرة أو إيصال رأي، أو السعي لتعديل وجهة نظر ما من خلال الأدلة و الشواهد. ومؤشراته استخدام الضمير الأول المتكلم ، و المخاطب .
كاستخدام النعوت المعبرة واستخدام الخطاب المباشر. والجمل القصيرة.
و في هذا النمط يبرهن الكاتب قضيته وحججه ، ثم يطرح الطرح المعاكس ويفنده ويبطل حججه معتمدا على الأمثلة و الشواهد ليخلص إلى بيان صحة رأيه.
وقد يحصل العكس، ويطرح الكاتب الحجج و البراهين دون عرض الآراء المخالفة ليترك للقارئ استنتاج عدم صحة الآراء الأخرى. وخصائصه هي اعتماد الأدلة و الأمثلة ، واستخدام ضمير المتكلم لإبداء الرأي الشخصي ، أو ضمير جماعة المتكلمين لتأييد الرأي بشمولية وحجم أكبر ، بالإكثار من أساليب النفي و الإثبات . والاستنتاج و البرهنة و التعليل بأدات الربط ( لا، بل ، إنما ، لذلك ، هكذا ، مثلا ، أولا ، أخيرا). وأنواع النصوص المستخدمة لهذا النمط هي النص الإقناعي، الدحضي، والمقارن. والهدف منه هو الإقناع برأي و برهنة صحته أو رفضه وتوجيه المرسل إليه (المتلقي) إلى قضية هامة من خلال تتبع الأسباب و المظاهر للوصول إلى النتائج وحمل المخالفين على تغيير آرائهم .وتعويد القارئ على الأسلوب المنهجي.