أحدث المشاركات

نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» برق الخاطر ... قسم جديد لأعضاء واحة الخير» بقلم د. سمير العمري » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الثعبان الأقرع يداهمني في المنام بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» بعض الحزن موت وبعضه ميلاد.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الغاية لا تبرر الوسيلة» بقلم جلال دشيشة » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» أمات العربُ؟» بقلم غلام الله بن صالح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» غار النصر في غزة» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» رواية قنابل الثقوب السوداء .. مسلسلة. التالي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الموشحات الكشكية 1'2'3» بقلم محمد محمد أبو كشك » آخر مشاركة: محمد محمد أبو كشك »»»»» في شارع واحد» بقلم عبدالحليم الطيطي » آخر مشاركة: عبدالحليم الطيطي »»»»»

النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: الزهمولة

  1. #1
    الصورة الرمزية المختار محمد الدرعي أديب
    تاريخ التسجيل : Jun 2014
    الدولة : مكة المكرمة
    المشاركات : 509
    المواضيع : 78
    الردود : 509
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي الزهمولة

    كانت الساعة تشير إلى العاشرة ليلاً حين خرج العم أحمد إلى فناء الدار يتكسّل و يتثاءب بعد جلوس طويل أمام جهاز التلفاز حيث جَعَلَ يُقَلّب عَشَرات قنوات التِّلْفاز بواسطة "الريموت كنترول" باحثا عن برامِج مقابلات في كرة القدم ، التي يعشقها ، و يعشق محترفيها لِدرجة كاد أن ينسى فيها تاريخ ميلاده الشخصي، لكنه لا ينسى تاريخ ميلاد مارادونا ، أو ميسي، فهو يحفظ السِّيَر الذاتية لكثير من مشاهير اللعبة عن ظهر قلب .. كانت الليلة غير مقمرة، و كانت بعض فوانيس الشارع الطويل المعطبة قد زادتها حلكة، مِمَّا جعل الرؤية شبه منعدمة لدى العم أحمد الذي دأب على التطلّع إلى المنزل الواقع قبالة منزله، فهناك تسكن حليمة الأرملة ذات الخمسين عاما، والتي تَقَدَّم إليها يطلب يدها لكنها رفضته مرتين ، لكونه عاطل عن العمل ، و لكونه ضعيف البصر إذ لا يكاد يرى؛ لكن رغم ذلك ظلّت عيناه تقتفي خيالها كلمّا أطَلَّتْ من على سطح بيتها، لنشر غسيلها، أو لقضاء بعض شؤونها. كان دائما يحدّق ببصره الضعيف و يتفحص سطح دارها علّه يلمحها أو يحظى منها بنظرة عابرة تجعله مغتبطا طيلة يومه ..في هذه اللية بالذات، أصرّ العم أحمد على المكوث في فناء بيته يتأمل بدقة سطح البيت المقابل، يتفحص الأرجاء باحثا عن خيال حليمة. لقد ألهب قلبه الحنين إلى زوجة تقاسمه حياته، حياته التي دأب على مقاسمتها مع التلفاز و الكرة و القطة منذ وفاة زوجته الأولى ..إنه يرى الآن ( زهمولة) فوق السطح ، و يرجح أن تكون هي نفسها حليمة. ها هي تقف و تترنح يُمْنة و يسرة، يا إلهي هل تكون حليمة واقفة تُلَوّح لي بيدها ؟ تُرى لماذا لم تَنَمْ قاضِيَة ليلتها هكذا واقفة تراقبني ؟ لا شك أنها تريد أن تقاسمني السهر. من المؤكد أنها غيّرت رأيها بخصوص الزواج مني. غدا سأذهب لخطبتها مجددا، لأحظى بموافقتها.... هكذا يردد في قرارة نفسه... رجع العم أحمد إلى الداخل و أعد لنفسه قهوة دون إضافَة سُكَّر اعتقادا منه أنها ستطرد النعاس من عينيه و تعينه بالتالي على السهر قبالة حليمة التي تُلوِّح إليه من على السطح و تحيّيه . جلس على كرسيّه واضِعاً رجله اليمنى فوق رجله اليسرى. أشعل سيجارة ُثم بدأ ينفث الدخان إلى الأعلى. فجأة، تقدمت منه قطته الصغيرة وهي تموء , و كأنها تسأله : لمَ أراك حيرانا ؟ تماما مثلما كانت تسأله المرحومة زوجته كلما لاحظت على وجهه علامات حزن . نظر إليها ثم أخذها بين يده و احتضنها. لم يبق له في البيت ما يُذَكّرهُ بزوجته الوفية سوى هذه القطة. زوجته لم تنجب له أولادا، لذلك كانت هذه القطة بمثابة الإبنة المدللة في البيت، فقد أوصته بها خيرا المرحومة قبل أن تفارق إذْ كانت وصيَّتها الأخيرة ....حين أرهقه التعب و احمرّت عيناه من كثرة تفريكها بيديه و مغازلة الزهمولة (الشبح)، أسند رأسه إلى الجدار ثم نام. و نامت القطة في حضنه . استفاق في الصباح على لفح أشعة الشمس الحارقة، فرّك عينيه قبل أن يتثاءب، حدّق بلهفة في اتجاه شبح البارحة، فإذا هو ثوب نسائي معلق على حبل الغسيل تحركه النسمات . التفت إلى قطته، حملها بين ذراعيه، و أدْلَف إلى داخل المطبخ ليقاسمها الرغيف .


    ملاحظة :الزهمولة تعني الشبح في العامية التونسية

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,035
    المواضيع : 310
    الردود : 21035
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    ساعده ضعف البصر في أن يجعل الخيال يجمح به
    فيجسد أحلامه فيرى الزهمولة خيال حليمة...
    بناء سردي مميز وأداء جميل زانه تمكن من الفكرة
    أحب دوما السفر مع حروفك التي تتسم بخفة الظل
    قصة قوية الملامح ـ ذات نبض جميل ذكية الفكرة.
    استمتعت ـ تحياتي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.50

    افتراضي

    كانت هذه الثوب المتأرجح في مهب الريح حلم اليقظة للعجوز الذي يقاسي الوحدة ..

    نص جميل وأسلوب شائق أستاذ المختار .

    وافر تحياتي .
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  4. #4
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Sep 2015
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 249
    المواضيع : 13
    الردود : 249
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    فراغ عاطفي جعله يتمسك بشبح ...
    نص جميل بسرد ماتع وأسلوب شائق.

    دمت مبدعا

  5. #5
    الصورة الرمزية المختار محمد الدرعي أديب
    تاريخ التسجيل : Jun 2014
    الدولة : مكة المكرمة
    المشاركات : 509
    المواضيع : 78
    الردود : 509
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    ساعده ضعف البصر في أن يجعل الخيال يجمح به
    فيجسد أحلامه فيرى الزهمولة خيال حليمة...
    بناء سردي مميز وأداء جميل زانه تمكن من الفكرة
    أحب دوما السفر مع حروفك التي تتسم بخفة الظل
    قصة قوية الملامح ـ ذات نبض جميل ذكية الفكرة.
    استمتعت ـ تحياتي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    شكرا للحضور الراقي و المتابعة المستمرة
    سعيد أن أعجبك سردي
    شهادة أعتز بها
    كل تحية و الود أستاذتنا المبدعة نادية

  6. #6
    الصورة الرمزية المختار محمد الدرعي أديب
    تاريخ التسجيل : Jun 2014
    الدولة : مكة المكرمة
    المشاركات : 509
    المواضيع : 78
    الردود : 509
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد السلام دغمش مشاهدة المشاركة
    كانت هذه الثوب المتأرجح في مهب الريح حلم اليقظة للعجوز الذي يقاسي الوحدة ..

    نص جميل وأسلوب شائق أستاذ المختار .

    وافر تحياتي .
    دائما يسعدني حضورك أخي و أستاذي عبد السلام دغمش
    شكرا للقراءة و المتابعة
    أرقى تحية مع وافر الود

  7. #7
    الصورة الرمزية المختار محمد الدرعي أديب
    تاريخ التسجيل : Jun 2014
    الدولة : مكة المكرمة
    المشاركات : 509
    المواضيع : 78
    الردود : 509
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد العكيدي مشاهدة المشاركة
    فراغ عاطفي جعله يتمسك بشبح ...
    نص جميل بسرد ماتع وأسلوب شائق.

    دمت مبدعا
    أسعدني حضورك و تعقيبك أخي الأستاذ أحمد العكيدي
    أرقى تحياتي و ودي