هذه خمسة

	هذه خمسُ أصابع وتلك خمسٌ أخرى إنها أصابعي أنا ....أعرفها جيداً... بها مرت يداي فوق ستار الكعبة أستجدي ربَّ السماء العفو والعافية ...بها قلَّبت صفحات كتاب الله أحفظ منه ماشاء الله لي من خير,وبها تعلمت أركان الإسلام , وبها مسحتُ دموعاً جرَّها الحزن بموت أبي , وأمي ..أختي, وأخي العريس قبل موعد زفافه بزمن قصير .. كانت تتراقص سعيدة في حفل خطوبته... تتمايل بليونة ملفتة كأوراق الشجر بهبوب نسيمٍ منعش في يومٍ صيفيًٍِّ حار...من بين تباعدها كنت أرى عينيه الخضراوين تلمع بالبشرِ ممزوجة بدمعة خفية حسبتها دمعة فرحة فخابت حساباتي عندما قضى نحبه بحادث سيارة مؤلم ألقى بي في متاهات القهر ,ولهيب الذكريات.. لم يُسمح لي برؤية وجهه بعد الحادث, فتلمست بها تقاطيعه الجميلة من فوق الكفن, فاحترقت وجعاً على وجع. إنها عَشرة ولي معها عِشرة مديدة السنين منذ أن شهدتُ بسبابتها (أن لا إله إلا الله) حتى نقشت بها فوق صفحات الشبكة العنكبوتية حروفاً من نور, كانت لأمي أصابع تشبهها حد العجب ربتتْ بها على كتفي مشجعة حماسي وطموحي بطلب العلم , قالت لي ذات يوم , وهي تشير بسبابتها نحو السماء :إيَّاكِ ثمَّ إيَّاكِ واليأس ,فإنه قاتل النفس..لاتركني يوماً للكسل ..لاتغلقي باب الحلم بسجن الأمل ..اشتري السعادة بالحقيقة والآخرة بنقاء السريرة ,والشجاعة بالتقوى, وعندما أزحتُ الكفن عن وجهها ,وفتحتُ عينيها بأصابعي.. رأيتُ بحراً أزرقَ البعدِ رائق العمق توحَّد بلون السماء , فكدت أغرق فيه مجدفة خلفها بأصابعي العشرين لولا أن نهرتني أختي , فأطبقت بأصابع يديَّ جفونها, وسبابة اليمنى تشهد (أن لاإله إلا الله) هي أصابعي التي صاحبتني عمراً أعتز به, وستظل رفيقتي لقادمٍ يعزُّني حيَّةً , وميتةً, فأروني أصابعَ كأصابعي أشهد لكم بالخير. بقلم بنت البحر يكفيكم فخراً فأحمد منكم***وكفى به نسباً لعزِّ المؤمن

و يوم .. مرت لي أصابع على جسد أختي الحبيبة ، و هي مسجاة فوق آلة حدباء مغمضة العينين و طيف ابتسامة على شفتيها . كانت أصابعي ترتعش هلعا و هي تمسح أديمها البارد ؛ هذي يديها و أصابعها ، هذا وجهها و شعرها و الدم يرويه كلما جف ، و هذه أقدامها - لطالما تبادلنا الأحذية و الجوارب ...
أصابعي الخمسة تحمل الماء لتهرقه على جسدها لتغسل جسدها الغسل الأخير ، و تدعكه بالسدر ، و تذر فوقه المسك . تتلمس أصابعي أظافرها و الذكريات تقتلني " أظافري ضعيفة سهلة الكسر و البقع البيضاء تكسوها " ، أنظر إلى كفيها " لا أقوى على حمل حسان لكثرة القروح فيها " كانت تشكو من أصابعها العشرة .
أصابعي تلف عليها كفنها و تضمه إلى جسدها ، أوتفعلين بأختيك !
تضع أصابعي القطن حول رأسها فدمها لا ينفك يسيل و الجرح الغائر أفقدها الحياة و أفقدني شقيقتي و أفقدني اتزاني لأغيب ...
أصابعي تتلمس وجهها لأخرة مرة في الحياة ، و أقبلها قبلة الوداع الأخير ، لأبكيها و أصابعي أيضا تمسح دمعا عليها لا يجف .

محزنة تجربتك عزيزتي حرَّة
حد الوجع...وكأنني أرى الدم يسيل عطراً
من جرح الموت المقدس فوق تلك الآلة الحدباء
التي ستحمل كل ابن وبنت أنثى وإن طالت سلامتهم
وكأنني أرى ابتسامة الرضا
تزين الموت في وجه غادرنا جسدنا
وأقام معنا روحاً
لحظات تستحق الوقوف عندها
والتفكر بها قبل أن ينقضَّ ملك الموت
كالصاعقة فيخرج الروح من الجسد انتزاعاً
من كل خوانٍ أثيم
وبرحمة من أجساد الصالحين.
أين غاب العقل بك ياابن آدم
وأنت ترى كل يوم وتسمع مايشيب له
الولدان خوفاً ورعبا؟
لاتتظاهر بالقوة والجبروت
فعندما يحين وقت الموت وتأتي سكرته بالحق
تنسيك الحليب الذي رضعته من أمك
وتذكرك بالكلام المعسول الكاذب
الذي تفوهت به شفتاك بالبطل والضلال ,
وزينت به ابتساماتك المزيفة بهمس الغدر
لن يورثك إلا الشقاء
ستتذكر حتماً ضحاياك الكثيرة
من قتلى حروب وسرقة مال وجرح قلوب
وتزييف حقائق وافتراءات شتى
العمر قصيريمر كلمح البصر
ويُسحب بساطه من تحت سنواتنا سحباً
يليق بأعمالنا خيراً كانت أوشرا 0
أصابعنا العشرة هي أداة الوصل
بين الفكر والقلم
فكر يبني وآخر يهدم
فيؤخر هدمه ويمد له الرَّبُّ مدا
ثمَّ يأخذه أخذ عزيز مقتد

حرة
أيتها النقية كالمطر
كما غسلت أصابعك جسداً طهوراً وكفنته ببياض
وأودعتْ عيناكِ في مقلتيه نظرة وعدٍ بالصلاح
ونشر الخير بين الناس
أدعو الله لك بثواب الصادقين
ورفقة المؤمنين

كوني دائماً حرة

يارمز النقاء

أختك

بنت البحر

يكفيكم فخراً فأحمد منكم***وكفى به نسباً لعزِّ المؤمن

هنا وقفة للتفكر ولبذر الخير أحبُ أشارك فيها بسطوري المتواضعة

*************

(ويل للأعقاب من النار) سمعتها منه أكثر من مرة في عمري الذي جمعني به قبل وفاته؛ وهو يحثني أن أحسن غسل قدميه عند مساعدتي إياه في الوضوء بعد أن تفاقمت إعاقته ووهن جسمه وضعفت قدرته على الاعتماد على نفسه
كنت أجتهد في ذلك بالشكل الذي يرضيه ويرضي أخي الآخر الذي يعاني من نفس الإعاقة
وأحاول أن أحسسه بأن كل ما أفعله لأجله أفعله بحب ،
وكنتُ أحياناً أتباهى وأريه ظهر يدي وأقول انظر لقد شكلت العروق عليه لفظ الجلالة –الله- والسبب حرصك على إسباغ الوضوء، أحياناً يبتسم ويؤكد لي بأنه يقرؤوه وأحياناً يصمت ويغير مجرى الحديث إلى الوجهة التي تروق له

كثيراً كان يقول لي بأنه لو لم يكن معاقاً لفعل الكثير وكنت أقول سأكون رجلك ويدك فقط قل وأنا أنفذ، واكسب أنت أجر النية والنصيحة،اتفقنا على ذلك كنت اكتب ما يريد وكنت ارسم له بعض ما يخطط له و ما يريد ترجمته إلى رسوم
ذات مرة ملئت قلبي السعادة عندما رسمت له عربة وصفها لي بأنها ستساعده على الحركة، وعندما تحولت إلى واقع رأيت في عينيه بريق فرح لا يوصف، وقال بأنه المهندس لها وبأن علي أن أقدم له الشكر لأنه سبب لنيل ثواب الله تعالى بالنسبة لي
وعندما مرت الأيام و فرق بيني وبين أخوي الموت بقيت معهما على وعد عابر في استغلال هذه اليد في الخير، ولا أعلم لماذا استهوتني عادة إماطة الأذى عن الطريق ربما لان هنالك الكثير ممن يغفل عنها والأكثر ممن يستحقر القيام بها واقتنعت بسببها بأن هنالك أذى في القلب با مكان الإنسان أن يميطه بيديه كلما أكثر من توظيفها في الخير دون أن ينتظر على ذلك مقابلاً .

********

أخيتي زاهية الخير

شكراً لكِ على مساحة النصح الجميل التي عبقت بها صفحاتك الطيبة ودام فرحنا بكِ وبعطائك المبارك وبوركت يد سطرت كل هذا الخير

حرة أيتها الفاضلة النقية
رحم الله أختك واسكنها فسيح جناته وجمعكِ بها في أعلى جنان الخلد

بوركت يداك على كريم ماخطت وعميق ماترجمت عنه

احترامي ومحبتي

فكرة رائدة من كليكما ..
بوركت العشرون ..
وعوضتما خيرا ممن لا يضيع عنده خير.
......
فكرت كثيرا فيما مر على اصابعي ووجدته حديثا يطول.. ويطول.
فشكرا لافتتاح قسم الاصابع في ذاكرتي.

أختي الفاضلة يسرى

اجتهادك مع والدك كان عظيماً وما فعلته سيكون لك نوراً بإذن الله في الحياة ويوم لقاء الله

أدعوك لقراءة ماتفضلت به أختي المربيةالفاضلة صباح الضامن رداً على هذه الخاطرة

*
*

أصابعها

أصابع شابة رأت النور في طيات الورق
قالت للظلم لا يوم كان القهر طليقا في القلوب


كانت تدور في فلك صامت نسيج وحدها استعملت ذكاء في رسم دوائر خلاقة وأخذت تلونها
أطرت دوائرها بفيض من شعر ونثر فراق لها وصبغت قوافيه وسطوره بينع ورد لا ذابل يأس أصفر فأشرقت مع الكل
تحدثت مع سبابتها الشاهدة بالوحدانية يوما
قالت لها
أيا من تشهدين بوحدانية وبك خفق تسبيح وعليك جرى حمد وشكر وتكبير أو لا تخجلين أن تركني لما تتخاشبي يأسا !!
ألا ترين فورة الإيمان في عروقك
إياك ثم إياك أن تخلطي
هذه الأصابع التي صدحت بالباقيات الصالحات
الحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله
لا يصلح لها أن تتخالط مع كسل
بل مع دعوة لصلاح
مع دعوة لزيارة خميلة القلوب حيث الرقة تتهادى بين الجوانب تسمعين بها وشوشات الصبايا الحالمات بمستقبل
إياك يا أصابع أن تقولي تعبت ....مللت ........
فأنت خلقت للحركة إن راودتك لحيظات ضعف أطلقي من أنفاسك الحرى على وسادة أصابعك فستجدين الخدر انطلق ضراما يحييك قبل أن يحيي سامعي طرقاتك

أيا أصابع ستشهد يوما بما اجترحت كوني رفيقة صحب سلف في دنيا التلف لتعيشي آخرة بأيام مضيئة للأبد


زهيتي
أصابعنا هي نحن
هي ما تجود به عقولنا من فيض الكرم الإلهي علينا فحري بنا أن نتقن السكب حتى يصلح القالب والشكل


شكراً عزيزتي يسرى

والشكر لأم إيمان

أختكما

بنت البحر

أخيتي العزيزة زاهية

أعذري تجاوزي التعبير عن الأصابع باليد ربما ليشمل الكف فضل ذكر الإحسان ولأنني أيضاً شعرت بأن التعبير سيكون أسهل لي على هذا النحو
بعد أن قادتني سطورك الكريمة إلى ذكريات طيبة مع أخي الحبيب رحمه الله فاحببت أن اذكره بطيب الفضل الذي أسداهُ لي

تقديري لكِ وللاخت صباح على طيب مداخلتها

وبارك الله في عمر كل من يدعو إلى الخير ويأتمرُ بهِ

موضوع مثير بأسلوب كبير وتناول عميق.

لي في يدي أصابع عشر كما للآخرين ، هي طويلة ولكن حكايتها أطول ولا أظن أن كتابا يسعها.

أحمد الله على الأصابع والكف ، وعلى نعم كثيرة لا يعرف قيمتها إلا من فقدها.

أنا هنا لأعبر عن تقديري لما قرأت لكم جميعاً أخص بها الأخت زاهية صاحبة الموضوع التي أراها تمتلك أسلوباً نثرياً مميزاً يشدنا للقراءة لها كما الشعر.

ولعلي أشير إلى بعض أمر مستأذناً:

هذه خمسة أصابع وتلك خمسة أخرى

بل "خمس أصابع" فالإصبع مؤنث.

فكدت أغرق فيه مجدفة خلفها بأصابعي العشرين لولا أن نهرتني أختي عن فعلي هذا
ما أرى ضرورة لما أشرت إليه فمن البلاغة أن تستغني عن كل ما يفهم من السياق.



تحياتي وتقديري

أختي الفاضلة يسرى
غزلت الأمل بروعة لأخويك
رحمهما الله وأحسن إليهما
أتعلمين يايسرى الحبيبة
إن مجرد ردك هذا قد يولد عند الكثيرين
من القراء روح التفاني بالعمل لمساعدة المحتاجين
من ذوينا أو الغرباء
وإماطةالأذى عن الطريق عمل عظيم
فيكيف بإماطته عن طريق الفكر والسلوك
الإنساني وبالتحديد من هم في حظيرة الإيمان
شكر الله لك ورحم من سبقونا إليه
ففي ذكراهم يرفرف مايعيد للنفس راحة
تغالبنا عليها ترهات العصر

أهلاً بك

أختك

بنت البحر

لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

جزاك الله خيرا يا أختي العزيزة وبارك الله فيك وأكثر من أمثالك ..

كذلك الأخوات المشاركات بارك الله فيهن... فلكلٍّ منهن موضوعها المؤثر...