كان الفصل مزدحما، لا يسمع فيه إلا الصرخات العالية، والصيحات الرفيعة، لا ترى في الحشد إلا لمع الركلات المتتالية، والصفعات القوية،....
إنه لفصل الذي يدرس فيه أحمد.....
فصل لا نقيب فيه حتى يعرف القانون والنظام......
فصل يطبق فيه قانون الغابة
. .
كان أحمد طالبا مثاليا يحب العلم ويوقر الأساتذة ويحترمهم، ويرحم الصغير ويسامحه، ويعامل زملائه بمعاملة حسنة.

قضى أحمد في هذا الفصل الفوضوي ٦ سنوات لا يعرف الحرية إلا الاستبداد ... يقضي جل أوقاته في المكتب لأن من يتسابق معه ليس له وقت دون وقت ولا فرصة دون فرصة يلازم الكتب ملازمة الشعلة للكوك ...وكان لا يتكلم كثيرا ولا تمنعه الصرخات والتشويش مراجعة دروسه .
كلما فكر أحمد عن نعوت زميله تكسر همته ويشعر بعدم القدرة على منافسته.... ولكن مهما تراكمات عليه الضغوطات النفسية لا ينسى خواطر أمه المشجعة لشخصيته لمواجهة تحديات الدهر وكان لقراءاته المستمرة في ديوان المتنبي أثر تكوين نفسيته التي لا تقبل الذل والدنائة، ولا ترى أمامها مستحيلا لا يحقق لذلك يردد هذا القول في مواجهته للصراعات والتحديات :
أي عزيز أتقي
أي مكان أرتقي
كل ما خلق الله
وما لم يخلق
محتقر في همتي
كشعرة في مفرقي