بسم الله الرحمان الرحيم
زرادشتية حزب الله
كنت في ذات يوم من سنة 2006 ممن امتدح حزب الله، ونضم أشعارا مدحا في المقاومة بزعامة حزب الله ، بل وقصيدة مدحت فيها شخص حسن نصر الله.
وكنت أومن وقتها أن خط المقاومة متحرك، تصدرته فصائل يسارية، وقومية وإسلامية، ثم حزب الله .
أما اليوم فقد أصبح حزب الله بندقية للإيجار، يحملها الولي الفقيه ليسطر بها ملامح مشروعه، للهيمنة والتوسع وإعادۃ الإنتشار.
كنت قبل الثورات العربية مع المقاومة دون احتراز، وإذا بي أجد نفسي مع دخول حزب الله على الخط السوري، في الضفة الأخرى.. أراجع قناعاتي.. بل كل مايمت للمقاومة بصلة {أي مقاومة، وليس حزب الله فقط}، حتى الثورة الفلسطينية وفصائلها المختلفة في أكثر من جبهة تم نقد توجهاتها وأدائها وكتب في ذلك الكثير، رغم أنها كانت محاصرة من كل الرجعيات العربية، منهيا بذلك زمن الفهلوة والفقدان المتعمد للبوصلة.
لقد اختطف سماحته الطائفة الشيعية من خاضنتها الوطنية اللبنانية ليلحقها بإيوان يزدجرد، فتصبح وقودا لحروب آيات الله في المنطقة العربية..
وهاهم الملالي يسيطرون علی أربعة عواصم عربية، ولا ندري علی من سيأتي الدور في قادم الأيام.. يقول القس زويمر: {الشجرة يجب أن يقطعَها أحد أبنائها}، فاللغة واحدة والهوى واحد، برمجة من الصعب اختراقها، قطع وذبح فينا يمينة ويسرة: ملالي ودواعش، كل منهما مبرمج على الإنتقام وتشتيت غيره..
كنت أعتقد أنه يجب التفريق بين حزب الله اللبناني "المقاوم" والحوزة العلمية في قم، وكنت أعتقد أن التعامل مع حزب الله شرف، بينما التعامل مع قم خنوع ومذلة، لمعرفتي اللصيقة بمن درسوا فيها أو تزوجوا من هناك، وما يديرون من مخططات {أحيانا بحضوري}، من أيام المعهد وتواصلت حتى قبيل الثورات العربية خارج الوطن وألسنتهم دائما تلهج بالممانعة تغطية.
على الرغم من كل التكاليف التي يتكبدها المواطن في دول خط الممانعة، لم يقدم خط الممانعة المزعوم أي ممانعة حقيقية.. خط الممانعة نكتة أسرت قلوب الكثير، لكنها اليوم أصبحت واضحة.
ما يسمى بالمقاومة سينتهي دورها مع تبدل مصالح إيران. منذ حمورابى إلى اليوم لم يشهد التاريخ أى دولة أو كيان سياسى مشابه للبنان، يمتلك فيه السلاح مجموعة، أو فئة، أو طائفة، أو حزب، بعيدا عن أعين الدولة ومراقبتها، ورغم أنفها، لذلك يجب أن يتم بناء جيش وطني قوي، وإدماج حزب الله بترسانته العسكرية في هذا الجيش.
نشأ حزب اﷲ مقاوما مخاتلا، ونضج ممانعا مخاوزا، وانتهی به المطاف اليوم بعد ارتباطه العضوي بالمشروع الإيراني في المنطقة مجرما قاتلا، وتعبث ميليشياته بشرف السوريات، يجندل السوريين في عقر دارهم، وهم الذين أجاروه ذات صيف قصي.
أنا أقول لأنصار السواد وعشاق العباءة الزينبية سواء هنا في إيطاليا أو هناك في تونس {هم يعرفون أنفسهم وإذا اضطررت لذكر أسمائهم فلن أتراجع} ممن يعيشون على فتات الروافض بين عتبات الحسينيات وسفارات إيران، عرضوا علي قبلكم في وقت مضى، بل منذ سنوات، أموالا، بذريعة تمويل وإنشاء مركز دراسات في روما، وقوبلت دعواتهم بالرفض، فحولوا وجهتهم لأشخاص آخرين أصبحوا اليوم منظرين يتبعهم قلة مغفلين.. لهذا فخ الإغراء بدأ من زمان باستنزاف الفكرة للتسليم بتثبيت الواقع.
لقد انتقلت مشاعري مشاعر عكسية نحو المقاومة، بعد تأمل وتريث أعادني إلى عشايا الحصاد، وأصبح موقفي اليوم من حزب الله موقف متماسك بسبب القناعات المغلوطة التي بنيت في عقليتي نتيجة مسارات وخداع هذا الأخير.
اليوم تنتكس ثورة العرب في بلاد الشام.. بتواجد إيران في قلب النظام العربي، وبفعل واقع قوتها، التي نقلتنا من مفردات السياسة إلى مفردات المذهب.. وهاته القوة مصحوبة بقدر كبير من المرونة والذكاء مكَّنتاها من إدارة معظم المعارك التي خاضتها بطريقة جنَّبتها الوقوع في الهاوية وساعدتها في نهاية المطاف على قطف الثمار بعد طول عناء.
أخبرني أحد الأصدقاء الذين زاروا إيران أخيرا أن "البروباغندا" التي استعانت بها هاته الأخيرة لدعم نظام الأسد كبيرة، حيث استنفرت الحوزات الدينية، وعلقت المنشورات في أضواء الشوارع، ودهنت الجدران بعبارات الدفاع عن فلسطين، في حين أن الهدف العميق لإيران كان الدفاع عن مذهبية.
ما زال جيلي يتذكر حتى الآن ما قاله الإمام الخميني عام 1987 عن "كأس السم" الذي اضطر لتجرعه حين قرر قبول قرار مجلس الأمن لوقف الحرب مع العراق، وبالتالي يمكن أن ندرك الآن أن الجرعة التي قرر الخميني ابتلاعها في ذلك الوقت كانت بمثابة ترياق لإيران، وأصابت صدام حسين بما يكفي من الغرور ما أدى إلى قتله بعد حين..
وهاهي بعض الدول العربية اليوم تقود تحالفا ضد أيران كما فعل صدام من قبل.. أنصحها أن تركز جهدها على علاج أوجه الضعف البنيوي فيها بدلا من البحث عن مواجهة خصم على قدر كبير من الثقة بالنفس بعد نجاحه في إنهاء عقوبات طويلة، أنتج ترسانة صواريخ يصل مداها 3000 كيلومتر..