أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: خفة الفكر اللامعقولة بعد يوم متعب

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jan 2018
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 79
    المواضيع : 21
    الردود : 79
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي خفة الفكر اللامعقولة بعد يوم متعب

    خفة الفكر اللامعقولة بعد يوم متعب


    _تخيل نفسك تطفو فوق صفحة ماء، سكون وهدوء من حواليك، ممددا، وربما غفوت لتتشبع نفسك بهذا الصمت وتمتلئ بهذا الهدوء. كأنك نائم، ليس أكثر، تذكر ما قاله لويس بورخيس أن ننام هو أن ننسى الكون قليلا، فلتنس هذا الكون إذا !! حتى ولو كنت ستتذوق الوهم من هذا الحلم الساحر!
    لا تبد مقاومة للتيار المائي الذي يقودك في اتجاه ما... لاتستطيع أن تحدد بالضبط إلى أين أنت سائر، شمالا أم جنوبا، شرقا أم غربا، لا يهم...
    المهم أنك هنا، الآن، بعيدا عن كل شيء، روحك تتشبع بهذا الهدوء اللذيذ، قليلا، وبإيقاعات موسيقى موزار.. .
    يسترخي جسدك قليلا لإيقاع التيار المائي. كأنما فقدت الشعور بالعالم، بالأشياء والناس، بالحياة كلها.
    لم يعد لأي شيء قيمة تذكر، لا ثمن لهذه اللحظة لهذا الهدوء اللطيف الساحر...
    وضعك في هذه اللحظة شبيه برجل ابن سينا، الطائر في الفضاء. لم تعد تعي شيئا مما حواليك، سوى أنك تفكر. وتمتص روحك شذى لحظة طمأنينة ساحرة.
    يستسلم جسدك العاري للمسات الماء، بريئة، ناعمة كلمسات طفل. للحظة راودتك فكرة انهيار العالم كله، لم يبق في الكون إلا أنت، لا بشـر، ولا حيوان ولا حجر، ولا شجر، ولا زعيق أبواق، لا أدخنة، ولا روائح، ولا دمار ولا شجار، لا هم، ولا غم...
    لا زعيق، ولا نهيق، لا ظلام ولا بريق ...
    لا شيء يهم في هذه اللحظة إلا أنت، غابت الحياة والناس، تتذكر كل شيء كأنه ماض انتهى. حتى مشاعرك أصابها شلل وبرود، أكثر من برودة الماء الذي يلفك حتى فقدت الشعور بأطرافك وجوارحك. كأنما تنبعث من دواخلك قوة دافعة مستقلة عنك، أقوى من كتلتك هي التي تحملك، سلاما أرخميدس...
    تخيل أن تفقد الشعور بأن لك جسدا، لم يعد من شيء يضج بالحياة فيك إلا تفكيرك... ديكارت مر من هنا !!...دعنا من ذلك !... تصبح حركة الفكر متسارعة بشكل مذهل، لا تكاد تمسك بفكرة حتى تنسى فيم تفكر، ومن فكرة إلى عدم وفراغ، ومنه إلى فكرة أخرى وهكذا دواليك...
    لا غرابة أن النوم هو تلك المغامرة المرعبة التي نعيشها كل ليلة !
    فجأة يحدث في ذهنك ما يشبه الزلزال أو الانفجار، في غياب الأشياء والناس، بمعزل عن الحياة وصخبها، بعيدا عن أقربائك وأبنائك، وأحبائك، ...
    رباه ... هل انتهى كل شيء، توقفت موسيقى موزار تبا لديكارت وموزار وأرخميدس والمدير والمكاتب كلها والناس أجمعين….ألن تسمع صوت ابنك الصغير يناديك فاتحا ذراعيه، متجها نحوك سعيدا بعودتك:
    - بابا ... بابا ... .
    يرتعد جسدك على حين غرة، تتقلب بعنف فوق الماء، تغيرت حالة الهدوء والسكينة، ومن حيث لا تدري غمرك شعور بالخوف والقلق ...
    ينتفض جسدك ثانية وثالثة .. تصدر عنك أصوات غريبة ... وتشعر براحة زوجتك فوق جبهتك وهي تبسمل وتحوقل:
    وتقول لك بهدوء:
    -إنه كابوس ... استيقظ لقد حان وقت الذهاب إلى العمل.

    لو كنت باحثا عن ماهية النور، عما يعيدك لبسمة طفلك، فلأن السعادة هنا موجودة داخل هذه الأرض، فوقها... هي هكذا دائما في الإنتظار !!
    ولربما في حال توقع
    ...لو لم تكن هنا قطعا ستسقط منهكا فوق سحب من الظلام ...
    قطعا أنت بحاجة إليها..
    بحاجة إليه..
    بحاجة إليهم جميعا…

    حسن لشهب

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,102
    المواضيع : 317
    الردود : 21102
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    في نص هو أقرب منه إلى النثر منه إلى القصة أخذتنا معك في رحلة راحة واسترخاء لذيذ
    تركنا كل المشاكل والهموم التي ذابت في هذا الهدوء اللطيف الساحر ، وقد غاب الكون
    بما فيه ، وانتفى الجسد وارتقت الروح على أنغام الموسيقى..
    ولكن بعد هذا الإنفلات من العالم وتحرر الروح من ضغوط الحياة ـ فجأة يحدث الزلزال
    أو الإنفجار ـ يفرض الواقع وجوده ويشده الأبناء، الزوجة.. إلى أرض الواقع
    الذي لا نستطيع أن نستغنى عنه.
    بتجليات فكرية وفلسفية قدمت لنا نصا غارقا في بحر من الجمال
    فارتوينا من إبداع قلبك وقلمك
    أقدم كل إعجابي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jan 2018
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 79
    المواضيع : 21
    الردود : 79
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    أشكال الكتابة تنوعت وتعددت وفسحت المجال للتجريب ، ومن هنا لا نتردد في طرق كل الأشكال وفق ما يقتضيه الموضوع وشكل معالجته ونقله للمتلقي .
    لحضورك أستاذتي كل الألق والإثراء المحفز لمزيد من الإنتاج والعمل.
    شكرا لك وكل الاحترام.