أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أكونت ( وهيبة ) .. قصة لمحمد محمود شعبان

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد محمود محمد شعبان أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2012
    المشاركات : 2,176
    المواضيع : 158
    الردود : 2176
    المعدل اليومي : 0.49

    افتراضي أكونت ( وهيبة ) .. قصة لمحمد محمود شعبان

    ( أكَّوِنْت وهيبة )
    قصة لـ / محمد محمود شعبان
    صادفتني ( وهيبة ) منذ عدة أيام، لم يتغير حالها، هي كما هي منذ آخر مرة قابلتها أيام انتخابات مجلس الشعب عام ألفين وخمسة، حيث كنت عضوا حقوقيا مراقبا لسير العملية الانتخابية، عندما رأتني أقبلت عليَّ وكأنها وقعت على ( لِقيّه )، صافحتني قائلة :ـ مرحبا يا أستاذ يا محترم، ثم أمرت الفرقة قائلة :ـ سمعني أحلى سلام مربع .. ( وهيبة ) يتم استئجارها أيام الانتخابات تهتف وترقص وتصطنع الشجار مع المصوتين لمرشحي المعارضة. وهي كذلك إحدى المتابعات لصفحتي على الفيس بوك ( تكلم أنا سامعك ) والتي أستقبل بها عشرات المشكلات والشكاوى الاجتماعية، ثم أصيغها قصصا وأعرضها بجريدة ( بلدنا )، وأذيلها بردود وحلول، وأذكر رسالة ( وهيبة ) منذ ذلك الحين. نعم أذكرها جيدا. وللحق ما زلت حتى الآن في حيرة أتساءل:ـ لم تهتم واحدة كتلك بقراءة باب ( تكلم أنا سامعك )؟!، ربما رغبة دفينة في التغيير.. ورغم أن الرسالة وردتني بأخطاء إملائية لا تعد ولا تحصى، ومعظمها بأسلوب ( الفرانكو ) الذي يجيده مرتادو الفيس بوك أكثر من اللغة العربية حتى هممت بتجاوزها إلا أنني فوجئت بانجذاب غريب لمشكلتها، فقرأتها إلى آخر حرف حين ختمتْها برجاء حار قائلة :ـ أرجوك أرجوك أرجوك اهتم برسالتي يا أستاذ وقل لي الحل المناسب.. لم أجد صعوبة في صياغة قصة مكتملة الأركان من رسالتها، بل كان في الإمكان نقلها كما هي بحذافيرها دون تقديم أو تأخير حرف واحد وهي تقول :ـ
    أنا ( وهيبة اللهلوبه ) اكتسبت هذا اللقب لأني ثرثارة منذ نعومة أظافري، أتكلم خمسمائة كلمة في الدقيقة، جدتي ( عنايات ) ـ الله يرحمها ـ كانت تدعوني أم لسان فالت، ودائما ما كانت تقول لي:ـ طلاق أمك سيكون بسببك. كنت أذهب إليها وأنا صغيرة وأحكي لها كل ما يدور في بيتنا، لم تحاول مرة أن تسكتني بل كانت تنصت لي باهتمام، فإن وجدت خيرا قالت بنفس هادئ مطمئن:ـ الحمد لله. وإن وجدت غير ذلك كانت تتدخل لتحل، وتساعد، هي الوحيدة ـ رحمها الله ـ التي كنت أشعر معها أن للثرثرة فائدة، أما عمتي ( سهير ) فكان يتهلل وجهها وترفع حاجبها الشمال وترتسم على ثغرها ابتسامة خبيثة صفراء بخاصة عندما يقع سمعها على مشاجرة ساخنة بين والديّ، وتقول لي :ـ ها ماذا أيضا يا أم نصف لسان هل ضرب أبوك أمك اليوم. لقد كانت تكره أمي كره العمى، كما كانت ترفض مرافقة جدتي الضريرة إلى بيتنا لحل أي مشكلة، وتقول لها:ـ دعيه يكسر دماغها. فترد عليها جدتي بهَتْمٍ واضح في نطقها:ـ اشكتي انتي يا عانش. ثم تضع يدها على كتفي فأقودها إلى بيتنا.. لا أخفيك سرا يا أستاذ لقد اكتشفت أنني أعاني حالة مرضية تسببت في طلاقي مرتين. أنا أتحدث أثناء نومي، وكثيرا ما أستيقظ على صوتي العالي، وبالفعل كما تنبأتْ جدتي ( عنايات) ـ الله يرحمها ـ انفصلت أمي عن أبي بسببي، سمعتني ذات مرة وأنا نائمة أروي تفاصيل استقبال أبي لجارتنا اللعوب ( شاكيرا ) بنت ( أم هاني ) صاحبة كشك السجائر والتي كثيرا ما كان يستغل غياب أمي فيلتقيها في شقتنا ويقضيا معا وقتا طويلا داخل غرفة النوم. كبرت وكبر معي مرضى وتطور، وعملي الدائم الآن الذي أكسب منه نقودا جيدة هو ( التأليف )!. لا تتعجب، نعم التأليف. أنا أحسن واحدة تشهد الزور أمام أكبر قاض ولا يستطيع أي محام أن يوقعني في المناقشات، فقط أسمع المشكلة من صاحبها وألتقط طرف الخيط ثم يتركون الباقي لي فأبدع أمام المحكمة، وطبعا يلزم الأمر تغيير الشكل والصوت وطريقة الكلام مرة بعد مرة حتى لا يكتشف أمري، كما صرت متعهدة، وأصبح لي تلامذة ومساعدون أستعين بهم في أحيان كثيرة. حتى لا أطيل عليك ـ يا أستاذ ـ الخلاصة أنني دائما ما يوقعني حظي بأناس يستغلونني، ورغم إدراكي التام لمدى جرم ما أفعل، إلا أنني لا أجد متعة في غيره!. نعم متعة، وكأنها شهوة تغمرني فأشعر كأني في عالم ساحر، وكما علمت لقد بات مرضي هذا عملي و(أكل عيشي)..
    شغلت ( وهيبة ) تفكيري لبرهة، لكنني كنت متأكدا أن حل مشكلتها ليس عندي بل مع إخصائي اجتماعي، أوطبيب نفسي، ورغم ما لدي من قراءات واطلاعات عديدة بهذا التخصص لصلته الوثيقة بمجالي إلا أنني لم أستطع إيجاد حل لها، فمشكلتها اجتماعية صرفة لها أسبابها المتجذرة فتتفاقم بها وتنمو وتتشعب، ولن تنتهي أبدا إلا باجتثاث تلك الأسباب. بل كأنه فَيْرَس تماما ينمو ويتكاثر حيث تتوافر بيئته الملائمة.. ساعتها قطع تفكيري اتصال هاتفي من رئيس مجلس إدارة الجريدة يخبرني أن كبير الممولين مرشح نفسه في الانتخابات ولا غنى لنا عن إعلاناته ونريد أن نخدمه، فلم أجد بدا من ترك حيرتي وتساؤلي جانبا وأعطيته ( أكونت وهيبة ) على الفيس بوك..
    تمت 6/4/2018

    أسعدني بإضافة facebook
    mohammad shaban

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,125
    المواضيع : 317
    الردود : 21125
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    ( وهيبة اللهلوبة)..
    قصة طريفة لشخصية غريبة ولكنها موجودة في الوسط الشعبي بكثرة
    تشهد زور، وتؤلف القصص حول ذلك ـ وتهتف وترقص وتهلل لمن استئجرها في الإنتخابات
    وأما ان يكون لوهيبة أكونت على الفيس بوك فهذا هو التجديد بعينه.
    قصة ماتعة الفكرة، ثرة البيان، ألقة التعابير، وسرد ماتع
    بلغة سلسة وحبكة متقنة برعت في نقل صورة حية لواقع تعيشه الكثيرات
    ومحتوى قصصي يعرض لبعض ما في المجتمع من نماذج سلبية فكريا وأخلاقيا.
    أحسنت القص مبدعنا ـ لا حرمك الله البهاء.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد محمود محمد شعبان أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2012
    المشاركات : 2,176
    المواضيع : 158
    الردود : 2176
    المعدل اليومي : 0.49

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    ( وهيبة اللهلوبة)..
    قصة طريفة لشخصية غريبة ولكنها موجودة في الوسط الشعبي بكثرة
    تشهد زور، وتؤلف القصص حول ذلك ـ وتهتف وترقص وتهلل لمن استئجرها في الإنتخابات
    وأما ان يكون لوهيبة أكونت على الفيس بوك فهذا هو التجديد بعينه.
    قصة ماتعة الفكرة، ثرة البيان، ألقة التعابير، وسرد ماتع
    بلغة سلسة وحبكة متقنة برعت في نقل صورة حية لواقع تعيشه الكثيرات
    ومحتوى قصصي يعرض لبعض ما في المجتمع من نماذج سلبية فكريا وأخلاقيا.
    أحسنت القص مبدعنا ـ لا حرمك الله البهاء.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    دائما نسعد بمرورك أديبتنا الفاضلة لا حرمناه وبوركت جهودك الطيبة بواحتنا العامرة