أحدث المشاركات
صفحة 4 من 4 الأولىالأولى 1234
النتائج 31 إلى 35 من 35

الموضوع: اللوْحةُ والعنكبوت

  1. #31
    الصورة الرمزية خالد صبر سالم شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    المشاركات : 2,125
    المواضيع : 42
    الردود : 2125
    المعدل اليومي : 0.53

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عناية الجابي مشاهدة المشاركة
    ما شاء الله..ما شاء الله..
    وقفت مليا على ما فيها من جمال أخاذ..لقد طوعت الحروف ..فأصبحت تنساب من سلسبيل يراعك...فتروي أرواحنا العطشى لرقة ونقاء وجمال القصيد..لله درك..ولا فض فوك.
    دمت بخير ..وسلم ذراعك..ويراعك.
    سيدتي الشاعرة الرائعة الاستاذة عناية
    شكرا لك على هذا الحضور البهي وبهذه الكلمات النابعة من احساسك المرهف
    دمت بكل خير
    احترامي ومودتي

  2. #32
    الصورة الرمزية أحمد الجمل شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2014
    الدولة : مصر
    العمر : 54
    المشاركات : 3,318
    المواضيع : 148
    الردود : 3318
    المعدل اليومي : 0.89

    افتراضي

    الله الله الله
    أي سحر هذا ، أستاذنا الفاضل وشاعرنا المبدع الراقي / خالد صبر سالم !!!
    ما شاء الله تبارك الله
    لوحة فنية مبهرة ساحرة آسرة
    تشبع النفس المتعطشة لسحر البيان
    سلمت وسلم قلبك ولسانك
    وأسعد الله كل أوقاتك
    تحيتي ومحبتي

  3. #33
    الصورة الرمزية خالد صبر سالم شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    المشاركات : 2,125
    المواضيع : 42
    الردود : 2125
    المعدل اليومي : 0.53

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد الجمل مشاهدة المشاركة
    الله الله الله
    أي سحر هذا ، أستاذنا الفاضل وشاعرنا المبدع الراقي / خالد صبر سالم !!!
    ما شاء الله تبارك الله
    لوحة فنية مبهرة ساحرة آسرة
    تشبع النفس المتعطشة لسحر البيان
    سلمت وسلم قلبك ولسانك
    وأسعد الله كل أوقاتك
    تحيتي ومحبتي
    أخي شاعرنا المبدع الاستاذ أحمد
    يسعدني ويشرفني وجودك بالقرب من كتاباتي لانه وجود الإحساس المتدفق بالرهافة ومحبة الكلمة الشعرية الجميلة
    شكراً لك على هذه الإطلالة المشرقة
    دمت بكل خير
    خالص احترامي ومحبتي

  4. #34
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي



    السلام عليكم
    يصيغ الأستاذ الشاعر الكبير في هذه القصيدة تجربة الصراع الإنساني الحضاري الخالد بين الجمال والقبح .
    قطبان يتجاذبان تجربة الوجدان الإنساني في وجوده وخصوصية هذا الوجود .
    ليس ثمة بين المخلوقات كائن آخر يتفاعل بفطرته مع معطيات الجمال كما يفعل الإنسان . وبالمقابل ، ليس ثمة من يتأزم ويتأثر بمعطيات القبح كمضاد معنوي للجمال ، مثله أيضاً. ولذا فإن هذه القصيدة تجعل من معاناة التجربة الجمالية ومن وجهة نظر الإنسان الفنان خلاصة لكل أشكال الصراع بين الخير والشر بين العدل والظلم بين الزيف والحقيقة؛ فكل ذلك لا يعدو أن يكون في جوهره ومعناه العميق نوعاً واحداً من الصراع الخالد الذي يدور بين الجمال القبح، ويلخصه عنوان القصيدة الذكي ( اللوحة والعنكبوت ) الذي تمثل فيه اللوحة معطيات الجمال ، ويمثل فيه العنكبوت تأثير القبح في محاولته تشويه الجمال وطمسه. غير أن الشاعر الكبير خالد صبر سالم يبدأ تصوير الصراع بانتصار القبح الذي خلَف وراءه جثث الألون وجنازات الخيال

    جُـثـَثُ الألـْوان ِوالـفـنِّ الـقـتـيــــلْ
    ******
    * فـوقَ لـَوْح ٍ ناتئ ِ الوَهْــم ِ نَـحيـلْ
    وجـنـــــازاتُ خـيـــــــالٍ ورُؤى
    ******* شــَيَّعتـْهــا شــَـهْقة ُ الليلِ الطويلْ
    وآثار دمار الجمال (الفن القتيل ) لن تورث إلا البؤس والعطش وسقوط رمز السلام ( غصن الزيتون ).
    سَــــقـَط َالبُؤسُ علـى أرْجائِهــــــا
    ******* واسْــتباحتـْهــا ظـنونُ المسـتحيلْ
    فإذا الأرضُ شــقـوقٌ عطِـشَــــــتْ
    ******* مثلَ أفواهِ الـرجــاءِ المُسْـــــتـقيـلْ
    وإذا الـزيـتــونُ أضـْحـى غـصْـنُـهُ
    ******* كعَصـا تـَهوي على جسْـــــم ٍنحيلْ
    ويبدو مرأى هذه الآثار أشد إيلاماً للروح مع مقارنته بما سيكون عليه الحال لو أن الجمال هو الذي انتصر واستمر واحتل العالم
    أينَ منهــــا مَنظــرٌ مُعْشـَــوشِـــبٌ
    ******* كـانَ فـيــــهِ النهـْرُ مِرآة َ نخيلْ ؟!
    وســـــماءٌ أرْسَــلـَتْ أنجمَهــــــا؟!
    ******* فاسْـــتحَمَّتْ في مِياهِ السَــلسَــبيلْ
    وأراجيـحُ سَـــمَتْ أعْيـادُهــــــا؟!
    ******* ولـقـدْ مـالـَتْ بهـــــا حَـيـْثُ تـميـلْ
    صور شعرية فنية صاغها الشاعر بتكثيف لغوي خبير لفتت انتباهي بقوة أولاها في البيت
    أينَ منهــــا مَنظــرٌ مُعْشـَــوشِـــبٌ
    ******* كـانَ فـيــــهِ النهـْرُ مِرآة َ نخيلْ ؟!
    لأن في التركيب المكوَّن من ثلاث كلمات ( النهر مرآة النخيل ) بلاغة وبيان يستحقان الإعجاب . فهنا جاءت دلالة مفردة ( مرآة ) في مكانها الدقيق المناسب لتختصر أبعاد الصورة وتمثلها تمثيلاً حسيَا بصرياً ،يعبر عن خاصية الانعكاس الضوئي الذي يشترك به سطح الماء في النهر مع المرآة العاكسة المصقولة . وعلى الرغم من تداول الصورة وكونها ليست جديدة ، إلا أن البلاغة اللغوية باستخدام الإضافة لصنع التشبيه البليغ في هذا النوع من البيان كان رائعاً.
    لوْحــَـة َالروح : أجيبي: مَنْ تـُرى
    ******* قـَتـَلَ الألـوانَ والـفـنَّ الـجميـلْ ؟!

    فـأحـالَ الـنهــرَ فـيـــــــهِ بَـلـْقـَعـــا ً
    ******* لا زهـورٌ فيـــــهِ ، لا ظـلٌ ظـلـيـلْ
    هذا السؤال الموجَّه للوحة كان في حقيقته موجهاً بأسلوب غير مباشر للمتلقي، ليكون تمهيداً لجذب اهتمامه إلى مصدر الشر، الذي قتل الفن ودمَّر اللوحة وهو القبح .
    وتتوالى الأسئلة وللغرض ذاته ، مع تطوير السياق المعنوي الذي يصل في النهاية إلى إقناع القارئ بأنه القبح فقط هو منبع كل شر .

    لـوْحـة َالـروحِ : لِمَ الفـنُّ يموتْ؟!
    ******* ولمـاذا كـفـّـَنـتـْـهُ الـعـنـكـبــوتْ ؟!
    ولِمَ العـصـــفـورُ مَصـلـوبٌ علــى
    ******* أضلعِ القــيدِ وأوهام ِالســــكوتْ؟!
    ولِمَ الـعَــوْرة ُ والـقـبْـحُ بهــــــــــا
    ******* رَفضَتْ أنْ تكـْتسي حتـّى بتوتْ؟!
    في البيت الأخير أعلاه يربط الشاعر ما بين كشف العورة التي رفضت أن تكتسي حتى بورق التوت، وهو أضعف الإيمان، إن جاز التعبير وبين القبح .
    وربما يقودنا هذا إلى تحليل الرؤيا الفلسفية للشاعر، والتي يرى من خلالها أن معالم القبح تتمثل بالمجاهرة بالسوء .
    فشتان بين السوء الذي يرتكبه الإنسان عفوياً أو بدون قصد ، والسوء الذي يروِّج له ويُنادى به . كلاهما عورة ، ولكن العورة المُجاهِرة هي التي تمثل الخطر المحدق بضياع القيم الجمالية ( الأخلاقية ) ضياعاً لا رجعة منه ولا خلاص.
    وكما هو متوقع فإن الشاعر بوصفه مناصراً قوياً للجمال فإن دعوته لإحياء الجمال لن تتوقف . وهكذا يرسل الشاعر قلمه ليصور سلاسل مترابطة من الصور والانطباعات الجمالية الماثلة في ذهن كل إنسان، تحضر في كامل روعتها وتألقها ولو على شكل ذاكرة تنسجها الأسئلة الملحة المتوالية، لتعيد رسم العالم كما ينبغي له أن يكون


    ***
    لوحتي الفضلى: أما مِنْ ريشــــــةٍ
    ******* تفرُشُ الحُسْنَ على الوجهِ الكئيبِ؟

    فـأرى الألــْوانَ زُفـّـتْ كـُلـُّهـــــــــا
    ******* كعـروســــــاتٍ إلـى حفـْل ٍعجـيـب

    وأرى الـغـابــة َ ، مـا مِـنْ بُومـــةٍ
    ******* صَـوتُهــا يُخـْرسُ عَزْفَ العندليبِ
    وأرى النهْـرَ ضَــحوكـــــا ًمَوجُـــهُ
    ******* يُرسِلُ الخِصْبَ إلى الوادي الجَديبِ
    وشِـــــباكــا ًغـَمرَتْ صــيّادَهـــــــا

    ******* أمَـلا ً غـنـّـاهُ فــي لـَحْـن ٍ طــروب
    وصَـبـيّــــــا ً ، حَـرّرَتْ طـيّـــــارة ٌ
    ******* نفسَها مِنْ خيطهِ الواهي الشحوبِ
    وزَهَــتْ ألـوانـُهــــــــــا عـاليــــــة ً
    ******* ثـُمَّ ضاعَـتْ بيـنَ ألوان ِ الـمَغـيـبِ
    وأراجيـحَ ، احْملـينـي فـوقـَهـــــــا
    ******* فأنــا طـفـْـلٌ وانْ لاحَ مَشـــــيـبـي
    وارْســـميـنـي و فـراشــــاتٍ ، أنـا
    ******* خلـْفـَهــا أعـدو ، ولا عـينَ رقيــبِ
    وغصــونــــا ً بالـنـدى مُخـضـَلـَّــةً
    ******* تـَنشـــُــرُ الظِلَّ وأنـْفـاسَ الطيـوبِ

    أوْ على الرمْلِ اتـْركيني راســِــــما ً
    ******* مِنْ ظنونِ الشـوق ِوجْهـا ً لحبيبي

    ويختم الشاعر تساؤلاته بإعادة القارئ إلى حقيقة الواقع الذي لم تفارقه حقيقة استبداد القبح واستشهاد الفن منبع الجمال الإنساني وتعليقه فوق صليب كضحية لذنوب البشر في اعتناقهم القبح سلوكاً وعقيدة.


    لوْحتي الفـُضلى: أما مِنْ ريشـــــة ٍ
    ******* ترْسُــــمُ الغابـةَ أشــْـــجارَ قلـوبِ؟
    اسْـــــــــــتـَبَـدَّ الـقـُبْحُ بالـفـنِّ وقــدْ
    ******* عُلـِّقـَتْ ريشـــَــــتـُهُ فـوقَ صَــليبِ
    وتبقى النصيحة الأخيرة التي يصر الشاعر على تقديمها للإنسان في ختام القصيدة كي لا يخرج القارئ خائب الشعور من عدم انتصار الجمال.
    فالنصيحة: أن يصون كل فنان لوحته ويؤطرها بنبض قلبه حرصاً عليه من عنكبوت حاقد يخطط لتغليفها وطمسها بخيوطه القبيحة التي تشوه الجمال انتصاراً للقبح.

    إنـّما ــ مَهْـلا ًــ إذا مـا ريشـــــــــة ٌ
    ******* رَسَــــــمَتْ لوحــة َ فـنٍّ لا يـمــوتْ
    فلـْتؤطـّرْهــــــا بنبْـضِ الـقـلـبِ مِنْ
    ******* هَـــجْمَـةٍ حــاقــِـــدةٍ مـِنْ جَـبـَروتْ
    ولـْتصُنـْهـــــا ، ربّمــا يَخـْنـُقـُهـــــا
    ******* بخيـوطٍ منــْهُ قـُبْـحُ الـعـنكبــــــوتْ
    قصيدة من أرقى ما قرأت في موضوعها أجاد الشاعر الكبير المبدع خالد صبر سالم كعادته بناءها الفني المتسلسل منطقيا ، كما أحسن وتألق في تصوير المعاني تصويراً حسيا جماليا حمل رؤيته الفلسفية بشفافية وصفاء .

    ولكم التحية ولما تبدعون

  5. #35
    الصورة الرمزية خالد صبر سالم شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    المشاركات : 2,125
    المواضيع : 42
    الردود : 2125
    المعدل اليومي : 0.53

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثناء صالح مشاهدة المشاركة


    السلام عليكم
    يصيغ الأستاذ الشاعر الكبير في هذه القصيدة تجربة الصراع الإنساني الحضاري الخالد بين الجمال والقبح .
    قطبان يتجاذبان تجربة الوجدان الإنساني في وجوده وخصوصية هذا الوجود .
    ليس ثمة بين المخلوقات كائن آخر يتفاعل بفطرته مع معطيات الجمال كما يفعل الإنسان . وبالمقابل ، ليس ثمة من يتأزم ويتأثر بمعطيات القبح كمضاد معنوي للجمال ، مثله أيضاً. ولذا فإن هذه القصيدة تجعل من معاناة التجربة الجمالية ومن وجهة نظر الإنسان الفنان خلاصة لكل أشكال الصراع بين الخير والشر بين العدل والظلم بين الزيف والحقيقة؛ فكل ذلك لا يعدو أن يكون في جوهره ومعناه العميق نوعاً واحداً من الصراع الخالد الذي يدور بين الجمال القبح، ويلخصه عنوان القصيدة الذكي ( اللوحة والعنكبوت ) الذي تمثل فيه اللوحة معطيات الجمال ، ويمثل فيه العنكبوت تأثير القبح في محاولته تشويه الجمال وطمسه. غير أن الشاعر الكبير خالد صبر سالم يبدأ تصوير الصراع بانتصار القبح الذي خلَف وراءه جثث الألون وجنازات الخيال

    جُـثـَثُ الألـْوان ِوالـفـنِّ الـقـتـيــــلْ
    ******
    * فـوقَ لـَوْح ٍ ناتئ ِ الوَهْــم ِ نَـحيـلْ
    وجـنـــــازاتُ خـيـــــــالٍ ورُؤى
    ******* شــَيَّعتـْهــا شــَـهْقة ُ الليلِ الطويلْ
    وآثار دمار الجمال (الفن القتيل ) لن تورث إلا البؤس والعطش وسقوط رمز السلام ( غصن الزيتون ).
    سَــــقـَط َالبُؤسُ علـى أرْجائِهــــــا
    ******* واسْــتباحتـْهــا ظـنونُ المسـتحيلْ
    فإذا الأرضُ شــقـوقٌ عطِـشَــــــتْ
    ******* مثلَ أفواهِ الـرجــاءِ المُسْـــــتـقيـلْ
    وإذا الـزيـتــونُ أضـْحـى غـصْـنُـهُ
    ******* كعَصـا تـَهوي على جسْـــــم ٍنحيلْ
    ويبدو مرأى هذه الآثار أشد إيلاماً للروح مع مقارنته بما سيكون عليه الحال لو أن الجمال هو الذي انتصر واستمر واحتل العالم
    أينَ منهــــا مَنظــرٌ مُعْشـَــوشِـــبٌ
    ******* كـانَ فـيــــهِ النهـْرُ مِرآة َ نخيلْ ؟!
    وســـــماءٌ أرْسَــلـَتْ أنجمَهــــــا؟!
    ******* فاسْـــتحَمَّتْ في مِياهِ السَــلسَــبيلْ
    وأراجيـحُ سَـــمَتْ أعْيـادُهــــــا؟!
    ******* ولـقـدْ مـالـَتْ بهـــــا حَـيـْثُ تـميـلْ
    صور شعرية فنية صاغها الشاعر بتكثيف لغوي خبير لفتت انتباهي بقوة أولاها في البيت
    أينَ منهــــا مَنظــرٌ مُعْشـَــوشِـــبٌ
    ******* كـانَ فـيــــهِ النهـْرُ مِرآة َ نخيلْ ؟!
    لأن في التركيب المكوَّن من ثلاث كلمات ( النهر مرآة النخيل ) بلاغة وبيان يستحقان الإعجاب . فهنا جاءت دلالة مفردة ( مرآة ) في مكانها الدقيق المناسب لتختصر أبعاد الصورة وتمثلها تمثيلاً حسيَا بصرياً ،يعبر عن خاصية الانعكاس الضوئي الذي يشترك به سطح الماء في النهر مع المرآة العاكسة المصقولة . وعلى الرغم من تداول الصورة وكونها ليست جديدة ، إلا أن البلاغة اللغوية باستخدام الإضافة لصنع التشبيه البليغ في هذا النوع من البيان كان رائعاً.
    لوْحــَـة َالروح : أجيبي: مَنْ تـُرى
    ******* قـَتـَلَ الألـوانَ والـفـنَّ الـجميـلْ ؟!

    فـأحـالَ الـنهــرَ فـيـــــــهِ بَـلـْقـَعـــا ً
    ******* لا زهـورٌ فيـــــهِ ، لا ظـلٌ ظـلـيـلْ
    هذا السؤال الموجَّه للوحة كان في حقيقته موجهاً بأسلوب غير مباشر للمتلقي، ليكون تمهيداً لجذب اهتمامه إلى مصدر الشر، الذي قتل الفن ودمَّر اللوحة وهو القبح .
    وتتوالى الأسئلة وللغرض ذاته ، مع تطوير السياق المعنوي الذي يصل في النهاية إلى إقناع القارئ بأنه القبح فقط هو منبع كل شر .

    لـوْحـة َالـروحِ : لِمَ الفـنُّ يموتْ؟!
    ******* ولمـاذا كـفـّـَنـتـْـهُ الـعـنـكـبــوتْ ؟!
    ولِمَ العـصـــفـورُ مَصـلـوبٌ علــى
    ******* أضلعِ القــيدِ وأوهام ِالســــكوتْ؟!
    ولِمَ الـعَــوْرة ُ والـقـبْـحُ بهــــــــــا
    ******* رَفضَتْ أنْ تكـْتسي حتـّى بتوتْ؟!
    في البيت الأخير أعلاه يربط الشاعر ما بين كشف العورة التي رفضت أن تكتسي حتى بورق التوت، وهو أضعف الإيمان، إن جاز التعبير وبين القبح .
    وربما يقودنا هذا إلى تحليل الرؤيا الفلسفية للشاعر، والتي يرى من خلالها أن معالم القبح تتمثل بالمجاهرة بالسوء .
    فشتان بين السوء الذي يرتكبه الإنسان عفوياً أو بدون قصد ، والسوء الذي يروِّج له ويُنادى به . كلاهما عورة ، ولكن العورة المُجاهِرة هي التي تمثل الخطر المحدق بضياع القيم الجمالية ( الأخلاقية ) ضياعاً لا رجعة منه ولا خلاص.
    وكما هو متوقع فإن الشاعر بوصفه مناصراً قوياً للجمال فإن دعوته لإحياء الجمال لن تتوقف . وهكذا يرسل الشاعر قلمه ليصور سلاسل مترابطة من الصور والانطباعات الجمالية الماثلة في ذهن كل إنسان، تحضر في كامل روعتها وتألقها ولو على شكل ذاكرة تنسجها الأسئلة الملحة المتوالية، لتعيد رسم العالم كما ينبغي له أن يكون


    ***
    لوحتي الفضلى: أما مِنْ ريشــــــةٍ
    ******* تفرُشُ الحُسْنَ على الوجهِ الكئيبِ؟

    فـأرى الألــْوانَ زُفـّـتْ كـُلـُّهـــــــــا
    ******* كعـروســــــاتٍ إلـى حفـْل ٍعجـيـب

    وأرى الـغـابــة َ ، مـا مِـنْ بُومـــةٍ
    ******* صَـوتُهــا يُخـْرسُ عَزْفَ العندليبِ
    وأرى النهْـرَ ضَــحوكـــــا ًمَوجُـــهُ
    ******* يُرسِلُ الخِصْبَ إلى الوادي الجَديبِ
    وشِـــــباكــا ًغـَمرَتْ صــيّادَهـــــــا

    ******* أمَـلا ً غـنـّـاهُ فــي لـَحْـن ٍ طــروب
    وصَـبـيّــــــا ً ، حَـرّرَتْ طـيّـــــارة ٌ
    ******* نفسَها مِنْ خيطهِ الواهي الشحوبِ
    وزَهَــتْ ألـوانـُهــــــــــا عـاليــــــة ً
    ******* ثـُمَّ ضاعَـتْ بيـنَ ألوان ِ الـمَغـيـبِ
    وأراجيـحَ ، احْملـينـي فـوقـَهـــــــا
    ******* فأنــا طـفـْـلٌ وانْ لاحَ مَشـــــيـبـي
    وارْســـميـنـي و فـراشــــاتٍ ، أنـا
    ******* خلـْفـَهــا أعـدو ، ولا عـينَ رقيــبِ
    وغصــونــــا ً بالـنـدى مُخـضـَلـَّــةً
    ******* تـَنشـــُــرُ الظِلَّ وأنـْفـاسَ الطيـوبِ

    أوْ على الرمْلِ اتـْركيني راســِــــما ً
    ******* مِنْ ظنونِ الشـوق ِوجْهـا ً لحبيبي

    ويختم الشاعر تساؤلاته بإعادة القارئ إلى حقيقة الواقع الذي لم تفارقه حقيقة استبداد القبح واستشهاد الفن منبع الجمال الإنساني وتعليقه فوق صليب كضحية لذنوب البشر في اعتناقهم القبح سلوكاً وعقيدة.


    لوْحتي الفـُضلى: أما مِنْ ريشـــــة ٍ
    ******* ترْسُــــمُ الغابـةَ أشــْـــجارَ قلـوبِ؟
    اسْـــــــــــتـَبَـدَّ الـقـُبْحُ بالـفـنِّ وقــدْ
    ******* عُلـِّقـَتْ ريشـــَــــتـُهُ فـوقَ صَــليبِ
    وتبقى النصيحة الأخيرة التي يصر الشاعر على تقديمها للإنسان في ختام القصيدة كي لا يخرج القارئ خائب الشعور من عدم انتصار الجمال.
    فالنصيحة: أن يصون كل فنان لوحته ويؤطرها بنبض قلبه حرصاً عليه من عنكبوت حاقد يخطط لتغليفها وطمسها بخيوطه القبيحة التي تشوه الجمال انتصاراً للقبح.

    إنـّما ــ مَهْـلا ًــ إذا مـا ريشـــــــــة ٌ
    ******* رَسَــــــمَتْ لوحــة َ فـنٍّ لا يـمــوتْ
    فلـْتؤطـّرْهــــــا بنبْـضِ الـقـلـبِ مِنْ
    ******* هَـــجْمَـةٍ حــاقــِـــدةٍ مـِنْ جَـبـَروتْ
    ولـْتصُنـْهـــــا ، ربّمــا يَخـْنـُقـُهـــــا
    ******* بخيـوطٍ منــْهُ قـُبْـحُ الـعـنكبــــــوتْ
    قصيدة من أرقى ما قرأت في موضوعها أجاد الشاعر الكبير المبدع خالد صبر سالم كعادته بناءها الفني المتسلسل منطقيا ، كما أحسن وتألق في تصوير المعاني تصويراً حسيا جماليا حمل رؤيته الفلسفية بشفافية وصفاء .

    ولكم التحية ولما تبدعون
    ماذا عساني أن أقول أمام هذه القراءة الرائعة للقصيدة؟
    حقا انك غوّاصة بارعة تغوصين إلى أعماق المعاني الشعرية وتستنطقين الكلمات وتنفخين فيها روحا جديدة باهرة
    سيدتي الشاعرة والناقدة المبدعة الاستاذة ثناء
    لا اخفيك انني أكون في حالة احتفال وبطقوس الانتشاء والفرح عندما يمرّ قلمك المبدع يعرّي قصائدي ليكشف ما فيها من مكنونات أرجو أن تكون جميلة ترقى إلى ذائقتك الأدبية الشفيفة
    شكرا لك على كل حرف نابض بالذوق البهي في قراءتك البارعة
    دمت بسعادة وإبداع وجمال
    خالص احترامي واعتزازي ونفحات مودتي

صفحة 4 من 4 الأولىالأولى 1234