الشعوب العربية والشعوب الإسلامية مغانيط متنافرة

الشعوب العربية والشعوب الإسلامية شعوب تموضعت في الموضع الخطأ فأصبحت مغانيط متنافرة، ولكي تتموضع في الموضع الصحيح وجب أن تتحول إلى الجهات غير المتنافرة حتى يمكن أخذ الوضع الصحيح للعيش لمبدئها وحضارتها.
وبمعنى آخر فإن المغناطيس له قطبان: شمالي وجنوبي، فالشمالي إذا تقابل مع الجنوبي تجاذبا، ولكن إذا تقابل الجنوبي بالجنوبي تنافرا، وكذلك الشمالي بالشمالي، وعليه فالشعوب العربية والشعوب الإسلامية قد تموضعت في بلاد مختلفة ولكن حضارتها ووجهة نظرها وطريقة عيشها واحدة فكان لا بد من التجاذب إلى درجة الانصهار في بوتقة نفس الحضارة، وكان لابد من عودتها إلى وضعها الطبيعي، فهي تعيش اليوم موسم حصاد الوهم، وتحيا الحياة الشاذة، ولكي تعود إلى وضعها الطبيعي وجب أن تختار قائدا لها لا يكون من جنس البشر، بل يكون من جنس الفكر، لأن الفكر سابق على البشر، فهو موجود قبل البشر، وحين وُجد البشر وجدوا جَهَلَة خاوين من أية معرفة وأي فكر، فمنحوا الفكر والمعرفة من طرف خالقهم، وهذا الخالق جلّ وعلا هو الذي اصطفى لهم العيش على طريقة خاصة يمتازون بها عن سائر الناس علما بأن طريقتهم غير ممنوعة عن أحد إذا استهدفها خصوصا وأنها جذابة لما فيها من فكر يقنع العقل ويوافق الفطرة ويملأ القلب بالطمأنينة، فهم يدعون إليها دون إكراه، ولكن واقعهم اليوم قد صدّهم عنها بالقوة والقهر إلى درجة أن حيل بينهم وبين العيش لمبدئهم وحضارتهم وشريعتهم فكانت القيادة التي يجب أن تقودهم قيادة فكرية حتى لا يتعلق الإنسان بالسلطة ويتخذها هدفا له، فلا يهم من يحكمنا ويقودنا إلا القيادة الفكرية، وبطبيعة الحال لن يقودنا إلا البشر ممن يحملون وجهة نظرنا، وهذا القائد بمثابة التيار الكهربائي المار في المغناطيس، فإذا مر التيار الكهربائي في المغناطيس وحّد اتجاهه وشكّل قوةً دفعَ به نحو الأعلى، والعلوّ شأننا، والحضيض شأن غيرنا، أو هو ذلك المغناطيس الذي تتجمع حوله برادة الحديد، فنحن جزيئات الحديد تسير في ركابها من معدن الحديد غير مرتبة وفي اتجاهات مختلفة ولكنك إذا قرَّبت منها مغناطيسا توّحدت جزيئاتها وأخذت نفس مسار المغناطيس لأن هذا الأخير له جزئيات تسير في اتجاه واحد، هكذا نتصور قائدنا إلى العز والسؤدد، فكان الأصل أن يتم التمسك بالقيادة الفكرية لأنها هي التي ستصنع لنا من جنسنا القيادة المُلْهَمَة، أما القيادة غير الفكرية دون التقيد بما ذكر فإلى زوال، وعليه فالأجدر والأأمن لنا أن نسوِّد الفكر ولا نسِّود الناس، وكان مما ليس منه بد رفع يد الأجنبي عنا وعن بلادنا وعن مقدراتنا حتى نحيا ونعيش لمبدئنا وحضارتنا وشريعتنا، ونسلم من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعليمية والقضائية وغيرها التي نبتت بيننا وهي ليست من طبيعة عيشنا، ولا ناتجة عن العيش لمبدئنا وحضارتنا، والطريق إلى ذلك مرسوم في نفس القيادة الفكرية التي اخترناها، فما علينا إلا أن نذهب إليها ونتبناها.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
محمد محمد البقاش أديب ومفكر مغربي من طنجة
طنجة في: 04 يونيو 2018م