أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: حَبَنْظَل بَظاظا الفصلُ السابع

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Nov 2017
    المشاركات : 94
    المواضيع : 35
    الردود : 94
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي حَبَنْظَل بَظاظا الفصلُ السابع

    حَبَنْظَلْ بَظاظاْ
    الحلقةُ السابعة
    المكتبُ العصريُ السابقْ، اختفت الكراسي التي خَلْفَ الطاولة
    يُسْمعُ صوتاً لا يُرى صاحبَهُ آتياً من جهةِ الطاولة.
    أيتها السيدات أيها السادة:
    أُقدمُ لكم نفسي وبِلاَ فَخر أنا حبَنْظَل بَظاظاْ التاسعُ عشر.
    أنا حفيدُ السلاطين وسليلُ الأشرافَ والمَيامين.
    أنا سلطانُ كُلَّ البهائمِ والبشر
    أنا موجودٌ مادامَ الوجود، وأنا حيٌّ ما استمرت الحياة.
    مهيمنٌ على كل زمانٍّ ودهر.
    إنكم أيها السادة تسمعون صوتي، لكنكم لا تُبصرون شخصيتي المتجددة.
    المشكلةُ ليست عندي، بَل في عيونِكم الكَليلَةَ المُرمَدَة.
    أَنتم تعتقدون أنكم تَرَون، لكنَّ واقعَ حالِكُم يؤكدُ أنَّكُم لاَ تُبصِرونْ.
    والفَرْقُ شاسعٌ أيها السادة بين الرؤيةِ والأِبصار.
    كالفارق تماماً بينَ الليلِ والنَهار.
    هيا ثَبِّتوا أمامَ عيونِكم الكَليلةِ المَناظيرَ المكبرة.
    وأبصِروني واقفاً أُلَوِّحُ لكم بيَدي إلى جانبِ المسطرة.
    وها أنا اقفِزُ عالِياً وأقفُ على المِحْبرة.
    هل رأيتموني الآنَ أيها السادة، وسَلمْتُم بأنَّ العجزَ هو في حواسِّكُم.
    وأنَّكم بحاجةٍ إلى مَناظيرٍ وسمّاعاتٍ ومجَسّات.
    لتُدرِكوا حقيقَةَ الأشياء من حولِكم.
    والحقيقةُ الحقَّة هي ما تُبصروهُ الآن من خلالِ المَناظير.
    ماردٌ عظيمٌ لا نِدٌّ لهُ ولا نظير.
    ماردٌ مازالَ يحكمُكم من جيلٍ إلى جيل، من يومِ أن قتَلَ هابيلَ قابيل.
    مَيِّزةٌ أسبغَتْها السماءُ علينا أنا وأجدادي.
    وستكونُ رغماً عنكم لأولادي وأحفادي.
    لِنَكونَ وحدنا أصحاب السلطة والحِكمة والمآثر والكرامات.
    وأنتم ما فَتِئتُم تفْتُنُكُم التفاهاتُ والتُرَّهاتُ والمَتاهات.
    تحْكونَ لأطفالِكُم الأساطيرَ والخرافات.
    وتُعلِّمُوهُم بأنَّ المَرَدة تسكنُ في المَصابيحِ السحريةِ والزجاجات.
    أُدرِكُ أنَّكم متأكِدون من أني ذبابة، أو بعوضة، أو أيةِ حشرةٍ طائرة.
    هذا لاَ يُعيبُني لو فَكَّرتم قليلاً بِعقولِكم الضامِرَة.
    فقد كانَ جدِّيَ العاشر لا يتجاوز طولَهُ طولَ القلم.
    ومعَ ذَلكَ حَكَمَ نِصفَ العالم، ونالَ جائزةَ أفضلَ راعٍ للغنم.
    وجَدِّي الرابع الذي كان يحلو له الاختباء وراءَ المِحْبَرة.
    دانَ لهُ بكل طواعية، ثلاثةَ أرباعَ العالم من هيروشيما إلى أدَنْبَرة.
    أما نساءُ آل بَظاظاْ.
    فلن أقولَ لكم سببَ كونهِنَّ في مثلِ أحجامكم.
    جميعَهنَّ فاتناتٌ جميلات، كتلكَ صاحبةُ التَنْوْرَةَ الحمراء بينكم.
    لا... لا داعي أيها السادة لأنْ تُنزِلوا المَناظير، وأبقُوها أمامَ عيونِكم.
    فهي لَن تُفيدُكُم كثيراً ولنْ تُسيِّلَ لُعابَكم.
    لأنكم تعوَّدتم على رؤيةِ إناثِكم بأسنانكم.
    أيتها السيدات، أيها السادة:
    لابد أنكم تتساءلون كيفَ أتيتُ إلى الدنيا.
    وهل مَرَرْتُ بأطوارِ اليرقةِ والخادرةِ والعذراء.
    سَأُشْبِعُ فضولَكم وأُخبِرُكُم بأنَّ أُمّي لم تلِدْني كما يلدْنَ النساء.
    لقد بَصقَتْنِي ...نعم بَصقَتْنِي على وجهِ أبي في لحظةِ قَرَفٍ وازدراء.
    كذَلكَ جَدَّتي كوَّنَت أبي بنفسِ الطريقة.
    حين بَصَقت على كلبٍ أجربٍ تسلَّلَ إلى الحديقة.
    هيه ...لا تُحاولوا أن تبْصُقوا أيها السادة... فإنَّ بصْقاتكم عقيمة.
    وغُدَدَكم اللُعابِية أُخصيَّت من أوَّلِ صفعةٍ على وجوهِكم السَقيمة.
    لا تَبْصقوا وحاوِلوا الاقتصادَ في بِصاقِكم في هذه السنين العِجاف.
    وادَّخِروا أيضاً باقي سوائلِكم لما سيأتي من تصحرٍ وجفاف.
    أيتها السيدات، أيها السادة:
    إن الحُجومَ والأوزان هي قياساتٌ نسبية.
    لا علاقةَ لها بالزمانِ والمكان وترتبطُ برؤيتِنا الذاتية.
    فأنتم تَرَوني صغيراً جدّاً في عيونِكم المجردَة.
    وهذا يتنافى تماماً مع حقيقةِ عَظَمتي المتفردة.
    الحقيقةُ التي أفخرُ بها، وأحكُمُ بها، وأستمرُّ بها.
    الشمسُ لاَ يؤذيها اعتقادُ الطفل الصغير.
    أنها بحجمِ كُرَتِهِ التي يلعبُ بها.
    إن رؤيتي لكم تختلفُ عن كلِ طرقكم في رؤية الأشياء.
    رؤيةٌ تفرَّدَ بها آل بَظاظَاْ ومن تفرَعَ عنهم من وُلاةٍ وأُمَراء.
    أنا لاَ أراكُم شخصياتٍ مُعتبَرة، أو كياناتٍ تشغلُ حيزاً في الفراغ.
    بَل أجسادًاً تتكونُ من أيدي وأَلسِنةٍ ورؤوسٍ وبطون.
    ولاَ اعتبارَ عندي للضميرِ أو الشعور، ولا حتى العاطفة والإحساس.
    تلكَ هي أيها السادة نظرَةَ الرئيسِ إلى المرؤوس.
    أنا لا أراكُم بمُجملِكم بَل بأجزائِكم وتفاصيلِكم.
    التفاصيل...أهمُ شيء هي التفاصيل.
    نجاح كُلَّ الأُمورِ العظيمة يتوقفُ على التفاصيل.
    التفاصيلُ الصغيرةُ التافهةُ هي التي تؤرقُ الحُكام.
    ولا يُعْيرها الشعبُ المحكوم أيَّ بَالٍ أو اهتمام.
    حانةٌ صغيرةٌ في شارعٍ خلفي، أو بَغِيٌّ حقيرةٌ تسكنُ في الدورِ السفلي.
    قصيدةٌ من أربعةِ أبيات لشاعرٍ مَغمور، او خَرْبَشاتٍ من عشرةِ أسطر لكاتبٍ مقهور.
    عينٌ تُبصرُ بلا منظار، ولسانٌ لا يُجيدُ الكذبَ ثرثار.
    عقْلٌ تمَردَ على الحشيش، وبطْنٌ تأكلُ فقط لتعيش.
    هل فيكم أيها السادة مَن انتَبَهَ إلى هذه التفاصيل الصغيرة.
    وهل فيكم مَن فَكَّرَ ولو قليلاً بآثارِها الخطيرة.
    طبعاً لاَ...فأُمورِكم العظيمَةُ ما انفكَّت تشغَلُكُم.
    هل صدَّقتُم الآن بأني أن الوحيدُ الذي يتفانى في خدمتِكم.
    ويسهرُ على راحتكم ويَقِيكم شرَّ التفاصيل.
    لتهنؤوا بحياتِكم وتَسعَدوا بأوقاتكم.
    وبكل سرور يتلقى ثَنائَكم ومديحَكم، وبكُلِّ صدْرٍ رحْبٍ يُصَدِّقُ أكاذيبَكم.
    أنا وأجدادي خَبِرنا كيف هي طبائعُ البشر.
    ولهَذا ها أنا أمامكم الآن حَبَنْظَل بَظاظاْ التاسع عشر.
    لا... لا تُصَفِقوا أيها السادة...أرجوكم أنا أكره التصفيق.
    إنهُ مكافَئةٌ متواضعةٌ لا تنسجمُ مع عَظَمَتي ولا تليق.
    ووفِروها لمُطْرِبتِكم المفضلة، وراقِصتِكم المُدلَّلَة، ومُمثِّلِكم الوسيمِ الأنيق.

    وللحديثِ تتِمَّة.
    أنا لا أقول كل الحقيقة
    لكن كل ما أقوله هو حقيقة

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,124
    المواضيع : 317
    الردود : 21124
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    أين أنت أيها الأخ الكريم ذهبت واختفيت
    مخفيا معك تلك الشخصية الغريبة العجيبة
    وأنا أجد متعة في قراءة أسلوبك الفلسفسي الساخر
    فأهلا بك من جديد أنت وحبنظل بطاطا التاسع عشر
    تحياتي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Nov 2017
    المشاركات : 94
    المواضيع : 35
    الردود : 94
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    سيدتي نادية الفاضلة:

    الكسل...لا شيء غيرة أبعدني عنكم.
    أرجو أن يكون النشاط حليفي في الأيام القادمة.

    صباح الخير.