تعبير
تعبير ورد بدأ يرتقي أسلوبه أكثر ويتطوّر , في الرسم اهتدى إلى طريقة الحبر الصيني , يرسم بقلم الحبر الإحترافي الذي يستعمله المهندس المعماري , وتختلف الأقلام حسب الدرجة والرقم . رسومات تعبيرية , يستعملها خاصّة بجانب أشعاره التي يكتبها , وتعبيره في الشعر أيضا تغيّر أسلوبه , ومال إلى شعر التفعيلة أو الشعر الحر . كتب قصائد رقيقة التعابير , بعنوان " دموع في مهب الريح " , " تحت أسوار المدينة " , و " كلام " ومواضيعها كلها حول الجرح الفلسطيني وصمت العرب , كتب قصة قصيرة بعنوان " لحظة ضياع ابنتين " , وألّف بعض الروايات , كتب الرواية في كراس رسم بخط يده ووضع لها رسوماتا مصاحبة لها بالألوان , فصارت مثل الكتاب الحقيقي الذي يشتريه من المكتبات . صنع واحدة بعنوان " ابن الأقدار " عرضها يوما على أستاذه في اللغة العربية فلم يُصدّق أنّه هو من صنعها , وآلم ورد ردة فعل الأستاذ في تكذيبه ولامبالاته . وروايتين لم يتمهما " دارت الأيام " , " وهدأت العاصفة " . كان ورد قد انتقل إلى الإكمالية الكبيرة مع انتقاله إلى السنة الثامنة , وفرح بأن صار للرسم حصة خاصة , ودرّسه أستاذ رسم وخط عربي تعلّم منه كثيرا وأثّر فيه , أعطاه مرّة لوحة رسمها ليراها , قال له الأستاذ : لماذا أمضيتها بالفرنسية ؟ لماذا لا تخط إمضاءك بالعربية ؟ ومنذ ذلك الحين صار يمضي بالعربية .
يقضي ورد أوقاتا كبيرة في رسوماته وإبداعاته , يجلس بجانبه أبناء وبنات أخواته , تعلّموا وحرّك فيهم الحس الفني والجمالي الذي أثّر في حياتهم كلها , لكنّهم أنكروا عندما كبروا وجحدوا . ومع كل مرحلة يدخل يومياته أصدقاء جدد , رفيقان يقضي معهما أسعد الأوقات ( شوقي ) تراهن معه يوما على أنّ من يخسر يأتي بعشرين خبزة لصاحبه , وخسر شوقي وأخذ الكمية كاملة العدد من الخبز إلى بيت ورد , الذي لم يكن هناك وخرجت أخته مريم وتعجّبت من كل هذا الخبز , وظلّت تذكرها لأعوام عديدة , و ( سليمان ) وهو من الفريق الآخر في البلدة المختلفين في العرق والمذهب الفقهي , أمه من بلدان الشمال , كان يأتيه بالهدايا غالية الثمن من فرنسا , ويجلس معه أوقاتا طويلة في بيت ورد يحكي له عن مأساته من المشاكل اليومية بين أمه وأبيه ويبكي , ويبكي ورد معه . و ( زكريا ) زميله في القسم الذي نافسه في التفوق الدراسي , يقضيان أوقاتا يتناقشان ويغوصان في مواضيع عميقة , وينسيان الزمن والدنيا التي حولهما . وبدأ في هذه الفترة يكتب مذكّراته في سجل , ويمنح أصدقاءه بعض الصفحات يُعبّروا فيها .
نشط ورد في المسرح المدرسي منذ مدرسة الإبتدائية , حيث مثل في مسرحيّتين في قاعة سينما البلدية , وفي المتوسّطة قام على تدريبهم أستاذ مؤطر مكلّف بالنشاط , أعطاه دور الشخصية الإسلامية الكبيرة " ابن تيمية " رحمه الله , في مسرحية كبيرة , دوره فقط ملأ كراسا كاملا , فيه حوارات كثيرة وخطب طويلة , والمسرحية كلها بالعربية الفصحى . أعطاهم فرصة أيام العطلة ليتدربوا عليها , ورغم أنّ ورد كان في بيت أعمامه حينها مع كامل أسرته , لأشغال كانوا يقومون بها في منزلهم , وقد تغيّرت عليه ظروف السكن , الاّ أنّه حفظ دوره كاملا , ومثّله ببراعة , هو ومن مثّل دور أخ ( ابن تيمية ) وبكى في مشهد احتضاره مع أخيه , كان مشهدا مؤثّرا إلى درجة أنّ أستاذة كانت تشاهد المسرحية بكت كثيرا , اذ قام بأدائها بفصاحة وشجاعة أدبية , مع صدق تعبير .