يتدلّى القَمَر من السماءِ ؛ ليَأخُذ أنفاسَهُ الأخيرة لتلك الليلة ويَغرَق خلفَ البحر هناك لتَبزُغ بعدَه شمسٌ تمنيتُ أن تكون شمساً تختَلِفُ ولو قليلاً عن سابقاتِها ، شمسٌ تسطُع بالحُريّة ، تنطُق بها ، وتُعلنها على الملأ ، بيدَ أن الأحلام تبقى أحلاماً ، قد توقِظنا منها نسمةٌ باردة تمُر بنا ، لمسةُ طِفل ، أو "أصوات مدافع تُزلزل البلدة" ، تماماً كما صَحَوتُ منها بِخَبرٍ يَتَصدَّر آخر الأخبار لدي بحادِثَةِ قَصفٍ لقي بها عدد من المدنيين مصرَعَهم .
-جُمِع للحَرب العالميّة الأولى سبعون مليون عسكري ، لقيَ حتفهُ منهم حوالي عشرة ملايين فرد وأُصيب حوالي عشرين مليون منهم ! ! .
-مئتان وعشرون ألف قتيلاً مدنياً كانت قد خلّفتهم جرائم الحرب العالمية الثانية جرّاء قنبلتان ذريتان أُلقيتا على كل من هيروشيما وناغازاكي باليابان ! ! .
-أكثَر من مليون شخص لقي حتفه خلال حرب السنوات السبع ! ! .
لكن أَحَداً لم يعتَبِر من كل ذلك ، من كمّيّة الجرائم اللا إنسانيّة التي حلّت بتلك الشُعوب ، لم تُرهِبهُم رؤيَة طِفلٍ مُضرّجٌ بدمائه ، ولا شيخ قد بَتَرَت الحرب قدماه ، يَصرُخ للنجدة ، ثم يستكين لِمَلَك الموت بعدَ عويلٍ لم يستجب له به غيره .
تُقَرِّبنا الحروب من بعضِنا أحياناً ، فنحن "بناتُ حوّاء" نَشُدُ على أيدي بعضَنا ، ننادي بعضَنا بـ أن اصبروا وسيكون لكُن ما أردتن ، جميعنا تنهَشَنا الحَرب وأبناءَنا وأهالينا ، جميعنا نُقتَل مع مَقتَل كُل فَرد بهذا الوَطَن ، وجميعنا يعتصِرنا الحُزن عليهم .
لكنها كثيراً ما فرّقتنا أيضاً ..
لطالَما قُلتها :
"مالحروب إلا مِقصَلَةً للحياة ، للأماني ، وللطفولة"
لكنها أيضاً مَصدَر دَخلٍ جيّد لأَحَد تلك الأطراف القائمة بها .
أَغرَب ما في الحَرب ، وأكثر ما يُثير إعجابي خلالها هم الأطفال ! ، والذين مهما ارتعبوا مما يَحدُث تَجِدهُم يرمونَهُ وراء ظهورِهم تحت سُلطَة "الإعتياد" ويعودون لساحاتِ اللعبِ حيثُ تعلوا أصواتَهُم "فَرَحاً" لا "خوفاً ورعباً" .
وأبشَع ما فيها رؤيَة أوصالَهُم ترتجف لِحَدَثٍ بَشِع لم تعتادَهُ براءَتهُم بَعد ! .
[تسنيم الفراصي]