أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: تحليل قصيدة ( لي في النساء خديجة! )للشاعر د. نديم حسين/ ثناء صالح

  1. #1
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي تحليل قصيدة ( لي في النساء خديجة! )للشاعر د. نديم حسين/ ثناء صالح

    لي في النساءِ خديجةٌ !

    للشاعر د.نديم حسين

    سارت على طبعِ الحريرِ فصارَها=وتمرَّغتْ بالنارِ تطفئُ نارَها
    قالت : أحبـُّكَ ! قلتُ : ما أنتِ التي=قلبي المصَحـَّرُ يشتهي أمطارَها
    لي في النساءِ خديجةٌ أمويـَّةٌ=زيَّنتُ بالنبضِ الكثير جدارَها
    قلبي عدُوِّي إنْ شُغفتُ بغيرها=ليلي ضريرٌ إن سلا أقمارَها
    لكزَتْ غرابيلُ الظلامِ ثقوبَها=ليسيلَ ليلٌ يستبيحُ فنارَها
    كم أوجعَ التَرحالُ روحَ أسيرةٍ=وبحبسِها فضَّ الحبيبُ إسارَها
    خُدشَت ، فسالَ العطر فوقَ أصابعٍ=ذرفتْ على خـدِّ القريضِ وقارَها
    قتلوا رصاصتَها ، فأينعَ عـُذرُها=لتـُقيلَ نهرًا غاسِلاً أعذارَها
    وكريشِ صقرٍ مفرداتُ عيونها=نظرَتْ ، فسمـَّاني الفضاءُ مزارَها
    وبكتْ رماحي إذ رميتُ بريئةً=عدَلـَتْ بِحارٌ صادقَت أنهارَها
    ذِكرٌ وتَذكيرٌ وذاكرةُ الفتى=تُهدي الفتاةَ لحاصدٍ أسرارَها
    يا عاشِقـًا لـهُ في النساءِ خديجةٌ=بالسيفِ يُبدِعُ حولَها أسوارَها
    أوقِد ظلامَ الروحِ وارتق شمسَها=بَرقُ " الجليلِ " بزفرتينِ أنارَها


    لي في النساء خديجة !
    العنوان مع إشارة التعجب في آخره، يبدو للوهلة الأولى عادياً .وكأن الشاعر قد اختار شطراً من قصيدته ليكون مجرد عنوان لقصيدته . غير أن إشارة التعجب المقصودة في مكانها تفتح باباً للتساؤل عن ضرورتها.
    وبتحفيز من هذه الإشارة لذهن المتلقي، يكون عليه أن يستعد لما يستحق التعجب والاندهاش له.
    ثم إن الشاعر يفتتح قصيدته بالحديث عن امرأة ما . ليوهِم المتلقي أن خديجة التي سيدور الحديث عنها والتي تغنيه عن كل النساء، تصلح للمقارنة مع المرأة التي يتحدث عنها في افتتاح القصيدة. فهي مفاضلة بين امرأة وأخرى . وهذا هو شَرَك الشاعر الذي نصبه ببراعة لقارئه، ليوقعه به في حيرة وتساؤل مستمرين : من هي خديجة التي يختارها الشاعر دون النساء جميعا؟
    سارت على طبعِ الحريرِ فصارَها=وتمرَّغتْ بالنارِ تطفئُ نارَها
    هذه هي المرأة المعجبة بالشاعر أو ربما العاشقة. سارت على طبع الحرير وقلَّدت سلوكه وطبعه، والحرير طبعه الرقة والنعومة.ومن يسرف في تقليد الآخر والتشبُّه به يصل إلى مرحلة التقمص. فمن المتوقع أن تتقمص تلك المرأة شخصية الحرير فتصير حريراً . غير أن الواقع يخالف توقعاتنا وينبئنا أن الحرير هو الذي صارها؛ أي أنها تفوقت في نعومتها ورقتها على الحرير نفسه، حتى أصبح الحرير يسعى لتقمُّص شخصيتها والتشبُّه بها، وقد كان له ذلك وصارها .
    نلاحظ كيف لعب الشاعر بالكلمات لعبة التنقيب عن المفاجأة، وقَلَبَ ميزان العلاقة وعَكَسَها بين المشبَّه والمشبَّه به ( طبع المرأة وطبع الحرير) لتفوز المرأة وتتفوَّق في نعومتها ورقتها .
    وفي هذه البنية البيانية في صدر المطلع ما يكفي من الدهشة لجذب القارئ ويزيد.
    . غير أن الشاعر يفجِّر في العجز العبوة الثانية من عبوات المفاجأة الشعرية وهي قوله
    وتمرَّغتْ بالنارِ تطفئُ نارَها
    لأن حكم الشاعر الديني الأخلاقي على سلوك المرأة جاء سريعاً ومباغتاً . وقد كنا نتوقع منه الاستجابة لها، بسبب ما ذكره لنا من تمتعها بذلك الطبع الحريري. إلاَّ أن الشاعر يفاجئنا ويخبرنا أنه لا يرى في سلوكها سوى أنها أرادت أن تطفئ نارها أو لهيب أشواقها، فتمرغت في النار في سبيل ذلك .
    إذن فمحاولاتها ليست فاشلة فقط، من وجهة نظر الشاعر، بل هي خطيرة ومُهْلِكة .
    ونفهم قصد الشاعر في رفضه لهذه العاشقة، بعد أن أعلمَنا أنه يعترف بأنها هي الحرير نفسه، وأنه قد أحس بما تعانيه في نارها. فرفضه لها هنا بطولة شبيهة ببطولة عنترة العبسي، الذي اعتاد أن يصف خصال خصمه ومكارمه من القوة والشجاعة والمنزلة الرفيعة، قبل أن يعلن أنه قد هزمه وتغلب عليه، على الرغم من ذلك .
    ومدجج كره الكماة نزاله= لا ممعن هربــا ولا مستسلم
    جادت له كفي بعاجل طعنة= بمثقف صدق الكعوب مقــوم
    فشككت بالرمح الأصم ثيابه = ليس الكريم على القنـا بمحرم

    فهذا البيان من ذلك البيان وإن اختلف المقام.غير أننا نودُّ الآن أن نفهم ما سر تمنع الشاعر وما سر قوَّته.
    قالت : أحبـُّكَ ! قلتُ : ما أنتِ التي=قلبي المصَحـَّرُ يشتهي أمطارَها
    نعم نعم .فهمنا شيئاً :إذن، فالشاعر ذو قلب مصحَّر يشتهي الأمطار، ولكنه لا يشتهي أمطارها هي. وإذا كان الامر كذلك فلا بد أنه عالق بحبٍ آخر . ومنه يرجو الأمطار التي تروي قلبه المصحَّر . فمن هي حبيبته التي يستقي أمطارها ؟
    لي في النساءِ خديجةٌ أمويـَّةٌ=زيَّنتُ بالنبضِ الكثير جدارَها
    هي (خديجة ) ذات الأصل الأموي. وهي التي يقترب الشاعر من جدارها فيقف خاشعاً وقلبه ينبض ويخفق بشدة . حتى أن نبضاته التي التصقت بالجدار قد أصبحت مع كثرتها كزينته أو زخرفته التي تحفُّ به وتغطيه .
    قلبي عدُوِّي إنْ شُغفتُ بغيرها=ليلي ضريرٌ إن سلا أقمارَها
    فكيف يستطيع الشاعر أن يشغف بغير خديجة الأموية ؟
    يقدِّم الشاعر عذره للمرأة العاشقة الحريرية برفق . ويطلعها على ما يتوقعه من الصراع مع قلبه العاشق لخديجة فقط ، إذا ما استجاب لها . فلابد أن قلبه سينقلب عدوَّا له إذا ما قبل امرأة سوى خديجة. ولا بد أنه سيفقد بصره أو بصيرته في لياليه إن نسي أقمار خديجة وسلاها.
    لكزَتْ غرابيلُ الظلامِ ثقوبَها=ليسيلَ ليلٌ يستبيحُ فنارَها
    السقوف والجدران التي تحيط بخديجة تشبه الغرابيل ( جمع غربال ) بما فيها من الثقوب الكثيرة التي ثقبها الظلام. وعندما يأتي الليل فإنه يسيل ويتسرب من تلك الثقوب ليصل إلى فنارها أو ساحتها.
    والشاعر يتألم من هذا الظلام الذي يغشى فنار الحبيبة. كناية عن عدم وجود من يشعل لها النور في فنارها . فما الذي حدث لخديجة ؟
    يتبع بإذن الله.

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,110
    المواضيع : 317
    الردود : 21110
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    فتح الله عليك فتوح العارفين ـ ما أسعدني بشرحك وتحليلك الهادئ
    الذي يفتح أمامي ما غلق ـ ويعلمني كيف استطعم الشعر وأفهمه وأحبه.
    بارك الله فيك وزادك علما
    وللبقية سأكون لك متابعة
    تحياتي وودي.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    فتح الله عليك فتوح العارفين ـ ما أسعدني بشرحك وتحليلك الهادئ
    الذي يفتح أمامي ما غلق ـ ويعلمني كيف استطعم الشعر وأفهمه وأحبه.
    بارك الله فيك وزادك علما
    وللبقية سأكون لك متابعة
    تحياتي وودي.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    بل ما أسعدني بقارئة أديبة ذات ذائقة مرهفة وراقية مثلك أستاذتي وأختي الحبيبة نادية محمد الجابي
    حضورك ومتابعتك يزيدانني أُنساً وشرفاً وتحفزاً على الاستمرار
    فلك مني جزيل الشكر والتقدير
    وكثير محبة واحترام

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    كم أوجعَ التَرحالُ روحَ أسيرةٍ=وبحبسِها فضَّ الحبيبُ إسارَها
    الترحال في حالة (خديجة) ليس انتقالا في المكان. بل هو اغتراب عن العنوان والهوية؛ فبدلاً من أن تنُسَب إلى وطنها فلسطين ، أصبحت تُنسَب إلى الكيان المجرم الذي اغتصبها (إسرائيل) ، ويستخدم الشاعر لفظة (الترحال) لأن التغيير القسري لمفردات عنوانها ، ارتحل بها من حال الحرية والكرامة إلى حال الأسر والهوان ، فذاك هو الترحال الذي مازال .غير أن الشاعر لا يبشِّرها إلاَّ بالفرَج، فكم من حبيسة جاءها الحبيب وهي في حبسها ليكسر قيودها ويحررها. إذن فالأسر ليس نهاية المطاف، ولا هو آخر آخر الترحال.

    خُدشَت ، فسالَ العطر فوقَ أصابعٍ=ذرفتْ على خـدِّ القريضِ وقارَها
    لقد خدشوا خديجة الأسيرة . فكان خدشها سبباً لسيلان عطر القريض .
    يربط الشاعر صوَرَه الشعرية ذات اللوحات المتحركة زمنياً بعلاقتين متعديتين :
    العلاقة المتعدية الأولى تربط بين الخدش وسيلان العطر، متجاوزة مرحلة الألم الذي عانته خديجة بعد الخدش ، إلى مرحلة الإلهام الذي أصبحت أصابع الشعراء تستقيه من عطرها الذي سال عقب خدشها.
    ولو تأملنا المفردات التي استخدمها الشاعر في بناء هذه العلاقة بين الخدش والعطر، لفهمنا منطق اختيار الكلمات عنده والذي يقوم على رفض التعبير عن الضعف أو التوقف عنده ،وبدلاً من ذلك يركِّز الشاعر على الأثر الإيجابي لمصيبة الخدش . لذا فهو لا يستخدم لفظة (الدم) ليعبر عما سال عقب خدش خديجة الأسيرة،لأنه لا يريد أن يُفرِح من خدشها بنزيفها. بل يستخدم لفظة (العطر) الذي ألهم أصابع الشعراء.
    ويريد الشاعر هنا أن يقول : إن أصابع الشعراء قد مسحت ما سال من عطرها الذي هو دمها، وجعلته حبر الكتابة. فهذا الاستلهام وما يعنيه من التواصل والتأثر والتعاطف معها هو الأجدر بالتعبير عنه.

    أما العلاقة المتعدية الثانية ،فهي تربط بين تعاطف الشعراء الذين راحت أصابع تذرف ، وبين المادة التي يتم ذرفها . فالشاعر يتجاوز حزن الشعراء أو بكاءهم ولا يسمي ما يذرفونه ( دمعاً)، بل إن أصابعهم قد ذرفت على خد القريض (وقارها).
    فها هو وقارها الذي خُدِش قد عاد من جديد وتجلى شعراً وشعوراً، تعويضاً لها ومواساة .
    قتلوا رصاصتَها ، فأينعَ عـُذرُها=لتـُقيلَ نهرًا غاسِلاً أعذارَها
    رصاصتها كانت سلاحها ومقاومتها .وبقتلهم رصاصتها أصبحت خديجة عزلاء غير قادرة على الدفاع عن نفسها . وحين ذلك بدت لهم العذراء بكامل نضارتها - مع ترخيم لفظة عُذْرِيَّتِها لتصبح عُذْرَها – فاستضعفوها واغتصبوها .
    ومرة أخرى يرفض الشاعر الوقوف طويلاً على التألم الذي باح به في صدر البيت . فيسرع بإيجاد حلٍّ إبداعي يقيل به عثرة خديجة وسقوطها . إذ يجعلها وهي في محنتها ومعاناتها هي المقيلة لسقوط نهرٍ عظيمٍ سيغسل بمروره بها في أرضها ما لُوِّثت به من ( أعذارها). (مع تحفُّظي على هذه اللفظة ).
    ولا أرى إلاَّ أن الشاعر قد قصد بذلك النهر( وادي جالوت) الذي يمر في سهل مرج ابن عامر ، والذي مرِّت فيه قوات الغزاة والفاتحين عبر تاريخ فلسطين. وفيه حدثت معركة عين جالوت التي انتصر فيها المسلمون على التتار.
    فالنهر يغسل بهذه الأمجاد التاريخية أدران المرحلة الراهنة التي تلوَّثت بها خديجة في منطقتها وأرضها.

    وكريشِ صقرٍ مفرداتُ عيونها=نظرَتْ ، فسمـَّاني الفضاءُ مزارَها
    عندما يفرش الصقر ريش جناحيه فإنه يغطي مساحة كبيرة حوالي جذعه.
    ولأنه صقر ويتمتع ببصر نافذ وثاقب، فإن تشبيه مفردات عيون خديجة بريشه، تأتي تورية رائعة.

    استخدم الشاعر في هذه التورية لفظة العيون بمعناها الظاهر القريب للذهن، وهو يقصد معناها البعيد الذي يتمثل بالينابيع أو عيون الماء الكثيرة المنتشرة في منطقة الجليل حيث تقطن خديجة .
    وقد علِمتُ أنه يوجد أكثر من 181 نبع ماء في كتلة جبال الجليل الأعلى وأطرافها ، و 100 عين ماء في منطقة الجليل الأنى والناصرة.
    إن جمال هذه الصورة الشعرية لا يتوقف فقط على تلك التورية الجميلة بين عيون الصقر وعيون الماء في الجليل، بل يزيد عليه وصف الشاعر لتأثير نظرات تلك العيون ( عيونها) في الفضاء .فعيونها التي نظرت بها للأعلى دفعت الفضاء لأن يسمِّي الشاعر مزارها ؛ أي مزار عيونها. لأنها دائمة النظر إليه تترقبه وتتطلع إليه وتجتمع به في رؤاها وكأنه قِبْلتها، لما تعقده عليه من آمال.
    يتبع بإذن الله..

  5. #5
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    وبكتْ رماحي إذ رميتُ بريئةً=عدَلـَتْ بِحارٌ صادقَت أنهارَها
    الإشارة الوحيدة التي تركها الشاعر كي نهتدي بها في قراءة لفظة ( بريئة) هذه البريئة التي رماها برماحه ظالماً ، فبكت الرماح ، هي قوله في العجز" عدَلـَتْ بِحارٌ صادقَت أنهارَها" وهي تعني (ربما) تلك المنطقة الجغرافية من الجليل، والتي تربط بين البحر المتوسط غرباً، وبحيرة طبريا ونهر الأردن شرقاً، ونهر الليطاني شمالا، ووادي نهر جالود جنوباً .
    غير أن جمالية البيت تكمن في المقابلة بين عدل البحارأقامت علاقة صداقة وألفة مع أنهارها،تحبباً إليها، وإنصافاً لها، وظلم الشاعر ممثِّلاً لمن رماها برماحه مع علمه ببراءتها. فهو مجافٍ لها يرميها بالرماح ، وإن كانت الرماح باكية وآسفة ونادمة ، بينما الطبيعة تعدل معها كناية عما حباها الله به من تميُّزها في الجمال الطبيعي الخلاَّب ، حسب موقعها الجغرافي بين البحار والأنهار.
    والبيت مع ذلك يحتاج إلى مزيد من الإيضاح؛ لفهم قصد الشاعر من رمي البريئة بالرماح .
    ولعل الشاعر يسعفنا في هذا الأمر.

    ذِكرٌ وتَذكيرٌ وذاكرةُ الفتى=تُهدي الفتاةَ لحاصدٍ أسرارَها
    أما الذكر فهو ما يتلى فيها من القرآن .
    وأما التذكير فهو الوعظ الذي أمر به الله تعالى في قوله ( وذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين). وكل ذلك يحصل في مسجد ( خديجة ) الذي يعشقه الشاعر.

    وأما ذاكرة الفتى فهي ذكريات الشاعر التي عاشها في هذا المسجد وما يحيط به في منطقته.
    فكل هذا ( الذكر والتذكير والذكريات ) سيهديها الشاعر لمن يفك أسرار هذه القصيدة المسماة باسم فتاة ( خديجة ). وأرجو ألا أكون قد ذهبت بعيدا عن المعاني في هذا التأويل؛ كي ينالني شيء من هذه الهدايا الثمينة.
    يا عاشِقـًا لـهُ في النساءِ خديجةٌ=بالسيفِ يُبدِعُ حولَها أسوارَها
    هذا العاشق هو الشاعر نفسه، وهو يخاطب نفسه بكنيته التي لمَّح إليها في عنوان النص، وأبياته ( لي في النساء خديجة ).
    غير أنه يجعل صيغة النداء نكرة غير مقصودة؛ لكي يعمِّم خطابه فيشمل به كل عاشق مثله لكل خديجة مثل خديجته في هذا العالم .
    فمن كان عاشقاً مثله لخديجة مثلها ، وكان يدافع عنها بسيفه الإبداعي لكي يحيطها بأسوار تحميها من الاعتداء المعنوي ، فعليه أن يوقد ظلام روحه، وأن يرتفع إلى حيث شمسها في السماء، حيث أنارها البرق الذي يحدث في الجليل ( إشارة إلى غزارة أمطارها طبيعياً ، واحتقانها بمشاعر الألم نتيجة الاحتلال) ، بما تصَعَّد من صدره زفيراً كان محتبساً، وهو برق ذو نور وذو طاقة تبُرِق وتنير.

    أوقِد ظلامَ الروحِ وارتق شمسَها=بَرقُ " الجليلِ " بزفرتينِ أنارَها
    هذه هي قراءتي للنص.
    وهذا هو تحليلي الجمالي لتشكيلات الصور الشعرية في أبياته.
    ولعلي شردت بعيداً عن مقاصد الشاعر.
    غير أن امتلاكي النص كقارئة، يمنحني حق التأويل كما يحلو لي مهتدية بما يلوح من إشارات الشاعر، وتلميحات معانيه .


  6. #6
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,110
    المواضيع : 317
    الردود : 21110
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    مبدعة أنت في النقد وبارعة وممتعة
    فما أقدر قلمك على سبر أغوار النص وتفسير كل حرف
    بقراءة عميقة تسلطي فيها الضوء على الأفكار والصور وتجلي الرموز
    لك صديقتي أقف إجلالا وإحتراما وإعجابا
    دمت ودام لنا قلمك وفكرك النير.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    ناقدة وشاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2013
    الدولة : في المغترب
    المشاركات : 1,257
    المواضيع : 62
    الردود : 1257
    المعدل اليومي : 0.32

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    مبدعة أنت في النقد وبارعة وممتعة
    فما أقدر قلمك على سبر أغوار النص وتفسير كل حرف
    بقراءة عميقة تسلطي فيها الضوء على الأفكار والصور وتجلي الرموز
    لك صديقتي أقف إجلالا وإحتراما وإعجابا
    دمت ودام لنا قلمك وفكرك النير.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    أستاذتي الرائعة الأديبة نادية محمد الجابي
    أتفاءل دائما بقراءة اسمك اللامع يزين النصوص ويعطيها من تألقه.
    بارك الله فيك ، وأشكر لك حضورك الكريم وتعقيبك الجميل.
    لك المحبة والتحية
    وكل التقدير

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي