نسخة مزيدة..
حنين .. للقدس
لا تُكثِر المُكثَ في الأشْجانِ مُنْتَظِـرا
واسْلُكْ طَرِيقاً إِلَى الْأحْبَابِ مُخْتَصَرا
فِي غَيْبَةِ الْفَجْرِ أَوْجِدْ فِي الدُّجَى أَمَلاً
وَلَـــوِّنِ اللَّيـْلَ حَتـَّى تُوقِـــظَ الْقَمَـــرَا
هُوجُ الْعَوَاصِفِ تَخْبُو بَعْدَ قَسْــوَتِهَـا
وَيَكْسِرُ الْمَوْجَ مَنْ فِي الْيَمِّ قَدْ صَبَـرَا
****
هَا قـَــدْ أَتَاكَ عَبِيـرُ الشَّــوْقِ مُعْتَـذِرَا
بَعْدَ الْغِيَابِ , فـَـلا تَظْلِمْ مَـنِ اعْتَــذَرَا
فَرَّتْ نَسَـــائِمُهُ - يَا قَلْبُ - مِنْ وَطَـنٍ
أَضْحَتْ قَــلَائـِدُهُ الْأَصْفَـادَ لَا الـدُّرَرَا
تَمْضِي بِهِ الرّيِحُ مِنْ عَسْفٍ لِعَاصِفَةٍ
فَـــلَا تَرَى الْعَيـْنُ إلّا الدَّمْـعَ وَالْكَـدَرَا
وَتَتـْـــرُك الْأرْضَ أَوْصـَالَاً مُقَطَّـعَـةً
فَإنَّها الظَّبْيُ , وَالجَــزَارُ مـَنْ أَسَــرَا
وَأصَبَحَ الْأهْـــلُ فِـي أَوْطَانِهِـمْ مِزَقـاً
بَيْنَ الْحَوَاجِزِ يَقْضِي بَعْضُهُمْ وَطَـرَا
****
هَبَّ النَّسِـيمُ مِـنَ الْأقْصَـى وَجَــارَتِـهِ
كَعَابِقِ الـْـوَرْدِ فَيْضـاً طَاهـِراً عَطِـراً
يُفَجِّــــرُالْوَجْـدَ فـِي أنْفـَـاسِ ذَاكِرَتـِي
وَيَبْعَثُ الشَّـوْقُ لَحْناً عَانَـقَ الْوَتـَــرَا
فَاسْـــتَنْفَـرَ الْقَلْـبُ أَشـْـجَانـاً مُؤَرِّقــَـةً
وَسَــاخِنُ الدَّمْـعِ مِنْ أَحْدَاقـِيَ انْحَـدَرَا
وَالذّكْرَيـــَاتُ تـَـدَاعَـتْ فِـي مُخيِّلتـِـي
فَأَيْقَظَتْ فِي دَمِي الْأطْيَافَ وَالصُّـوَرا
كَأَنَّهَــا الْغَيـْـدُ هَبَّـتْ مِـنْ مَخَادِعِهـَــا
تَتْرَى لِتُشْــعِلَ فِـي أَعْمَـاقِـيَ الْفِكَــرَا
أَوْ كَالفَرَاشَاتِ حَطَّــتْ فِـي مُخَيّلَتِـي
كَأنَّهَا الثَّلْجُ فَـــوْقَ الزَّهْـرِ قَــدْ نُثـِـرَا
تَزْهُو بِهَا النَّفْسُ أَيَّامـــاً عَلَـى وَطِـنٍ
فِي رَاحَتَيْهِ أَذَابَ الشَّــمْـسَ وَالْقَمَـرا
حَتَّى بَدَا الْعُشْبُ مِثْلِي حِينَ أُبْصِـُرهُ
يَخْتَــــالُ تِيهـــاً طُفُولِيـّـاً وَمـَا كَبُـرَا
يَا أَيَّهـَـا الشَّـــوْقُ لَمْلِمْ بَيْـنَ أَوْرَدَتِي
كُلَّ الْحَكَايـَـا وَأَمْعِـنْ بَيْنَهَـا النَّظـَــرَا
هَلْ مَنْ حَبَاكَ كَطُهْرِ الْأَرْضِ رَاحِلَةً
أَوْ مَنْ رَعَـاكَ إِذَا أمْسَــيْتَ مُنْكَسِـرَا
أَوْ مِثْلُ أَرْضِي بِهَا الْأَدْيَانُ قَدْ نُسِجَتْ
أَوْ مِثْلُ قُدْسِــي بِهَا التَّارِيِخُ قَدْ بَـذَرَا
فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ أَسْفَـارٌ وَخَارِجهـا
ما يُنْطِقُ الْمَاءَ وَالْأَشْجَارَ وَالْحَجَـرَا
وَتَحْضُنُ الْحَرْفَ إِنْ ضَنَتْ مَعَاجِمُـهُ
بَيْنَ الْحُرُوفِ وَإِنْ ضَاقَتْ بِهِ انْدَحَـرَا
كَــمْ مَرَّ عَنْهَا مَدَى التـَّـارِيخِ مِنْ أُمَـمٍ
وَكُلُّ عِلْــجٍ رَآهَــا التـَّــاجَ لَوْ ظَفِـــرَا
لِلْفُــرْسِ عَصْفٌ وَلِلْرُومَـانِ عـَاصِفَةٌ
أَمَّـــا الصَّلِيبُ فَكَــمْ لِلزَّيْفِ قَـْد بـَـذَرَا
كَمْ مِنْ حُرُوبٍ لِأَجْلِ الْقُدْسِ قَدْ حَصَدَتْ
أَرْوَاحَ مَنْ قَدِمُوا وَاسْــتَعْذَبُوا الْوَطَرَا
آثـَـارُهُمْ بَقِيَــتْ فِيهَــا وَلَيْـسَ لَهَــــمْ
بَعْدَ الْغُرُوبِ سِوَى مَا غَابَ وَانْدَثَرَا
مِــنْ عَهْـــدِ آدَمَ وَالْأَيَّـــامُ تَطْلُبُـهَـــا
فَهِيَ الْغَزَالَــةُ يَزْهُو مَنْ بِهَـا ظَفِــرَا
مِنْ عَهْـدِ آدَمَ وَالْأشْـــجَـانُ تَسْــكُنُهـَا
لَكِنَّهـَـــا أَبَـــداً , لِلْغَـــدْرِ مَـنْ بَتَـــرَا
****
كُـلُّ الْحَكَايـَـــا أَحَافـِيــــرٌ يُوَرّثـُهـَـــا
لَيْثٌ لِشِـــبْلٍ إِلـَى أَمْجَادِهـَا انْتَصَـرَا
كَانَتْ لَهُمْ أَبَداً فِي الْحَـالِكَــاتِ خُطَـىً
كَالشَّمْـسِ تَخْنُقُ عَتْمَ اللَّيْلِ لَوْ خَطَـرَا
تَسْـــتَلُ مِـنْ وَجَـــعِ الْأَيَّـامِ جَذْوَتَهـَــا
وَتُشْـعِلُ اللَّيْلَ كَـْي لَا تَفْقِــدَ الْأَثـَـــرَا
هَذِي هِيَ الْقُدْسُ بِنْتُ الْكَوْنِ زِيْنَتِهَــا
مَا بَالُهَا الْيَوْمَ تَشْكُو الظُّلْمَ وَالْخَطَــرَا
أُمُّ الْمَــــدَائِنِ .. وَالْأَرْوَاحُ فـِـدْيَتُهَــــا
تُطَاوِلُ الْمَجْـــدَ وَالتَّارِيخُ قَــدْ ذَكَـــرَا
بِنْــتُ السَّـــمَاءِ أَضَـــاءَ الله جَبْهَتَهَــا
بسَـــيّدُ الْخَلْقِ لمـــا جاءهــا ســـحرا
لَكِنَّهَــا الْيَـــوْمَ تَحْـتَ الْقَيْــدِ رَاسـِــفَةٌ
وَغـِلُّ تلْمُوذِهِـمْ فِي أَرْضِهـَــا فَجَــرَا
تَشْــكُو مِنَ الْقَهْـرِ. وَالْإِذْلَالُ يَخْنُقُهَــا
وَصَفْوَةُ الْأَهْلِ تُسْقَى الضّيمَ وَالْكَـدَرَا
وَالْغَــاشِـــمُونَ تَـوَلـُـوا قَطْــعَ أَوْرِدَةٍ
كَانَتْ تَمُـدُّ جِبَـالَ الصَّبْرِ مَــا بهـــرا
وَالنَّائِمُونَ مِنَ السَّـــادَاتِ قَـــدْ فَقَـدُوا
مَا كَانَ وَصْلًا مَعَ الْأَقْصَى وَإنْ قَصُرا
وَالْقـَـادِمُونَ مِنَ الْإغْــرَابِ سـِـلْعَتُهُمْ
هَـْدمُ الْحَقــائِقِ فِي أَعْمَاقِ مَنْ عَمَــرَا
فِــي كُلّ رُكْــنٍ غـَـدا ظِــلٌّ لِهَيْكَلِهـِـمْ
وَقُبَّعَــاتٌ تُغَطّـي الـــزّيفَ وَالْقَــذَرا
وَالله يَشْـَــهَدُ أَنَّ الْكـَـاذِبِينَ هُمُـــو ...
مَا كَانَ وَعْـــدًا لَهُمْ , لَكِنْ لِمَنْ طَهُـرا
كَنْعـَـانُ مِنّا وَهـَــذِي الْأَرْضُ شَـاهِدَةٌ
أنا عَجَنّـــا بِهَا التـَّـــارِيخَ مُذْ ظَهَــرَا
مَا اسْـــتَوْقَفَتْنَا جُيُوشُ الْفَــاتِحِينَ وَلَا
مَنْ جَــاءَ يَسْرِقُ مِنْ أَهْدَابِنَا النَّظَــرَا
هَــذِي فِلِسْــطِيـنُ لَـــمْ تَرْكَـعْ لِعَادِيَـةٍ
مَهْمَا عَلَا الْخَطْبُ فِي الْأَحْلَامِ وَانْتشَرَا
هَــذِي فِلِسْـــطِيـنُ وَالْأَيـَّامُ حـَاضِرَةٌ
كَــمْ مَرَّ عَنْهَـا وَكُلٌ خَـابَ أَوْ خَسِــرَا
فَالْثـَــمْ ثَرَاهـَا وَلَا تَيْـــأَسْ فِـإِنَّ بِهـَــا
خَيْرَ الرّسَالَاتِ خَطَّتْ فَوْقَهـَا الْعِبَــرا