تصادم
منذ يوم أمس وهي متوتره..ليلتها كانت ليلة رعب عاشتها, فهي لم تنم إنما كانت إغفاءة يقظه.. انتظرت حتى الفجر بفارغ الصبر وما أن جاء الصباح حتى بدت شاردة الذهن ..لقد فقدت التركيز على الأشياء ,فكر مشوش يجعلها في تيهٍ فكري افقدها القدرة على التماسك ,صداع يكاد يفجر الرأس .. رباه إنه مستفز للحالة الراكدة التي اخذت مداها والتي فجرت الحمم الراكدة في الذاكرة وأستفزت الحاضر المستقر على نمطه السائر بوتيرة مستقره ,أمس اتصلت بها والدتها لتخبرها إن غداٍ عقد قرانها على زميل لها في الجامعه.....لم تجبها إلا بأجابة باهتة وكأنها تلقت دعوة معتادة للعشاء ...لم تكن رابطة الجأش حتى تتلقى الخبر بهذا البرود..ولكن ذهولها وصدمتها هما اللذان جعلاها ترد ببلاهة وبلا مبالاة...من لحظتها حضر والدها المركون في الذاكرة والذي لا يخرج منها إلا في مناسبات تذكره به أو عند زيارة قبره في الأعياد وبعض أيام الجمع...منذ أمس خرج من ذاكرتها منتصباً متجسداً يرافقها في كل لحظاتها..تراه في ارجاء المنزل منكسراً عيناه تحدق إليها ببريق غريب..ترتجف هي..لم تعد تحتمل ..صراع في داخلها بين صورة والدها ..وبين أم مكافحة فهي أستاذة جامعيه وانكبت لتربية اولادها فأخذت الدورين معاً.. أم وأب حتى تزوجت البنات وهاجر أخوها الأكبر لأوربا واستقر فيها وأخوها الأصغر يدرس الطب مع اخيه في موطنه الجديد ,تعلم أن أمها بدأت تعاني الفراغ..كُنّ يتناوبن الذهاب إليها هي وأختيها...جال في ذهنها تساؤل...أهو الفراغ الذي أيقظ الحس الإنساني والرفقه الإنسانيه أم ماذا؟....هل الماضي لديها تحول إلى محض طيف في الذاكره..والحاضر الذي يستوعب البعد الإنساني للحراك الذي يثور في النفس كأنه ثورة بركان يوزع حممه في ارجاء الذات المستقره على وقع رتيب....
إنه التصادم الغريب كأنه الأضداد وكأنه التشابه..غريب أن يحضرا معا في الذهن..هذا التصادم والتلاقي في آن واحد ليخلق
اشكالية فكرية وأخلاقية ..بنفس الوقت هل تذهب وطيف والدها يرافقها الآن..حسمت أمرها..دخلت غرفتها وأغلقت الباب عليها وبكت حدّ الثمالة..ذرفت الدمع بما لم تذرفه حتى يوم وفاة والدها..أفرغت كل ما تختزنه من دموع ....وبعد أن هدأت... امسكت الهاتف الجوال واتصلت بزوجها...لتخبره إنها ستذهب مبكرة لمساعدة والدتها في التحضير لعقد قرانها.