طه وتسمو بالندى كل الربا
وتسنبل الوديان والأرجاء
فلأنت أرحم من يدب على الثرى
في قلبك الرحمات والأنداء
وإذا بذلت فأنت أكرم باذل
ما للوجود إذا سخوت سخاء
وإذا نطقت فأنت أصدق ناطق
وحيا فما البلغاء والفصحاء
طرزت من وحي المكارم حلة
عجزت تجيء بمثلها الأسماء
وجمعت ناصية المعاني موجزا..
من بحرها يتصيد البلغاء
يستوعب اللحظات عمق بيانها
ولها بكل عويصة إيماء
فلكل روضات الحياة شريعة
غراء يسقي غرسها العلماء
يستلهمون الحكم من أفيائها
وبظلها يتفيؤا الكرماء
كالياسمين و كالشذا فواحة
بك تستفيض فلا يحد فضاء
سعدت بك الدنيا وأشرق نورها
واستقبلت وحي السماء سماء
سجدت وصلت كل رابية وقد
عم الوجودَ بشاشة وسناء
العلم يرشف من بحارك رشفة
فيشع في كل الوجود ضياء
ما لاح فجر مثل فجرك ساطعا
أبدا ولا ازدانت به الأشياء
حتى بعثت وكنت أولَ قائد
للكون لا ظلم ولا ظلماء
حلَّقت بالخلق الكريم وبالندى
وصنعت مالم يصنع الكبراء
"سوّيت بين صغيرهم وكبيرهم"
والبِشرةُ السوداءُ والبيضاءُ
لا فرق إلا بالتورع والتقى
فالحر والعبد الأجير سواء
فإذا الحياة تهللت وتبسمت
ومضت تلملم شعثها البيداء
وتسامقت أمم بوحيك واهتدت
حتى الطيور وغنت الورقاءْ
طه وتنتعش الحياة وتنتشي
لجلال اسمك والقلوب تضاء
زادتك أوصاف النبوة حكمةً
من وحيها "يتنورسُ" الحكماء
صارتْ غذاءَ المؤمنينَ وزادَهم
فحديث طه للأنام غذاء
أحييت بالقرآن أمواتا وهم
أحيا وبين ظهورنا طلقاء
وبلغتَ بالأخلاق أرفعَ منزلٍ
لا الأنبيا بلغوا ولا العظماء
يا سيد العظماء يا بحر الندى
الشعر يعجز عنك والأدباء
ماذا أبوح وأنت فردوس العلى
وبك الحنايا واحة خضراء
وبك الجنان تزينت وتجملت
وبراحتيك الخير والأنداء
أنت الذي زرع الوفاء فكم نما
بين الصحارى المقفرات وفاء
وغرست معنى الحب في كل الورى
فإذا الوجود حدائق غناء
أنت الذي وهب الفضيلة سمتَها
فإذ الفضيلة بسمة وصفاء
والحكم ينهل من رؤاك مناهلا
عذبا فما الخلفاء والأمراء
هيهات أن يرقى لأفقك جمعهم
فالكل ظمآن وأنت رواء
عبر الزمان تفيض نورا ساطعا
تهدي الذي تاهت به الظلماء
صلى عليك الله يا بدر الدجى
ما هب فجر أو دجت ظلماء
هائل