أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: قراءة نقدية في قصيدة من وحي عيد الفطر للشاعر عادل العاني

  1. #1
    الصورة الرمزية جهاد بدران شاعرة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Jun 2019
    الدولة : فلسطين
    المشاركات : 624
    المواضيع : 40
    الردود : 624
    المعدل اليومي : 0.36

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل العاني مشاهدة المشاركة
    من وحي عيد الفطر لسنة 1440 هـ

    مازالَ جُرحي نازِفًا يا عيدُ
    فَمَتَى سَتَأتي وَالعِراقُ سَعيدُ
    كُنَّا بِجُرحٍ واحِدٍ يُمسي بِنَا
    وَاليَومَ نُصْبِحُ وَالجِراحُ تَزيدُ
    لا القُدْسُ عادَتْ لَا وَلا وَطَنٌ لَنا
    يَا أمَّةً فِيهَا َالرِّجالُ عَبيدُ
    في كُلِّ قُطرٍ شَعبُهُ مُتَفَرِّقُ
    بَعضٌ يَصومُ وَبَعضُهُ ذا عِيدُ
    مَزَّقتُمُ حَتَّى الهِلالَ أهِلَّةً
    فَتَمَدَّدَتْ فَوقَ الهِلالِ حُدودُ
    منْ مَشرِقٍ أو مَغرِبٍ أَعداؤنا
    والكُلُّ شَرٌّ وَالجَميعُ حَقودُ
    يا أمَّةً كادَتْ تَنوءُ بِذُلِّها
    والعارُ ثَوبٌ يُرتَدى, وَيَسودُ
    حَتَّى مَتَى تَبقى الجَهالَةُ قِمَّةً
    والجَاهِليَّةُ تُصْطَفَى فَتَكيدُ
    قَلَبَتْ مَوازينَ العَدالَةِ كفُّها
    عَمياءُ لا تَدري لِأينَ تَحيدُ
    ظَنَّ الحِمارُ بِأنَّهُ خَيْلُ الفَلا
    فالحَملُ ذِئبٌ وَالبِغالُ أسودُ
    لا عيدَ يَأتي عاجِلًا أو آجِلًا
    في غُربَةِ الأوطانِ ذاكَ بَعيدُ
    والقَولُ (وَاعْتَصِموا بِحَبْلِ اللهِ) مَا
    عادَتْ لَهُ فِرَقُ الضَّلالِ تُريدُ
    فَتَوَحَّدَتْ أطمَاعُهُمْ وَتَقاسَموا
    خَيراتِنا, ويَدُ الذَّليلِ تجودُ
    وَتَسَلَّطَتْ فَوقَ الرِّقابِ سيوفُهُمْ
    فَالحَقُّ قِيلَ طَريقُهُ مَسدودُ
    نَصَبوا المَشانِقَ وَالمَشانِقُ دَربُنا
    لِلمَجدِ نُعلي رايَةً وَنَقودُ
    لِلنَّصْرِ إنّا قَدْ فَتَحْنا بَابَهُ
    في دَربِهِ بَطَلٌ لَنا وَشَهيدُ
    قَلبُ العُروبَةِ في العِراقِ, وَنَبضُهُ
    يُحيي صُروحَ حَضارَةٍ وَيُشيدُ
    بِفُراتِنا - نَروي التُّرابَ -, وَدِجْلَةٍ
    وَالنَّصرَ يَؤتي رَبُّنا المَعبودُ
    فَتَوَحَّدي يا أُمَّتي وَتَطَهَّري
    مِنْ رِجْسِ أَغْرابٍ, فَطُهْرُكِ عيدُ

    قصيدة تحمل الهم العام لهذه الأمة، وللعراق الهمّ الخاص..
    من خلال العنوان / من وحي عيد الفطر/ يوحي لنا كل معاني الفرحة والبهجة والسرور، وانعكاس هذه الأيام المباركة على النفس من مسرة، لكن الشاعر يفاجئنا بما هو أبعد من ذلك الفرح الجماعي للأمة الإسلامية، يفاجئنا باتجاه معاكس تماماً لنفحات عيد الفطر المبارك، إذ تكلل العيد بالجراح النازفة من دجلة والفرات، والتي أغرقت الأمة بأوجاعها من سنوات، لتصبح العدوى معظم بلاد العرب والمسلمين..
    من وحي الوجع تخركت دماء الشاعر الحر لتكون زفرات وجع يناجي بها الشاعر الأمة وينادي بلاد العرب وأهلها وهو ينزف عرَق الظلم والجور الذي شربناه من أظفار الحكام وولاة الأمر الذين سلخوا الإنسانية من معاجمهم وافترشوا قهر الشعوب ذلاً واستعباداً..فكان العيد موقظاً أنامل الحزن كي يكفّن جسد الفرح على مسرحٍ من مرأى شعوب العالم، ودون حساب لحقوق العباد..

    يبدأ الشاعر خريدته الفنية الراقية بقوله:

    مازالَ جُرحي نازِفًا يا عيدُ
    فَمَتَى سَتَأتي وَالعِراقُ سَعيدُ

    كُنَّا بِجُرحٍ واحِدٍ يُمسي بِنَا
    وَاليَومَ نُصْبِحُ وَالجِراحُ تَزيدُ

    أول صدر البيت ابتدأه بفعل ماضي/ما زال/ وهذا ذكاء من الشاعر في اختيار ألفاظه..لأن هذا الفعل يدل على الماضي الذي حدث فيه الحدث لكنه يحمل الاستمرارية، لم يقل /كان جرحي نازفا/ لأن كان فعل ماضي وانتهى حاضره، ويصبح في زوايا الذاكرة وبمنزلة الذكرى، لكنه قام بتوظيف فعل الماضي الناقص/ ما زال/ والذي يقبل الاستمرارية..
    كي يشعرنا بأن النزف ما زال قائما ولم تنتهي فاعليته..
    الجرح ربطه الشاعر بالعراق بلاده الخبيبة الذي عاش بين أزقتها وشاهد حضارتها العريقة التي تحدث عنها التاريخ وتاريخ علومها وأدبها وعلمائها وأئمتها ومشايخها..إلخ
    فكيف لا ينزف جرحه وقد اغتصبوا الطغاة تاريخها ونهبوا حضارتها وكنوزها وهدموا معالمها التاريخية ومزقوها فرقاً وشيعاً حتى أنجبت فرقاً من أنفسها زادت البلاد تحطيما وفسادا..فكانت أمنية الشاعر أن يعود العيد والعراق سعيدا بأمنه وفكره وحقه وعدله..لكن هذا الجرح يزداد ويتسع بسبب ما يحدث في بلادنا وكل الوطن العربي والإسلامي..

    صورة موجعة وتجسيد متقن للواقع المعاصر بما فيه من نزف للدماء والدمار..وتوظيفه للتضاد بين / يمسي، نصبح/ كي تعطي للحروف وقعها وتأثيرها في نفس المتلقي ..

    لا القُدْسُ عادَتْ لَا وَلا وَطَنٌ لَنا
    يَا أمَّةً فِيهَا َالرِّجالُ عَبيدُ

    في كُلِّ قُطرٍ شَعبُهُ مُتَفَرِّقُ
    بَعضٌ يَصومُ وَبَعضُهُ ذا عِيدُ

    مَزَّقتُمُ حَتَّى الهِلالَ أهِلَّةً
    فَتَمَدَّدَتْ فَوقَ الهِلالِ حُدودُ

    تأتي هنا عملية الربط بين العراق والقدس، إذ لم يقل فلسطين أو غزة أو الخليل أو غير ذلك، بل ربط العراق بالقدس، كي يوحي لنا أن الوجع واجد وأن القدس عاصمة فلسطين..وكأنه بذكره للقدس المغتصبة يواسي نفسه بالعراق..بمعنى أن القدس التي اصطفاها الله لمسرى رسول الله عليه الصلاة والسلام ومنطقة المنشر والمحشر ما زالت مغتصبة وما زالت معلقة بين أنياب اليهود والغرب يتلاعبون بها ببصمة حكامنا الاوغاد..وكأنه يسلي نفسه بالصبر على الجراح في بلاده، حتى أصبح الرجال فيها عبيدا لا يملكون الدفاع عن بلادهم..
    يتطرق الشاعر إلى تمزيق الأمة في كل أقطارها..ليصل إلى تمزيق الهلال من خلال اختلاف الرؤية له لتكون في دائرة السياسة والتلاعب في الشعوب لأهداف تخدم تلك المصالح والمنافع التي تخص حكامنا..فكأن الشاعر يقول أن من رحم التمزيق للبلاد لابد وأن ينجب تمزيقا حتى في الشعائر الدينية والمقدسات لتصبح العرب علكة في أفواه الغرب وأعداء الإسلام..

    عملية تكرار حرف/ لا..والهلال/ كمعزوفة يرددها لسان الحال ليعطي أنغاما تطرب لها القلوب ويسعد معها المتلقي عند اتباعه نظام هذه القصيدة العذبة...
    من خلال الفعل/ مزّقتم..و..فتمددت/ نرى من خلال عملية التمزيق بحد ذاتها تصغّر القطعة التي تتمزق، لكن الشاعر هنا جعل من التمزيق تمدداً للحدود وجعلها تمدداً فوق الهلال،

    مَزَّقتُمُ حَتَّى الهِلالَ أهِلَّةً
    فَتَمَدَّدَتْ فَوقَ الهِلالِ حُدودُ

    هذه الصورة الإبداعية جاءت منتقاة بعناية كبيرة، وذلك من خلال تفكيك شيفرتها على نطاق الأمة التي حدث فيها التمزيق في إعلان موعد عيد الفطر، والتمدد يعني اتساع الرقعة أو اتساع بؤرة المعاني المقصودة في الحدث، والاتساع هذا لا يحدث من خلال التمزيق المادي المحسوس، بل يتم اتساع التمزيق على أوسع مدى حين يشترك في تمزيق معنوي آثاره من خلال الشرخ الإجتماعي الذي يحدث عندما تكون بوصلة المجتمع العربي والإسلامي بيد الطغاة وحكاماً لا يتخاكمون في شريعة الله ووفق مخافة الله وعدله على الأرض..فكان التمزيق أخذ صفة الاتساع بين العلاقات الدولية المختلفة والتي أطلق عليها الشاعر تحت مسمى / حدود/..
    هذه البراعة من أجمل ما عرفت من التوظيف البلاغي البديع..
    يكمل الشاعر بقوله:

    منْ مَشرِقٍ أو مَغرِبٍ أَعداؤنا
    والكُلُّ شَرٌّ وَالجَميعُ حَقودُ

    هنا جاء الطباق من المحسنات البديعية بين متضادين،
    / مشرق..مغرب/ ليضفي جمالاً على اللغة وخاصة الصورة الشعرية،لتزداد قوة وتمكيناً لتدل على حرفية ومهارة الشاعر.
    من خلال كلمات/ الكل شرّ..والجميع حقود/ لاحظت أن كلمة / الكل والجميع/ تتشابهان ببعضهما ظاهراً، لكنّهما تختلفان في المعنى والاستخدام.
    كلمة/ الكل/ تدل على الشمولية بدون غياب أحد، بينما كلمة / الجميع/ تدل على الغالبية مع احتمال غياب أحد، وهنا نعود لتشريح الألفاظ التي اختيرت بعناية مذهلة..
    فالشاعر قسّم الأعداء لقسمين، الأول: جعل الشرّ موجود في كل الأعداء بلا استثناء بشمولية كاملة، وهذه طبيعة كل عدو، بينما القسم الثاني من الأعداء: جعل الحقد والكراهية والبغضاء موجودة في أغلبيتهم وليس بهم كلهم جميعاً، يعني من بعضهم هناك قابلية للتعاون وفتح أبواب المصالح المختلفة دون حروب..هذه هي جمالية الاعتناء بالصور والنوصوفات الدقيقة التي تُكسب النص الشعري جمالاً وأناقة وقوة وعذوبة.
    يكمل الشاعر:

    يا أمَّةً كادَتْ تَنوءُ بِذُلِّها
    والعارُ ثَوبٌ يُرتَدى, وَيَسودُ

    يخاطب الشاعر الأمة بالمناداة تنفيسا عن مشاعره وإخراج زفرات صوته أثناء المناداة كي يريح بعضاً من القهر والوجع الذي يلمّ به..استعمل الشاعر فعل الماضي الناقص/ كادت/ولم يختار فعل آخر مثل أصبحت أو كانت أو ما شبه ذلك، بل قصد اهتياره لهذا الفعل لأنه ينفي سقوطها وذلّها وأنها على حافة الانهيار وهذا يمنحها الأنل والتغيير، لأن معنى فعل كادت..أوشكت..فكما ذكر في المعاني:
    كاد : من أفعال المقاربة مثل أوشك بمعنى قارب الفعلَ..
    وأما وأن العار ثوب يرتدى ويسود..هو حقيقة مرّة قد لبستها معظم دولنا العربية وارتداه طاقم حكامنا العرب وبه يسودون هذه الأمة لأننا في زمن الروبيضة..
    في هذا البيت تتويج الشاعر له بأربعة أبيات ماضية ومضارعة..كي يجعل الفكر مشغولاً بحركة وفعل من الماضي للحاضر مستمرا لا يتوقف مفعوله..بمعنى حركة الفكر والتغيير يجب أن تبقى مستمرة لتغيّر من الواقع شيئاً محسوساً..
    يكمل الشاعر:

    حَتَّى مَتَى تَبقى الجَهالَةُ قِمَّةً
    والجَاهِليَّةُ تُصْطَفَى فَتَكيدُ

    قَلَبَتْ مَوازينَ العَدالَةِ كفُّها
    عَمياءُ لا تَدري لِأينَ تَحيدُ

    لابد من خلال قصيدة كهذه أن يتحدث فيها الشاعر عن أسباب التمزيق والتفرقة والتبعية، ليتبعها بأسباب التمزق والفتن، وهي الجهالة بغياب الوعي الفكري والسياسي والإقتصادي والإداري، لتتصدر الجاهلية قمة الحكم والتنفيذ، مما سبب العار والتدنيس لثرى أمتنا العريقة..
    اختار الشاعر للجاهلية البغيضة فعل مضارع مبني للمجهول
    /تُصْطَفَى/ لأن الجاهلية لها ألوان مختلفة وطرق شتى، وكلّ يختار ليلاه حسب أهوائه ونوازعه..فكان توظيف الفعل متقناً حد البراعة..
    ومن الطبيعي بعد هذه الجاهلية أن تقلب موازين العدالة وتصبح عمياء لا ترى من الحق شيئاً..وهذا أيضاً توظيف متقن مبني عن فطنة وذكاء..

    ظَنَّ الحِمارُ بِأنَّهُ خَيْلُ الفَلا
    فالحَملُ ذِئبٌ وَالبِغالُ أسودُ

    تأتي منزلة التشابيه البارعة، والتي كانت لباساً مفصلا على قدر الحدث بالضبط..
    الحمار كأنه خيل، والحمل الوديع كأنه ذئب مفترس، والبغال التي تركبها الفرسان وللزينة، جعلوها معاكسة للواقع، وكأن الشاعر أعطى صفة لكل حاكم أو قائد في حدود هذه الأمة المجروحة، كي يوضح لنا مدى ما انقلب من حال هذه رأساً على عقب..وتغيرت فيها معالم وحضارة الماضي لواقع بلا ثوب نفيس...
    التشابيه هنا وإكثار الصور تدلي ببراعة الشاعر وحذقه بصناعتها، وتجمع على الجزالة والقوة باللفظ والعذوبة والفصاحة مما يفتح الآفاق في التخيل والسبح في أعماق الفكر..

    لا عيدَ يَأتي عاجِلًا أو آجِلًا
    في غُربَةِ الأوطانِ ذاكَ بَعيدُ

    هنا في تضاد بين الكلمتين / عاجلاً أو آجلاً/ مما تساهم في نثر جمالية خاصة على النص الشعري..
    ثم طوّع الشاعر من كلماته جناساً غير تام في / عيد و بعيد/ مما يعطي جرساً موسيقياً للأذن وإيقاعاً تطرب له الروح..مما يزيد القصيدة جنالاً وعذوبة وقوة..

    والقَولُ (وَاعْتَصِموا بِحَبْلِ اللهِ)
    مَاعادَتْ لَهُ فِرَقُ الضَّلالِ تُريدُ

    فَتَوَحَّدَتْ أطمَاعُهُمْ وَتَقاسَموا
    خَيراتِنا, ويَدُ الذَّليلِ تجودُ

    هنا مشهد المسرحية العربية بات جليا على الصغير قبل الكبير، إذ شريعة الله والتمسك بحبله أصبحت أسطورة بالنسبة لهم بعيدة عن أرض الواقع، وإلا لما حملوا خيرات الأمة وتقاسموها عندما توحدت أطماعهم ليكون جودهم للغرب والدول الكافرة سببا من ذلّهم وخسّتهم..
    جعل الشاعر من اليد التي ترمز للعطاء وتقديم الخير رمزاً للذل لتكرم اللئام، وتكون ذليله للكفرة المغتصبين لأرض العروبة والإسلام بتقديم الكرم الحرام، والمفروض أن يدفع لشعوبهم غذاء ودواء وإصلاحاً، لا أن تدفع ثمن ذلّهم وقلة إنسانيتهم...

    وَتَسَلَّطَتْ فَوقَ الرِّقابِ سيوفُهُمْ
    فَالحَقُّ قِيلَ طَريقُهُ مَسدودُ

    نَصَبوا المَشانِقَ وَالمَشانِقُ دَربُنا
    لِلمَجدِ نُعلي رايَةً وَنَقودُ

    حتى وصل بهم الأمر قتل الأبرياء وشنقهم كما يحدث اليوم، فقط لأن جريمتهم قول الصدق والحق وحرية التعبير، ما هذا الإجرام الفظيع الذي نقترفه حين نحمل الألسن والأقلام لنصد عن الظلم والجور والتبعية، ونأبى التعامل مع مصالح ذاتنا مقابل بيع الحق والعدل وسحق هويتنا وحريتنا...
    كما قال الشاعر: الحق طريقه مسدود..عظيمة هي هذه الألفاظ المضيئة في زمن أغبر..

    لِلنَّصْرِ إنّا قَدْ فَتَحْنا بَابَهُ
    في دَربِهِ بَطَلٌ لَنا وَشَهيدُ

    قَلبُ العُروبَةِ في العِراقِ, وَنَبضُهُ
    يُحيي صُروحَ حَضارَةٍ وَيُشيدُ

    بِفُراتِنا - نَروي التُّرابَ -, وَدِجْلَةٍ
    وَالنَّصرَ يَؤتي رَبُّنا المَعبودُ

    فما عدنا نملك في هذا الزمن المنقلب إلا كفناً نحمله على أكتافنا وشهادة في سبيل الله نعلقها على أبواب الجنة، حتى يتحقق النصر وبغير ذلك يستحيل تحقيقه.
    ثم يختم الشاعر قصيدته كما بدأها مِن وإلى العراق، بلاد التاريخ والحضارة وأكبر شاهد على المواجع والنكبات والحروب والأسى، وفوق ذلك ما تزال قلب العروبة والإسلام وإنوتعددت فيها الفرق والمذاهب، ستبقى بدجلة والفرات شاهدة على العصر بما فيه تقاتل حتى تروي الأرض بمائها الطاهر كما يروي الشهيد من دمائه الوطن..
    وينهي الشاعر قصيدته برجاء ودعوة بلسان الموعظة والحكمة التي لا تقدر بكنوز الأرض بقوله:

    فَتَوَحَّدي يا أُمَّتي وَتَطَهَّري
    مِنْ رِجْسِ أَغْرابٍ, فَطُهْرُكِ عيدُ

    مناشدة عظيمة من شاعر يعرف أن يضع حرفه وكيف يغرسه رسالة عظيمة فوق جبين الوطن، وهذه قمة الانتماء والولاء للأنة ورسالة السماء..
    طهر الأمة عيد عندما تغتسل من رجس الغرباء ونجاستهم...

    الشاعر الكبير المبدع البارع بحرفه
    أ.عادل العاني
    أمتعكم الله بالصحة والعافية والرضى
    وزادكم علماً ونوراً وخيراً ليس له أول ولا آخر
    وكل عيد وأنتم العيد وخيره..
    سعدت جدا وطربت لكن الوجع أكثر في العين دمعاً
    .
    .
    جهاد بدران
    فلسطينية

  2. #2
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.29

    افتراضي

    قراءة نقدية مميزة جدا أنارت جوانب كثيرة في قصيدة الشاعر المبدع عادل العاني وألقت الضوء على ما توارى خلف الكلمات بحرفية وعمق وذكاء فلا فض فوك!
    كم يسعدني هذا الأداء النقدي وهذا الحراك الأدبي الذي يدفع الشعر للازدهار فالنقد الواعي الجيد ماء الشعر وشمسه.

    تقديري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي