أحدث المشاركات

قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: بـــالأحـــضـــان

  1. #1
    أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2014
    المشاركات : 89
    المواضيع : 21
    الردود : 89
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي بـــالأحـــضـــان




    محمولا على هودج الشوق، ترجل من صهوة الأسفار لتعانقه المدينة العائمة بالأحضان مطوقة إياه بابتسامة دافئة احتفاء بروعة القدوم.. صافحته على الفور هبات من عبق نسائم البحر مُنسلّة إلى دخائله لتملأ الصدر بالانشراح والسكينة .. حفاوة بالغة لم يعهد لها مثيلا.. !!
    ابنه البار لديه سابقة عهد بالمكان.. يمشي بمحاذاته الهوينى نزولا على أدراج المنحدر الإسمنتي المجانب للمياه البلورية .. الممر تتخلله حواجز الجسور الصامدة من عهود قديمة.. يخترقان الزحام الذي بدأت تشتد وطأته في عز الضحى في متاهات الدروب والممرات الضيقة .. يقتنيان تحفا من معروضات المتاجر والباعة وينعمان بمشروب قهوة "الكابتشينو" الصباحي ذي النكهة العالية ولذيذ فطائر"البيتزا" المغرية بالاشتهاء . وجوه من شتى البقاع تشع نضارة تجوب المكان بكثافة.. تتدافع بالأكتاف متلامسة برفق وتؤدة وتبادل لعبارات حافلة باعتذارات رقيقة .
    كل الأشياء والذوات هنا مهما بدت للناظرين تافهة وصغيرة وغير ذات قيمة لها مكانتها وفعلها المؤثر في النفوس والموجودات عامة.. وأنَّى لها ألا تكون كذلك وهي خالقة الذكرى القابعة في الأعماق وَمُعِدَّتُهَا للمقبل من الأيام..؟ إنه بدونها يسود الفراغ والتلاشي وتعشش على أنقاضها العبثية ..
    في وقت من الأوقات تساءل في غور دخيلته : كيف لهذا البحر ألا يسعد بهذا الحيز المكاني الرابض في الأحشاء..!! كيف للجوهرة أن تنفلت من عقده ليستحيل إلى بحر موحش ومقفر على وقع صمت رهيب ، وعلى شطه ترعى أسراب وأسراب من البطاريق، وطيور النوارس تجتاح فضاءه مولية وجهتها شطر الآفاق البعيدة بلا توقف أو مجرد تحية ونظرة عابرة…
    تناهىت إلى مداركه في اقتناع انه والبحر توأمان ملتحمان يغرقان في خضم الوجد والهيام لذات المعشوقة.
    المياه الدافقة في عرض القنال وبين الدروب والأزقة تنساب مزهوة كأفاعٍ انسلخت للتو من جلدها القديم.. تسكنها أرواح خيِّرة لتغمر الكائنات الآدمية بالبسمات وتجلو الهمّ عن الذوات البئيسة....
    تعلقت أنظاره في إعجاب لا يُضَاهَى بالمراكب الحافلات وهي تبتلع حشودا من الغادين والرائحين على السطح المائي الصقيل كتماسيح هائجة تروم إلى التخلص مما في بطونها من حمولة... شدته قوارب صغيرة زاهية تدب دبيبا في خفة وخفوت حاملة أجسادا تطفح أوجهها بالبشر..
    قال الابن البار موضحا بعد أن أدرك مرمى النظرات الفاحصة المتسائلة:
    - تلك الجنادل في الأغلب مراكب للخُطَّاب والعشاق وَمُمْتَطًى لمن هم حديثو عهد بليلة العمر..
    ليلة العمر...؟ ! هزت العبارة كيانه وحملته أفراس الذكرى إلى ما بعد ليلة العمر بأمد قصير.. تمنى لو يعود به الزمن القهقرى لينعم بهذه المتعة الماثلة أمامه وإن لثوانٍ معدودات..
    احتوته الساحة الكبرى "سان ماركو".. تصميم بديع بأيد مهرة في قلب المدينة .. بدت مختنقة بحشد عرمرم من الزائرين .. أصناف من طيور بحرية تحلق في العلياء مغردة أنشودة المساء ، وبعضها يحط الرحال بين أقدام الراجلين على أرضية الساحة الرخامية الفسيحة ترفرف بأجنحتها مزهوة بلقاء العشيرة.. وأخرى كالحارس الأمين تربض في سكون فوق قمم المباني الأثرية من أبراج وأقواس كبيرة وكنائس تمتد في الفضاء شامخة شموخ الأمجاد الرومانية..
    سيمفونية الفصول الأربعة لـ" انطونيو فيفالدي" تشرئب بجيدها من عمق التاريخ تصدح في في الأجواء بوصلات من الفن الراقي البديع ، تؤديها فرق من جوقات موسيقية في مدخل المقاهي المتراصة في أروقة الساحة لتستجلب بها روادا ينعمون بما لذ وطاب من صنوف المشروب والمأكول على وقع اللحن الجميل..
    هو بذاته يذوب ولعا في آفاق سمو روحي هو المسكون وجدانه بالنغم الأصيل والجمال الأخاذ..
    انسل قرص الشمس متداعيا نحو الأفق وآذن الركب بالارتحال.. قال الابن البار وقد أدرك من ملمحه الممتقع ما يسري في أوصاله من رعدة الهجر :
    - البندقية يا أبي تحفة العاشقين.. حضن وديع ساعة الوصال وحرقة ولوعة لحظة الفراق..
    في اتجاه محطة المراكب ، أحس بقوة جاذبية خفية للمكان وقد بدأت تفعل فعلها.. انتابه شعور غريب كما لو أن شيئا ما يشده للخلف.. تثاقلت خطواته وكاد أن ينصاع في خنوع لمفعول هذه القوة لولا إصرار الابن البار على السير في الاتجاه الأمامي..
    استقلا مركبا يتمايل رقصا بفعل تيارات تجرفه بلطف ووداعة.. يُسمع هدير محركه القوي فتخاله صوت إقلاع لطائرة.. تبدو البنايات والدور من خلال النوافذ الزجاجية شبه غارقة ..يفرغ المركب محتوياته على الرصيف البحري ..
    يدلفان في اتجاه الحافلة الرابضة هناك غير بعيد عن الأرجاء.. تشيّعهما عرائس المدينة الساحرة في مشهد غير معهود لا يوصف
    ....

  2. #2
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    أبدعت أديبنا في رسم صورة المدينة بشاطئها و بحرها وانعكاس ذلك على ما يموج في النفس من ذكريات ..
    الإبن البارّ كان متابعاً لوالده وربما كان يشده ليبعده عن الاستغراق في بحر الذكريات الذي كانت الأمواج تشدّه إليه .
    تحياتي أستاذ صالح ومرحبًا بقلمكم مجدداً في واحتكم .
    تقديري ..
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  3. #3

  4. #4
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.11

    افتراضي

    وصف حالم لمشاهد جميلة وأجواء شاعرية وذكرى يتلذذ المرء في زيارتها ويغرق فيها

    كانت خاتمة مفتوحة للتأويل وقد أجبني رأي الأستاذ عبدالسلام في تعقيبه على الخاتمة


    رائع بورك حرفك أديبنا الفاضل

    تقديري

  5. #5
    أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2014
    المشاركات : 89
    المواضيع : 21
    الردود : 89
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة براءة الجودي مشاهدة المشاركة
    وصف حالم لمشاهد جميلة وأجواء شاعرية وذكرى يتلذذ المرء في زيارتها ويغرق فيها
    كانت خاتمة مفتوحة للتأويل وقد أجبني رأي الأستاذ عبدالسلام في تعقيبه على الخاتمة
    رائع بورك حرفك أديبنا الفاضل
    تقديري
    ************************

    الى الاستاذة الشاعرة

    تحية على بديع ارتسامك وإطلالتك البهية ...

  6. #6
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,062
    المواضيع : 312
    الردود : 21062
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    نص جاذب بلغة شيقة ، وبأسلوب وصفي تصويري نابض بالحياة
    جمعت بين أناقة المفردة وجمال الصورة وتألق الأسلوب معتمدا الوصف
    عنصرا محركا ببراعة جعلت المتلقي يعيش معك في تلك المدينة الساحرة ( البندقية)
    بحرفيتك المعهودة وبألقك القصصي
    مشهد صيغ بإقتدار من أديب امتلك حرفا سامقا بلغة شاعرية رائعة.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2014
    المشاركات : 89
    المواضيع : 21
    الردود : 89
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    نص جاذب بلغة شيقة ، وبأسلوب وصفي تصويري نابض بالحياة
    جمعت بين أناقة المفردة وجمال الصورة وتألق الأسلوب معتمدا الوصف
    عنصرا محركا ببراعة جعلت المتلقي يعيش معك في تلك المدينة الساحرة ( البندقية)
    بحرفيتك المعهودة وبألقك القصصي
    مشهد صيغ بإقتدار من أديب امتلك حرفا سامقا بلغة شاعرية رائعة.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    تحية للاستاذة نادية
    سعيد بجميل الإطراء وروعة التقييم
    أعزك الله وبوركت إطلالتك البهية..!!