شجنٌ و أحلام

كنتُ قد كتبتُ السّطور أدناه بعد أن قررتُ منح نفسي إجازةً مفتوحةً من الكتابة
وقبل نشرها بثوانٍ وصلتني رسالةٌ من أخٍ عزيزٍ وقامةٍ أدبيةٍ مرموقةٍ كان له الفضل بتعرفي ودخولي إلى هذا الصّرح الأدبي الشّامخ وخجلت من ردِّ جميله ولطفه وأدبه وخلقه الجم
والغيتُ بعدها إجازتي قبل ان تبدأ إكراماً له
لكن هذا لا يمنع أن أنشر ما خطّه القلم عن قناعةٍ قبل اتصال الصّديق بي وعدلت عن ذلك بما له من مآثر وأثر في نفسي ومكانةٍ لا تبور ولا تتبدل

ذكرياتٌ داعبَتْ فِكري وظنِّي
لستُ أدري أيُّها أقربُ مِنِّي
هِي في سَمْعِي على طُولِ المَدى
نَغَمٌ ينسابُ في لَحَنٍ أغنِّ
بعض الذّكريات الّتي عشتها معك ولك أملٌ وحياة ... ولها رائحةٌ كرائحة المسك لا تُنسى
وبعضها ألمٌ ونزف قلبٍ واحتضار روح
في كلِّ عيدٍ مضى ... وقد اقترب عيدٌ أخر... أنْ كنت لا تذكر... أورثتني غصّةٌ
ومع كلّ غصّةٍ خدشٌ بالشّغاف ولوعةٌ بالرّوح
وكلّ خدشٍ يترك ندبةً في مستودع الحبّ الّذي وقفته لك ... ولك وحدك في سويداء القلب المولّه بالحنين
فعلام هنتُ ... وهان الحبّ عليك ؟
أستميحك العذر
سأمنح نفسي إجازةً
قد تطول وقد تقصر
لعلّي أبراء من نزف جرحٍ كلّما اندمل أعدتَ فتحه من جديدٍ
بحسب ما يكتنفني من جلدٍ أمام ما يمليه عليّ حبّك ووجع النّبض وما يستجد من الظّروف
ربّما لا أعود أبداً
لا تقل أنّني لم أحذرك ... لا تستهن بولهي الشّديد لك
لا تقل أنّني لم أتفهمك
لأنّك بقصدٍ أو دون قصدٍ تكْلم الجرح مجدّداً كما اعتدتَ دوماً غير آبهٍ بعظمة وطهر وعفاف ما تعلقته بك من حبٍّ واعتيادٍ ليس له في هذا الكون من نظيرٍ
نثرت غيثك في كلّ صوبٍ وبخلت بطلّك على جدب روحي وأنت تدعي الحبّ الّذي لم أعد ألمح منه إلا طيفاً قد أفل أو خيطاً رفيعاً بلا أمل
ملاحظة أخيرة لمن سيمر على هذه السّطور يوماً
أنا لا أكتب إلى أحدٍ ما ... ولا أعني بكلّ ما كتبته في مدونتي مخلوقاً بعينه على وجه البسيطة
بل كنت أكتب لنفسي من خيالٍ محضٍ استوحيته لحبيبٍ لم يكلّف نفسه أنْ يفهمني كما أنا
وتعايشتُ مع الوهم وصدقته ...
وأصبحتُ بخيالي أتلوى من ظلمه وتجاهله ... أعتبُ عليه وأسامحه ... يغالبني الشّوق له وتعز عليّ كرامتي وأرحل عنه... ويسترضيني بنظرةٍ وأعود له
محض خيالٍ لاح لي من بعيدٍ وتعايش القلم معه بأحرفٍ نثرتها هنا وهناك على السّطور
غير أن الأكيد حاجتي لإجازةٍ من القلم والحرف المتواضع ... لكثرة ما تسببا لي من جراحٍ في القلب وندوبٍ في الرّوح
سألوح بيدي وسأترك العودة بعلم الغيب وللظروف
ولا بد من كلمة شكرٍ لكلّ من مر على حرفي ... وترك بصمة عطره ما بين السّطور ... وقصّرتُ في الرد عليه
عسى أن تأتي ساعةٌ قريبةٌ أوفيهم فيها حقهم من الشكر والعرفان على تشيعهم لي وما أشاعوه في نفسي من الفرح وطوقوا بجميلهم عنقي بما لا يُنسى من لطفٍ ودماثة خلقٍ وأدبٍ جم
أفتخر بمرورهم وتسطيرهم الألق الّذي جلى عتيمات الدجى عن الحروف

كنتُ أهربُ من التلوث في سماء هذا الكون
ورحتُ أنشد النقاء والصفاء والنسيم العليل في دياركم
غير أنني اختنقت برائحة العابرين في ضباب مدينتكم الذي لم أعهد له مثيل من قبل
ربما لقصر علمي وقلة تجاربي
ورحتُ أختلق الأعذار لكم وأقنع نفسي ... لعلهم مجرد عابرين سيلتهمهم الضباب ويمضوا دون رد
واليوم وجدتكم تتنفسون خيوط دخانهم دون أي التفاتة منكم لِمَ قد يعنيه هذا للقابضين على جمر الغضى أمام بابكم

فتقطعت عرى الوصل
وضاق صدري من التلوث بدخانهم الذي اختلط بأنفاسكم
ولم أعد أحتمل الصبر
وكأنني استجدي التنفس في استنشاق الهواء أي كان مصدره في دياركم

وأنا مازلت كما أنا من الف عام
على عهد الهوى لك
كلما أسلمتُ الروح في النزاع الأخير
يلوح لي طيفك وتمنحيني من روحك أمل جديد
وحياة متجددة
وتزداد قناعتي بأنك روح الروح
فانتشي بعد موت
وتقر بلابلي

أي هذا الذي أشعل الشمع من ضرام دموعي ؟
أحسبه باسق النخل في واحتي ... وضوع عطر الروح في دروبي
أي هذا الذي اغتصب البسمة من سواد عيوني ؟
أظنه منية القلب ... ونور عيني ... وهمسة الروح للوجيب
أي هذا الذي أوقد النار في حنايا ضلوعي ؟
أهو الأمل الذي يقتات من ماضي سنيني ؟
أي هذا الذي يرسل على أجنحة الشوق ملاكاً ... دون أن يدري أنه نابضٌ في وتيني ؟
أي هذا الذي يجبر كسري ويمحو ما تبقى من فتات شجوني ؟
أي نجم غطى على الثريا ...وهو كامنٌ ما بين نبضي وجفوني ؟
أي هذا الذي كان ومازال وسيبقى حبيبي ....؟
أنه دفء روحي ... نبض قلبي ... ووجيبي

تضطرم الأشواق في صدري
وتتأجج نيران الحب في خافقي
مع أول خيوط النور في هذا الفجر العابق بالحنين المخبوء لكم

أنا لم أعد أنا كما عهدت نفسي قبل أن ألمح طيفك في الأيام الغابرات
وأنت لست أنت كما عرفتك أول مرة
لقد اخترعنا حياةً وجنةً أخرى لنا
ومازلنا نجتهد بملء الفراغات
لم تعد تُحتَمَل الحياة بغيابك
و أظنني بلبلك الشادي ولحنك الأعلى من كل شدو البلابل فوق الباسقات

بودي لو أوشم اسمك بين عيوني
وأكتب تحت الاسم
هذا حبيبي

معك
ينهض الشّوق المكفن بالأنين
يرتوي القلب من ظمأ الأشواق والحنين
ترتدي الحروف حلّة العاشقين
يتوارى العتم بإطلالة البدر الّذي استوحى من بهاء وجهك النّور
تتشابك الضّلوع لترقص للقلب لحن حبّه الأثير
تُردّ الرّوح من نزاعها الأخير
يحتفى القلب بهمس مناجاتك على ضوء الشّموع

يا حبّي الأزلي الوحيد

https://

مررت بكل الأماكن التي اعتدت ذات ربيع التقيك بها
فوجدت أبوابها موصدة بوجهي
وصعدت لربوةٍ قبالتها هناك لعلي المح طيفك
أو أتنفس أريج عطرك
أو أمتع ناظريّ بلوحة رسمك
ولم أجد إلا الظلال
اشتقت لتحية الصباح
اشتقت لمساء الأنوار
اشتقت لطلتك بين نجيمات السماء
واشتاقت الأماكن لهمسك في سويعات المساء
أين أنا منك ...بل أين أنت ؟
"وَما حُبُّ الدِيارِ شَغَفنَ قَلبي وَلَكِن حُبُّ مَن سَكَنَ الدِيارا"

بعض العائلات موصومةٌ بالعمالة والخيانة لصالح أعداء الأمة على اختلاف ألوانهم ومشاربهم وأهدافهم منذ الأزل
على مر الأيام وتعاقب السنين
هم أشدُ على أبناء جلدتهم بأساليبهم الشيطانية من العدو الماكر المخادع اللعين
تسري في دمائهم وتستوطن جيناتهم العمالة في سعيهم الحثيث خلف الباطل والظلالة المظلة في كل سبيلٍ يسلكون .
يبطنون غير ما يظهرون وهم أخس من إبليس وأخطر من مردة الشياطين
أصواتهم عاليةٌ حفدة مسيلمة وفي دواخلهم نتنٌ وقذارةٌ لا تبين إلّا لقلةٍ ممن خبروا مكرهم وكشف الله لهم الحجب عن سعيهم الخبيث .
هم باسم الحب يسعون إلى نهش اللحم الحرام من ضحاياهم ولا يعرفون إلّاً ولا ذمةً في أعراض المسلمين .
أسمعُ قرع طبولهم في احتفالياتهم وصخبهم ورقصهم حول النار من أجل سلخ جلد آخر ضحاياهم والتضحية بفريستهم
التي سعت بأقدامها للموت على مذابح معابدهم بنحرها من الوريد إلى الوريد .
لا ينفع النصح لشاةٍ سعت خلفهم وأسلمت نفسها لحد السكين فاعتبروا أيها القوم إن كنتم ممن يعتبرون .
أخشى على من يستمتع بالرقص معهم ويساهم في احتفالياتهم بقرع الطبول .
صُمّتْ آذان القوم وأنا أصرخُ محذراً دون جدوى .
اليوم يوم التضحية بأخت آخر ضحاياهم من سلالة الهنود الحمر
وُزّعتْ الأدوار بينهم : بعضهم للطبل والتزمير ... وآخرون لإلقاء كلمات التأبين ... وثلةٌ يقرضون الشعر المقيت ... وجوقاتٌ أخرى من كل حدبٍ وصوبٍ ... وصراخٍ وصخبٍ وتصفيرٍ وتصفيق .
فاعتبروا يا أولي الألباب من مصير فلويد ومذابح الهنود الحمر بالأمس القريب .
نجت امرأة فرعون من النار وخسرت امرأة لوطٍ وخاب مسعى امرأة نوح .
ونداءُ نوحٍ لقومه لم يُجْدِ أهل الظلالة في النجاة بأنفسهم من الغرق وقد فار التنور
وحذار : من خطوات الشيطان ... ووسوسة أهل الغي والظلالة أن تجد لها في النفوس النقية من مقيل .