شجنٌ و أحلام

ما بال بلبل اعتاد في كل صباح أن يمر بي ويخصني بأجمل وأعذب ألحان الحالمين
لم يحط اليوم على أطراف نافذتي ويغرد لي بما اعتدته منه في كل صباح من سنين !!!
أتراه نسيا أم تناسا !؟
أم أنا معاقب على ذنب ما جنيته !؟
أم هو تجبر الظلمة القساة على قلوب المساكين !؟
برد فنجان قهوتي اليوم ولم أرتشف منه رشفة واحدة وأنا أنتظر طلته ما بين الفلة والياسمين

في سماء الكون أُطفئتْ قناديل السّماء
وعلى الضّفة الأخرى من ظلام الكون دجى ليلٌ
وتمخض عن إنجاب ذئابٍ وثعالبٍ ممن توشحتْ جباههم بالسّواد
وتداعى الأكلةُ على نهش شاةٍ
سعت سعيها لهم
واستحقتْ ماجري لها من استباحة الدّماء
ليتك لم تعرج على غيهب الليل وأختها في ديار الظّلَمة وأراذل الطّغاة
وأنا أجلسُ منتظراً بفارغ الصّبر بزوغ البدر ليتبدد العتم ونلتقي
ونعود أنا وأنت كما كنا
نقطف ورد الحبّ صباحاً... ونزرع في المساء روضة الأحلام

صديق لي مررت به لألقي عليه تحية المساء
وجدته منشغلا بالجموع من حوله
ووجدته قد تلهى بأحبابه عني
ألم تعلم ياصديقي ان للوقت ثمن
وإن إرجاء رد تحيتي لا يجعل منها بعد فوات الآولن إلا مجرد جرح لايندمل
لم أعد انتظر رد التحية منك يا صديقي
وإذا الدنيا كما نعرفها وإذا الأحباب كل في طريق
من هانت نفسه عليه فلا يعتب على غيره من البشر
فأنا ماهنت النفس عليّ بعد ولن تهون
من حلم ليلة صيف طمست نجومها وغاب عنها البدر

لاأعرف ماحل بالبلابل في حديقتي هذا الصباح !
وكأنها صمتت عن التغريد
لا أسمع إلا سجع حمامة من بعيد
فهل لهديل الحمام علاقة بعزوف البلابل عن التغريد ؟

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى

يتساءل القوم همساً فيما بينهم :
هل لدياجير الظلام الخارجة من الأنفاس المنتنة على النفوس التي استمرأت الذل ... صوتٌ ونكهةٌ ؟
قال محنطي الأموات : نعم ... كنكهة أسمال من في القبور
وقال الحواة : أما عن الصوت فله فحيحٌ كفحيح قُبلة الغرير للغرير
وقال العارفون بأحوال الطقس وبواطن الأمور : أول الغيث قطرة
فبما سيجود الهطل بعد ذاك على الغافلين ؟

عابر سبيلٍ مر على عجلٍ
وألقى بأعواد ثقابه على الوجد
أشعل النيران
وشوه القلب
وأحرق أثمن وأجمل ما فيه ومضى

أفتقد شيء ما
يؤلمني وخز فقده في المضغة التي خلف الحنايا العوج
وأروح أفتش عن نفسي بين الحروف
فلا أجدني
ويطل عليّ من بينها وجهٌ غريببٌ وكريه
و أعود أطوي المسافات للرحيل

مررتُ بحيها شرقاً وغرباً
كأني قد بُعثتُ من الممات
تطالعني هنالك دارُ عبلة
كأن الدّارَ تغفو في سبات
وأطلالٌ لعيني قد تبدّت
قصوراً للرّشيد على الفرات
عفت آثارُها من طول عهدٍ
فداريتُ الدّموعَ عن الشمات
ألا يا دار عبلة لا تؤولي
إلى النسيانِ أو قطعِ الصلات
أنا يا دار لي ذكرى حبيبٌ
أبوحُ بحبّه دوماً لذاتي
فما زالَ الحنينُ إليه بكراً
يجاذبني حديثُ الذّكريات
وبالأشعارِ أروي عن هوانا
أنا أرويه إن عزَّ الرّواة
مضى يا دار دهرٌ يتلو دهراً
وما عادت كما كانت فتاتي

لم يصنع الحداد إلا نسخة واحدة من مفتاحك يا خافقي الحزين
أخذته ومضت
لن أفتح الباب عنوة ...
إن التفتت خلفها وعادت بلهفة الأشواق على عجل
يحملها على أجنحة الشوق وجد وحنين
لا تخذلها
فليس لها سواك
وليس لك سواها
فما زال خلف الباب في داخلك شيء ثمين لها
لا قدر الله الفقد بينكما