من كتاب ( مكاشفة القلوب )
للإمام أبو حامد الغزالي.
قيل في فضل القناعة :
استغن عمن شئت تكن نظيره ، واحتج إلى من شئت تكن أسيره ، وأحسن إلى من شئت تكن أميره ، قليل يكفيك خيرٌ من كثير يطغيك .
إذا أعطشتك أكف اللئــــام كفتك القناعة شبعاً وريّا
فكن رجلاً رجله في الثرى وهامة همته في الثريـا
وقال آخر :
يـــــاطالب الرزق الهني بقـوةٍ هيــــــهات أنت ببـــاطــلٍ مشغــوفُ
رعت الأسود بقوةٍ جيف الفـلا ورعى الذبابُ الشهدَ وهو ضعيـــف ُ
في بيان غرور الدنيا :
حُكِيَ أن أعرابياً نزل بقومٍ فقدموا إليه طعاماً فأكل ، ثم نام في ظل خيمتهم ، فاقتلعوا الخيمة فأصابه حر الشمس فانتبه فرحل وهو يقول :
ألا إنما الدنيا كظلٍ بنيته ولا بد يوماً أن ظلك زائلُ
وقال ابن مسعود :
كفى بخشية الله علماً ، وكفى بالاغترار بالله جهلاً .
وكان عمر بن عبد العزيز كثيراً ما يتمثل بهذه الأبيات وهي لمسعر بن كدام :
نهارك يــامغرور نوم وغفلة وليــلك نومٌ والردى لك لازمُ
يغرك ما يفنى وتفرح بالمنى كم غُر بالذات في النوم حــالمُ
وشغلك فيها سوف تكره غبه كذلك في الدنيا تعيش البهــائمُ
في ترك الدنيا وذمها :
قال يحيى بن معاذ : الدنيا حانوت الشيطان فلا تسرق من حانوته شيئاً ، فيجيء في طلبه فيأخذك .
وقال الفضيل :
لو كانت الدنيا من ذهبٍ يفنى ، والآخرة من خزف يبقى ، لكان ينبغي لنا أن نختار خزفاً يبقى على ذهبٍ يفنى ، فكيف وقد اخترنا خزفاً يفنى على ذهبٍ يبقى ؟!
وقيل لإبراهيم بن أدهم كيف انت ؟ فقال :
نرقّع دنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى ولا مــــــــــا نرقّعُ
فطوبى لعبدٍ آثر الله ربّه وجــــــــــاد بدنياه لمـــــا يَتوقعُ
وقيل أيضاً :
أرى طالب الدنيـــا وإن طال عمره ونال من الدنيا سروراً وأنعما
كبانٍ بنى بنيانه فأقامـــــــــــــــــــه فلما استوى ما قد بناه تهدمــا
وقال لقمان لابنه :
يابُني بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعاً ، ولا تبع آخرتك بدنياك تخسرهما جميعا .