رعونة السلطة العمومية في جائحة كورونا

انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو يُظهر تصرف مسؤول في السلطة العمومية يصفع الموقوفين ويركلهم، شوهد هذا المسؤول وهو يخالف ما خرج من أجل تطبيقه، شوهد مخالفا للقانون وقد أُمِر باحترامه وتطبيقه، ولكن مثل هذه المخالفات كثيرة في السلطة العمومية وهي دالة على انحطاط فيمن يتصرفون مثل تصرف هذا المسؤول اللاّمسؤول.
لقد ابْتُلي المغاربة كغيرهم من الشعوب بفيروس كورونا، وانخرطوا في الحجر الصحي كطريقة ناجحة للوقاية من الفيروس وناجعة لمنع انتشاره، صحيح أن فينا من يخالف القانون ويحتاج إلى الخضوع له بالقوة ولكن ليس بالصفع والركل.
لقد خالف القانون كثيرون خصوصا أولئك الذين خرجوا في تجمعات يجوبون الشوارع رافعين أصواتهم بالدعاء إلى الله عز وجل أن يرفع عنا هذا البلاء ولكنهم جانبوا الصواب حين ساهموا بسلوك ينم عن جهل ولو هم بحسن نية، وعليه وجب إيقافهم ومنعهم بالقوة ولكن ليس بالصفع والركل، والمسؤولون الذي يتصرفون مثل هذا التصرف عمَّ يعبرون؟ ألا يعبرون عن جهلهم وصفاقتهم؟ هل تساءلوا عن أولئك الذي تم إيقافهم فربما كانوا ممن دفعتهم الحاجة وخرجوا لتدبير أمر معيشتهم؟ هل كل المغاربة قادرين على جلب ما يقتاتون به وفيهم كثيرون لا يملكون قوت يومهم؟ هل فكرت السلطة العمومية في مغاربة لا يشملهم ما يشمل غيرهم كالنُّدُل في المقاهي وسائقو سيارات الأجرة والعاطلون عن العمل وما يسمى بالبولنطيين أو الذين يفترشون الشوارع لبيع منتوجاتهم وغيرهم كثير؟ هل فكرت في أولئك الذين قطعوا عنهم رزقهم بمنعهم من التسوق من مدينة سبتة؟ هل فكرت في تداعيات تصرفها الغاشم؟ هل وفرت لهم حاجياتهم وهم في بيوتهم لا دخل لهم؟
هناك كثير ممن هم خارج إطار اهتمام السلطة العمومية، والدولة التي تسلط سلطتها العمومية على الشعب هل ترعاه حق رعايته؟ وهل هي في مستوى الحدث؟
إن التصرف عند وقوع الكوارث يجب أن يُمنع عنه من لا يملك حس المسؤولية، يجب أن تنتخب السلطة أناسا يكونون في مستوى الحدث لا أن ينتخبوا أناسا عوّدونا على القمع غير المبرر والتصرف غير المسؤول، ذلك التصرف منهم يغذّي الغضب وسينتهي لا قدر الله إلى الفوضى التي نرفضها جميعا، وعليه فالمسؤولية لا تقع فقط على عاتق هذا المسؤول التافه، بل تقع أيضا على من عيَّنه وتنتهي إلى الأعلى فالأعلى، فهل من حامٍ لهذا الشعب من تصرفات هؤلاء؟
إن من يظن أو يعتقد أن الجوع قد يردع الناس عن الانخراط في الفوضى فهو واهم، ولا تنسوا أننا نحن الذين نمدكم بأفلاذ أكبادنا ليكونوا في أيديكم سلطة فلا تسلطوا علينا أبناءنا إلا لإقامة العدل ورفع الظلم، لا تزيدوا الطين بلة فنحن وإياكم في الهم سواء.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
محمد محمد البقاش

أديب ومفكر مغربي من طنجة
طنجة في: 26 مارس 2020م.
www.tanjaljazira.com
mohammed.bakkach@gmail.com
GSM : +212671046100
0671046100