أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: صافرة كورونا (قصة قصيرة)

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد فتحي المقداد أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 995
    المواضيع : 180
    الردود : 995
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي صافرة كورونا (قصة قصيرة)

    (أدب العزلة في زمن الكورونا)



    صفّارة الكورونا
    قصة قصيرة



    بقلم الروائي – محمد فتي المقداد



    ارتجّت الجهات الأربع على حين غِرّة، جفلت أعصابي.. للحظة انْخطّف عقلي مُتوقّفًا عن التفكير بأيّ شيء على الإطلاق، صوتٌ صادمٌ لم أتبيّن مصدره.. قويٌّ خُيّل لي أنّ مُنطلَقَه داخل أُذُنيّ، اهتزاز الرّعبة أرعشَ كافّة أعضائي.
    ساقايَ لم يعودا يحتملان ضآلة جسمي الهَزِل.. هَمَمْتُ بافتراش الرّصيف.. وقْعُ أقدام تتراكض من مسافة ليس بالبعيدة.. أصوات ولغط لم أتبيّن وجوه أصحابها.. الظلام ينشر أرديته السّوداء مُستعجلًا طرد آخر ذيول النّهار.
    صوت واضح مُخاطبًا أحدهم نه:
    -"صفّارة الإنذار".
    هدأت ضربات قلبي المُتسارعة. أنفاسي استعادت تدفّقها الطبيعيّ في الاتّجاهيْن. استقرّ توازني كعادته.. حثثتُ الخُطى بالوصول إلى البيت، أتطلّعُ إلى السّاعة:
    -"أوه..!!.. إنّها السّادسة، ما الذي أنساني الموعد الذي ردّدته زوجتي والأولاد مرارًا قبل خروجي من البيت لشراء بعض الخبز والخضراوات؟. وما سأفعل مع طابور طويل اصطفافًا على الدّور.. الوقت محدود.. وطالب الحاجة أعمى".
    وصل المُتراكضون قريبًا منّي، أحدهم استعجَلَني مغادرة المكان بسرعة:
    -"الدوريّات تملأ الشّوارع لتطبيق حظر التجوال على المخالفين.. يا عم!!".
    منذ سنوات طويلة لم أسمع هذه النغمة الطويلة المُرعبة بوقعها على نفسي، تتشابه الأزمات بمعطياتها.. وتختلف بمُخرجاتها. مرحلة الوباء هذه حربٌ حقيقيّة عليه.. جهود إدارة الأزمة عظيمة تستديم اللّيل والنّهار؛ لإيقاف المدّ والحدّ من انتشاره المُتربّص بنا ببطء، خلافًا لاجتياح المغول الخاطف السّاحق. قاتل الله المغول وأيّامهم..!! ما الذي جلب ذكرهم على بالي؟.
    لا.. لا الكورونا هذه الأيّام لا تُصدّق.. قيل أنهم كانوا يذكرون المغوليّ خُفية في أنفسهم؛ فيفتحون الباب؛ ليجدوه واقفًا مُتهيّئًا لاقتحامه بهمجيّته المعروفة.
    في حرب الثلاث والسبعين وقت رمضان، كنتُ طفلًا صغيرًا في الصفّ الثالث.. الآن تآكلت ذاكرته بعد أكثر من أربعين عامًا، لم يبق منها إلّا الخوف المزروع فيه أصلًا من حكايا الغولة، وكلب الحديد الذي يأكل الأولاد المُشاغبين لأمّهاتهم، والشّرطي الذي أتى وأخذ من الحارة من لم يلتزموا بنصائح وتعليمات الجدّة. وما تسلّل ليستكنّ في قلبي من تحذير عموميّ.. إذا كان الكلام يخصّ شيئًا من شؤون الدّولة، يقولون:
    -"اسْكتوا للحيطان أذان..!!".
    ياااه..!! كأنّي ذهبتُ بعيدًا في متاهات، الصّوت شتّتني مِزَقًا في مجاهل الذّاكرة البعيدة أيّامها نصبوا صفّارة إنذار يدويّه على سطح الحمّام الرّومانيّ الأثريّ وسط القرية الملفوفة بالهدوء قُبالة مركز الجيش الشّعبيّ، لا ضجيج سيّارات ولا هدير محرّكات. منذ أن أدارت يد خليل قصير القامة ضئيل الحجم، للآن لم أزدد إلّا عجبًا لتساؤل منذ ذاك الوقت، وما زلتُ بلا إجابته: "سبب اختيار شخص لمثل هذه المُهمّة بهذا المواصفات؟، وما إن يرتفع ساعده للأعلى لتدوير الجهاز المنتصب على ثلاث قوائم.. ترتفع قدماه على رؤوس أصابعه. وجهه الصّغير الضّعيف يزداد احتقانًا.. اسودادًا.. ازرقاقًا.
    شدقاه مُنتفخان بالهواء يختزنه فيهما؛ ليستطيع فَتلْ (المانويل) يُدوّرَه باستمرار لبضع دقائق؛ لتعمّ بسوء طالعها أرجاء القرية وتتبارك الأسماع بزعيقها المُؤْذِنِ بالموت القادم. حذر .. ترقّبٌ.. غارات الطيران الإسرائيليّ قادمة.. الله وحده أين ستصبّ غضبها..!!.
    نتأهّب على سطوح المنازل بصدور عارية مُتابعين حركة ومناورات الطائرات إذا ما حدث. مثل ذاك الاشتباك الذي رأيته ما زال ماثلّا شيئًا منه في ذاكرتي.. صراع بين الفانتوم والميغ 17.
    صافرة الدوريّة تقترب من موقعي.. لو أنّ الأرض تنشقّ، وتبتلعني كي لا أكون في عِداد خارقي الحجر الصحيّ اللّازم في البيوت، فالحجز والسّجن نتيجة حتميّة مع تراخي خًطواتي التعبى من الوقوف لساعات أمام المخبز.
    أسعفتني المسافة القصيرة بالوصول إلى نهاية الشّارع، وسلوك زواريب ضيّقة تمهّلتُ خُطواتي.. شهقتُ بنَهمٍ نَفَسًا عميقًا.. صوت صافرة الدوريّة جاوزني بمسافة آمنة.
    لابدّ من سيجارة تُكلّل رحلة العذاب.. رفعتُ الكمّامة القماشيّة الزرقاء الخفيفة، سحُب الدّخان انطلقت من فمي عزلتني بحاجز كثيف زاد من غبَش الغروب. اطمأننتُ أن لا أحد يراني أخافه هذه المرّة. أنزلتُ أحمال الأغراض والمُؤَن من يديّ على الأرض، لفرك أذنيّ من الصّمم المؤقّت.



    عمّان – الأردنّ
    26 \ 3 \ 2020

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    بين حروف هذه القصة عشنا لحظات من الرعب والترقب ـ فمخالفة حظر التجول
    ليس بالأمر الهين .. والحجز والسجن نتيجة حتمية.
    وصف دقيق للمشهد ومدى الجهود المبذولة من إدارة الأزمة لإيقاف مد المرض
    والحد من انتشاره.
    وتداعي من الذاكرة لأزمات أخرى مختلفة تتشابه بمعطياتها، وتختلف بمخرجاتها.
    وأخيرا تنفسنا الصعداء بعد النجاح في الوصول إلى البيت بسلام بعد رحلة عذاب.
    رحلة تجولنا فيها بين حروفك ـ وقد أبدعت في تشكيل الواقع بلغة شيقة راقية
    تمتاز بالسلاسة، وجمال التصوير.
    ما أحلاه حرفك ووصفك ـ وما أبهاك كاتبا
    تحياتي وودي.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 594
    المواضيع : 97
    الردود : 594
    المعدل اليومي : 0.22

    افتراضي

    قصّة جميلة استمتعت بقراءتها , توثيق جميل لما يحدث الآن , وغرابة أيّام الكورونا التي نعيشها

  4. #4