أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 18

الموضوع: شغاغة وعائلة ابن ياكل ..!

  1. #1
    الصورة الرمزية علي أحمد معشي أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    الدولة : السعودية
    المشاركات : 428
    المواضيع : 63
    الردود : 428
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي شغاغة وعائلة ابن ياكل ..!

    ق.ق


    شغاغة و عائلة ابن ياكل .. ( 1 ) ������


    شغاغة شابة يتيمة تقطن مع والدتها المريضة في احدى القرى النائية ، في شظف من العيش وحياة قاسية ، لا تكاد تنبعث رائحة الطعام من منزلهم المتهالك إلا ما ندر تعمل شغاغة في بيوت بعض الموسرين لتحصل على قطع من خبز الذرة أو حبوبا تطحنها وتخبزها لتطعم والدتها ، وهكذا تمضي الأيام ثقيلة رتيبة لا يطل الفرح من زواياها ولا تعرف السعادة طريقاً إلى أبوابها .
    وفي يوم من الأيام وبينما هي تستعد لمغادرة المنزل كعادتها للعمل لدى الجيران اذ لمحها رجل عابر سبيل فكأنما استحسن جمالها الذي أرهقه الجوع وأذبله الحزن الطويل ، اقترب منها وطلب شربة ماء ، لم تتردد شغاغة في جلب الماء للضيف الذي اتخذ شرب الماء وسيلة للتعرف عليها وسؤالها عن أحوالها ومع من تسكن حتى أجابته وعرف بمرض أمها وضعف الحال الذي تعيشه الفتاة وأمها، فعرض عليها الزواج وطرح عليهما فكرة الرحيل معه الى دياره وأنه سيتولى رعايتهما وسكنهما .
    نظرت إليه الفتاة نظرة أمل كاد أن ينقطع من تفكيرها ولم يعد ضمن قاموس كلماتها ، بفرحة غامرة ورغبة في حياة كريمة ، طلبت شغاغة من الرجل أن يطلبها من شيخ القرية ليعلن زواجهما وبقيم لها مناسبة تليق بها .


    ذهب الرجل إلى شيخ القرية وعرض عليه الأمر ، فرحب به وتم الزواج وأقيمت مناسبة متواضعة في مساء اليوم التالي بعد أن قامت الجارات بتزيين العروسة وزفافها إلى زوجها الذي قرر الرحيل مباشرة بصحبة عروسته وأمها .


    حيث خرجوا من ساعتهم في رحلة طويلة إلى أن أواهم المبيت في الطريق بعد سفر طويل ورحلة شاقة ، تفقدت شغاغة والدتها واطمأنت عليها بعد أن فرشت لها فرشاً بسيطاً ، وغطتها ببعض ما توفر لها من الملابس بينما طلبت منها الأم أن تكون بجوار زوجها ، أقبلت شغاغة الى زوجها فوجدته يغط في نوم عميق وله شخير عجيب يهتز له المكان وبدت عليه علامات غريبة وملامح مريبة وكأنه يصارع شيئاً ما في منامه ، اقشعر بدنها وخافت وعادت إلى أمها تخبرها بما رأت لكن الأم هدأت من روعها وقالت لها : لعله متعب من طول السفر مرهق من عناء الطريق .
    وضعت شغاغة رأسها على طرف الفرش الذي ترقد عليه أمها وذهبت تفكر في مصيرها مع هذا الرجل غريب الأطوار إلى أن غفت عينها قليلاً قبل بزوغ الفجر .
    حيث استيقظ الرجل واخذ خرجاً كان معه لا يدعه لحظة وذهب خلف تلة قريبة كأنما يقضي حاجته ، بينما ترمقه شغاغة من بعيد لتستكشف أمره ، وما هي إلا لحظات حتى سمعته يعاود تلك الأصوات التي كان يصدرها وهو نائم ويخرج شيئاً من خرجه ويأكله بشراهة ولكنها لا تفهم ماذا يجري وأي شيء يصنع زوجها ..!
    عاد اليها مبتسماً سعيداً ، يلعق شفاهه تارة ويمسح فمه بيده تارة أخرى. بعد أن قضى بعض الوقت خلف التلة .


    استعد الجميع للرحيل ومواصلة السير وصعدوا رواحلهم وانطلقوا ، لكن شغاغة يقرصها قلبها من زوجها وتأكلها الريبة من أمره وتصرفاته الغريبة .

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,102
    المواضيع : 317
    الردود : 21102
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    أولا .. وقبل كل شيء أرحب بعودتك لواحتك بعد غياب طويل
    عرفتك من خلال نثرك الرائع فأعجبت بكل ماكتبت سابقا ـ وهذه أول مرة
    أقرأ لك قصة .. فأهلا بك وبقصتك..
    بسرد قصي سلس وشائق اعتمد الوصف جعلت المتلقي يمسك بأنفاسه
    ترقبا لشيء مريب أو مرعب .. ولكنك نهيت القصة فجأة بدون أي إيضاح
    فهل من بقية للقصة.
    مع تحياتي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية علي أحمد معشي أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    الدولة : السعودية
    المشاركات : 428
    المواضيع : 63
    الردود : 428
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    شكراً استاذة نادية على الترحيب الراقي واعتذر لغيابي الطويل
    والقصة لها أجزاء وهذا هو الجزء الأول حسب ماهو موضح بالعنوان
    ولا أدري هل تقترحون أن أكمل في التعليقات أم أفرد لكل جزء قصة مستقلة
    سعدت بمرورك الكريم

  4. #4
    الصورة الرمزية علي أحمد معشي أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    الدولة : السعودية
    المشاركات : 428
    المواضيع : 63
    الردود : 428
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    ق.ق


    شغاغة وعائلة ابن ياكل .. ( 2 )


    بقي نهار كامل تقريباً للوصول إلى قرية شلاع زوج شغاغة قطعوه تحت وهج الشمس ولفح الرياح ، وقد أصابهم الإعياء والتعب الشديد وازدادت حرارة المرأة العجوز واشتد بها المرض وزاد قلق ابنتها المسكينة عليها .


    وصل المسافرون إلى أطراف تلك القرية النائية التي لا تجاورها قرى أو مساكن وكأنها قرية مهجورة منذ زمن طويل ، تنعق فيها الغربان وتكثر فيها الوحوش .


    دخلت شغاغة القرية تقود بأمها جملاً مهودجاً ، أناخته في المكان الذي أشار اليه زوجها شلاع ، وفي قلبها نبض متسارع ووجل من كل شيء ، فهي تلتفت يميناً ويساراً بينما يضحك زوجها ويطمئنها أن كل شيء هنا طبيعي ولا داعي للخوف ويرسل لها ابتسامة غير مريحة بدت منها اسنانه السوداء .
    نزات العجوز المريضة من هودجها وادخلوها المنزل المهجور والذي تسكنه العناكب والحشرات وكأنما لم يدخله بشر منذ اشهر طويلة،
    قضت شغاغة ساعات طويلة وهي تعتني بإعادة ترتيب وتنظيف البيت القذر بينما ذهب شلاع لجلب الماء من البئر الواقعة في طرف القرية .
    خلف السياج يتطلع مجموعة من الصبيان غريبي الملامح على رقابهم قلائد من عظام أو ما شابه ذلك يتطلعون خلسة إلى الضيوف النازلين في بيت شلاع خوفاً من أن يراهم فيهاجمهم .
    شغاغة تحاول استراق السمع لمعرفة ما يدور من حوار على ألسنة الصغار العارية صدورهم وهم يتهامسون ويقولون : أوادم أوادم ..!
    لم تستوعب شغاغة القصد من هذه الكلمة في حين أقبل شلاع يحمل قربتين كبيرتين من الماء على كتفيه ووضعهما أمام شغاغة بينما هرب الصغار ولكنه لمح آخرهم وهم يهربون فغضب من تواجدهم وسأل شغاغة وهو غضبان هل تحدثوا معك هل قالوا شيئاً ..؟ قالت : لا لم يفعلوا ..!
    هدأ شلاع قليلاً ودخل يطمئن على عمته العجوز فوجدها أشد مرضاً مما مضى وقد زادت حرا رة جسمها ، فتركها وذهب إلى مخدعه منتظراً عروسته التي كانت طول الوقت تحاول تخفيف الحرارة عن امها وتحاول اطعامها كي تتعافى مما أصابها إلى أن انخفضت حرارتها وغفت بين يدي ابنتها التي تركتها تنام وذهبت إلى شلاع الذي استدعاها اكثر من مرة وهو ينتظرها بشغف ليقضي ليلته الأولى معها فرحاً سعيداً ،
    نام العروسان ليلتهما تلك في لقاء حميمي رغم مخاوف شغاغة إلا أن النعاس غلبها نتيجة ارهاق شديد وتعب مضن إلى أن استيقظت بعد طلوع الشمس في نومة طويلة على غير العادة ثم انطلقت مسرعة إلى امها لتطمئن عليها ولكنها لم تجدها في مكانها ..!
    خرجت تبحث عنها في كل أرجاء المنزل وتنادي عليها والعبرات تتقطع في حلقها ويكاد قلبها ينفطر خوفاً وهلعاً ، تدور في مخيلتها كل التصورات المخيفة والشكوك التي تساورها منذ تلك الليلة الموحشة مع هذا الزوج الغريب المريب وقريته القذرة وجيرانه البشعين.

  5. #5
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,102
    المواضيع : 317
    الردود : 21102
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    وقد سرت إلينا نحن أيضا الوحشة، وكل التصورات المخيفة في نص مشوق
    ، ومشبع بالغموض ـ وقد استطعت أن تمضي بنا وقد دخل الرعب في قلوبنا
    بأداء قصي ماتع ووصف جاذب
    أتابع معك بكل شوق وشغف.
    تحياتي.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    الصورة الرمزية علي أحمد معشي أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    الدولة : السعودية
    المشاركات : 428
    المواضيع : 63
    الردود : 428
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    وقد سرت إلينا نحن أيضا الوحشة، وكل التصورات المخيفة في نص مشوق
    ، ومشبع بالغموض ـ وقد استطعت أن تمضي بنا وقد دخل الرعب في قلوبنا
    بأداء قصي ماتع ووصف جاذب
    أتابع معك بكل شوق وشغف.
    تحياتي.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    اتشرف جداً بتواجدك في هذا النص والذي يزداد جمالاً بحضورك وقرائنا الكرام في محاولة لتجسيد اسطورة من حكاياتما الشعبية القديمة

  7. #7
    الصورة الرمزية علي أحمد معشي أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    الدولة : السعودية
    المشاركات : 428
    المواضيع : 63
    الردود : 428
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    ق.ق
    شغاغة وعائلة ابن ياكل ( 3 )


    شلاع غير موجود ، والقرية لا حركة فيها ، الغربان في كل مكان نعيقها يزيد شغاغة رعباً وهي تجري في كل اتجاه حافية القدمين تقول لنفسها يالحسرتك يا شغاغة على امك وعلى نفسك ..! مالذي جعلك تقبلي بهذا الزواج وهذا الحال المشين ، وبينما هي كذلك إذ أقبل عليها شلاع وعليه علامات الفرح وحالة تشبه حالته ليلة الرحيل حين عاد من خلف التلة يمسح فمه ويلعق شفاهه ، يترنح كالسكران ، اقبل عليها وفي يده اناء فيه طعام .
    صرخت شغاغة في وجهه قائلة : أين أمي ؟ ماذا حدث ؟ هيا أخبرني ..! فجاءها الرد صاعقاً من شلاع وهو يقهقه
    لقد زادت عليها الحمى وخفت أن تموت فيتعفن جسدها وكان جلدها ساخن جداً فصنعت منها طعاماً وحساءً ولكني ابقيت لك جزءاً منها خذيه هيا خذيه انه شهي .. شهي جداً ، كل هذا يحدث والفتاة تضع يديها على رأسها جاحظة العينين من هول ما تسمع حتى أن صوتها حبس في حنجرتها وجف دمعها في مآقيها وكادت أن تفقد عقلها وهي ترتجف هلعاً ، و يكاد يتوقف النبض في قلبها ، ويشل عقلها عن التفكير ولم تعد تسمع صوت شلاع ولا قهقاته المزعجة لا ترى سوى حركة فمه و يتمايل جسمه ثملاً ، مضت بضع دقائق وهي في ذهول شديد مما تسمع وترى ، وبدأت تنسحب من أمامه بعد أن استعادت بعض وعيها وعلمت أنها ربما كانت الضحية القادمة .
    توجه شلاع إلى غرفة نومه وقد جمع بعض الملابس المنتثرة في الغرفة وألقى عليها رأسه المثقل بالنوم والتعب تاركاً شغاغة في صدمة كبيرة وحسرة قاتلة وبكاء هستيري وكأنها تعيش تحت وطأة جاثوم لا ينفك عن صدرها المختنق حزناً وخوفاً .


    اطلقت الفتاة المنكوبة ساقيها للريح وهربت لا تلوي على شيء ولا تدري في أي اتجاه تسير ، مثقلة بحزن وهم كالجبال المحيطة بها من كل الاتجاهات .


    بعد ساعات متواصلة في رحلة الهروب من المصير المجهول وبعد عناء طويل واستراحات قصيرة خشية أن يلحق بها شلاع أو أحد من سمان قريته القذرة .
    استطلت بظل بشجرة في الطريق وقد الهبت حرارة الشمس الأرض ، اذا بامرأة عجوز تقبل عليها راكبة حماراً تكاد تصل إليها ، مما جعلها تفزع منها خشية أن تكون من سكان القرية المشؤومة ، لكنها تماسكت قليلاً لكي تستطلع الأمر فلعل مقدم هذه العجوز خيراً ساقه الله لها أو شراً جديداً سيزيد بلواها ومصابها .


    اقتربت العجوز واذا بها تلهث من حرارة الشمس وعناء السفر ، استأذنت من شغاغة كي تشاركها الظل قبل أن تكمل مسيرتها إلى ديار أهلها .


    تأملت شغاغة وجه العجوز وملامحها فاستأنست بها ولم يساورها الشك في طيبها ، فملامحها مريحة وتبدو امرأة طيبة النفس لا علاقة لها بالأشرار ، رحبت بها وساعدتها للجلوس بجوارها .
    لاحظت العجوز علامات التعب والانهاك الشديد والحزن الواضح على شغاغة في ملامحها وملابسها وهيئتها فطلبت منها أن تشرب من الماء الذي يحوزتها واعطتها بقايا طعام كانت تحتفظ به لنفسها ، شربت شغاغة جرعات بسيطة من ذلك الماء بعد أن كاد يقتلها العطش أما الطعام فلم تكن لديها شهية له أبداً .


    بدأ الحوار يستطرد بين العجوز وشيلة وشغاغة إلى أن أخبرتها بما حدث معها وبقصة والدتها مع ذلك المجرم الظالم ، وهنا أطلقت العجوز تنهيدة طويلة وقالت لشغاغة :
    لقد وقعت أنت ووالدتك في يد احد أفراد قبيلة " ابن ياكل " وهم قبيلة مجهولة اشتهرت بأكل لحم البشر وخاصة المرضى منهم ، فكلما وجدوا مريضاً اصابته الحمى وارتفعت حرارته يسارعون لطبخه وأكله قبل أن يموت وهم يظنون بذلك أنهم ينقذون الأرواح قبل هلاكها ، علماً بأنهم يستمتعون بذلك أيما متعة وتصيبهم حالة من فقد الوعي تشبه السكر تقريباً ، وقد أحسنت بهروبك منه ومن قبيلته ، والحمد لله فقد أصبحت في مأمن منهم الآن ، فهم لا يأتون إلى هذا المكان .
    لم تكف شغاغة عن البكاء والحزن على فراق أمها وما أصابها من ألم وعناء ، لكن العجوز عرضت عليها الرحيل معها إلى ديارها القريبة من ذلك المكان كي تعتني بها وتحميها وسط قبيلتها .


    لم تمانع شغاغة من الذهاب مع العجوز وشيلة بعد أن اطمأنت لحديثها وفضلت أن ترافقها إلى أن يكتب الله لها فرجاً وتجد طريقة تعود بها إلى ديارها وقريتها التي افتقدتها رغم ما لاقته فيها من عناء ومشقة وجوع وفقر .


    بعد ان هدأ لهيب حرارة الشمس وقارب وقت العصر ركبت العجوز حمارها واردفت شغاغة خلفها وانطلقتا نحو الديار وهناك استقرت شغاغة في دار العجوز وسط أبنائها وذويها .
    بعد مضي شهر تقريباً وبينما شغاغة تتناول طعام الافطار مع العجوز وشيلة اذ أصابتها حالة استفراغ وهرعت بعيداً تستقيء وهي حالة مفاجأة وغريبة بالنسبة لها.


    اقبلت عليها العجوز وقالت لها : ما بك يابنتي فأجابتها : لا أدري يا خالة لا أدري ماذا أصابني ولكني أشعر بدوار شديد ، هنا قالت الخالة لشغاغة انت حامل يا ابنتي .


    وقع الخبر كالصاعقة على شغاغة فقالت : ماذا ..؟ حامل ..! لاااا .. لا تقولي هذا يا خالة وبدأت في حالة بكاء وجزع شديد ، وتساءلت كيف أكون حاملاً ولم أنم معه إلا ليلة واحدة .. وتولول وتبكي بكاءً حاراً.

  8. #8
    الصورة الرمزية علي أحمد معشي أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    الدولة : السعودية
    المشاركات : 428
    المواضيع : 63
    الردود : 428
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    ق.ق


    شغاغة وعائلة ابن ياكل ( 4 )


    وهي تردد ليتني أموت من ساعتي هذه ، كيف احمل من ذلك المجرم المتوحش ..؟ كيف أحمل من قاتل أمي وآكل لحوم البشر ..؟ يا الهي ارحمني مما أنا فيه واربط على قلبي وتدخل في نوبة نحيب طويلة فطرت معها قلب الخالة وشيلة وجاراتها اللاتي حضرن على عويل شغاغة وبدأن يتساءلن عن قصة هذه الغريبة وما سر كل هذا البكاء وزاد الهمس بينهن حتى فطنت الخالة وشيلة لحديثهم ولعلمها بتأويلات النساء ، قطعت عليهن الطريق إلى التأويلات الشاطحة وابتكرت لهن قصة مصطنعة حيث أخبرتهم أن شغاغة تبكي حزناً على زوجها الذي هلك في الصحراء عطشاً منذ أيام ، وعندما علمت أنها حامل منه زاد حزنها واشتد ألمها ، وبذلك أنهت الخالة كل الوساوس والشكوك التي خيمت على حديث النسوة .


    ادخلت الخالة وشيلة ضيفتها شغاغة إلى داخل المنزل واضجعتها على فراشها داخل احدى الغرف وذهبت تواسيها وتشد من أزرها وتحاول زراعة الأمل بكشف الغمة وزوال الكربة وتحسن الأمور .


    في تلك الأثناء كان شلاع يبحث كالمجنون في كل مكان عن شغاغة وينبش البيوت المجاورة وينقب في الكهوف ويصعد الجيال وبنزل الى الأودية دون جدوى ويتوعد ويهدد إن أمسكها لينتقمن منها ، وظل أياماً يخرج كل يوم للبحث وسؤال العابرين عنها ، إلا أنه لم يهتد إلى أي خيط يرشده إليها ، فقرر الرحيل مستبقاً موعد رحلته المعتادة كل شهر للبحث عن ضحية جديدة .


    مكثت شغاغة في بيت الخالة إلى أن وضعت حملها وأنجبت طفلاً بعد معاناة وآلام مبرحة ومشاعر مختلطة بين حقد على والده المتوحش وشفقة عليه فهو طفل صغير لا ذنب له ، ولذلك قررت أن تربيه لعله يكون تعويضاً لما أصابها من بلاء وعناء خلال حياتها وإبان رحلتها الشاقة وزيجتها المشؤومة .وأسمته مدلكم " بسب زيادة حجم رأسه .


    بعد سنتين من مولد الصغير مدلكم ، بدأت شغاغة تفكر في رحلة العودة إلى الديار يحدوها الشوق لهواء الوطن وأمان السكن بين سكان قريتها التي طال بينها وبينهم الفراق وابتعدت المسافات .


    كشفت عن نية الرحيل للخالة وشيلة والتي حاولت ثنيها عن ذلك وابقائها حتى يشتد عود طفلها الصغير وتأمن عليه من أخطار الطريق ، لكن رغبة شغاغة في العودة كانت كبيرة للغاية فأصرت على الرحيل .


    جمعت شغاغة بعض لوازم الرحيل لها ولطفلها واخذت بعض أوصاف الطريق من الخالة وشيلة التي منحتها حماراً تركبه وزاداً تتبلغ به .


    خرجت شغاغة مع شروق الشمس تحمل مدلكم الصغير في حجرها راكبة حمار الخالة وفي عينيها آمال منتظرة بعد جروح وآلام وهموم ثقيلة تعجز الجبال عن حملها . قاطعة عرض الصحراء نحو الديار .


    الطريق قد تستغرق يومين أو يوم ونصف على الأقل كما أخبرتها الخالة وقد بدأتها مستعينة بالله .


    كانت الأمور تسير على ما يرام طيلة النهار ما بين سير ومكث قطعت فيها الصحراء ونزلت أودية وصعدت تلالاً إلى أن غابت الشمس وبدأ الظلام يمد خيوطه في الأفق مما جعل شغاغة تشعر بالخوف وتسلل القلق إليها ولكنها مضت تتلمس مأوى للمبيت إلا أنه لا يظهر أمامها أي بوادر لنور فوانيس أو نار تدل على قرب أي سمان أو مسافرين ، وهنا ازداد خوفها وهي تسمع صوت صرار الليل يصدر أصواته المخيفة من وراء الحشائش على جانبي الطريق ، يزاحمه بكاء الطفل الذي نفذ طعامه الذي أاعدته له .


    بعد أن تجاوز بهم الحمار احد التلال لمحت شغاغة من بعيد بصيص نور بعيد بدا وكأنه في يعض البيوتات على مد البصر مما زرع بذرة أمل في الحصول على مكان آمن للمبيت والخلاص من يد الظلام القايضة على صدر ها.


    ماهو إلا وقت يسير حتى اتضحت الصورة الغامضة أمام شغاغة وتيقنت أنها تقدم على قرية من القرى المتناثرة في الساحل الطويل حين رأت نور الفوانيس وسمعت أصوات الكلاب .


    اقترب بها الحمار من أحد البيوت في اطراف تلك القرية المحاطة بالظلام إلا من فانوس باهت الاضاءة ، وما أن اقترب بها حتى بادرتها كلاب الحراسة تكاد تنال منها ومن الحمار الذي يحاول التراجع خوفاً من نباح الكلاب وسط فزع الصغير الذي أطلق فمه بصراخ شديد ، إلى أن تدارك الموقف صاحب البيت حين أقبل راكضاً ليمنع الكلاب عن الضيوف والذي تفاجأ بهذه المرأة وطفلها في ذلك الظلام وحيدة دون مرافق .


    رحب بها ونادى بناته لاستقبالها وايوائها .
    ترجلت شغاغة من ظهر حمارها ودخلت الى داخل البيت وقد تنفست الصعداء وزال عنها الخوف ، ثم القت السلام فردت عليها زوجة الرجل التي وضعت مولودها قبل ساعات قليلة ولذلك لم تستطع الخروج لاستقبالها خوفاً من ريح الليل على صدرها وحليب رضيعها كما هو متعارف عليه لدى القرويات ، اعتذرت شغاغة مرة أخرى لازعاجهم وتعبهم بهذه الزيارة الغير متوقعة خاصة وهم في تلك الظروف الخاصة بهم لكنها أخبرتهم أنها ستغادر قبل طلوع الشمس عندما يسفر الصبح بعون الله .


    باتت شغاغة وابنها في أمان وسلام بعد ان أكرمها أهل الدار وفرشوا لها بجوار المرأة النفساء وابنها .
    ونام الجميع في طمأنينة وسكون .


    استيقظت شغاغة باكراً وعزمت على الرحيل ولم توقظ أهل الدار خوفاً من أن يطلبوا منها البقاء وتحرجهم بصنع الطعام خاصة وامهم متعبة وفي حالة لا تساعدها على القيام بالواجب فقررت الرحيل دون علمهم تخفيفاً عليهم و حفظاً لماء وجوههم من الحرج .
    أخذت ولدها الصغير ولوازمها وركبت حمارها ومضت .


    استيقظ اهل البيت منتصف النهار بعد ليلة طويلة وتعب شديد على فاجعة كبيرة جن جنونهم منها وتوجهت سهام الاتهام إلى الضيفة شغاغة التي غادرت خلسة وهم نائمون ..


    ترى ماذا حدث ..؟

  9. #9
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,102
    المواضيع : 317
    الردود : 21102
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    سرد ماتع ، وقص شائق لأسطورة وكأنها من حكايات جدتي
    عذوبة وتشويق، وحبكة مكثفة، وتطور في الأحداث
    في إيقاع سريع مع بلاغة في التصوير
    أتابع معك بكل الأهتمام والشغف.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #10
    الصورة الرمزية علي أحمد معشي أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    الدولة : السعودية
    المشاركات : 428
    المواضيع : 63
    الردود : 428
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    سرد ماتع ، وقص شائق لأسطورة وكأنها من حكايات جدتي
    عذوبة وتشويق، وحبكة مكثفة، وتطور في الأحداث
    في إيقاع سريع مع بلاغة في التصوير
    أتابع معك بكل الأهتمام والشغف.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    شكراً جزيلاً أديبتنا الرائعة القديرة نادية الجابي شكراً على الاهتمام والمتابعة وسعيد بحضورك الوارف

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة