أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: هلوسات الحظر (قصة قصيرة)

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد فتحي المقداد أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 995
    المواضيع : 180
    الردود : 995
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي هلوسات الحظر (قصة قصيرة)

    (أدب العزلة زمن الكورونا)


    هلوسات الحظر

    قصة قصيرة

    بقلم الروائي – محمد فتحي المقداد

    بيادر الحرمان تمتلئ ساحاتها بأكداس الهموم..، ولا تنقضي..!!. تتقلّص الحياة شيئًا فشيئًا، وتنحسر الفضاءات الرّحبة إلى الغرفة والبيت فقط، تضيق الرُّؤية خلف الجدران، وحمايات النوافذ الحديديّة والبلّلور.
    تتماهي صور الورود المتمايلة مع نسائم المساء العليل، وروائحها في ذهني مع رائحة رشّة العطر من القارورة. حرمان لم أكن لأحلم به في حياتي أبدًا.
    النّور الوهّاج ليلًا يبدو مُعتمًا، لا أمل أين يكون القمر مَغزًى لنظراتي وتأمّلاتي، كانت تتجسّد الحبيبة سُكناها في القمر، يتطابق وجهها مع قرصه المُستدير يبثّ سحره الأخّاذ في روحي، فيستديم تعلّق نظراتي. السّكون البهيّ الذي أنتظره على الدّوام؛ انقلب ليلًا طويلًا؛ كأنّما توقّفت فيه عقارب السّاعة عنادًا، بطيئة تسير الهُويْنى غير آبهة بحالي أبدًا، تروقني فكرة تحطيم السّاعة والاستراحة من عناء مُراقبتها، وهي لا تستجيب لمطلبي الوحيد منها زيادة سُرعتها..!!.
    عدلتُ عن الفكرة لضبط مواعيدي مُستقبلًا. تُداهمني جيوش التساؤلات:
    "منذ وعيتُ أخبروني عن المُستقبل، في المدرسة قرأت عنه، خدمتُ واجبي للوطن سنتين ونصف، ضاعوا من المستقبل، وإن كنتُ أظنّ أنّني قدّمتُ قُربانًا، بعد خمسة عقود أسعى بحثًا جاهدًا عن معالم المستقبل.. يا لهفتي.. كم كنتُ مغفّلًا.. حين بلعتُ الطُّعْم مقتنعًا.. اقرأ واجتهد؛ لتكون شيئًا في المستقبل. سافرتُ اغترابًا لسنوات ما بين شرق وغرب.. وما زال حلم الغفلة يستحوذني.. تزوّجت وأنجبت وربّيْتُ وصاروا رجالًا.. تركوني وراحوا منطلقين من النقطة التي ابتدأت منها في رحلة تُشابه رحلة بحثي.. نفسي لم تُطاوعني إخبارهم بالنّتيجة السّراب الذي ركضتُ إليه، ولم أصِلهُ..!!".
    لا أدري على وجه الدّقّة..!! هل سيصلون هم..!! هل المُشكلة تكمن عندي..!! أين العُطل..!!؟.
    إذا استطعتُ مُجدّدا حلّ هذه الألغاز أتوقّع أنّني استطعت وضع إجابة واحدة منها أمام جيوش الأسئلة المنهمرة مدرارة كالمطر، لأقهر ظنوني، ولو لمرّة واحدة في الحياة؛ فتموت آخر الشّكوك في قلبي.
    فكّروني.. وأمّ كلثوم تُحاول إخراجي بعيدًا إلى آفاق خارج الغرفة. أستفيقُ على حالي، وما زلتُ مُرابطًا أمام جهاز حاسوبي أستجدي الكلمات؛ استجابة لتدوين صفحة واحدة، فقط كجزء من سجلٍّ طويل مليء بالخيبات التي حطّمت كلّ تفاؤل، واستمطرت سوداويّة متآلفة مع كآبة الحظر والوحدة، أظنّ أنّني بعد انتهاء الحظر بحاجة لمراجعة طبيب نفسي من داء التوحّد.
    كلمة سمعتها من جارتنا أثناء حديثها عن ابنها الصّغير مع زوجتي في جلسة تزاور ،خرقتا فيه الحظر، خروجًا من السّأم والملل.. لا.. لا أظنّ أنّهما خرقتا الحظر.. تذكّرتُ أنّه كان خلال فترة السّماح من العاشرة صباحًا إلى السادسة مساء، أنّه يُعاني من التوحّد، لم يمرّ الموضوع بذهني مرور السّلام، فكان (العمّ جوجل) ينتظرني بلا ملل ولا كلل بالإجابة عن جميع ما دار بذهني، تشابه عُزلتي مع حالة ابن جارتنا، أخافتني أن أكون مُصابًا بمتلازمة (داون) وأنا لا أدري.


    عمّان – الأردنّ
    21 \ 4 \ 2020


  2. #2
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.10

    افتراضي

    كأنه قطعة مشهد من رواية ، سرد ممتع وجميل ، تحتار وتضيق فيه النفس تارة ووتاقلم وترضا أخرى وقت العزلة
    تقديري

  3. #3
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,105
    المواضيع : 317
    الردود : 21105
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    هل هى هلوسات حظر حقا ـ أم هو قص متكامل الأدوات متقن الحبكة
    بسردية اعتمدت تصوير الصراع الداخلي والخارجي داخل نفس تعيش عزلة الحظر
    فيعيش مع أفكاره ويستمطر سوداوية متآلفة مع كآبة الحظر والوحدة.
    استمتع بالقراءة لك فشكرا لك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي