أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: ضيف على الهوا (قصة قصيرة)

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد فتحي المقداد أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 995
    المواضيع : 180
    الردود : 995
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي ضيف على الهوا (قصة قصيرة)

    (أدب العزلة في زمن الكورونا)


    ضيف على الهوا

    قصّة قصيرة

    بقلم -الروائي محمد فتحي المقداد

    جمح الخيال بي بعيدًا خارج الحدود المعقولة، تواردت أسراب من الأفكار المُتوهّمة، شعورٌ طاغٍ سيطر عليّ ساعات بعد الاتّصال المُفاجئ من مُنسّقة البرامج في محّطة فضائيّة غير مشهورة عندي، لم أسمع بها من قبل؛ على الفور بحثت عن (الرّيموت كنترول)، خلال دقائق وجدتها.. وأثبّتُها على قائمة المفضّلات.
    -"حضرتُك الأديب المعروف؟".
    -"أنا بذاته. لكن كيف وصلت إلى رقم هاتفي".
    -"في الحقيقة الفضل يعود (للفيسبوك)، بطريقة الصّدفة كنتُ أبحث عن مادّة من أجل التّحضير لبرنامجي، عن العُزلة في زمن الوباء، وهموم وقضايا النّاس اليوميّة خلال فترة الحظر، وبمساعدة (العم جوجل), ظهر لي اسمك، واطّلعتُ على كتاباتك في هذا المجال، فتواصلت مع صديق مُشترك بيننا، فكان حلّ مُعضلتي عنده".
    -"مرحبًا بك سيّدتي.. على الرّحب والسّعة.. بكلّ سرور أعطيكِ مُوافقتي..!!".
    نبراتُ صوتها النديّ ما فارقتني أبدًا، مُخيّلتي راسمةً صورة افتراضيّة فائقة الجمال لوجهها، لتتطابق بذهني لوحةً مُشعّة نورًا، حذاقة أصحاب الإعلام باختيار نوعيّة الوجوه التي تُطلّ علينا على مدار السّاعة، تشاركنا حياتنا الدّاخليّة في البيوت، نشأت بيننا ألفة ننظر برنامج المذيعة الصّبوحة الوجه.
    أستعجلُ عقارب السّاعة أن تمضي بوتيرة سرعة مُضاعفة؛ الانتظار حرّقني لأكون أمام الملاك على الهواء مُباشرة عبر السّكايب. تزاحمتني الأفكار.. اختياري للبدلة التي سأظهر بها، طريقة تسريحة شعري (بالجلّ) أو على طبيعتها. أمام المرآة تسمّرتُ لأستبق ملامح وجهي اطمئنانًا، اصطنعتُ أكثر من طريقة لابتسامتي تتناسب مع ظهوري الأوّل على وسيلة إعلاميّة، كنتُ أتمنّاه.. حتّى لو أظهر في (ريبورتاج) في سوق الخُضرة، أو مُمثّل (كومبارس).
    -"يا إلهي.. أأنا في حلم أو علم..!! فُرصة جاءتني على طبق من ذَهَب، لن تضيع هذه المرّة كما ضاعت سابقتها قبل سنتيْن حينما انتهى شحن (الموبايل)، ما زلتُ أقضم أصابعي ندمًا كما (الكُسَعِيِّ).
    نصف ساعة تفصلنا عن بداية شارة البرنامج، تفقّدتُ لباسي وتلميع وجهي بالكريم الخاصّ استعرته من زوجتي؛ بعدما حلقتُ ذقني هذه المرّة أكثر من مرّة؛ للتأكّد من نعومتها غير العادية. ابني ساعدني في تجهيز (اللّابتوب) على الطّاولة، جاهزيّة كاملة، أعصابي مُتّوتّرة، كيف سيكون ظهوري الأوّل عبر فضائيّة..!!؟.
    ظهرت شارة البرنامج مصحوبة بموسيقا هادئة، ظهرت المذيعة الهرمة بوجهها غير المألوف عندي، ابتسامتها تخرجُ بصعوبة مُتزاحمة مع أكوام الأصباغ. قدّمتني على أنّني خبير استراتيجيّ بقضايا وباء الكورونا، لافتة إلى كتاباتي التي ناقشت العديد من قضايا الحظر، والحاثّة على الالتزام بالقرارات الصّادرة من الجهات المُختّصة، من أجل السّلامة والصّحة العامّة.
    ختمت كلامها:
    -"هذه الشخصيّة المُشرقة نموذج الالتزام، والتعريف بالمخاطر المُحتملة من خرق الحظر، أشكرك ضيفنا الكريم، وسأنتقل للأستاذ المُشارك معنا في الأستوديو".
    هطول مطر بلّلني بعد اختفاء صورتي عن الشّاشة، وانصراف المُذيعة إلى ضيفها، استفقتُ على صوت صفّارة سيّارة الدّفاع المدنيّ قبل الشّروق بقليل. أسرعتُ لتبديل ملابسي قبل كلّ شيء.
    -"تفاصيل فرحتي لم تكتمل حتّى في الحلم..!!".


    عمّان – الأردنّ
    17 \ 4 \ 2020


  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,102
    المواضيع : 317
    الردود : 21102
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    يافرحة ما تمت ، حتى في الحلم ..
    قصة ظريفة جميلة السرد والحبك بروح ساخرة في قالب مشوق وبتصوير دقيق
    بلغة سلسة وأنيقة قدمت صورة لاذعة للمذيعة التي تستقبل الضيف لتتحدث
    هى طوال الوقت دون ان تدع له فرصة للحديث.
    نص قصي جميل ـ وقفلة مباغتة بسخريتها.
    أحي قلمك السامق.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد فتحي المقداد أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 995
    المواضيع : 180
    الردود : 995
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    يافرحة ما تمت ، حتى في الحلم ..
    قصة ظريفة جميلة السرد والحبك بروح ساخرة في قالب مشوق وبتصوير دقيق
    بلغة سلسة وأنيقة قدمت صورة لاذعة للمذيعة التي تستقبل الضيف لتتحدث
    هى طوال الوقت دون ان تدع له فرصة للحديث.
    نص قصي جميل ـ وقفلة مباغتة بسخريتها.
    أحي قلمك السامق.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    سيدتي الراقية
    في كل مرور لك إضافة جديدة
    متجددة الثقافة المتعددة الأوجه
    دمت بخير
    تحياتي

  4. #4
    الصورة الرمزية قوادري علي شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2008
    الدولة : الجزائر
    العمر : 52
    المشاركات : 1,672
    المواضيع : 142
    الردود : 1672
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    أضحك الله سنك أستاذنا محمد..
    نص ساخر يصف ما آلت إليها الحوارات وجهل المذيعات والمذيعين واختلاط المواضيع عليهم..
    سرد منساب يصدمنا بواقع مر وصدمة البطل..
    شكرا الاديب محمد..
    ما أكثر ماقلت
    وكأنك لم تقل شيئا.

  5. #5
    الصورة الرمزية محمد فتحي المقداد أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 995
    المواضيع : 180
    الردود : 995
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قوادري علي مشاهدة المشاركة
    أضحك الله سنك أستاذنا محمد..
    نص ساخر يصف ما آلت إليها الحوارات وجهل المذيعات والمذيعين واختلاط المواضيع عليهم..
    سرد منساب يصدمنا بواقع مر وصدمة البطل..
    شكرا الاديب محمد..
    أستاذعلي
    أسعد الله أوقاتك بالخير
    الإعلام والانتهازية مشكلة كييرة
    مؤرقة على الصعيد العام..
    ليسهناك عمل جاد بمعنى الكلمة
    بل مبتسر بقدر حاجتهم وتمرير
    موضوعهم..
    تحياتي وتقديري