أحدث المشاركات

نسجل دخولنا بذكر الله والصلاة على رسول الله» بقلم عوض بديوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»»

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الخطوة الأولى (قصة قصيرة)

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد فتحي المقداد أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 995
    المواضيع : 180
    الردود : 995
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي الخطوة الأولى (قصة قصيرة)

    (أدب العزلة في زمن الكورونا)


    الخطوة الأولى
    قصة قصيرة


    بقلم الروائي – محمد فتحي المقداد

    تراكمت الخُطى على عتبة البيت، لا أكترثُ بتعدادها، تجمّعت أكوامًا كادت أن تسُدّ منافذ خيالي عند البوابة، لا خُطّة لديّ على الأقلّ الآن بشأنها، لم تكتمل رؤيتي كيف سأتخلّص منها، في الماضي كان الموبايل يعدّها؛ فيتشكّل خوفٌ في داخلي من هذا الإحصاء الدقيق، بعض الأحيان كنتُ أتلفّت حولي وإلى الخلف، هاجس أنّ مُخبرًا يتعقّبني مُسجّلًا كُلّ شيء في تقريره.
    استمتعتُ بالحظر مُختليًا بنفسي أكثر من اللّازم. ارتاح لساني من كثرة الثرثرة والكلام مع الزبائن في الصّالون، ساعات طويلة لا يتحرّك بكلمة واحدة، أتذكّر فجأة أنّني نسيتُ نفسي في مغارة صمتها، أستوحشُ من وحدتي. مرّة بدأت بالكلام بصوت مسموع، استغراقي في لُجّة من أفكار غريبة موهمة بالخوف، لم أحسّ بوجود زوجتي وهي تُنظّف الغرفة من حولي، بُهِتَتْ مما سمعت، توقّفت خلفي لتتأكّد لمن أتوجّه بخطابي، تجمدّت حركتها لحظات، تساءلت:
    -"ما بك هل جُننت..!!؟".
    -"لا أبدًا.. فقط أُجرّبُ صوتي".
    تتلمّس جبيني متأكّدة من موجة حرارة مقترنة بحُمّى داهمتني عل غير إرادة منّي؛ فاختلّ توازني:
    -"اسم الله عليه.. هالأيّام صارت بتخوّف".
    -"لا تقلقي عزيزتي أنا بخير ".
    بعد كلّ هذه الفترة من الجلوس في البيت، وانعدام الحركة بحدّها الأدنى إلى الحمّام أو الغرفة الأخرى لتناول الأكل، والرّجوع إلى السّرير التلحّف لاتّقاء لسعات البرد؛ التي ما زالت تسري في أوصالي، وأحس بها تنخر عظامي. أطالبُ أولادي باستمرار إذا ما تخفّفوا من ألبستهم بتثقيلها.
    أتذكّر آخر خطواتي قبل شهر كانت على بُوابة الشّقة، المشكلة في أوّل خطوة تدوسها قدماي في مشوار قادم، أحلام الخروج من العُزلة تُراودني على مدار السّاعة. أخوف ما أخاف منه، نسيان كيفيّة المشي، وأعود لتعلمّه من جديد كطفل يتهادى عند وقوفه منتصبًا، وصعوبة نقل رجله بخطوة، ليُتبعها بالأخرى. قرّرتُ شراء عُكّاز، أتّكئ عليها ولا أهشّ بها شيء سوى الذّباب الذي يقتحمني بلزوجة كريهة. ولا مآرب لي فيها أبدًا، كي لا أهدّد السّلم العالمي. مشكلتي الآن..!! من أين أحصلُ على عُكّاز، فالمحلّات التجاريّة جميعها مُغلق عدا التي تبيع المواد الغذائيّة فقط.
    جارنا في العمارة المقابلة علاقته ممتازة، فلا ينقطع السّلام بيننا عندما كنّا نلتقي صُدفة أثناء خروجنا المُتزامن مع بعض، فأبتسم له مع إلقاء التحيّة، كثيرًا ما يردّ بصوت عالٍ، دون رفع رأسه ليراني، حفظ نبرة صوتي، فيردّ التحيّة مشفوعة بلقبي، إلى أن أقترِبَ منه لتشجيعه، والشدّ من أزره. والإشادة بقوّته وشبابه؛ فيتهلّل البِشْر على وجهه. يتنفّس بعمق، يُحاول جاهدًا تعديل انحناءة ظهره، والاستناد على السّياج، ويفترُ فمه الأدْرَد بابتسامة عريضة تنبئ عن ارتياحه، ويقول:
    -"يا عمّي الشّباب.. شباب القلب، يا حسرتي على رُكبي لا تحملني، أيّام الشّباب والقوّة أتبعني العمل الشّاق في الباطون، وهذه النّتيجة كما ترى..!!؟.
    ازدحام الأفكار بأوليّات أوّل يوم، من أين أبدأ..!!؟. فلأجرّب هِمّتي بتمهّل. خَطَر لي استعارة عُكاز من جارنا العجوز، أتوقّع أنّ لديْه أخرى احتياطيّة غير التي يستخدمها، أو قديمة عنده رماها في مُستودع الأغراض الخفيفة القديمة فوق الخزانة أو تحت التّخت.
    طال الحظر ليتأكّدوا من انتهاء الوباء، حالتي وصلت حدّها الأقصى على احتمال الوضع. قلق على مدار السّاعة، تأخّر الوقت.. وأنا جالس إلى حاسوبي؛ أتابع مواقع الأنترنت بقراءات ودردشات. فطنتُ لاحتقان البول، بدل رُجوعي إلى الغرفة، تسلّلتُ بحذر لفتح الباب الخارجيّ، نزلتّ الدّرج على رؤوس أصابعي، الطّريق الفرعيّة لا تسلكها الدّوريّات السّاهرة، قلت لنفسي:
    -"لا يُمكن أن يكونوا سهرانين إلى هذه السّاعة".
    خرقتُ قناعتي بيقظتهم الدّائمة، فلأُتابع مشواري. نصفُ ساعة عادلت عمري، وأنا أتنفّس ملء رئتيّ هواء نقيًّا، هاجسي المُتعب بتحضير جواب مُقنع:
    -"ماذا لو داهمتني دوريّة بشكل مفاجئ..!!؟".
    حرتُ تفكيرًا.. مشيتُ ومشيتُ بنهم.. الشوارع الفرعيّة في منطقتنا استغرقني بلا إحساس بالوقت، أشرقت الشّمس، وما زلتُ أمشي إلى أن وصلت العاشرة، موعد السّماح بالخروج بشكل آمن. عدتُ إلى البيت، مازال الصّمتُ يُخيّم على البيت.


    عمّان – الأردنّ
    13 \ 4 \ 2020


  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,064
    المواضيع : 312
    الردود : 21064
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    أجمل ما في مجموعتك القصصية ​( أدب العزلة في زمن الكورونا)
    إنك تسجل بعين الأديب كل ما يحدث في ذلك الحيز الضيق( المنزل)
    وتجول بنا في دهاليز عقل بطل قصتنا الباطن ، وما يدور فيه من تفكير
    والذي ربما يشبه كثيرا ما يشعربه أغلبنا، وكلنا نمر بنفس الظروف بالظبط.
    ففي البداية كان الاستمتاع بالإختلاء بالنفس، ثم الإستغراق في أفكار غريبة موهمة بالخوف
    والشعور بتيبس العضلات من طول المكوث في البيت وانعدام الحركة تقريبا
    ثم احلام الخروج من العزلة ـ والتفكير في اول خطوة خارج المنزل وكانه
    طفل سيتعلم المشي من جديد.
    ثم كان الآنطلاق والخروج هربا .. تتنازعه رغبتان مختلفتان .. فرحة، ورهبة
    فرحة المسجون بخروجه من أسوار السجن فيستنشق الهواء بملء رئتيه
    والرهبة من دورية مفاجئة تباغته وتحاسبه على اختراق الحظر.
    ما أجملك بهذا العمق ـ مهارة سردية، وأداء قصي بتمكن
    أحي فيك هذا الألق الأدبي وهذه الرؤية العميقة.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد فتحي المقداد أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 995
    المواضيع : 180
    الردود : 995
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    أجمل ما في مجموعتك القصصية ​( أدب العزلة في زمن الكورونا)
    إنك تسجل بعين الأديب كل ما يحدث في ذلك الحيز الضيق( المنزل)
    وتجول بنا في دهاليز عقل بطل قصتنا الباطن ، وما يدور فيه من تفكير
    والذي ربما يشبه كثيرا ما يشعربه أغلبنا، وكلنا نمر بنفس الظروف بالظبط.
    ففي البداية كان الاستمتاع بالإختلاء بالنفس، ثم الإستغراق في أفكار غريبة موهمة بالخوف
    والشعور بتيبس العضلات من طول المكوث في البيت وانعدام الحركة تقريبا
    ثم احلام الخروج من العزلة ـ والتفكير في اول خطوة خارج المنزل وكانه
    طفل سيتعلم المشي من جديد.
    ثم كان الآنطلاق والخروج هربا .. تتنازعه رغبتان مختلفتان .. فرحة، ورهبة
    فرحة المسجون بخروجه من أسوار السجن فيستنشق الهواء بملء رئتيه
    والرهبة من دورية مفاجئة تباغته وتحاسبه على اختراق الحظر.
    ما أجملك بهذا العمق ـ مهارة سردية، وأداء قصي بتمكن
    أحي فيك هذا الألق الأدبي وهذه الرؤية العميقة.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    سيدتي الراقية
    أستاذة نادية
    وظيفة الأدب الرئيسة هي تنويرية.
    بلفت الانتباه للقضايا المغفول عنها
    وتعزيز فكرة الجيد منها والايجابي
    وتنفير من النفوس بما مقزز مخالف
    وتركيز مفاهيم مشتركة لدى العامة
    بالمشاركة فيما يخص حياتهم ..
    ورقي المجتمعات ..
    دمت مبدعة بقراءاتك المفاهيمية
    لنصوص متجددة بمحاكاتها لواقعنا
    تحياتي

  4. #4
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.11

    افتراضي

    سرد قصصي ماتع لايمل منه القارئ ، وفعلا رصدت كل التحركات بدقة وقت العزلة والحبس في المنازل
    فأن تقضي العزلة بإرادة منك فهذا متنفّس جميل قد يكون في منزل أو حديقتك الخاصة المهم مكان خال من الناس ، أما أن تكون العزلة غجبارية فتشعر بضيق وكأنك في سجن جُررت إليه رغما عنك وهذا مايجعل هناك بعض التمرد لأن الإنسان بطبيعته يميل إلى الحرية لا إلى الاستعباد أو الإجبار في اي ظرف كان !