انتخابات المرحلة الثالثة ودعايات المحتل الغاصب
رمضان عمر
لم تتوان سلطة أوسلو لحظة في استغلال قطرات الدم الزكية التي سكبت بعزة الشموخ فوق ثرى جباليا الصامدة ، ونزفت وسائلها الدعائية سمها النقيع مستبقة فرحة المحتل في زعمه بان حماس هي المسئولة عما حدث في جباليا ، ولم تكد قطرات الدم المهراق تتفرق يمنة وشملة كعطر الياسمين أو كريح العبير المنبعث من قبسات وجه صواريخ القسام المستبشرة بنصر الله بعد أن أرسلتها أيدي المجاهدين في مهمة ثار إيمانية حتى بدأت دعايات التشكيك تبعث بخارات التشويه من كير الحقد والظلامية .
بدأت طائرات العدو الأول تقصف غزة ،،، قصفا يتلوه قصف .. تجاوز الثلاثين غارة ، وبدأت خفافيش الظلام تصطاد بلابل الحق في الضفة .. عملاقا.. يتبعه عملاق .. حتى بلغ السيل الزبى ، وبلغ عدد المعتقلين أكثر من 500 في اقل من أسبوع . وهنا لو من هنا بدأت دعاية السلطة الانتخابية تحضيرا لانتخابات المرحلة الثالثة .. أو تمهيد للانتخابات التشريعية .. حيث سارعت السلطة في استغلال لحظة الاستهداف والهجمة الشرسة قبل الانتخابات وبعدها ،، ومارست نمطها التعسفي ضد المجاهدين فأطلقت نيرانها ضد أبناء الحماس في غزة ، فأصابت مجاهدين بجراح خطيرة ، ثم حاولت - عبر وسائلها المختلفة والمتعاقبة - أن تشوه صورة الحركة المجاهدة ؛ متبنية وجهة نظر المحتل ،، مروجة لادعاءاته ، فزعمت بعد دقيقتين من حادث غزة المؤلم أن ما حدث في غزة كان خطئا فنيا أحدثته المقاومة بسبب العرض العسكري ، دون ان تجري أي تحقيق في الحادث ، او تستمع لوجهات النظر ، او تتخذ موقفا يغيظ أعداء الله ، ثم تناولت في غير تصريح من تصريحات المسئولين والإذاعة الرسمية وجهة النظر الإسرائيلية في أن الصواريخ التي أقضت مضاجع اليهود هي سر المعاناة الفلسطيني ، وهي الخطر الأكبر على مقاومة شعبنا ، مقللة من اثر الفعل المقاوم في التحرير ، ثم سرعان ما استبشرت خيرا بما أصاب حماس من مصابات متلاحقة ؛ فسارعت في مباركة الانتخابات التي جرت في ظروف اعتقالات طالت كوادر الحركة ومنسقي لجانها الانتخابية ، حتى إن بعض القرى كان نصيب أهلها من الاعتقال أن اعتقل كل المرشحين كما حصل في قرية شقبة قضاء رام الله .
لكن تلك الاستغلالات السخيفة لم تأت بكل ما ارتجته آلة التنسيق الأمني في دعاياتها الانتخابية ، فقد أظهرت النتائج تقدما ملحوظا للتيار الإسلامي في كبريات البلدات والتجمعات السكانية الكبيرة ، مع الأخذ بالاعتبار أن حماس لم تشارك في كافة مواقع الاقتراع لعلل أمنية ، وأنها نزلت في بعض الأحيان بغير الاسم المعلن عنه لنفسي العلة ، ومع ذلك فلم تتورع السلطة من أن تبادر بتزوير النتائج إعلاميا ؛ حيث زعمت من حلال تصريح لرئيس لجنة الانتخابات، جمال الشوبكي، والتي زعم فيها أنّ قوائم "فتح" فازت بـ61% من الأصوات في 64 بلديّة مقابل و%28 بلديّة للقوائم المدعومة من "حماس .
ويبدو أن نظام الانفلات الأمني الذي أصبح سمتا منهجيا للشكل السياسي المفروض فرضا على الواقع الفلسطيني من خلال التربية الأمنية الممنهجة في ظل الاتفاقات الأمنية ا لمختارة بعناية فائقة في تشكيل جسم سياسي وهمي له غايته التي ترضى عنها دولة الكيان ، هذا التشكل الأمني الفوضوي كان حاضرا حضورا بارزا في كافة اشكال الدعاية الانتخابية حيث مارس وظيفته التي تربى عليها في دورات التدريب الأمني الكثيرة في أمريكا والأردن والجزائر وفرنسا وغيرها ، فكان الترهيب بالسلاح حظ معظم البلدات التي فازت فيها حماس ن كما حصل في طلوزة وعصيرة الشمالية
ان القراءة المتأنية لانتخابات ما قبل التشريعي ن تشير – دونما شك- إلى حجم التخوف الرسمي الفلسطيني والصهيو امريكي من إمكانيات الفوز للاتجاه الإسلامي المصلح الحقيقي للفساد المستشري في أقبية الأمن والسياسة . وهنا تسقط كافة الأوراق التوتية المختبئة تحت ثوب الإنفراد السلطوي وانعدام الشراكة السياسية ، وهذا بحد ذاته تهديد للواقع الصهيوني ن الذي يتنفس برئة الخيانة والتنازل لدى الجانب الفلسطيني ، ومن هنا فان الاستعدادات بين الجانبين على أشدها لتحييد مارد الإصلاح الفعلي من من خيارات المرحلة القادمة التي قد تفرزها نتائج انتخابات المرحلة التشريعية ، ويبدو لي ان حماس قد تجاوزت نقطة التجاهل الممكن في معادلة السياسة وان إمكانية عزلها قد تبدو مستحيلة ومن هنا فان الثورة المسعورة ضدها قد تزداد وتصبح شبه جنونية لان الأخر الذي لا يرغب إلا في بقاء الواقع المتلاطم من الفوضى العائمة التي يستغلها لصالحه لا يمكن له أن يرضى بوجود تيار نقي قادر على حمل الامانة ودرا المفاسد وقيادة السفينة وسط العباب حتى تصل إلى بر الأمان كما وصلت جزئيا في غزة .