نقد كتاب ريح النسرين فيمن عاش من الصحابة مائة وعشرين
مؤلف الكتاب أو بالأحرى ملخص الكتاب هو عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) فالكتاب هو ملخص لكتاب أخر لابن منده فى نفس الموضوع وفى هذا قال السيوطى:
"هذا جزء مختصر من كتاب الحافظ أبي زكريا بن منده رحمه الله فيمن عاش من الصحابة مائة وعشرين"
أول من ذكره هو حسان بن ثابت حيث قال فيه:
"حسان أبو عبد الرحمن وقيل أبو الوليد وقيل أبو الحسام بن ثابت من المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد بن عدي بن النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج
شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم عاش مائة وعشرين سنة ستين في الجاهلية وستين في الاسلام
وكذلك عاش أبوه وجده وأبو جده
لا يعرف في العرب اربعة تناسلوا من صلب واحد اتفقت مدة تعميرهم مائة وعشرين سنة غيرهم
قلت وشبه هذا ان لسانه كان يصل إلى جبهته ونحوه وكذلك كان أبوه وجده وابنه عبد الرحمن والله اعلم"
هذه المعلومات بالقطع لا دليل عليها وبعضها حديث خرافة كحديث طول لسانه حتى يبلغ جبهته فأقصى ما يصله أطول لسان لبشر طرف الأنف
ثانى من ذكره هو حكيم بن حزام حيث قال :
"حكيم أبو خالد بن حزام بن خويلد بن اسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب
ولد في جوف الكعبة وأسلم يوم الفتح وهو ابن ثلاث وستين وعاش مائة وعشرين سنة ستين في الجاهلية وستين في الاسلام
وتوفي بالمدينة سنة اربع وقيل ثمان وخمسين
وأعتق مائة رقبة بالجاهلية ومائة بالاسلام"
والكلام عنه فيه تناقض فالرجل يقول "وأسلم يوم الفتح وهو ابن ثلاث وستين" فأسلم وعنده 63 سنة ومع هذا عاش سنة 60 فى الإسلام والمفروض فى أقل الأخطاء 57 والفتح فى التاريخ المعروف سنة 8 هجرية وقبلها 10 سنوات فى مكة قبل الهجرة فيكون طبقا لهذا عاش 78 سنة فى الإسلام
كما أن تاريخ وفاته 54 أو 58 هجرية يتعارض مع تعميره فى الإسلام 60 سنة فإسلامه يوم الفتح سنة 8 هجرية ووفاته يعنى تعميره 50 عاما وهو مسلم
وثالث الأفراد هو حمنن بن عوف وفيه قال :
"حمنن اخو عبد الرحمن بن عوف عاش مائة وعشرين سنة
ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة احاديث"
وهذه معلومات نادرة وفيما قرأته من كتب الحديث لم أقرأ هذا الاسم مطلقا
رابع الأشخاص هو حويطب بن عبد العزى وفيه قال :
"حويطب وقيل حوط وقيل حويط أبو محمد وقيل أبو الأصبغ بن عبد العزى بن ابي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل
اسلم يوم الفتح وعاش مائة وعشرين سنة ستين في الجاهلية وستين في الإسلام وتوفي سنة أربع وخمسين"
نفس الخطأ فى حكيم بن حزام وهو ما عاشه فى الإسلام فكلاهما أسلم يوم الفتح سنة 8 هجرية ومات سنة 54 هجرية أى أنه عاش مسلما 46 سنة فقط ولو عددنا 18 سنة من بداية الرسالة فهذا يعنى انه عاش بعد بعثة النبى (ص)64 سنة وفيه قال :
خامس الأفراد سعد بن اياس الشيباني
"سعد أبو عمرو بن اياس الشيباني البكري له ادراك روي عن اسماعيل بن ابي خالد انه رآه وقد أتى عليه سبع عشرة ومائة سنة"
لا يوجد معلومات هنا لا عن إسلامه ولا عن شىء أخر
سادس الأشخاص سعد بن جنادة وعنه قال :
"سعد بن جنادة العوفي الانصاري عاش كما روي عن حفيده الحسن بن عطية مائة وعشرين سنة"
السابع سعيد بن يربوع وعنه قال :
"سعيد أبا هود بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم
عاش مائة وعشرين سنة ستين في الجاهلية وستين في الاسلام
توفي سنة اربع وخمسين"
نفس الخطأ فى حكيم وحويطب وهو خطأ حسأبى لا يغتفر دليل على أن هذا الكتب موضوعة منحولة فالخطأ لا يتكرر ثلاث مرات وكأن السيوطى جاهل بعلم الحساب مع انه ألف فيه كتابا
الثامن أبو شداد الذماري العماني وفيه قال :
"أبو شداد العماني عاش مائة وعشرين سنة"
عاشر الأصحاب هو عاصم بن عدي وعنه قال :
"عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان
هو الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لعويمر عن الواجد مع زوجته رجلا"
وهذا هو أشهرهم فالحديث معروف عنه ولكن لا توجد عنه معلومات أخرى حتى السن
الحادى عشر هو عبد خير بن يزيد وعنه قال:
"عبد خير أبو عمارة بن يزيد وقيل بن يحمر الكوفي عاش مائة وعشرين سنة"
الغريب أن الصحأبى المذكور لم يغير النبى (ص) اسمه ولم يطالبه المسلم الذى تولى أمر بلده أن يغيره كما هو معروف فى الأسماء التى تعنى العبودية لغير الله
الثانى عشر من الأفراد هو اللجلاج الغطفاني وفيه قال :
"اللجلاج الغطفاني اسلم وعمره خمسين سنة وتوفي وهو ابن مائة وعشرين سنة"
لا توجد معلومات غير العمر هنا
الثالث عشر مخرمة بن نوفل وعنه قال :
"مخرمة بن مسور بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن لؤي
اسلم عام الفتح وتوفي سنة اربع وخمسين وهو ابن مائة وعشرين وقيل خمس وعشرين"
تكرر نفس الخطأ فى الثلاثة وهو حكيم وحويطب وسعيد فى مخرمة
الرابع عشر نافع بن سليمان العبدي وعنه قال :
"نافع بن سليمان العبدي مولى المنذر عاش مائة وعشرين سنة "
الخامس عشر النابغة الجعدي وفيه قال :
والنابغة الجعدي الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا يفضض الله فاك
فما سقطت له سن"
الغريب أن السيوطى ترك ما سبق من أخطاء وهى واضحة وضوح الشمس وقال أن معلومات ابن منده خطأ حيث قال :
" قلت:قال القاضي عياض في الشفا عاش مائة وعشرين سنة وهو وهم فإنما عاش مائتين وعشرين سنة قال ابن قتيبة ونقله في الاغاني وقال ما ذاك بمنكر لأنه قال في شعره ثلاثة اهلين أفنيتهم وقد سأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه كم لبثت مع كل أهل فقال ستين سنة فهذه مائة وثمانون ثم عمر بعده إلى أيام ابن الزبير انتهى
نعم وافق القاضي عياض على ان النابغة عاش مائة وعشرين الحافظ الصريفيني "
والكلام فيه خطأ حسأبى أيضا فعمر مات 23 هجرية وعبد الله بن الزبير مات 73 هجرية حسب التواريخ المعروفة ومن ثم فبينهما 50 سنة ومن ثم يكون عمر الرجل 180 سنة حتى عهد عمر + 50 سنة =230 سنة
كما أن هناك خبل أخر فلو أن النابغة تزوج ثلاثة نساء عمر مع كل واحدة ستين سنة فكان عمره 180 سنة فمعنى هذا أنه تزوج يوم ولد وهو جنون
ثم قال السيوطى:
"وذكر ايضا ممن عاش كذلك من الصحابة
لبيد بن ربيعة
أوس بن مغراء
وأوس بن مغراء السعدي
عدي بن حاتم
وذكر ابن سعد عدي بن حاتم الطائي
نوفل بن معاوية
وذكر ابن قتيبة نوفل بن معاوية والله أعلم"
والكتاب لا فائدة فيه ونغافل عن معلومة يعرفها الكل عن أخر الصحابة موتا وهو
أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي الذى توفى سنة 110 هجرية كما تقول كتب التاريخ وهو ما يعنى أنه عاش 120 سنة على الأقل لأنه ليس من المعقول أن يصاحب النبى(ص) وعنده عشر أو 13 سنة
الكتاب يتعارض مع روايات تقول :
روى الترمذي في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "
أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ"
وروى أبو يعلى في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"مُعْتَرَكُ الْمَنَايَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ"
وبالقطع الآجال بيد الله وهى تختلف ما بين العصور ففى أيام نوح(ًص) عمر فى قومه 950 سنة للدعوة فقط وبقوا هم أحياء حتى أفناهم الله بالطوفان وفى هذا قال تعالى :
"ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين"
وهذا يعنى أنهم عاشوا ألف سنة فما فوق