نظرات فى كتاب دراسات في أصول اللغات العربية
المؤلف: أبو مجاهد عبد العزيز بن عبد الفتاح بن عبد الرحيم بن الملاَّ محمد عظيم القارئ المدني
موضوع الكتاب كما قال أبو مجاهد "لقد رأيت من الضروري لاستكمال الصورة الواضحة أن تشمل دراستي موضوعين حيث ينبني أحدهما على الآخر:
- أصل العرب ومنشؤهم.
- اللغة العربية: نشأتها، والمراحل التي مرت بها.
ولا أدعي أنني آت فيهما بآراء حاسمة ونتائج نهائية، أو أنني مستوف للبحث ومعط له حقه، إنما هي محاولة للدخول في دراسة واسعة متكاملة دقيقة تحتاج إلى جهد عظيم، وعناء شديد ووقت طويل.."
استهل أبو مجاهد البحث بالكلام عن العرب فقال :
" العرب:
من المجمع عليه أن القرآن أنزل بلغة العرب، وأن الله عز وجل اختار هذه اللغة العظيمة لتكون الوعاء الذي يحمل كلامه المنزل على رسوله، كما اختار أمة العرب ليكونوا الرسل الذين يبلغون دعوته للأمم و {الله أعلم حيث يجعل رسالته} : فاختياره عز وجل لهذه اللغة يدل بلا ريب على أنها أفضل اللغات وأفصحها , كما أن اختياره لأمة العرب ليكونوا حملة الرسالة ويكون الرسول منهم يدل بلا ريب على أنهم كانوا أفضل الأمم، وأقربها للحق، وأكثرها صلاحية وتهيؤا لحمل رسالة الإسلام إلى العالم.."
الأخطاء فى الفقرة تتمثل فى التالى :

الأول نزول القرآن بلغة العرب فالله لم يذكر العرب فى الوحى فلا وجود لهم والموجود هو نزول القرآن بلسان عربى كما قال تعالى:
"وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربى مبين وإنه لفى زبر الأولين"
الثانى أن الله فضل اللغة العربية على غيرها وهو ما يناقض أن الله لم يفضل لغة على أخرى فجعل اختلاف الألسن آية أى برهان على قدرته فقال "ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين"
وقد بين المؤلف اختلاف العلماء فى تحديد من هم العرب فقال :
"فمن هؤلاء العرب؟
أما تعريف العرب، وتحديد أصل بدايتهم، ونشأتهم ومساكنهم وديارهم التي يتضمنها اسمهم، فهذا مما كثر فيه الاختلاف، وندر فيه القطع واليقين وكل ما قيل فيه يحتمل مزيدا من النقد والتمحيص، ويحتاج إلى دراسة علمية دقيقة تستخدم فيها الوسائل المعاصرة التي هي أكثر فعالية في تحديد مثل هذه القضايا التاريخية..
ومن هذه الوسائل: إجراء مسح دقيق شامل لديارهم واستخراج بعض الآثار ودراستها، مع أن ما أخرجته الحفريات من آثار قديمة هي في حد ذاتها أيضا لا تعطينا معلومات قطعية في غالب الأحوال، ولذلك فإن الدارسين في هذا المجال والمهتمين بهذه الحفائر سرعان ما تتغير آراؤهم كلما أنتجت الحفائر شيئا جديدا، وقد بذل الغربيون جهدا كبيرا في هذا الشأن وحاولوا الاستفادة منه.
ومما ساعد على تشعب الخلاف حول مسألة - أصل العرب - أن تاريخهم قبل الإسلام يلفه غموض شديد حيث لم يدون
إلا أن هناك نواحي في هذا التاريخ يكاد ينعقد عليها إجماع علماء الأنساب والتاريخ، وأشارت نصوص القرآن والسنة إلى بعضها، فنحن نلم من هذين المصدرين بما يكفي لإعطاء صورة واضحة، وإلقاء ضوء ساطع على موضوعنا، ولعل استنتاجاتنا إذ حصرناها في ذلك تكون أقرب إلى القطع واليقين منها إلى الحدس والتخمين.."
مما سبق يتبين أن العرب تاريخهم مجهول فحتى الجزء الصغير المجمع عليه من التاريخيين والناسبين القرآن يهدم الكثير منه خاصة الأنساب وحتى ما قيل عن معبوداتهم ومعابدهم
ثم تحدث أبو مجاهد عن أصل العرب فقال :
"أصل العرب:
اتفق علماء الأجناس وعلماء الأنساب على أنهم من - الفصيلة السامية - وكذلك المؤرخون المسلمون أرجعوا أصلهم إلى - سام بن نوح - (ص)وهو أحد الأصول الثلاثة التي تتفرع منها الأمم وهي (سام، وحام، ويافث) ، روى ابن عبد البر في كتابه عن أنساب العرب والعجم حديثا عن سمرة بن جندب عن النبي (ص)أنه قال: "سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم" ورواه أيضا الترمذي وأحمد والحاكم عن سمرة، وذكره الحافظ العراقي في كتابه - القرب في محبة العرب - وحسنه..
ومن المعلوم أن تمايز الأجناس والأمم إنما حدث بالتدريج ابتداء بهؤلاء الأصول الذين يمثلون ذرية نوح الباقين في الأرض. ولكننا لا نستطيع أن نجزم ببداية تميز العرب كأمة مستقلة في أي تاريخ كان فضلا عن أن نحدد لهم أبا بعد - سام - تناسلوا منه: سواء كان هذا الأب هو يعرب، أو قحطان، أو عابر بن شالخ بن أرفخشذ، أو نابت بن إسماعيل، أو حتى إسماعيل (ص)نفسه..
فالخلاف محتدم في أي من هؤلاء هو الأب الأول الذي يرجع إليه العرب كما سيأتي بيانه عند الكلام على قحطان وعدنان..لكن يبدو أن المنطقة التي عرفت لدى علماء التاريخ اليوم (بالمثلث) هي منشأ الحضارات ومنطلق الأجناس، وهي موطن الحضارة الأولى، وتمتد من أراضي الرافدين بالعراق في أحد ساقي المثلث وواد النيل في الساق الأخرى وبينهما بلاد الشام في قاعدة المثلث وعلى رأسه اليمن وحضرموت (انظر الشكل رقم - -) فمن هذه المنطقة نزحت البشرية إلى سائر أرجاء المعمورة وانتشرت الحضارة وفيها أنزلت الرسالات التي ذكرها القرآن، ولكن في أي جزء من المثلث كان المنطلق في جنوبه - أي اليمن - أم في شماله أي (العراق) أو (سيناء) . . ."
كما قلنا ما أجمع عليه المؤرخين وحتى غيرهم ممن جعلوا العرب ينتسبون لسام المزعوم مردود عليه من القرآن فالرواية المنسوبة للنبى(ص) لم يقلها وإنما الكفار من العهد القديم لأن القرآن أحبرنا أن بنى إسرائيل ومن ثم العرب معهم ليسوا ذرية نوح(ص) وإنما ذرية المؤمنين معه كما قال تعالى "وأتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح"
ونوح (ص) لم يكن له ذرية سوى الولد الكافر الذى غرق كما قال " إن ابنى من أهلى " وبدليل أنه لما دعا للمؤمنين من أقاربه لم يذكر بنينا ولا بناتا ولا زوجة وإنما ذكر والديه فقال "رب اغفر لى ولوالدى ولمن دخل بيتى مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات"
واعتبر أبو مجاهد العراق هو اصل العرب فقال :
"مما يؤيد عندي الرأي القائل بأن (العراق) كان هو المنطلق أن أحدا من المفسرين لم يذكر أن الجودي الذي استوت عليه سفينة نوح هو في اليمن أو جنوب الجزيرة أو أي مكان آخر، وهذا ابن جرير وهو يستقصي أقوال السلف في تفسيره ينقل بأسانيده عن مجاهد، وسفيان، وقتادة، والضحاك وهم رواد التفسير أنه جبل بالعراق - بل بناحية الموصل منه - ويسند إلى ابن عباس أنه جبل دون تحديد موقعه، وإلى التابعي الجليل زر بن حبيش أنه ناحية بالعراق ولكن ابن كثير يذكر في تفسيره أن بعضهم يرى أنه الطور دون أن يسمي القائل البشر - سواء كان من العراق بالتحديد أو من الطور أو مما بينهما - فإننا نستطيع أن نقول: إنه حدثت عمليات نزوح كبيرة، وحركات هجرة واسعة لأبناء نوح ومنهم - الساميون - إلى سائر الأرجاء شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ومن هذه - الهجرات - التحرك صوب الجنوب حيث أرض صحراوية تحيط بها البحار من الجهات الثلاث، وكانت هذه الهجرات بسبب الحروب والغارات أو بحثا عن الكلأ والماء والأراضي الخصبة..
ويقول بعض الباحثين إن الإشارة إلى - بدو الآراميين - في التوراة يعني قسما من الآراميين الذين كانوا يسكنون الشام تحركوا صوب الصحراء الجنوبية حيث عرفوا فيما بعد بالعرب، ويرى أن كلمة (عرب) ترجع إلى أصل - آرام - ."
وهو كلام لا أصل له لعدم وجود نص من الوحى فى الأمر لأن الله لا يهتم فى الوحى بالأنساب ولا بتسميات الأمم أو اصولها لأن الغرض من الوحى هو بيان الأحكام للعمل بها
وتحت عناوين القبائل العربية الحديثة والقبائل العربية القديمة تحدث أبو مجاهد فقال :
"وفي زمن متقدم جدا عرفت بعض القبائل من هؤلاء التي استوطنت أنحاء من - الجزيرة العربية - كان معظمها في ثلاث مناطق منها حسبما علمنا.. (اليمامة) و (الشحر) من أرض اليمن و (الحجر) من أرض الحجاز.. ويسمي المؤرخون والنسابة المسلمون هذه القبائل بـ: طسم، وجديس والعمالقة، وعاد، وثمود..ويزيد ابن جرير الطبري وابن إسحاق: أميم، وعبيل، وعبد ضخم، وجرهم الأولى، أما طسم وجديس فسكنوا اليمامة في شرق الجزيرة العربية، وأما عاد فذكر القرآن مساكنهم وأنها (الأحقاف) وهي في جنوب الجزيرة العربية والأحقاف جمع حقف - بكسر الحاد - وهو الكثيب العظيم المستدير من الرمل، قال تعالى: {واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف}
وأما ثمود فذكر القرآن منازلهم وأنها الحجر وهي في الشمال الغربي من الجزيرة العربية قال تعالى: {كذب أصحاب الحجر المرسلين} .أما العمالقة فنزل بعضهم بمكة وبعضهم بيثرب من أرض الحجاز وقد وجدت بعض آثارهم في المنطقة..ويذهب بعض علماء الأنساب أن ثمود كانت تسكن اليمن ثم انتقلت منها إلى الحجر.ويمكن القول أن جميع هذه القبائل ينحدرون من أولئك الذين تسميهم - التوراة - بدو الآراميين الذين نزحوا من الشام والعراق صوب الجزيرة العربية.. وهذا يفسر التشابه الواضح في اللغات ومفرداتها بين الكتابات التي وجدت في العراق وسوريا والتي تعود إلى العصور البابلية والآشورية والآرامية والكنعانية وبين الكتابات التي عثر عليها في منطقة اليمن أو حضر موت والتي تعود إلى العهود الحميرية والسبئية، حيث يدل ذلك على أن هناك أصلا واحدا مشتركا..هذا هو ما أمكن أن أجزم به من تاريخ العرب القديم مما يمكن أن يكون ذا علاقة بموضوعنا.."
يحتوى الكلام على اخطاء منها :
الأول أن مساكن عاد وهى الأحقاف كانت باليمن والأحقاف ليست سوى الرياحات المهلكة التى أنذرهم بها لأن مساكنهم كانت أعمدة كما قال تعالى " إرم ذات العماد "وهى الحصون أى المصانع التى بنوها لحمايتهم من الموت كما قال تعالى "أتبنون بكل آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون"
الثانى أن ثمود سكنوا العديد من المناطق وهو ما يخالف أنهم سكنوا واديا واحدا جلبوا له حجارة الجبال المختلفة كما قال تعالى " وثمود الذين جابوا الصخر بالواد"
وأما تشابه اللغات فهناك أمور غريبة فهناك قرى بكاملها فى أفغانستان لا تتحدث سوى العربية وهناك فى كثير من المناطق فى أثيوبيا ومالى والنيجر وغيرها قبائل تتكلم العربية وحدها ومن ثم لا يمكن أن نستنتج من وجود متكلمى اللغة العربية فى منطقة تتكلم لغات أخرى شىء يدلنا على الحقيقة
قم تحدث أبو مجاهد عن القبائل القحطانية فقال:
"وهذه فترة أخرى من تاريخ نشأة أمة العرب تلي تلك الفترة الموغلة في القدم وهي الفترة التي وجد فيها ما نسميه - بالعرب العاربة - وفيها ظهرت قبائل عربية أخرى ودول وحضارات وبدأت فيها ما يسمى - بالقبائل القحطانية -.ويتركز الضوء في هذه الفترة على الجزء الجنوبي للجزيرة العربية حيث اليمن وحضرموت وحيث استوطنت تلك القبائل..وكان لهم تاريخ وملك وحضارة ذكر القرآن شيئا منها، وكان من أشهر ممالكهم وحضاراتهم: مملكة سبأ، وربما كانت هي أشهرها وأهمها حيث كانت هي المفترق بين مرحلتين والفاصل بين عهدين كما سيتبين..
قال تعالى في وصف حضارة سبأ:
{لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} .
وفي هذه الآيات ما يدل بوضوح على أن مناطق كثيرة من جزيرة العرب كانت عامرة خصبة وهي التي تمتد من اليمن حيث مسكن سبأ إلى الشام التي بها القرى المباركة وذلك في قوله: {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين} .فإن معنى وجود قرى ظاهرة آمنة بين اليمن والشام امتداد منطقة خصبة كثرة الزروع والثمار جيدة المناخ كثيرة العمران طيلة المسافة بينهما.. إذ أن خصوبة الأرض دائما تابعة لجودة الهواء والمناخ وتوفر الأمطار وينتج منهما انتشار العمران..ثم أخبرت الآية عن حدوث التحول في هذه الحضارة، بعد انهيار سد مأرب وقضاء السيل على مظاهر حضارتهم، فتبدل حال الأرض من خصوبة إلى جدب تصوره الأنواع المذكورة في الآية: {ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل} فهذه أنواع من النباتات التي لا فائدة منها وتوجد غالبا في الأراضي القاحلة، ومعنى هذا أن المناخ تبدل أيضا وشح المطر، وينتج من هذين العاملين تضاؤل مظاهر العمران ووعورة المنطقة التي تعبر عنها الآية ببعد المسافة: {باعد بين أسفارنا} وكان هذا بداية تفرق هذه القبائل القحطانية ونزوحها من اليمن إلى سائر أنحاء الجزيرة، ولكن ما هذه القبائل؟"
لا يوجد دليل على كون سبأ أو غيرها كانت عربية اللسان غير ما نعرفه من خبل وجود بعض الكتابات بحروق يقال انها عربية ولو كان الاستدلال صحيحا فالكتابات العربية فى الهند مثلا أو فى القوقاز أو فى البلقان ليست دليل على انهم كانوا يتكلمون العربية
وأما كون سبأ فى اليمن والطريق كان بينها وبين الشام فوهم فكلام الله موجود لا ذكر فيه لليمن أو الشام والقرى المباركة يقصد بها أحياء مكة التى كانت ممتدة لمسافات طويلة وبينها وبين بقية القرى مسافات سفر قليلة فيها استراحات مجانية
ثم تحدث أبو مجاهد عن أصول القبائل القحطانية فقال:
"روى بعدة طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا سأل النبي (ص)عن سبأ ما هو؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "رجل ولد عشر قبائل،فسكن اليمن منها ستة والشام أربعة". رواه الترمذي وأحمد وابن جرير وابن أبي حاتم ورواه ابن عبد البر في كتابه - القصد والأمم - من عدة طرق، واستقصى الحافظ ابن كثير طرق هذا الحديث في تفسيره لسورة سبأ وبين أنه حديث حسن وفي بعض ألفاظه سمى بعض هذه القبائل فقال صلى الله عليه وسلم: " تيامن الأزد والأشعريون وحمير ومذحج وأنمار الذين يقال لهم بجيلة وخثعم وتشاءم لخم وجذام وعاملة وغسان".
ويفصل علماء الأنساب ذلك فيقولون إن سبأ ولد القبائل القحطانية الكبرى وهي: حمير، وكهلان، وعمرو، وأشعر، وعاملة.
ومن هذه القبائل تفرعت العمائر والبطون: فمن (حمير) قضاعة ومن قضاعة جهينة وبلي وكلب وبهراء وتنوخ ونهد ومهره وجرم، ومن (كهلان) جذام ولخم وكنده وطيء ومذحج والأزد وهمدان وبنو صداء وخولان وأنمار أما الأشعريون وعمرو وعامله فلم تتفرع إلى كثير من الفروع والمشهور لدى علماء التاريخ والأنساب أن الأشعريين بقوا في اليمن... أما بقية القبائل فنزحت منها إلى الجزء الشرقي والشمالي من الجزيرة، فالأزد هاجر قسم منهم إلى عمان وقسم إلى الحجاز، وطيء نزلت عند جبلي أجأ وسلمى، وجهينة سكنت منطقة تمتد من ينبع إلى عقبة أيلة، ومن الأزد قسم نزل بيثرب وهم الأوس والخزرج ومنهم قسم نزح إلى الشام وهم غسان، ونزحت إلى الشام أيضا عاملة، أما لخم فسكنت العراق، وأما جذام فتفرقوا في الديار وكان قسم كبير منهم بالشام."
الرواية المنقولة وهى غير صحيحة النسبة للنبى(ص) لكونها من علم الغيب الذى لا يعلمه النبى(ص) تقول أن الرجل أنجب عشرة ومع هذا فالنسابون وأهل التاريخ يقوون كما نقل الرجل فى الفقرة خمسة وكله كلام لا يمكن لأحد لأن يعلمه لكون من الغيب الماضى فحتى الله عندما أخبر نبيه (ص) حكى له البعض ولم يقص البعض الأخر فقال "ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك"
وأهل التاريخ والنسابون جاهلون أهل كذب قمثلا قصة نوح(ص) لم تكن معلومة لأحد من الناس علما صحيحا صادقا حتى عصر النبى(ص)حتى أنولها الله فقال "تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا"
ثم تحدث عن القبائل العدنانية فقال :
"في الوقت الذي كانت تتحرك فيه القبائل القحطانية في هجرتها الكبرى كان منتشرا في القسم الشمالي من الجزيرة العربية ما يسمى - بالقبائل العدنانية - وهي التي تنحدر من عدنان، وعدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل (ص) فأبو العدنانيين بالإجماع هو إسماعيل (ص)الذي نشأ في كنف جرهم إحدى القبائل العاربة القديمة، وصاهرهم، وإبراهيم (ص) من البابليين، من العراق، وأم إسماعيل (هاجر) من مصر، فكأنما أراد الله عز وجل لحكمة عظيمة أن يغذي أصول العدنانيين بكل ذلك، ثم يشاء أن يكمل صهرهم وتهذيبهم باختلاطهم بالقحطانيين بعد الهجرة الكبرى..
ولكن من هو أبو القحطانيين؟ هل هو إسماعيل نفسه؟
هذا هو رأي بعض علماء الأنساب والمحدثين: أن عدنان وقحطان كلاهما من ولد إسماعيل، ومن هؤلاء الزبير بن بكار، وابن إسحاق، وابن حجر العسقلاني، وعلى هذا القول يتخرج قول النبي (ص)لناس من أسلم: "ارموا بني إسماعيل" والمعروف أن أسلم من قبائل الأنصار، والأنصار قحطانيون، وكذلك قول أبي هريرة للأنصار بعد أن روى قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وزوجه سارة: "فتلكم أمكم يا بني ماء السماء".
لكني لا أرى في قوله (ص)المذكور ولا في قول أبي هريرة ما يدل على أن القبائل القحطانية من نسل إسماعيل لاحتمال أن يكون داخل قبيلة أسلم المخاطبين في الحديث من الخلاف في أصلهم مثل ما داخل غيرها من القبائل التي اختلف في نسبتها إلى القحطانيين أو العدنانيين، هذا مع أنه روى ابن عبد البر من طريق القعقاع بن أبي حدرد أن النبي (ص)مر بناس من أسلم وخزاعة وهم يتناضلون فقال: "ارموا بني إسماعيل" فيكون في الخطاب تغليب لخزاعة وفيها خلاف هل هي عدنانية أم قحطانية، وروى أحمد والبزار والطبراني عن عائشة أنه كان عليها رقبة من ولد إسماعيل فجاء سبي من خولان فأرادت أن تعتق منهم فنهانا النبي (ص)ثم جاء سبي من مضر من بني العنبر فأمرها أن تعتق منهم، وفي لفظ أنه (ص)قال: "من كان عليه محرر من ولد إسماعيل فلا يعتق من حمير أحدا". وفي هذا دلالة واضحة أن القحطانيين لا ينحدرون من إسماعيل (ص)."
الرجل ينفى هنا كون قحطان وعدنان من ولد إسماعيل(ًص) وهو لا يعترف بالروايات التى نقلها لأنه بعضها يثبت كونهما من رجل واحد وبعضهما ينفى القرابة وهو كلام لا دليل عليه من الوحى فلا وجود لعدنان ولا قحطان فى الوحى إنما هو ضرب من الخبل الذى لا يعلم حقيقته سوى الله
كما أن بعض الروايات المذكورة فى العتق تدل على الشعوبية والعنصرية ولا يمكن لأن يقولها الرسول(ص)خاصة أن القرآن عندما يذكر العتق لا يحدد نسب المعتقين وإنما جعلها نصوص عامة عدا نص أو اثنين طلب فيهما عتق العبيد والإماء المسلمين فقط قبل عتق أى عبيد أو إماء على أديان أخرى
ثم تحدث عن أصول القبائل العدنانية فقال:
"تنحدر القبائل العدنانية من نزار بن معد بن عدنان ولذلك يقال: كل عدناني فهو نزاري ومن نزار تفرعت القبائل العدنانية وهينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيمضر) ومنها قيس عيلان التي تتفرع إلى بطون هي: بنو غطفان،و*****، وسليم، وعدوان، (ربيعة) ومنها أسد ووائل، ومن أسد: عنزه، وجديلة، وعميره، ومن وائل: بكر وائل، وتغلب، (خندف) : ومن أشهر عمائرها هذيل (كنانة) : ومن عمائرها بنو مدلج، وقريش، (قريش) وهي أشهر القبائل العدنانية وترجع كما ذكرت إلى كنانة:
روى مسلم في صحيحه والترمذي وأحمد من حديث واثلة بن الأسقع أنه سمع رسول الله (ص)يقول: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم".
قال ابن عبد البر: فقريش عمارة رسول الله (ص)، وكنانة قبيلته وعبد مناف بطنه."
بالقطع هذا الكلام لا دليل عليه والرواية التى استشهد بها رواية تخالف القرآن فالله لا يصطفى كفارا فبنو هاشم مثلا طبقا للتاريخ كان الكثير منهم كفرة مشركين كعبد المطلب وعبد العزى المعروف باسم أبى لهب وأبو طالب والعديد قتل منهم ككفار فى الغزوات الأولى وإنما يصطفى الله رسلا كما قال تعالى "الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس"
ثم تحدث أبو مجاهد عن لغة العرب فقال:
"اللغة هي القدرة على تسمية الأشياء، وقد أخبر عز وجل أنها مما فضل به آدم (ص)فقال عز وجل: "وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} فهذه الآيات تشير إلى أن اللغة تعلمها آدم من ربه عز وجل فيحتمل أن يكون ذلك تم بطريق الوحي فتكون اللغة حينئذ توفيقية ولكنني لا أرى في الآية ما يدل بوضوح على ذلك، إذ أن لفظة (علم) ليست صريحة في الوحي ويمكن أن يكون ذلك قد تم بطريق آخر، وهو أنه عز وجل خلق في آدم القدرة على تسمية الأشياء ومعرفتها والإشارة إلى أشخاصها بأسمائها وألهمه ذلك إلهاما لا عن طريق الوحي المباشر، ولا شك أن {الأسماء} في الآية يراد بها أسماء الأشياء حيث أردفها بقوله: {كلها} فلا معنى لحصرها في أشياء مخصوصة، إذ لا مزية حينئذ لآدم يستحق بها التفضيل على الملائكة أن يعلمه الله أسماء عدد مخصوص من الأشياء فالملائكة كذلك جبلهم الله على تسبحه وذكره ففعلوا، لكن المزية التي تستحق هذا الذكر والثناء هي تلك القدرة على تسمية الأشياء والتعرف عليها بتلك الأسماء فلما طلب من الملائكة أن تسمى لكل ما تراه من الموجودات اسما لم تكن قادرة على ذلك فعلمت أن الله اختص هذا المخلوق الجديد الكريم دونها بما جعله أهلا للخلافة في الأرض، وهذا التفسير مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "علمه اسم كل شيء حتى القصعة والقصيعة".
هذه اللغة التي تعلمها آدم ونطق بها هي اللغة (الأم) ، ولا جدوى من أن نقول إنها كانت العربية أو العبرانية أو السوريانية لأن هذه اللغات وغيرها عبارة عن فروع امتدت وتكونت على مر العصور وتعاقب الأجيال من ذرية آدم، فكلها تعود إلى تلك اللغة الأم ولا تعود هي إلى واحدة منها ولذلك فإن الجهد الذي صرفه بعض العلماء لإثبات أن أول من تكلم بالعربية آدم، أو نوح، أو سام، أو جبريل كما يروى عن كعب الأحبار، هو جهد عقيم مبني على التخمين، أو على أخبار الإسرائيلية التي لم تثبت، فلا يثبت بها حكم ولا خبر.."
الخبل هنا هو أن الرجل يقول أنه لا يجد فى قوله "علم آدم الأسماء كلها دليل على توفيقية اللغة وهو قوله" فتكون اللغة حينئذ توفيقية ولكنني لا أرى في الآية ما يدل بوضوح على ذلك، إذ أن لفظة (علم) ليست صريحة في الوحي ويمكن أن يكون ذلك قد تم بطريق آخر"
والرجل هنا تناسى قوله تعالى " خلق الإنسان علمه البيان" فهل يريد أصرح من هذا"
وتحدث أبو مجاهد ضاربا بكلام الله عرض الحائط فقال :
"وقد سبق أن بينا في أول البحث أن الناس تناسلوا من أولاد نوح الثلاثة، الذين ترجع إليهم أصول الأمم بنص الحديث عن رسول الله (ص)وأحدهم (سام ونوح) ، إليه تنسب (اللغة السامية) التي نطق بها ثم انتقلت إلى نسله من بعده..ومع تكاثر (السامين) وتفرقهم في أنحاء مختلفة متباعدة من الأرض بدأت هذه اللغة تختلف لهجاتها وتتحول إلى عدد من اللغات، وهكذا كانت نشأة اللغات السامية.. وغيرها:
وعلماء اللغات يقسمون اللغات ثلاث فصائل:
- الفصيلة الحامية السامية.
- الفصيلة الهندية الأوربية.
- الفصيلة الطورانية.
أما (الحامية السامية) - وهي الفصيلة التي تعنينا في هذا البحث - فتحتوي على مجموعتين من اللغات:
أ- اللغات السامية: وهي الآشورية، والبابلية، والآرامية، والكنعانية - ويراد بها العبرية - والفنيقية - ثم العربية، والحبشية.
ب - اللغات الحامية: وهي المصرية، والبربرية، واللغات الكوشيتية. والذي يظهر - والله أعلم بالحقيقة - أن اللغات السامية في بداية نشأتها كانت متقاربة جدا كما أسلفنا، حتى إنه ليمكن القول إنها كانت عبارة عن لهجات للغة واحدة. والدارس لهذه اللغات يستطيع أن يلحظ التشابه الشديد بينها، إذ أن أصحاب تلك اللغات كانوا عبارة عن أبناء أمة واحدة تفرقوا في منطقة المثلث (العراق، والشام، ووادي النيل، واليمن وحضرموت) واستوطنوا أنحاء بين هذه المنطقة على مدى حقب التاريخ وأنشأوا ممالك وحضارات واختلط كل قسم منهم بمن جاوره فتأثر به واستفاد منه، وهذا من أهم العوامل لاختلاف اللهجات واللغات وأحيانا لتلاشيها وضعفها، ولذلك فإن كثيرا من الباحثين يعتبر (العربية، والسوريانية، والآشورية، والآرامية، والكنعانية) لهجات للغة واحدة، ثم تمايزت بشكل كبير جعلها تتحول على مدى الأزمنة إلى لغات، والذي حمل هؤلاء على هذا الرأي وجود مفردات متشابهة بمقدار كبير في هذه اللغات.
بل إن بعض الدارسين يقول: إن السوريانية: أو الآسورية أو الآشورية المراد منها اللغة العربية التي كان ينطق بها أهل سورية وأن (آسورية) لهجة محرفة من (سورية) .ووجدوا أن وجود التشابه بين (الحميرية) واللغة السوريانية أكثر من وجوه التشابه بينها وبين لغة قريش..أما اللغة الآرامية: فقد سبقت الإشارة في أول البحث أن بعضهم يرى أن كلمة - آرام - تعني - عرب - وأن العين والباء قلبتا همزة وميما، وأنهم ينقسمون إلى حضر وهم سكان (الهلال الخصيب) وبدو وهم سكان الأطراف الجنوبية الصحراوية من منطقة الهلال الخصيب ويسمون بدو الآراميين..وأيا ما كان الأمر فإن الذي لا شك فيه أن كل هؤلاء أمة واحدة تسمى - السامية - أما أيهما يرجع إلى الآخر - الآراميين - أو العرب فمسألة ترجع إلى ما سبق أن أشرت إليه - من تحديث أصل بداية العرب كأمة مستقلة معروفة بهذا الاسم -ولكنني أستطيع أن أجزم بأن أحد تلك الفروع من - السامية الأم - استطاع على مدى التاريخ أن يحافظ على أهم خصائص اللغة السامية على حين فقدت الفروع الأخرى كثيرا استطاع ذلك الفرع أن يطور لغته السامية بشكل ضمن لها النماء والتحسن مع الإبقاء على معظم الخصائص دون أن يفسدها التطوير..ذلك الفرع هو القسم من الساميين الذي اتجه إلى الجزيرة العربية وعرف فيما بعد باسم العرب، أما لماذا كان ذلك؟فإن السبب الرئيسي يرجع إلى طبيعة المنطقة التي استوطنها وهي منطقة صحراوية وعرة بعيدة عن المناطق العامرة بالأمم الأخرى فأعطى ذلك العرب فرصة الابتعاد عن المؤثرات المباشرة على لغتهم وفرصة أخرى لصقل ما يصلهم من الأمم الأخرى من مفردات أو لهجات حتى إنه لا يصل إليهم إلا وقد عبر مناطق صحراوية تحتم عليه التغير بشكل يلائم تلك البيئة، ويناسب أذواق تلك الأمة الفطرية البعيدة عن تعقيدات المدنيات الفاسدة المختلفة.."
كل ما سبق من كلام هو بناء على الهواء فممن استقى أبو مجاهد هذا التقسيم هل من القرآن هل من الروايات هل من العهدين القديم والجديد هل من اللغويين الغربيين ؟
لا نجد أحد سمى فى تراثنا وأكثره كذب أحد سمى اللغات سامية وحامية وإنما هى تقسيمات معاصرة استحدثها يهود ونصارى وصدقها المترجمون الذين ينقلون بلا تمحيص ؟
والغريب هو أن القوم استبعدوا من التقسيم يافث فلا توجد لغات يافثية ما السبب لا أحد يعرف
الروايات وما فى العهدين يناقضان القرآن ومن ثم لا قيمة لأى منهما فالرسول(ص) برىء من أن يضاد كلام الله
ثم تحدث عن المراحل التي مرت بها اللغة العربية فقال:
"مرت اللغة العربية بأدوار ومراحل، وارتقت في مختلف الفترات درجات التصاعد والتطور، حتى وصلت إلى درجة ومرحلة نهائية وضعتها في القمة بحيث أصبحت أهلا لأن ينزل بها آخر كتب الله المنزلة، ولأن تكون وعاء لكلام الله عز وجل..
- مرحلة النشأة: حيث اللغة الأم (السامية) وحيث كانت العربية في مرحلة مخاض كما سبق تفصيله..
- لغة العرب البائدة: وقد سبق في أول البحث أنهم: عاد، وثمود، وطسم، وجديس، وأميم، وعبيل، والعمالقة، وجرهم.. وذكرنا أن مساكن عاد كانت بجنوب الجزيرة في طرف من صحراء الربع الخالي وثمود بمالها الغربي، وطسم وجديس بشرقها، والعمالقة وجرهم بالحجاز، وبمكة ويثرب..
هؤلاء هم الذين كانوا يتكلمون العربية التي استقلت عن السامية الأم وتطورت إلى أن اتخذت لنفسها شكلا مستقلا ونستطيع أن تعتبر عربيتهم فترة متطورة من العربية الأولى التي وجدت في فترة النشأة..
- لغة القبائل القحطانية: ويسميها الباحثون (الحميرية) وهذه القبائل كانت تسكن الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية - حضرموت واليمن - حيث جاوروا أقرب الأمم إليهم وهم (الأحباش) وكثر اختلاطهم بهم فتأثرت لغتهم باللغة (الحبشية) مما جعل بعض المستشرقين يعتبر (الحميرية) و (الحبشية) لغتين شقيقتين لما وجد من كثرة التشابه بينهما في المفردات والخصائص، ولا ننسى أنه لم يكن هناك مفرا أمام (الحميرية) من التأثر بشكل واسع بالحبشية بسبب هجرات اليمنيين والغزوات المتبادلة، وقد أقام (الأحباش) زمنا طويلا باليمن وحكموها فاللغة الحميرية إذن أضافت إلى ما ورثته من لغة العرب البائدة خصائص ومفردات جديدة تأثرت كثيرا بعوامل خارجية..فبذلك هي تمثل فترة مهمة من فترات تطور العربية.. ولم تكن صالحة وحدها وهي في هذه المرحلة لأن ترشح لتلك المهمة العظيمة التي تجعلها - اللغة العربية المتكاملة الواحدة -، ألا وهي مهمة نزول القرآن بها، بل كل ما يمكن أن نقوله أنها كانت مرحلة تهيئ للمرحلة الأخيرة، وإرهاصا من إرهاصات اللغة المختارة الكريمة المبينة التي كانت - العدنانية -
يقول المستشرق - رينان -: إن الحميرية والحبشية لم يكن لهما مكان رئيسي سوى أنهما كانتا أداتين هيئتا لظهور العربية الحجازية.
4- لغة القبائل العدنانية: وهي لغة القبائل التي تنتسب إلى عدنان بن إسماعيل (ص)، وكانت تسكن القسم الشمالي من الجزيرة العربية الذي يشمل: هجر، ونجد، والحجاز..
وقد سبقت الإشارة إلى أن إسماعيل (ص)نشأ في كنف إحدى القبائل البائدة - جرهم - أو هي فرع من فروعها، ويشير الحديث الصحيح إلى أنه (ص)- أعجبهم وأنفسهم - أي أنه كما يبدو فاقهم فصاحة في لغته، وقد روي عن النبي (ص)أنه قال: "أول من فتق الله لسانه بالعربية المبينة إسماعيل " رواه الحاكم في مستدركه والزبير بن بكار في كتاب النسب وقال الحافظ ابن حجر في حديث الزبير: إنه حسن.
وتأمل قوله (العربية المبينة) تتوصل إلى كل ما نريد قوله عن اللغة العدنانية وأنها تمثل المرحلة النهائية في مراحل تطور العربية المرحلة التي بلغت فيها قمة الفصاحة - والفصاحة هي الإبانة - بعد أن كانت أقل إبانة وفصاحة، مرحلة تفتقت فيها اللغة العربية كأنها هي زهرة كانت منكمشة في كمها ثم انفتحت..حكي عن الشرقي بن قطامي أنه قال: "إن عربية إسماعيل كانت أفصح من عربية يعرب بن قحطان وبقايا جرهم وحمير".وانظر إلى آثار حكمة الله عز وجل العظيمة لما اصطفى لغة هذه الأمة لتكون وعاء (لكلامه المقدس) سخر لها من عوامل النماء والنقاء ما لم يتوفر لأي لغة أخرى:
أولا: بيئة جغرافية نقية - صحراوية - بعيدة لوعورتها عن مختلف البيئات الأخرى وهذه البيئة هي أواسط جزيرة العرب التي اختارها الله مركزا للغة المصطفاة المتكاملة في خصائصها وثروتها اللغوية.. والتي تشمل نجدا والحجاز.
ثانيا: أوحى عز وجل إلى نبيه - إبراهيم الخليل - وهو بابلي من العراق أن يرحل بزوجه - هاجر - وهي مصرية ليتركها مع وليدها - إسماعيل - في هذه الأرض القاحلة الصحراوية من أرض الحجاز، ثم يتم اتصال - هاجر - بقبيلة جرهم فكأنما صبت الأصول: البابلية، المصرية، العربية البائدة في بوتقة واحدة لتفتق عربية إسماعيل..
ثالثا: ثم يسخر الله عز وجل لذرية إسماعيل - العدنانيين - عاملا آخر مهما من العوامل التي ساعدت على نماء لغتهم وهي هجرة - القحطانيين - بعد انهيار سد مأرب واختلاطهم بهم..
فبقيت هذه اللغة - العدنانية - تأخذ طريقها إلى النمو والتصاعد لتشكل في نهاية الأمر اللغة العربية الرئيسية المتكاملة التي بقيت إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، بينما أخذت اللغات الأخرى ومنها (الحميرية) طريقها إلى الانقراض.. حتى لم يبق اليوم إلا بقايا أثرية في الأطلال والنقوش وكتب اللغة.."
ما قاله أبو مجاهد عن وجود مراحل لتطور اللغة العربية هو من ضمن الخبل الذى بناه اللغويين الغربيين على نظرية تطور الخلق التى فندها دارون نفسه فاللغة لا تتطور فهى موجودة منذ البداية كاملة كل ما يحدث هو أن الناس يحرفون الكلم عن مواضعه أى يضعون معانى مخالفة للغة الإلهية التى علمها الله للناس كل حسب ديانته التى اخترعها وافتراها فكلمة إله كانت تطلق على الله وحده ولكن القوم جعلوها تطلق على الأنثى فأصبح هناك إلهات وكلمة رسول أو نبى أصبحت تطلق على كذاب يدعى النبوة أو الرسالة وكلمة رب أصبحت تطلق على الإناث فهناك ربات الجمال وربات الشعر وكلمة ولى الأمر أصبحت تعنى رجل له بيت وثروة كبيرة بدلا من رجل عالم عنده بسطة فى الجسم وكلمة ولى العهد بدلا من إطلاقها على الابن اصبحت تطلق على وارث الحكم الذى لا وجود لها فى الإسلام ومثلا كلمة المهر التى هى واجب على ذكر أصلحت فى بغض الأديان واجب على الأنثى ويسمونها فى بعض اللغات الأجنبية الدوطة ومثلا الم وهى التى ولدت الإنسان والأخت التى هى من الأم أو الأب أو كلاهما وحرمتا عليه أصبحتا عند البعض محللتان يتزوج بهما أو يزنى بهما والخمر أصبحت تسمى الروحانيات والربا اسمه الفائدة أو المنفعة والشورى أصبحت الديمقراطية والمسجد أصبح المعبد ...
هذا هو التغير اللغوى لأى لغة وكان إرسال الرسل لإعادة الأشياء لمسمياتها أى لمعانيها الأصلية التى نزلت بها من عند الله من خلال إنزال الوحى
وفى نهاية البحث قال أبو مجاهد:
"نتائج البحث:
- اللغة العربية: أفصح اللغات البشرية، وأوسعها، وأغزرها مادة وأقواها تكوينا، والدليل على ذلك: اختيارها لتكون وعاء لكتاب إلهي عظيم بعد بين الكتب الإلهية المنزلة: المنهاج الإلهي الشامل الكامل العالمي الذي وسع جميع البشر وسائر الأزمنة المتعاقبة، فلغة اتسعت لتعبير عن هذا المنهاج العظيم - القرآن- تعد بحق أعظم لغات الأرض ولولا أنها تملك من خصائص البيان ما لا تملكه اللغات الأخرى لما أمكنها ذلك:
قال تعالى: {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون} .
وقال: {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين} .
ومثل هذه النصوص تدل على أن غير العربية من اللغات - الأعجمية - لا تملك من خصائص الإبانة والاستقامة ما تملكه اللغة العربية.."
كما سبق أن قلنا لا يوجد نص يدل على أفضلية اللسان العربى فى القرآن وإنما ما يقال هو استنتاج غريب لأن الوحى الأخير نزل بها ولم ينظر القائلون بهذا إلى أن الوحى وهو واحد سبق أن نزل بكل اللغات كما قال تعالى "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم" ومن ثم لا ميزة للعربية على غيرها فالوحى نزل بكل اللغات سابقا
وقال :
- معروف لدى جميع الباحثين من علماء اللغات أن اللغة متطورة متغيرة لأنه يستحيل أن تسلم لغة ما من عوامل التطوير والتغيير، واللغات الحية يستفيد بعضها من بعض، ولا يمكن للغة تنكمش على نفسها وتنقطع صلاتها الأخرى، والمدنيات الأخرى، أن تدوم على قيد الحياة طويلا فلكي تستمر اللغة في الوجود يجب أن تتقبل التطوير، ولكي تزداد نموا وازدهارا يجب أن تتصل بلغات الأمم الأخرى وتستفيد منها..لكن هذا الأمر دقيق عجيب، فإن بعض اللغات يقضي عليها التطوير وتتلاشى عند الاتصال بالأمم الأخرى، فهناك إذا عوامل أخرى تصحب هذا العامل المهم ويمكن تلخيص أهمها فيما يلي:
أولا: استعداد اللغة في أصل تركيبها وتكوينها وخصائصها الذاتية للتطور والنمو، والقدرة على احتواء التغيرات الحضارية البشرية مهما اتسعت والقدرة على الصمود أمام مختلف العوامل المؤثرة..
ثانيا: قوة الأمة التي تتكلم بها: حضاريا، وفكريا، وسياسيا، فإن الأمم الضعيفة التي لا تمتلك من الخصائص الحضارية والفكرية ولا يكون لها كيان سياسي قوي لا تستطيع أن تحافظ على لغتها فضلا عن أن تنشرها وتفرضها على الناس.
ثالثا: انتشار هذه الأمة التي تتكلم بتلك اللغة: واتصالها بالأمم الأخرى بشتى وسائل الاتصال: إما بالغزو والفتوحات، أو بالمبادلات والعلاقات التجارية والثقافية، أو بحركات الهجرة والنزوح..
وإذا طبقنا هذه العوامل الثلاث على اللغة العربية وأمة العرب نجدها متوفرة جميعها، فقوة تكوينها الذاتي يمكن أن تستنتجه مما سبق بيانه والحديث عنه عند الكلام عن نشأتها والمراحل التي مرت بها، ويكفي دليلا عليه صمودها طوال هذه القرون والحقب، على الرغم من تعرضها لشتى العوامل الرهيبة التي تكفي للقضاء على أي لغة أخرى كاللغة - العبرية - مثلا..فاللغة - العبرية - كانت لغة محلية، ولم تكن تملك من الخصائص ما يؤهلها للانتشار، ولا من المميزات الذاتية ما يسمح بالاستمرار، ثم تعرضت لهزات عنيفة نتيجة تشرد أهلها وتفرقهم بددا في أرجاء العالم فانقرضت وهي منقرضة وإن استمات اليهود اليوم (عليهم لعائن الله) في محاولتهم لإحيائها..
أما اللغة العربية فنتيجة لقوة تكوينها الذاتي وامتلاكها لخصائص النمو والبقاء لم تؤثر فيها الهزات العنيفة، ولا انتشار أهلها واسع في عدة مراحل من التاريخ كما سأبينه في النقطة التالية.."
الرجل يستمر فى القول بتطور اللغة وإنما هو تغير أى تحريف أو عودة اللغة لأن التطور عند الغربيين وأصحاب نظرية التطور التغير للأحسن واللغة تتغير من الأحسن للأسوأ كما تتغير من الأسوأ إلى الأحسن فاللغة طبقا للقرآن نزلت كاملة بدليل كلمة كلها فى قوله تعالى "وعلم آدم الأسماء كلها"
وأبو مجاهد يشير لحوادث لا يعلمها إلا الله وهو الهجرات والنزوحات فيقول:
"وقد سبق أن أشرت إلى حركات النزوح والانتشار التي تعرضت لها أمة العرب وكان أشهرها وأعظمها:
الهجرة الأولى: من منطقة الهلال الخصيب والرافدين باتجاه الجزيرة العربية ووادي النيل وربما شمالا وشرقا إلى جهات أخرى..
الهجرة الثانية: من اليمن إلى سائر أنحاء الجزيرة والرافدين والشام ووادي النيل.
الفتوحات الكبرى: وهي أعظم حركات الانتشار العربية، وقد أوصلت العرب إلى منطقة تمتد من مشارف الصين شرقا وبلاد الهند والسودان جنوبا إلى المحيط الأطلسي غربا، ثم مشارف أوروبا شمالا امتدادا من فرنسا وصقلية وقبرص وبيزنطة ثم القفقاس وبلاد الخزر وأواسط آسيا وفرغانة التي هي بلاد الترك، وهي منطقة كما نلاحظ تحتوي على أمم كبرى رئيسية: أمة الهند، والترك، والبربر، والروم، والفرس.
فلو أن أي أمة غير أمة العرب انتشرت هذا الانتشار لم أشك لحظة أنه كان يقضى على سائر خصائصها ومنها - اللغة -، أو على الأقل تضعف وتنضب مقوماتها وخصائصها، لكن الذي حدث بالنسبة للعرب والعربية أن صمدت مقوماتهم وازدادت العربية قوة وازدهارا وتماسكا فبدل أن تحتويها كل تلك الأمم والحضارات واللغات وتطغى عليها، احتوت هي كل تلك الأمم والحضارات، وطغت على سائر تلك اللغات، ولا شك أن العاملين الآخرين كان لهما دون رئيسي في ذلك وهما: نزول القرآن دستور الإسلام باللغة العربية وتكلم الرسول (ص)بالعربية فهذان جعلا - دين الإسلام - كله عربيا، وهو دين عالمي، فكان دخول الأمم في حظيرة الإسلام دخولا في حظيرة العربية.. وهذا أعطى اللغة العربية عامل: الفكر والثقافة والخصائص الحضارية بأوسع نطاق، فسعدت العربية بظهير حضاري لم تسعد به أي لغة أخرى حتى ولا العبرانية أو الرومانية أو غيرها..
والعامل الآخر: قوة الكيان السياسي الذي تمثل في أوج الفتوحات بشكل لم يسبق له نظير في العالم، بحيث أصبحت الدولة العربية التي حملت لواء الإسلام أقوى دولة بلا منازع، وذلك أعطى اللغة العربية الفرصة لكي تكون اللغة العالمية بلا منازع أيضا.. فكانت لغة الفكر والثقافة والعلم والأدب، والطب والحكمة وسائر ما يحتاج إليه البشر..
- النتيجة الثالثة والأخيرة وهي أهم نتائج هذا البحث بل هي مقصودة ومرامه، أن - اللغة العربية المتكاملة الرئيسية - التي نزل بها القرآن كانت هي - العدنانية - بسائر لهجاتها وفروعها.. وكان الفرع الرئيسي الذي حظي بأكبر حظ من الآيات والحروف لسان قريش - أعظم القبائل العدنانية -. ولما كانت اللغة العدنانية: البوتقة الأخيرة التي صبت فيها سائر اللغات العربية الأخرى خصائصها ومفرداتها وانصهرت فيها وجدنا أنها احتوت على أحسن ما في تلك اللغات من مفردات وخصائص واطرحت ما لم يستحسنه لسان العدنانيين.. فاستحقت بذلك أن تكون هي اللغة الرئيسية التي انتشرت واكتسحت اللغات الأخرى: القحطانية، فإذا وجدنا من العلماء من يقول إن في القرآن لهجة أو مفردات (حميرية) فإنه يكون قد غفل عن هذه الحقيقة التي شرحناها في بحثنا هذا، أو وجدنا آخرين يقولون إن في القرآن ألفاظا حبشية أو نبطية أو سوريانية أو عبرانية هكذا على إطلاقه فهو كذلك لم يعرف ما هي اللغة العربية ولا اطلع على حقيقتها الرائعة، أو وجدنا آخرين يقولون إنه لا يوجد في القرآن (معرب) ولا من لسان غير العرب، وأن تلك الألفاظ التي حكي أنها أعجمية هي مما وافقت فيه لغة العرب لغة العجم تصادفا لا عن نقل أو اقتباس فإننا نلحقه بصاحبيه ونقول له: هذا كلام من لم يفهم طبيعة اللغات جميعا، فضلا عن أن يدرك سر العربية، هذا هو ما حاولنا الرد عليه في بحثنا هذا،وقد استعرض محمد تقي الدين الهلالي طرفا من أدلتهم وناقشها.."
الرجل هنا لا يعى أن انتشار اللغة أو تراجعها لا يرجع للهجرات ولا لانتشار الإسلام ولا لنزول القرآن بالعربية فالعملية كلها نابعة من القوة سواء قوة اقتناع أو قوة إرهاب فمثلا قوة الإرهاب محت العربية والإسلام من بلاد الغال وإيطاليا والأندلس محوا كاملا ونجحت فى فرض اللغات الإنجليزية والفرنسية فى بلادنا المحتلة لتكون لغة التعليم طوال عقود بل إنها فى الجزائر بعد عقود من الاستقلال ما زالت الفرنسية منتشرة بين الجزائريين وأصبحت الفرنسية لغة رسمية لبلاد أكثريتها مسلمين كانوا يتكلمون العربية مختلطة بلغاتهم الأصلية فى وسط وغرب أفريقيا وما زالت تلك اللغات موجودة فى البلاد التى تتبنى العربية لغة رسمية حيث تستعمل فى التعليم فى كليات الطب والهندسة والعلوم وكليات أخرى
المشكلة كامنة فى القوة ولا احد يريد حلها من الحكام فالحكام فى بلادنا أساسا كفارا يتسمون بأسماء مسلمين وعائلاتهم ممتدة الجذور فى الكفر وهم يتداولون الحكم فى أسر معينة بالقطع غالبية الناس لا تعرف بكفرها بل يظنون أنها من الأشراف الأشراف الذين لا وجود لهم لأن النبى(ص) لم يكن له ذرية من الرجال ومع هذا يسمونها العائلة الشريفة والشجرة النبوية وهم يبقون على أمور لا موجب لها فى الدين وإنما منهى عنها كوارثة الحكم وتولى الحكم بالانقلابات والثورات المزعومة والحرص على ارضاء اليهود والنصارى وكل ملل الكفر