الله اللهوَ أَسَايَ عِمْلاقٌ يَدُوسُ عَلَى فَمِي
كَيْ لا أَقُولَ الشِّعْرَ مِنْ أَعْمَاقِي
نَحَتَتْ مَلامِحِيَ الصَّبَابَةُ وَ الكَآبَةُ
سِـحْنَةً قَمْحِيَّةَ الإِرْهَاقِ
البَحْرُ يَرْكُضُ فِي مَوَانِئِ وِحْدَتِي طِفْلاً بَرَيئاً
لا يُرِيدُ عَنَاقِي
الشَّمْسُ بَعْضُ حَرَائِقِي أَشْعَلْتُهَا
وَ أَنَا صَبِيٌّ طَائِشُ الأَخْلاقِ
شِعْرٌ تَعَلَّمَنِي وَ أَتْقَنَ فِي لَهِيـــبِ البَوْحِ
دَوْزَنَتِي عَلَى الأَوْرَاقِ
شاعرية منهمرة ، ووصف جميل ، ولاحظتُ وجود التقسيم والترتيب في أغلب الأبيات حيث أعطاها نغمة حلوة ، بداية من المطلع (حاشاك من سهد ) (ومن إطراق) ( وأنا لمسهّد) ( كاتم الأشواق) المطلع جميل حقيقة رغم مافيه من الجراح والانكسار إلا انه محتفظا بقوّة كبريائه وأنفته .
ومثل أيضا (يصطاد ذاكرتي ويخبز فكرتي) ( يامن رحلتم والوداع أذابكم)
وأيضا (الوقت يمضي) (فاستعيدوا حبكم) (لاشيئ يطفئ ) (حرقة الأشواق) أوحت هذه الجمل المرتّبة بالحثّ على هذا الطلب برفق في صيغة أمر .
كما ألفت النظر إلى (الصبابة والكآبة ) ومناسبتهما للون القمحيّ المصفرّ الذي يوحي بالتعب والإرهاق ، وكلا اللفظتين تتعلّقان بتعب الروح وإرهاق القلب ، خدمت موضوع القصيدة بشكل جيّد .
والتصاوير جميلة ومن ضمنها ( الأسى العملاق) أجدت في هذا الخيال ، وتضخيم الأسى لجعله كشيء عملاق يكاد يقتل من يهجم عليه .
وألفتُ النظر إلى تكرار بعض الحروف في أبيات معيّنة وكيف خدمت المعنى مثل ..
( البحر يركض في موانئ وحدتي طفلا بريئا لايريد عناقي) تكرار حرف الياء التي تدل على الحزن والانكسار ، وتكرار حرف ( الحاء والهمزة ) ويوحي بمدى هذه الوحدة ويُؤكّد معنى التعب والإرهاق لاسيما أن حروف الحلقية هي الأقرب لبحّة الصوت وخروج الآه ومصدر الأنين الذي ينبعث من داخل الإنسان بدءا من المرور من مخرجها ،وربما حرفي الضاد والطاء يحاول فيه الشاعر كظم شيء من ألمه ويؤكّد على كبريائه بشكل عام .
( الشمس بعض حرائقي أشعلتها وأنا صبيّ طائش الأخلاق)
جميل جدا تكرار حرف الشين المتفشية التي تنتشر منها الحرائق في كلّ جانب ، وهي مناسبة لأداء هذا المعنى من التصابي والطيش والتمرّد والعناد من فرط النشاط والتعجّل .
وربما من باب المصادفة أن يتكرر في هذا البيت أيضا حرفي الضاد المضمومة أولا ثم الطاء ثانيا
( يركض ، طفلا ) ( بعضُ ، طائش)
أوحت لي بهذا المعنى المترابط :( ركضُ الطفل هو بعضٌ من الطيش )
وقد يرمز الطفل إلى البراءة كما قال ( بريئا) ولكنّ قد يكون شابًّا وأفعاله طائشة كالمراهقين .
ربما لم ينتبه الشاعر وأتت معه عفويّة وعلى السجيّة ، لكني استظرفتها لما رأيتُ فيها من خدمة لمعنى وموضوع القصيدة .
ولا ننسَ ماقبل الخاتمة ..
جميل ، وأرى من العجز مثًلا يجري على الألسنة ( إنّ اللقا دينٌ على المشتاقِ)الـحُبُّ لَيْسَ يَمُوتُ مَا طَالَ الـجَفَا
إِنَّ اللِقَا دَيْنٌ عَلَى الـمُشْتَاقِ
أبدعت أستاذ أحمد
تقبّل مروري