سلام الله عليكم أهل البيت
سلام الله عليكم أهل البيت
الكل يعرف أن أهل البيت هم أمان لأهل الأرض . والكل يعلم أن أهل البيت هم عترة المصطفى صلاة الله وسلامه عليه وعلى آله وذريته الذين طهّر الله ذواتهم فقال تبارك وتعالى : إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ..
فإنه سبحانه لم يقل ( منكم ) وإنما قال ( عنكم ) . هذا فرق للذين يعلمون .وأهل البيت كما هو معروف هم ( أهل الكساء ) . أي علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم سلام الله .وكفاهم شرفا ان الله طهّرهم وطهّر ذواتهم وسرى ذلك التطهير إلى ذرياتهم . وإلى خَلَفهم وهم من نراهم ويعيشون بيننا اليوم وذلك لقوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله: ( هذان ابناي وابناء إبنتي , اللهم إني أحبهما . واحب من يحبهما ) البداية والنهاية 4 / 115 ....وهؤلاء هم ذرياتهم ..
لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أتم عقد علي من فاطمة قال : ( بارك الله لكما وعليكما وأخرج منكما الكثير الطيّب ) .هذا القول للمصطفى صلوات الله وسلامه عليه وآله يحمل بشارات ثلاث لعلي وفاطمة رضي الله عنهما :
الأولى :
أن هذا الزواج سيباركه الله وهذه دعوة نبي ودعوة النبي لاترد . وطالما ان هذا الزواج سيباركه الله فما سيخرج عن هذا الزواج من ذرية وخلف سيكون حتما مباركا . فطالما ان البركة حاصلة ببركة دعاء النبي لهم فالبركة ستعم ذرياتهم وهذا معنى من معاني التطهير الرباني .
فهل سيكونون من أهل الشرك والإبتداع والنبي قال فيهم ( الكثير الطيّب ) ماقول الحاقدين على أهل بيت نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ؟؟
الثانية :
انه سيخرج منهم الكثير , وهانحن نشاهد أهل البيت الكرام يملأون المعمورة ويتواجدون في كل مكان فلا توجد بقعة من بقاع الأرض تقريبا إلا وفيها أحد منهم وهذا تصديقا ومعنى من معاني قوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله انهم أمان لأهل الأرض.
الثالثة :
لقد شهد النبي لهم بالطيب فهو الذي لاينطق عن الهوى فهو أعلم خلق الله بما أنزله عليه ربه سبحانه فمعنى قوله ( الطيّب ) ان هذا فهمه صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله في معنى ( التطهير الرباني ) من آية التطهير التي خصّهم الله تبارك وتعالى بها دون غيرهم . ومن هو أفهم منه صلى الله عليه وآله وسلم في قول ربه تبارك وتعالى ومن هو أفهم منه في الخلق أجمعين ؟ فهل هؤلاء الحاقدين أعلم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟؟
وكفاهم شرفاً أيضا إن الحق تبارك وتعالى سلّم على الكثير من الأنبياء والمرسلين حيث قال سبحانه :
( سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ) . . (سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ) . . (سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ) ... ولكن الحق تبارك وتعالى لم يُسلّم سبحانه على آل هؤلاء الأنبياء صلوات ربي وسلامه عليهم . ولكنه سبحانه إختص آل محمد بالسلام فقط في قرآنٍ يتلى ويُتعبد به حيث قال سبحانه : (سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ) ..
.. وبما ان الله تبارك وتعالى لم يُسلّم على آل بيت في العالمين سوى آل بيت محمد . فلا غرابة أن يُحسدوا آل البيت على هذا الشرف وقد قال سبحانه :
( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) وقال سبحانه : ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
رغم ذلك كله نسمع ونرى أحيانا بعض الذين يحاولون الإساءة لأهل البيت أو الإنتقاص منهم وينسى هذا المنتقص انهم مطهّرون في الذوات ولا يعني هذا انهم لاتعتريهم النواقص والأخطاء ولكنهم ليس كباقي البشر من حيث التطهير الرباني فهذا التطهير هو عن ( الشرك والكفر ) وإلا ماذا يعني هذا التطهير إذا لم يكن تطهيرا من الشرك والكفر .. وبهذا التطهير الرباني قد حفظهم الله من أن يكونوا مشركين به فهم الذين اختصوا بهذا التطهير ..
ثم ان هناك من الجّهال من يقول ان أهل البيت هم نساؤه صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله .وهذا قول أعوج ويدل على عدم فهم ومحاولة لتأكيد حسد الحاسدين على العترة النبوية . ذلك أن كثيرا من أهل العلم ردوا هذا القول بما هو قاطع . من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة . ومن أهل العلم من قال : ( إذا طلّق الرجل زوجته فإنها لم تعد من أهله )
ثم ان آية المباهلة تؤكد ان أهل بيته هم علي وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم .
قال تعالى : ( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) ..قال أهل العلم في ذلك :
تعالوا ندع أبناءنا فخرج النبي بالحسن والحسين , فلماذا لم يخرج بغيرهم من بني هاشم وهناك من أولاد وأطفال بني هاشم الكثير ممن هم إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ؟
ونساءنا : خرج النبي بفاطمة فلماذا لم يخرج بعمته ( صفيه )أو ( عاتكه ) أو غيرها من بنات بني هاشم وهن كُثُر ؟
وأنفسنا : قال أهل العلم ان النبي خرج بنفسه الكريمه وخرج بعلي إبن أبي طالب ولذلك قال : أنفسنا بصيغة الجمع . وقال بعض من أهل العلم : أنفسنا يقصد بها علي ابن أبي طالب .لأن الرجل لايمكن أن يدعي نفسه ..
قيل أن الخليفة العباسي هارون الرشيد زار قبر المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وعند استقباله الحضرة النبوية الشريفه
قال : ( سلامٌ عليك ياإبن العم ... الخ ) وكان أحد الأئمة من أهل البيت موجوداً فسلّم على جده قائلاً : ( سلامٌ عليك ياأبتاه ... )
فقال هارون الرشيد للإمام : ( لماذا انتم يا آل علي تزعمون أن لكم في رسول الله أكثر منّا ) فرد عليه الإمام قائلاً :
( لأن لنا فيه أكثر مماقلت . فلو أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حياً بيننا فأراد أن يخطب إبنتك هل تجوز له ؟ فقال الخليفة نعم فرد عليه الإمام فقال إن إبنتي لاتجوز له لأنه صلى الله عليه وآله وسلم ... أباها ) وهذا بيان صحة مانزعمه نحن أهل البيت . ( إنتهى قول هذا الإمام ) .
أهل البيت هم أكثر الناس عرضةً للإنتقاد من غيرهم وذلك لسببٍ بسيط جداً .ذلك أنهم أعلام وأئمة . فإذا ماظهر خلل من أحدهم ظهربشكل غير عادي فهم في ذلك أشبه بكسوف الشمس أو خسوف القمر فمن هو الذي لايرى ذلك ؟
وأما غيرهم فهم يرتكبون الفضائع ويأتون المحرمات ربما أكثر وأعظم منهم ولكن لا ينتقدهم أحد وإن إنتقدهم احدا لا يكون ذلك النقد كنقد المنتقدين لآل البيت وهنا يتضح أنهم أعلام الأمةورموزها شاءت هذه الأمة عن بكرة أبيها أم أبت..
لقد ظهر في يومنا هذا من يرميهم بالشرك والبدعة . عن جهل وحقد وحسد لذاتهم الشريفة . ويعلمون بأن الله طهّرهم تطهير ذوات وليس تطهير صفات .
وقد شهد لهم جدّهم صلى الله عليه وآله وسلم ( بالطيب ) وهل الطيّب يدخله خبث الشرك والإبتداع ؟؟ مالكم كيف تحكمون أيها الجهلة الحاقدون . ان الكُره ينقسم إلى قسمين وهي : كره الذات كأن تكره إنساناً لذاته وهذا هو الكره المذموم بل انه خطر على دين المرء .فمن يكره أحد من أهل البيت لذاته فقد كره الذات المحمدية نسأل الله السلامة من ذلك . وأمّا كره الصفات . فهذا لابأس فيه دون غلو . كأن تكره الرجل لخلق ذميم يأتيه كالكذب والنميمة والغيبة وغيرها فأنت هنا تكره صفاته ولا تكره ذاته . وهذا الكره لابأس فيه دون الغلو في الكره الذي قد يجر المرء إلى كره الذات .
قال ابن تيمية في ( الإقتضاء ) صفحة72 :
( روى الترمذي عن المطلب ان العباس بن عبدالمطلب دخل على رسول الله مغضبا , وأنا عنده فقال : ماأغضبك ؟ فقال يارسول الله مالنا ولقريش , إذا تلاقوا بوجوه مبشره , وإذا لقونا بغير ذلك . قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودرّ عرقٌ بين عينيه , ثم قال :والله لايدخل قلب رجل إيمان حتى يحبكم لله ولرسوله ألخ ..... )
وهذا ليس مسوغ لهم بأن يتعالون أو يتكبرون على غيرهم, بل يجب عليهم أن يكونوا قدوة ونماذج مشرقة , من حيث المعاملة والعبادة .ومن أراد أن ينتقص من قدرهم بقصد( الإنتقاص ) فقط فإنما يُعرّي نفسه ويفضح خُبثه امام الخاص والعام ويُظهر حنقه وإزدراؤه لنفسه. قال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم : ( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى )(الشورى: من الآية23) :
أي قل لأمتك يامحمد . أن يتوددوا لأهل بيتك ولقرابتك . وهذا أمر رباني لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم . بوجوب المودة لهم فهل من المودة تعمّد الإساءة لهم . فالمحبة لهم أدعى لله ولرسوله . فالإحسان للمسئ من المسلمين عامة شئ مطلوب ويحث عليه الدين . ولكن الإحسان للمسئ من أهل البيت أوجب وأدعى . وذلك لله ولرسوله بنص الحديث ( ... حتى يحبكم لله ولرسوله) .
فإذا كان المنتقد لهم صادقا أو كان ناصحا محباً فيجب عليهم أن يتقبلوا نصيحته ويشكرونه على ذلك . فإن المحب الناصح يُعرَف والمنتقص الحاقد أيضاً يُعرَف .
وأمّا من يرميهم بالكفر والشرك فهذا ليس بناصح بل حاقد على شرفهم المحسود فالتعرّض لأهل البيت عن قصد بالإساءة فيه خطر على دين المرء . كما ان اهل البيت بشر وليس لهم عصمة من الأخطاء واللمم ولكن لهم تطهير رباني من الشرك والكفر إختصهم الله به فلماذا نعترض على فضل الله عليهم ان ذلك جرأة على مقام الربوبية . ان أهل البيت بشر يخطئون ويصيبون كسائر المسلمين . ولايجب إنزالهم منازل العصمة والتنزيه من الأخطاء والذنوب ولكنهم أبعد أمة محمد عن الشرك والبدع وإن ظهرت أمامنا بعض الأمور التي توحي بذلك فالقصور في فهمنا وليس في فعلهم . فنحن لسنا أعلم من رسول الله حينما وصفهم( بالطيب ) ولذلك يجب مودتهم وإحترامهم ويبجيلهم ..فلا تجعلنا خلافاتنا الدنيوية والمادية معهم نخرجهم من الملة أو نكفّرهم . ولا يصل بالبعض حقده وحسده على نسبهم الشريف أن يتهمهم في عقائدهم . فإن العلماء من سلف الأمة الصالح لم يكونوا يسيئون حتى للمسئ منهم .
وإني هنا أنصح من ينتسبون لأهل البيت أن يكونوا قدوة ونماذج مشرّفة وأن يراعوا حق الإنتساب إلى هذا النسب , فالمسألة ليست إفتخارا ولا تعالي وإنما هي عمل صالح وإقتداء بالهدي المطهّر وإلتزام حسن الأدب مع الله تبارك وتعالى ومع خلق الله أجمعين.
وأختم قولي هذا بما قال سيدي الإمام الحداد رضي الله عنه :
ثـم لاتغتـر بالنسـبِ
لا ولا تقنع بكـان أبـي
وأتّبع في الهدي خير نبي
أحمد الهادي إلى السنـن
للجميع التحية
رد مع اقتباس