إلى نًورا
............
صديقتــي،
هذا غيابكِ سيأخذني إليكِ مرة أخرى..
هذي روحي جمعتُها من حدائقِ قلبَينا معا حين كنا نقطف من شجر الحلـم أيامنا ونبْسِم للَّيلِ باِسْم الشمـس.. نُطلِعها على كل خبايانا لتحرسنا..
سترحليــن..
وسترحل معكِ كل قصائد اللوتس التي كتبتِها على دقات القلب منذ ألف فرحـة..
وسترحل معك بقاياي وكل العصافير التي تعلمت صوتَكِ فصارَ لها وتـراً..
سترحليــن..
وسيرحلُ معكِ زهرُ الليلَـك الذي كَفَــلَ لنا، ذات وجعٍ، سنبلـةً أعدّتْ حقائبها بحثا عن جفــونٍ لاتحزن...
هاهي..أكاديـرُ تستعدّ لإبقائي بكِ زمنا واحدا لايتخطّانا، وفـاس قد تركتْ ألوانها الخضراء قربَ بيتك ذاك، لتزورها كلما هجرها الندى وضاعت من أحداقها عطورُ القلب..قد تركتْ كل أشيائها معلّقة بالنخل، بزوايا الحزن الذي قرأَنا أمسِ بمنصة الأيام... قد ْ تركتْ كل سطورها مفرغةً بعيون النجمات وهي ترقبكِ، وأنتِ راحلة، في قافلـة الفـراق، يلوّح لك اليراعُ والشمس والوردُ بمناديل أوردتي، وماعلمتْ جميعها بأنها تودع رحيقها وضوءها ووقتَ طلوعها...
صديقتي،
هذا غيابكِ سيزرعني بكِ مرة أخرى، لأولد مرة ثانية فيك، لتكوني أنتِ مدنَ ملحٍ أحرسهــا..
مازلتُ أذكرُ بسمةً جابتْ عيونَ المزن فأَهرَقَتْها، وطافتْ بجراح القمر فأعتقَتْها، وراحتْ تؤثّت لبيوت الحبّ المتعبة، لتحميها من زمنٍ لايتقن لغةَ الورد ..ومنذ ذلك الوقت، ظلّتْ بسمتكِ ، لي، وقتا لطلوع الشمــس..
سأرقب شكلكِ كلما أطلّت من شرفتي فاس تبكيكِ وتبكينا.. قد تترك مكانها لتحفر هويتها الأخرى حيثما أنتِ..سأرقب شكلك وهو يكبر بأوراق الشجر نَوْراً، وهو يهبط من زمن القمر ضوءً، وهو يتغلغل بقطرات الطلّ لحنا صافيا من لحون الماء..سأرقبُ شكلكِ..كلما صار الصمتُ لي لغةً والكلمات لي صمتا..وكلما صارت المسافة بينهما غيابا أخضر يأخذ شكلـي..
راحلــة؟؟؟!! وماذا أفعل حينَ تسكنني أزهـاركِ؟؟؟؟ حين يسألني والـدي عنكِ وقد كنتِ تضمدينني بياسمينةٍ تشبهكِ، حين تسألني "أنا" عنكِ ، فيغتالها الحنين؟؟؟ ...سترحلين؟؟؟؟