الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لايراها إلا المرضى
كان علاء مسافراً إلى العاصمة لحضور دورة تدريبية تخصصية عندما أحس بألم في
صدره تبعه ضيق نفس حاد , قاوم المرض , حسبه نزلة صدرية بسيطة , زاد إحساسه بالوهن
والتعب وهو غريب وحيد , فقرر عدم الالتزام بالدورة حتى النهاية والعودة
قاوم الألم وكابر , فهو معروف بجَلَده وقوة احتماله و بنيته القوية , لقد تعلم تحمل المسؤولية منذ طفولته
كان يعمل هو وإخوته الثلاثة في أيام العطلة الصيفية لتأمين مصروف العام الدراسي , هذا ما دفعتهم إليه أمهم التي مات عنها زوجها وهي في ريعان الشباب وترك لها أربع أولاد أكبرهم في العاشرة وأصغرهم في الثالثة من العمر كانت تجلس خلف آلة الخياطة تخيط وتطرز الملابس ساعات وساعات كي تؤمن مصروف أولادها وهم صغار رغم أنها بعد موت زوجها عادت إلى بيت والدها - الذي ولدت وتربت فيه - لتربي أولادها تحت عباءته .
كانت حازمة , مدبرة, واعية , لم تترك لهم يوماً مجالاً للتفكير بغياب الأب فكانت هي الأب والأم معاً , علمتهم كيف يصبح الأطفال رجالاً , أصبحت مضرباً للمثل وراية للفخر , تلك كانت أم علاء , وذاك كان أفضل أبنائها وأحبهم إلى قلبها .
بعد عودته سارع بزيارة عيادة الطبيب المختص الذي اعتقد أنها حالة احتشاء في القلب وبسرعة أعطاه حبة دواء وضعها تحت لسانه كحالة إسعافية ثم بدأ بفحصه فوجد سائلاً في الرئة سُحبت كمية منه وأُرسلت للتحليل والزرع , وجاءت النتيجة ! إنه التهاب جرثومي حاد بالرئة سليم والحمد لله, أُعطي العلاج اللازم , أحس بالراحة , وألقى بجسده المنهك على السرير لينعم بالراحة التي افتقدها لأيام وهو الآن في تحسن مستمر وقد عاد لممارسة عمله ليلاً نهاراً, لم يعرف الراحة يوماً من أجل أن يكون أولاده أفضل حالا ًمن حاله وهو في سنهم .
عافاه الله وعافانا جميعاً[/size]