من دفتري العتيق
إذْ أقبَلَ الصَّبْرُ والمفتاحُ في يدهِ
.............. اعشوْشَبَ الرَّمْلُ فاهتزَّ المدى عَجَبا
للماءِ تنفرُ للسُّقيا جداولهُ
.................. تجري مع الدَّمِ في طوفانِهِ غَضَبا
للغَيْمِ أوْمَضَ في الظَّلْماءِ بارِقهُ
................ . فأشعلَ اللَّيْلَ حتى ذابَ وانْسَحَبا
للرّيحِ تسفو جِبالاً طالَ قِمَّتَها
............... سوس الهَوى فهَوتْ قاماتها رَهَبا
للفجْرِ يدنو.. صياحُ الدِّيكِ آيتُهُ
............... ...لطائِر الرَّعدِ في الأجْواء مُغْترِبا
يا طائِرَ الرَّعْدِ حَوِّمْ فوقَ قاهِرةِ الـ
.............. ...مُعزِّ واهبط على ميْدانها رَطِبا
واغرِفْ من النِّيلِ ماءَ النَّصرِ ترْسِلهُ
............. ...غوْثاً وغيْثا إلى صنْعاءَ أو حَلَبا
هذي دِمشْقُ فَحَلِّقْ فوقَها مَطَراً
.............يلقى به ياسمينُ الشامِ ما طَلَبا
للعنكبوتِ تمُدُّ الخيْطَ صاعِدَةً
............... خيطانها بيْتُها.. والبيْتُ قد رَحُبا
حتى تطاولَ في البنيانِ مرتفعاً
.............. .إلى النجومِ سَما إذْ فارَقَ السُّحبا
فاندَكَّ من جشعٍ وانْهَدَّ من عبَثٍ
........... .حتى هَوى واستوى في ذُلِّهِ حَطَبا
ما كانَ وهْما ولكنْ هدَّهُ مطَرٌ
............ همى به القهْرُ حُسْباناً فصارَ هَبا
إذْ أعلنََ الصَّبْرُ في الميْدانُ غضبَتَهُ
.............. ....انشقَّ فجْرٌ وعشنا يومئذْ رَجَبا
في البدْءِ جاءَ ضُحىً تجري فوارِسُهُ
.............. .على خيول الضِّيا في رتْلِها خَبَبا
وامتدَّ حتى أزاحَ الظلَّ سامِرُهُ
........... وشمسُهُ ارتفَعتْ فوْقَ الرؤوسِ إِبا
مدَّ الربيعُ بساطَ الريحِ مفترشاً
..............هامَ الرُّبا ونمَا دوْحُ الذُّرى وَ.. رَبا
مدَّ الجناحينِ فوْقَ الماء نوْرَسَهُ
................فاستقبلَ الفجرُ للأضواءِ منتسبا
في بحْرهِ هزجٌ يجتاحُ موْجَتَهُ
.............. في جَزْرها المدُّ للشطْآن طافَ زُبا
والماءُ أبدى لها بالحبِّ نبضتَهُ
............. إذ قبَّلَ الصخْرَ والتقبيلُ ما نضَبا
حتى تفتَّتَ بالتِّحْنانِ عائِقُهُ
.............. أوْ كادَ ثم انطَوى في مائهِِ سَرَبا
طَغى الخَريفُ قُبيْلَ الموْتِ .. فانْتَفَضتْ
............ روحُ الفُصولِ مَعاً واجتاحَتِ الحُجُبا
هذا شتاءٌ .. وذا صيْفٌ بِرِفْقَتِهِ
............. أمَّ الفُصولَ وهذا القوْسُ قدْ نُصِبا
بالغارِ كلّلَهُ مجْدٌ وزَيَّنَهُ
.............. نهرُ النَّجيعِ بعُمْرِ الوَرْدِ .. ما نَضَبا
بالنَّخْلِ يرْفلُ والأفْنانُ دانِيةٌ
........... ....يسّاقَطُ النَّصْرُ من سعْفاتِه رُطَبا
فصْلُ الفصولِ من الفرْدَوْسِ قدْ بُعِثَتْ
.................... أيّامُهُ تحمِلُ الزيْتونَ والعِنَبا
في شمسِهِ ألَقٌ تزْدانُ طلْعَتُها
................. بالطَّيْرِ زقْزَقَ في أجْوائهِ طَرَبا
الورْدُ حلَّتُهُ.. والبِشْرُ بهْجَتُهُ
........... والماءُ يعْزِفُ في الغُدْرانِ مُنْسَكِبا
والعشبُ يمنحُ للأرواحِ خضرتَهُ
............... ويَستَرِدُّ من الأحْلام«ما سُلِبا»
٨- ٢٠١٢