قلبٌ قدِ اعْتادَ أنْ يُبْلى و أنْ يُرْزى
و قدْ أزادَ أساهُ منْ لهُ عزّى
يغفو على الجمْرِ ، يصحو بينَ أدْمُعِهِ
و يكتسي الشَّوْكَ ثَوْبَ الصَّبْرِ لا الخزَّا
و كيفَ ينْعَمُ في الدُّنْيا وقدْ غُرِزَتْ
بِهِ رِماحُ الأسى مُنْذُ الصِّبا غَرْزا
لا يدَّعِ الحُزْنَ غيري إنَّهُ وطني
فكلُّ همٍّ يهدُّ الطَّوْدَ لي يُعْزى
طلاسِمٌ هِيَ أحزاني فإنْ كَشَفَتْ
لغزاً دُموعي تَقَرَّتْ إثرَهُ لُغْزا
أسِيْتُ حتّى أقامَ الحُزْنُ في قَلَمي
فصارَ شِعْري لِسُمَّارِ الأسى رَمْزا
حُزْني العِراقيُّ منْقوشٌ بِذاكرتي
مُنْذُ انبثاقِ الضِّيا ، و المَهْد مُذْ هُزَّا
على العراقِ ، على أرضٍ زَكَتْ وَ سَمَتْ
حسبي مَحبَّتُها أنْ تُذْهِبَ الرِّجْزا
أرى الدِّماءَ تُحاكي فَيْضَ أدْمُعِهِ
وَ قَدْ وَخَزْنَ حنايا خافقي وَخْزا
شغافُ قلبيَ مِنْديلٌ لِدَمْعَتِهِ
أُمّي أرى أرضَهُ ، و الأمُّ هلْ تُجْزى ؟
هَطَلْنَ كالطلِّ دَمْعاتي بِضَيْعَتِهِ
فأكثرَ الكُلُّ حَوْلي الهَمْزَ و اللمْزا
يُشَكِّكونَ بأشواقي لإنَّ لَهُمْ
عَنْ بَذْلِ مِعْشارِ مِعْشارٍ بِها عَجْزا
فيا عِراقُ أ تَعْفو عَنْ صفيدِ يدٍ
وَ عَنْ حبيسِ فمٍ ؟ عاشَ الهوى حِرْزا
بَسطْتُ باعي فَخُذْني لا تَسَلْ شَطَطَاً
وَ مِنْ عُيوني اسْتَشفَّ الدَّأْبَ و المَعْزى
ذَوِّبْ جِراحَكَ في قلبي لأرشفَها
ينبوعَ حُبٍّ بأغوارِ الحشا نَزَّا
و افْقأْ عُيوني فما بي مُقلةٌ جَرأَتْ
ترى نصيبَكَ بينَ الكُلِّ مُبْتزّا
فما عَقَقْتُكَ ، لا و اللهِ ، قطُّ وَكمْ
شكرْتُ خَيْرَكَ مُذْ لُكْتُ الحصى خُبْزا
يُزانُ بالعِزِّ أقْوامٌ وَ أنتَ لَهُ
تزينُ رُبَّ امرؤٍ قدْ زيَّن العِزَّا
وَ كيفَ لا ؟ و حُسامُ المُرْتضى وَهَجٌ
يلوحُ فيكَ فَصِحْ بالشِّرْكِ أنْ يُخْزى
إذا اشْرأبَّتْ على الأصنامِ قامتُهُ
تساقطُ اللاتُ مِنْ أضواهُ وَ العُزّى
وَ نحْنُ في أرضِنا نلقى الرَّدى شَرَفاً
بِوابلاتِ الرَّزايا حيْثُما نُغْزى
صوتُ الحُسَيْنِ تعالى بالضَّلالةِ مِنْ
أوْداجِهِ ، حينَ مِنْهُ نَحْرُهُ حُزَّا
أمواتُنا رافعوا هامٍ كأنَّ لَهُمْ
بِمَوْتِهمْ للسَّما ، لا للثرى ، قَفْزا
و رافضوا الظُّلْمَ حتّى في قُبُوْرِهُمُ
فبالشَّهادةِ ها هُمْ أدركوا الفَوْزا
فالموتُ أقصى أمانينا بِحَضْرتِهِ
و أيُّ كَنْزٍ يُضاهي ذلكَ الكَنْزا
فراس القافي