* م . أسامة عليان 10 / 10 / 2002
منذ أن شكل مجرم الحرب إرييل شارون حكومة مجرمي الحرب المتطرفة في الكيان الصهيوني إزدادت عمليات الإغتيالات التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني البطل في شتى مواقعهم ، والتي كان آخرها محاولة اغتيال القائد محمد ضيف قائد كتائب عز الدين القسام ، ومن قبله القائد البطل الشهيد صلاح شحادة .
عمليات الإغتيال هذه والتي طالت كوادر ونشطاء الإنتفاضة من حركات فتح وحماس والجهاد والجبهة الشعبية وجميع فصائل المقاومة ، والتي لم تميز بين قائد سياسي وآخر مقاوم ، لا يمكن لها أن تتم دون تجنيد عشرات العملاء الخونة الذين باعوا أنفسهم للشيطان ، وشكلوا " أحصنة طروادة " فلسطينية داخل المجتمع الفلسطيني ، وطابورًا خامسا أحدث ثغرة واسعة في جدار الإنتفاضة البطلة ، حيث إستطاع البعض منهم الإلتحاق بأجهزة السلطة الأمنية ، ومارسوا عمالتهم من داخلها ، الأمر الذي مكنهم من أداء خدمات ثمينة للموساد الإسرائيلي الذي إصطاد من خلالهم خيرة كوادرنا وقادتـنا ، وهو ما أكده اللواء موسى عرفات مدير الإستخبارات العسكرية الفلسطينية بإعتقال شبكة من العملاء معظمهم من العسكريين في أجهزة السلطة نفذوا وساعدوا بتـنفيذ العديد من عمليات الإغتيال بحق كوادر ونشطاء الإنتفاضة .!
فخلال أكثر من عامين من انتفاضة الأقصى والتي برز فيها أبطال إستشهاديون وإستشهاديات ضحوا بأرواحهم من أجل حرية وإستقلال فلسطين ، إستطاع العدو الإسرائيلي إختراق شرذمة ضالة من ضعاف النفوس في المجتمع الفلسطيني أودت خياناتهم بأقرب الناس إليهم ..!!
فالتكنولوجيا العسكرية وحدها مهما بلغت من تطور ، إلا أنها لا يمكنها النجاح وحدها في تنفيذ عمليات الإغتيال دون مساعدة مباشرة من العملاء الذين ينقلون المعلومات ..!!
فالعميل هو من يحدد المكتب الذي يجلس فيه المسؤول ، أو السيارة التي يركبها الهدف المطلوب إسرائيليـًا.. و يرصد تحركاته وساعة خروجه من المنزل ، والطريق الذي يسلكه والوقت الذي يعقد فيه اجتماعـًا في مكتبه .. هذه المعلومات ضرورية لإنجاح عملية الإغتيال ، والعملاء الذين يقومون بتمريرها لمنسق العملية أصبحوا جزءًا من وسائل الإغتيال- إن لم يكونوا الجزء الرئيسي- مثل الصاروخ الذي تحمله "طائرة الأباتشي " الأمريكية الصنع ، والمتفجرات والطلقة المزروعة داخل خزان البندقية ..!!
لا يمكن لكافة عمليات الإغتيال التي تمت والتي سقط من جراءها أكثر من مائة قائد وكادر من قادة إنتفاضة الأقصى الحالية، أو التي في طريقها للتنفيذ أن تنجح بمثل هذا النجاح في غياب العملاء ، وكافة المؤشرات توضح أن عمليات الإغتيال آخذة بالتصاعد وتزداد أعدادها خاصة في قطاع غزة الذي يتعرض هذه الأيام لإجتياحات يومية تمهيدًا لإعادة إحتلاله ، وهذا يعني أن هناك تزايدًا في عدد العملاء الذين نشطوا في الآونة الأخيرة ولعل المال الذي يتقاضونه لقاء خيانتهم يزداد رقمه كلما ازدادت قيمة الرأس الذي سيتعرض للرصاص ..!!
إن رقعة ومساحة الدم الذي يخلفه الإغتيال باتت تتسع ، وتكبر ، وستأخذ حجمـًا أكبر حتى أخالها تكاد تفتك بالتراب الفلسطيني لأن العميل ، الخائن ، الذي يرضى أن يقوم بتسليم رقاب مسؤوليه وأبناء وطنه للسكين الإسرائيلي سيرضى ويقبل أن يقوم بتسليم التراب الفلسطيني لبساطير الجيش الإسرائيلي لتدوسه كما تشاء وكما تشتهي .!
لا يكفي أبدًا لشعبنا الفلسطيني أن يثأر لكل شهيد اغتالته إسرائيل حين يقوم بالرد بواسطة القنابل البشرية ، بل عليه أن يقوم منذ الآن بفتح جبهة أخرى ليحصد خلالها مجموعات العملاء الذي ما يزال التساهل هو سمة التعامل معهم من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية ، والذين يمهدون ويساعدون في عمليات الإغتيال التي باتت عملا يوميًا ، وبرنامجـًا يحمل الرقم واحد على ورقة أعمال الحكومة الإسرائيلية ..!!
إن مجرم الحرب الإرهابي شارون على قناعة بأن عمليات الإغتيال لن تعمل على وقف الإنتفاضة التي وعد أن يوقفها في غضون مائة يوم ، ومع ذلك استمرت أكثر من عامين ، ولهذا نراه يوغل في الإغتيال .. وهذا ما يفسر حالتين لدى شارون ..
الأولى : عدم تمكنه من الوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه..!
والثانية : أنه بات يثأر من الإنتفاضة التي لم يتمكن منها كما وعد ..!! مما حدا به بعد أن فشل في " خطة المائة يوم " أن يضع خطة " أبواب جهنم " والتي لم تـنل من صمود أطفال وشباب ونساء وشيوخ الإنتفاضة ، وتبعها بإعادة إحتلال مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية والتهديد بإعادة إحتلال قطاع غزة .!
إن سياسة الإغتيالات التي تقوم بها حكومة العدو الإسرائيلي هي سياسة قديمة جديدة يلجأ إليها لإرهاق المقاومة وضرب قياداتها من جانب ، ورفع لمعنويات جنوده ومستوطنيه التي انهارت بفعل صمود أهلنا وشعبنا في فلسطين ، من هنا نطالب السلطة الفلسطينية بفتح ملف الطابور الخامس من العملاء والخونة الذين يعيثون فسادًا داخل وطننا الحبيب ، وبضرورة الضرب بيد من حديد ضد العملاء وملاحقتهم واعتقالهم وردعهم حتى نستطيع أن نواجه عدونا وجبهتنا الداخلية متماسكة.
* كاتب فلسطيني - الرياض.