أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: شجيرة من الجنوب

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 920
    المواضيع : 188
    الردود : 920
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي شجيرة من الجنوب

    هل ستصمد هذه الصغيرة الغضة أمام تقلبات طقس جديد عليها؟
    فمنذ أن أتى بها, آملا أن تترعرع هناك في المدينة الكبيرة الصاخبة , وهو يشعر بفرحة مشوبة بالقلق.
    في أصيص فخم , تعب كثيرا حتى وجده , , وضع شجيرته الحبيبة وأحاط جذرها الناعم الزغب , بشيء من الطين والماء, وفي زاوية الشرفة المطلة على الميدان الكبير, تخير له أفضل مكان.
    كم يعشق أريجها , ويحب لونها ,فهي فرع طيب ريان من شجرة وارفة هناك في البيت الكبير في جنوب الأرض, ترعرع فوق أغصانها, ورضع سكر ثمارها الطازجة.وكم لعب, وقرأ,وغفا, وعشق, تحت ظلالها الحنون .
    ********
    كان لابد من خادمة تسهم في الجهد , وتعين على أعمال البيت ,وتملأ عليها بعض الوقت. حين يتركها وحيدة ساعات طوال منذ البكور وحتى الغروب , منشغلا عنها بعمله المضني.ليأتيها مساءً (وفي القلب عاصفة من حنين ,وفي اليد شيء من الخبز والورد والفاكهة .)*
    ****
    دلف إلي الشرفة في لهفة يطمئن على شجيرته الغضة الأثيرة.لاحظ تدلي فرع من اللبلاب من أعلى , ربما من الشرفة العليا , وربما من مكان أخر بعيد.لكنه على وجه اليقين , لا يعلم من أين أتى.كان لونه الأخضر ويفاعة عوده عاملان أساسيان في جعله يتركه حيث امتد.لف كفيه حول شجيرته الغضة , تمتم بشيء غير مفهوم .ثم أفاض عليها الماء.
    ***
    الخادمة .... تنبئ عن أنوثتها بلا حياء . وترى في ذلك أمرا بديهيا.يسترق بعض النظر إليها . (يا إلهي أو هو نظري الذي يسترقني.)
    ******
    أزاح بيده وسادة صغيرة ,وضعت في المكان الخطأ فوق الأريكة الجديدة.
    - صاح : من وضع هذه هنا هكذا ؟
    - قطعت طبخها وهرولت إليه, بيدها شيء من الثمار وسكين, وعلى جبينها الأسمر لؤلؤتان من عرق : أنا!!!
    - أكثر من مرة قلت يجب أن تعرفي كيف يكون تمييز الألوان.
    - انسحبت في دهشة وصمت.
    - تقدمت الخادمة , وببراعة عدلت وضع الأشياء .
    ******
    فرع اللبلاب يزداد زحفا إلى الأسفل. النور يقل صفاؤه في بهو الشقة الصغيرة.
    ******
    - من وضع المزهرية هنا؟
    - أنا .... قالتها بدهشة وبتردد.
    - ليس هذا مكانها. قالها بعنف دون اكتراث لشيء بدا في مقلتيها وصفاء عيونها.
    - انسحبت في صمت.
    - تقدمت الخادمة في هدوء, وببراعة ,عدلت وضع الأشياء.
    ******
    لاحظ أن شجيرته الغضة يشوبها اصفرار غير معهود.فرع اللبلاب صار أفرعا كثيفة,وزاد تدليه من أعلى ليغطي ثلث الشرفة,ويقطع الطريق أمام النسيم والنور. ثلث الضوء يمر الآن عبر الشرفة لبهو الشقة الصغيرة , وثلث النسيم.
    ******
    - أين قميصي؟
    - هذه الأزرار ليست مكانها؟
    - نفخ في وجهها .ارتبكت , و ربما غامت عيناها المجمـَّلتان بكحل جنوبي , بشيء من ماء الحزن.
    - لملمت بعضَها ... و ...انسحبت في هدوء .
    - وببراعة, كانت أصابع الخادمة تعدل وضع أزرار القميص, بل وتعينه على ارتدائه !
    ****
    كانت أفرع اللبلاب تزداد كثافة وتشابكا وكان بهو الشقة الصغيرة يزداد عتمة, وكان النسيم مختنق الأنفاس. (يالجمال الأفعى الصاخب بين شجيرة ونهير !!! )
    ****
    هرع إلى شجيرته الأثيرة , رآها بصعوبة بين أذرع اللبلاب التي التفت حولها وتشابكت, صافح أنفه أريجها وكأنها تبوح بشذاها استغاثة به, كان كابوسا رهيبا .راح يصارع الأذرع الثعبانية ,أريجها يبعث فيه طاقة جبارة, أخرج شجيرته الأثيرة بصعوبة شديدة .كان هناك شرخ في الأصيص . لا بأس , لا بأس . لكن على أية حال, مازالت نابضة ببعض حياة, رغم اصفرارها . لا ضير .. لا ضير فما زال هناك الكثير من ماء النهير الجنوبي , صافيا رقراقا , لم يختلط بعد بغبار الميدان الكبير.
    *****
    عقد عزمه , وركض نحو باب عشهما الصغير ,فتح بابه على مصراعيه , وطرد الخادمة.
    ٢٠٠٨

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,137
    المواضيع : 318
    الردود : 21137
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    هل هذه الصغيرة الغضة حقا شجرة من الجنوب أم هى فتاة فرع طيب
    من عائلة وارفة من الجنوب أصلها طيب وفرعها في السماء.
    استعان بخادمة لتؤنس وحدتها في المنزل طوال النهار وتعينها عما لا تعرفه من
    أعمال المنزل في المدينة.
    ولكن هذه الصغيرة الغريبة كانت جاهلة بأمور المدينة فلا تعرف المكان المناسب
    لوضع الوسادة على الأريكة، أو أين تضع المزهرية في المكان المناسب، أو كيف
    تضع الأزرار في مكانها.. فكان ينهرها بينما كانت الخادمة المغناج تضع كل شيء
    في مكانه الصحيح ببراعة.
    حول شجرته الغضة ألتف عليه فرع من اللبلاب ، وبإزدياد أفرع اللبلاب
    وازدياده كثافة وتشابكا وكان بهو الشقة الصغيرة يزداد عتمة, وكان النسيم مختنق الأنفاس.
    هرع إلى شجرته الأثيرة يخلصها من أذرع اللبلاب المتشابكة حولها
    فتح باب عشهما الصغير لتعود له النور والحياة ـ وطرد الخادمة لينقى ويروق لهم الجو.

    هى مجرد محاولة ضعيفة لفهم هذه القصة
    وأتمنى أن أكون لمست شيء ما فيها.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ولك تحياتي وتقديري.

  3. #3
    الصورة الرمزية محمد نديم شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2006
    المشاركات : 920
    المواضيع : 188
    الردود : 920
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    أ. نادية
    تحياتي العاطرة بالود والإعجاب بحرفك هنا.
    نعم سيدتي، الشجيرة هي فتاته التي بحدود عليها، نعم تفسيرك صحيح ، المزاوجة بين الشجيرة اليانعة والعروس البريئة الصغيرة، وصخب المدينة وفسق الخادمة. كلها رموز لصراع طالما ألفناه في مجتمعنا. غير أن من يقاوم سينتصر.
    تحيتي.

  4. #4
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Nov 2019
    المشاركات : 3,456
    المواضيع : 237
    الردود : 3456
    المعدل اليومي : 2.15

    افتراضي

    مزاوجة جميلة بين الشجيرة كفرع طيب من شجرة وارفة في جنوب الأرض وبين فتاته التي تزوجها من الجنوب
    ثم مزاوجة بين الفتاة الغريبة التي لا تعرف الكثير من أمور المدينة وبين الخادمة ذات الخبرة والتي تنبئ عن انوثتها بلا حياء
    وتصوير لهذه الخادمة كنبات اللبلاب المتسلق الذي يزحف فيقتل الصفاء في بهو الشقة ويزداد كثافة وتشابكا فيخنق الأنفاس
    فكان الحل لينقذ شجيرته الأثيرة أن يطرد الخادمة.
    فكرة جميلة وحكي شيق وبراعة في السرد بلغة بديعة متقنة.
    تحياتي وتقديري.